فرع تصح الجمعة في الخوف .
حيث وقع ببلد كصلاة عسفان وكذات الرقاع لا كصلاة بطن نخل إذ لا تقام جمعة بعد أخرى ويشترط في صلاة ذات الرقاع أن يسمع الخطبة عدد تصح به الجمعة من كل فرقة بخلاف ما لو خطب بفرقة وصلى بأخرى .
ولو حدث نقص في السامعين في الركعة الأولى في الصلاة بطلت أو في الثانية فلا للحاجة مع سبق انعقادها .
وتجهر الطائفة الأولى في الركعة الثانية لأنهم منفردون ولا تجهر الثانية في الثانية لأنهم مقتدون به ويأتي ذلك في كل صلاة جهرية . " .
فإن صلى " الإمام " مغربا " على كيفية ذات الرقاع " فبفرقة " من القوم يصلي بها " ركعتين " ثم تفارقه بعد التشهد معه لأنه موضع تشهدهم قاله في المجموع . " .
وبالثانية " منه " ركعة وهو أفضل من عكسه " الجائز أيضا " في الأظهر " لأن التفضيل لا بد منه فالسابق أولى به ولأنه لو عكس لزاد في الطائفة الثانية تشهدا غير محسوب لها لوقوعه في ركعتها الأولى واللائق بالحال هو التخفيف دون التطويل .
والثاني عكسه أفضل لتنجبر به الثانية عما فاتها من فضيلة التحرم . " .
و " على الأظهر " ينتظر " الإمام فراغ الأولى ومجيء الثانية " في " جلوس " تشهده أو قيام الثالثة وهو " أي انتظاره في القيام " أفضل " من انتظاره في جلوس تشهده " في الأصح " لأن القيام محل للتطويل بخلاف جلوس التشهد الأول .
والثاني أن انتظاره في التشهد أولى ليدركوا معه الركعة من أولها .
وجعل الخلاف في المجموع والروضة كأصلها قولين ويأتي في قراءة الإمام في الانتظار في القيام أو قراءة التشهد في الانتظار في جلوسه الخلاف السابق .
ولو فرقهم في المغرب ثلاث فرق صحت صلاة الجميع على النص . " .
أو " صلى " رباعية فبكل " من الفرقتين يصلي " ركعتين " لأن فيه تحصيلا للمقصود مع المساواة بين المأمومين .
وهل الأفضل الانتظار في التشهد الأول أو في القيام الثالث فيه الخلاف السابق .
ولو صلى بفرقة ركعة وبالأخرى ثلاثا أو عكسه صحت مع الكراهة ويسجد الإمام والثانية للسهو للمخالفة بالانتظار في غير محله . " .
فلو " فرقهم أربع فرق و " صلى بكل فرقة ركعة " وفارقته كل فرقة من الثلاث الأول وأتمت لنفسها وهو ينتظر فراغ الأولى في قيام الركعة الثانية وفراغ الثانية في تشهده أو قيام الثالثة وهو أفضل كما مر وفراغ الثالثة في قيام الرابعة وفراغ الرابعة في تشهده الأخير ليسلم بها " صحت صلاة الجميع في الأظهر " لأنه قد يحتاج إلى ذلك .
قال الإمام وشرط ذلك أن تمس الحاجة إليه واقتضاء الرأي له وإلا فهو كفعله في حال الأمن وأقراه وجزم به في المحرر لكنه قال في المجموع لم يذكره الأكثرون والصحيح خلافه وهذا هو المعتمد فكان ينبغي للمصنف أن ينبه على ذلك في الزوائد فإن لم يكن ففي الدقائق .
والثاني تبطل صلاة الإمام لزيادته على الانتظارين في صلاة النبي A في ذات الرقاع كما سبق وصلاة الفرقة الثالثة والرابعة إن علموا ببطلان صلاة الإمام .
والثالث تبطل صلاة الفرق الثلاث لمفارقتها قبل انتصاف صلاتها على خلاف المفارقة في صلاته A المذكورة فإنها بعد الانتصاف .
والرابع تبطل صلاة الجميع .
ويقاس بما ذكر المغرب إذا صلى بكل فرقة ركعة . " .
وسهو كل فرقة " فيما لو فرقهم الإمام في صلاة ذات الرقاع فرقتين " محمول في أولاهم " أي ركعتهم الأولى لاقتدائهم فيها " وكذا ثانية الثانية " أي الركعة الثانية للفرقة الثانية سهوهم محمول " في الأصح " المنصوص المجزوم به عند الأكثرين كما في المجموع لاقتدائهم بالإمام فيها حكما ( 1 / 304 ) لا لانفرادهم بها حسا . " .
لا ثانية الأولى " لانفرادهم حسا وحكما . " .
وسهوه " أي الإمام " في " الركعة " الأولى يلحق الجميع " فيسجد المفارقون عند تمام صلاتهم وإن كان سهوه قبل اقتداء الفرقة الثانية للنقصان الحاصل في صلاته . " .
