" الثالث : التقاء بشرتي الرجل والمرأة لقوله تعالى : ( أو لامستم النساء ) أي " لمستم " كما قرئ به فعطف اللمس على المجيء من الغائط ورتب عليهما الأمر بالتيمم عند فقد الماء فدل على أنه حدث كالمجيء من الغائط لا جامعتم لأنه خلاف الظاهر إذ اللمس لا يختص بالجماع قال تعالى : ( فلمسوه بأيديهم ) وقال A : ( لعلك لمست ولا فرق في ذلك بين أن يكون بشهوة أو إكراه أو نسيان أو يكون الذكر ممسوحا أو خصيا أو عنينا أو المرأة عجوزا شوهاء أو كافرة بتمجس أو غيره أو حرة أو رقيقة أو العضو زائدا أو أصليا سليما أو أشل أو أحدهما ميتا لكن لا ينتقض وضوء الميت أولا .
واللمس : الجس باليد والمعنى فيه أنه مظنة ثوران الشهوة ومثله في ذلك باقي صور الالتقاء فألحق به بخلاف النقض بمس الفرج كما سيأتي فإنه يختص ببطن الكف لأن المس إنما يثير الشهوة ببطن الكف واللمس يثيرها به وبغيره والبشرة : ظاهر الجلد وفي معناها اللحم كلحم الأسنان واللسان واللثة وباطن العين وخرج ما إذا كان على البشرة حائل ولو رقيقا نعم لو كثر الوسخ على البشرة من العرق فإن لمسه ينقض لأنه صار كالجزء من البدن بخلاف ما إذا كان من غبار والسن والشعر والظفر كما سيأتي وبالرجل والمرأة الرجلان والمرأتان والخنثيان والخنثى مع الرجل أو المرأة ولو بشهوة لانتفاء مظنتها ولاحتمال التوافق في صور الخنثى والعضو المبان كما سيأتي .
والمراد بالرجل الذكر إذا بلغ حدا يشتهي لا البالغ وبالمرأة الأنثى إذا بلغت كذلك لا البالغة ولو لمست المرأة ذكر أجنبيا أو الرجل امرأة أجنبية هل ينتقض وضوء الآدمي أو لا ؟ ينبغي أن ينبني ذلك على صحة مناكحتهم وفي ذلك خلاف يأتي في النكاح إن شاء الله تعالى .
إلا محرما .
له بنسب أو رضاع أو مصاهرة فلا ينقض لمسها ولو بشهوة " في الأظهر " لأنها ليست مظنة للشهوة بالنسبة إليه كالرجل وهي من حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها كما سيأتي في النكاح إن شاء الله تعالى والثاني : تنقض لعموم الآية والقولان مبنيان على أنه هل يجوز أن يستنبط من النص معنى يخصصه أو لا ؟ والأصح الجواز وقيل : لا ينتقض المحرم من النسب وينقض من غيره ولا يرد على ذلك زوجات النبي A لأن تحريمهن لحرمته A لا لحرمتهن ولذلك قال بعض المتأخرين : ولا يورد ذلك على الضابط إلا قليل الفطنة .
ولو شك في المحرمية لم ينتقض وضوؤه لأن الأصل الطهارة وظاهر كلامهم أن الحكم كذلك وإن اختلطت محرمة بأجنبيات غير محصورات وهو كذلك فقول الزركشي " أن اللمس في هذه الحالة ينقض لأنه لو نكحها جاز " بعيد لأن الطهر لا يرفع بالشك ولا بالظن كما سيأتي والنكاح لو منع منه لانسد عليه باب النكاح نعم إن تزوج بواحدة منهن انتقض وضوؤه بلمسها لأن الحكم لا يتبعض ومثل ( 1 / 35 ) ذلك ما لو تزوج بامرأة مجهولة النسب واستلحقها أبوه ولم يصدقه فإن النسب يثبت فتصير أختا له ولا ينفسخ نكاحه وينتقض وضوؤه بلمسها لما تقدم . وما لو شك هل رضع من هذه المرأة خمس رضعات فتصير أمه أو لا وما لو شك هل رضعت هذه المرأة على أمه خمس رضعات فتصير أخته أو لا ؟ فيأتي في ذلك التفصيل المذكور وهو أن لمسهما لا ينقض وضوءه إن لم يتزوج بها لأنا لا ننقض الطهارة بالشك وإذا تزوج بها لا نبعض الأحكام كما أفتى بذلك شيخي . " .
والملموس " وهو من لم يوجد منه فعل اللمس رجلا كان أو امرأة " كلامس " في نقض وضوئه " في الأظهر " لاستوائهما في لذة اللمس كالمشتركين في لذة الجماع فهما كالفاعل والمفعول والثاني : لا وقوفا مع ظاهر الآية وكما في مس ذكر غيره وفرق المتولي : بأن الملامسة مفاعلة ومن لمس إنسانا فقد حصل من الآخر اللمس له وأما الملموس فلم يحصل منه مس الذكر وإنما حصل له مس اليد والشارع أناط الحكم بمس الذكر .
وأجيب عما رواه مسلم عن عائشة Bها أنها قالت : فقدت رسول الله A في الفراش ليلة فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في سجوده وهما منصوبتان وهو يقول : ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) باحتمال الحائل .
واعترض على المصنف لأنه لم يتقدم للامس حكم ليحيل عليه فإن الالتقاء يشمل اللامس والملموس فإن فرض الالتقاء منها دفعة بحركتهما فإنهما حينئذ لامسان صح ولكنهما صورة نادرة لا شعور للفظه بها فتبعد الإحالة عليها . " .
ولا تنقض صغيرة " ولا صغير لم يبلغ كل منهما حدا يشتهي عرفا وقيل : من له سبع سنين فما دونها لانتفاء مظنة الشهوة بخلاف ما إذا بلغاها وإن انتفت بعد ذلك لنحو هرم كما تقدمت الإشارة إليه " و " لا " شعر " بفتح العين وسكونها " وسن وظفر " بضم أوله مع إسكان الفاء وضمها وبكسره مع إسكانها وكسرها ويقال فيه : أظفور كعصفور ويجمع على أظافر وأظافير وعظم إذا كانت هذه المذكورات متصلات " في الأصح " لأن معظم الالتذاذ في هذه الحالة إنما هو بالنظر دون اللمس والثاني : تنقض أما في الصغيرة فلعموم الآية وأما في البواقي فقياسا على سائر أجزاء البدن . ويستحب الوضوء من لمس ذلك خروجا من الخلاف أما إذا انفصلت فلا تنقض قطعا ولا ينقض العضو المبان غير الفرج ولو قطعت المرأة نصفين هل ينقض كل منهما أو لا وجهان والأقرب عدم الانتقاض . قال الناشري : وكان أحد الجزأين أعظم نقض دون غيره ا . ه .
والذي يظهر أنه إن كان بحيث يطلق عليه اسم امرأة نقض وإلا فلا وإن كنت جريت على كلامه في " شرح التنبيه " أما الفرج فسيأتي وتقدم أنه ينتقض الوضوء بلمس الميت ووقع للمصنف في رؤوس المسائل أنه رجح عدم النقض بلمس الميتة والميت وعد من السهو ونقل ابن الرفعة في كفايته عن الرافعي عدم النقض بلمس الميت ونسب للوهم