وفي الثانية لا يلحق الأولين " لمفارقتهم قبل السهو وتسجد الثانية معه آخر صلاته ولو سها في حال انتظارهم لحقهم على الأصح .
ويقاس بذلك السهو في الثلاثية والرباعية مع أن ذلك كله معلوم من باب سجود السهو . " .
ويسن " للمصلي صلاة شدة الخوف " حمل السلاح " كسيف ورمح ونشاب وسكين " في هذه الأنواع " السابقة احتياطا " وفي قول يجب " الحمل لظاهر قوله تعالى " وليأخذوا أسلحتهم " .
وحمل الأول الآية على الندب إذ لو وجب لكان تركه مفسدا كغيره مما يجب في الصلاة ولا تفسد به قطعا ولكن يكره تركه لمن لا عذر له من مرض أو أذى من مطر أو غيره احتياطا .
ويحرم متنجس وبيضة أو نحوها تمنع مباشرة الجبهة لما في ذلك من إبطال الصلاة ويكره رمح أو نحوه يؤذيهم بأ يكون بوسطهم ومحله كما قال الأذرعي إن خيف به الأذى وإلا فيحرم ولو كان في ترك الحمل تعرض للهلاك ظاهرا وجب حمله أو وضعه بين يديه إن كان بحيث يسهل تناوله كسهولة تناوله وهو محمول بل يتعين وضعه إن منع حمله الصحة ولا تبطل صلاته بترك ذلك وإن قلنا بوجوب حمله أو وضعه كالصلاة في الدار المغصوبة .
والدرع أو الترس ليس بسلاح يسن حمله بل يكره لكونه ثقيلا يشغل عن الصلاة كالجعبة كما نقله في المجموع عن الشيخ أبي حامد وغيره ولا ينافي ذلك إطلاق القول بأنهما من السلاح إذ ليس كل سلاح يسن حمله في الصلاة إذ المراد هنا ما يقتل لا ما يدفع به . " .
الرابع " من الأنواع الصلاة بالكيفية المذكورة في محل هذا النوع هو " أن يلتحم القتال " بين القوم ولم يتمكنوا من تركه وهذا كناية عن شدة اختلاطهم بحيث يلتصق لحم بعضهم ببعض أو يقارب التصاقه أو عن اختلاط بعضهم ببعض كاشتباك لحمة الثوب بالسدى . " .
أو يشتد الخوف " وإن لم يلتحم القتال بأن لم يأمنوا هجوم العدو لو ولوا عنه وانقسموا . " .
فيصلي " كل منهم " كيف أمكن راكبا وماشيا " لقوله تعالى " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " وليس لهم تأخير الصلاة عن وقتها " ويعذر " كل منهم في ترك توجه " القبلة " عند العجز عنه بسبب العدو للضرورة .
وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في تفسير الآية مستقبلي القبلة وغير مستقبليها قال نافع لا أراه إلا مرفوعا رواه البخاري بل قال الشافعي رضي الله تعالى عنه إن ابن عمر رواه عن النبي A فلو انحرف عنها بجماح الدابة وطال الزمان بطلت صلاته .
ويجوز اقتداء بعضهم ببعض وإن اختلفت الجهة أو تقدموا على الإمام كما صرح به ابن الرفعة وغيره للضرورة والجماعة أفضل من انفرادهم كما في الأمن لعموم الأخبار في فضل الجماعة . " .
وكذا الأعمال الكثيرة " كالضربات والطعنات المتوالية يعذر فيها " لحاجة " إليها " في الأصح " قياسا على ما ورد من المشي وترك الاستقبال وهذا ما نسباه للأكثرين .
والثاني لا يعذر لأن النص ورد في هذين فيبقى ما عداهما على الأصل .
والثالث يعذر فيها لدفع أشخاص دون شخص واحد لندرة الحاجة إليها في دفعه .
أما القليل أو الكثير غير المتوالي فمحتمل في غير الخوف ففي الخوف أولى .
وأما الكثير المتوالي بلا حاجة فتبطل به قطعا . " .
لا صياح " فإنه لا يعذر فيه قطعا لعدم الحاجة إليه لأن الساكت أهيب أو كذا يبطلها النطق بلا صياح كما نص عليه في الأم . " .
ويلقي " وجوبا " السلاح إذا دمي " دما لا يعفى عنه حذرا من بطلان الصلاة أو في معنى إلقائه جعله في قرابه تحت ركابه إلى أن يفرغ من صلاته إن احتمل الحال ذلك . " .
فإن عجز " عما ذكر شرعا بأن احتاج إلى إمساكه بأن لم يكن له منه بد . " .
أمسكه " للحاجة " ولا قضاء " للصلاة حينئذ " في الأظهر " المجزوم به في الروضة كأصلها في بابي التيمم وشروط الصلاة لأن تلطخ السلاح ( 1 / 305 ) بالدم من الأعذار العامة في حق المقاتل فأشبه المستحاضة .
والثاني يجب القضاء وهو المعتمد المنقول في الشرحين والروضة هنا عن الإمام عن الأصحاب .
وقال في المهمات وهو ما نص عليه الشافعي فالفتوى عليه ا . ه " .
ولو تنجس سلاحه بغير الدم بنجاسة لا يعفى عنها أمسكه عند العجز وعليه القضاء أخذا من ذلك . " .
فإن عجز عن ركوع أو سجود أومأ " بهما للضرورة كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما . " .
و " جعل " السجود أخفض " من الركوع ليحصل التمييز بينهما فلا يجب على الماشي وضع جبهته على الأرض كما لا يجب عليه الاستقبال ولو في التحرم والركوع والسجود لما في تكليفه ذلك من تعرضه للهلاك بخلاف نظيره في الماشي المتنفل في السفر كما مر ولو أمكنه الاستقبال بترك القيام لركوبه ركب لأن الاستقبال آكد بدليل النفل .
تنبيه .
هذان اللفظان منصوبان بتقدير جعل كما قدرته وصرح به في المحرر . " .
وله ذا النوع " أي صلاة شدة الخوف حضرا أو سفرا " في كل قتال وهزيمة مباحين " أي لا إثم فيهما كقتال عادل ودافع عن نفسه أو غيره أو مال نفسه أو حرمه أو مال غيره أو حرمه ولا إعادة عليه لأن المنع منه ضرر .
ولا يختص هذا النوع بالقتال كما يعلم مما مر ومن قوله " و " له ذلك في " هرب من " نحو " حريق وسيل وسبع " وحية لا يجد معدلا عنه بتحصين بشيء لوجود الخوف " و " في هرب من " غريم " وهو مستحق الدين " عند الإعسار " أي إعساره " وخوف حبسه " دفعا لضرر الحبس .
وهذا حيث لا بينة له ولا يصدقه المستحق ولو كان له بينة ولكن الحاكم لا يسمعها إلا بعد الحبس فهي كالعدم كما بحثه بعض المتأخرين .
وفي هرب من مقتص يرجو بسكون غضبه بالهرب عفوه وخرج بذلك العاصي بالقتال كالبغاة بغير تأويل وقطاع الطريق والعاصي بفراره كهزيمة مسلم من كافرين في الصف فلا يصلون هذه الصلاة لأن الرخص لا تناط بالمعاصي ولا يصليها طالب لعدو منهزم منه خاف فوت العدو لو صلى متمكنا لأنه لم يخف فوت ما هو حاصل بل هو محصل .
والرخص لا تجاوز محلها إلا إن خشي كرتهم عليه أو كمينا أو انقطاعه عن رفقته كما صرح به الجرجاني فله أن يصليها لأنه خائف .
ويؤخذ من ذلك أنه لو خطف شخص عمامته أو مداسه مثلا وهرب به وأمكنه تحصيله أن له هذه الصلاة لأنه خاف فوت ما هو حاصل عنده وهذا كله إن خاف فوت الوقت كما صرح به ابن الرفعة وغيره .
قال الأذرعي وكما تجوز صلاة شدة الخوف كذلك تجوز أيضا صلاة الخوف من باب أولى وبه صرح الجرجاني فيصلي بطائفة ويستعمل طائفة برد السيل وإطفاء الحريق ودفع السبع ونحو ذلك . " .
والأصح منعه لمحرم خاف فوت الحج " بفوات وقوف عرفة لو صلى متمكنا لأنه لم يخف فوت ما هو حاصل بل يروم تحصيل ما ليس بحاصل فأشبه خوف فوات العدو عند انهزامهم كما مر .
والثاني يجوز له أن يصليها لأن الضرر الذي يلحقه بفوات الحج لا ينقص عن ضرر الحبس أياما في حق المديون المعسر وصحح هذا الشيخ عز الدين في قواعده .
وعلى الأول يؤخر الصلاة ويحصل الوقوف كما صوبه المصنف خلافا للرافعي لأن قضاء الحج صعب وقضاء الصلاة هين .
فقد جوزنا تأخير الصلاة لأمور لا تقارب المشقة فيها هذه المشقة كالتأخير للجمع وعلى هذا يجب تأخير الصلاة كما ذكره ابن الرفعة في كفايته أول كتاب الصلاة .
ومحل الخلاف إذا تحقق فوات كل الصلاة فلو علم أنه لو مضى أدرك الحج وأدرك ركعة من الوقت وجب المضي قطعا كما حكاه البغوي في فتاويه عن شيخه القاضي حسين ولو ضاق وقت الصلاة وهو بأرض مغصوبة أحرم ماشيا كهارب من حريق كما قاله القاضي والجيلي . "