" أحدها " أي الأسباب " خروج شيء " عينا كان أو ريحا طاهرا أو نجسا جافا أو رطبا معتادا كبول أو نادرا كدم انفصل أو لا قليلا أو كثيرا طوعا أو كرها " من قبله " أي المتوضئ الحي الواضح ولو بخروج الولد أو أحد ذكرين يبول بهما أو أحد فرجين يبول بأحدهما ويحيض بالآخر فإن بال بأحدهما أو حاض به فقط اختص الحكم به أما المشكل : فإن خرج الخارج من فرجيه جميعا فهو محدث وإن خرج من أحدهما فالحكم كما لو خرج من ثقبة تحت المعدة مع انفتاح الأصلي وسيأتي أنه لا نقض بها . " أو " خروج شيء من " دبره " أي المتوضئ الحي والأصل في ذلك قوله تعالى : ( أو جاء أحد منكم من الغائط ) الآية والغائط : المكان المطمئن من الأرض تقضى فيه الحاجة سمي باسمه الخارج للمجاورة . قال القاضي أبو الطيب : وفي الآية تقديم وتأخير ذكره الشافعي عن زيد بن أسلم رضي الله تعالى عنهما تقديرها : إذا قمتم إلى الصلاة من النوم أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فاغسلوا وجوهكم إلى قوله ( أو على سفر ) فيقال عقبه : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا ) قال : وزيد من العالمين بالقرآن والظاهر أنه قدرها توقيفا مع أن التقدير فيها لا بد منه فإن نظمها يقتضي أن المرض والسفر حدثان ولا قائل به ا . ه وحديث الصحيحين أنه A قال في المذي : ( يغسل ذكره ويتوضأ ) وفيهما اشتكى إلى النبي A الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة قال ( لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) والمراد العلم بخروجه لا سمعه ولا شمه وليس المراد حصر الناقض في الصوت والريح بل نفي وجوب الوضوء بالشك في خروج الريح ويقاس بما في الآية والأخبار كل خارج مما ذكر وإن لم تدفعه الطبيعة كعود خرج من الفرج بعد أن دخل فيه . وتعبير المصنف أولى من تعبير غيره بالسبيلين إذ للمرأة ثلاثة مخارج اثنان من قبلها وواحد من دبرها ولشموله ما لو خلق له ذكران فإنه ينتقض بالخارج من كل منهما كما مر وكذا لو خلق للمرأة فرجان كما ذكره في " شرح المهذب " . " .
إلا المني " أي من الشخص نفسه الخارج منه أولا كأن أمنى بمجرد نظر أو احتلام ممكنا مقعده فلا ينقض الوضوء لأنه أوجب أعظم الأمرين وهو الغسل بخصوصه أي بخصوص كونه منيا فلا يوجب أدونهما وهو الوضوء بعمومه أي بعموم كونه خارجا كزنا المحصن لما أوجب أعظم الحدين لكونه زنا المحصن فلا يوجب أدونهما لكونه زنا وإنما أوجبه الحيض والنفاس مع إيجابهما الغسل لأنهما يمنعان صحة الوضوء فلا يجامعانه بخلاف خروج المني يصح معه الوضوء في صورة سلس المني فيجامعه . وفائدة عدم النقض تظهر فيما لو كان عليه حدث أصغر وغسل جنابة فاغتسل للجنابة ففي صحة صلاته خلاف فهنا تصح قطعا وفيما إذا فعل الوضوء قبل الغسل فإنه سنة . فإن قلنا ينقض نوى بالوضوء رفع الحدث الأصغر وإلا نوى سنة الغسل كما سيأتي تفصيل ذلك . أما مني غيره أو منيه إذا عاد فينقض خروجه لفقد العلة نعم لو ولدت ولدا جافا انتقض وضوؤها - كما في فتاوى شيخي - أخذا من قول المصنف : إن صومها يبطل بذلك لأن الولد منعقد ( 1 / 33 ) من منيها ومني غيرها . " .
ولو انسد مخرجه " أي الأصلي من قبل أو دبر بأن لم يخرج شيء منه وإن لم يحتلم " وانفتح " مخرج ندله " تحت معدته " وهي بفتح الميم وكسر العين على الأفصح : مستقر الطعام وهي من السرة إلى الصدر كما قاله الأطباء والفقهاء واللغويون هذا حقيقتها والمراد بها هنا السرة " فخرج " معه " المعتاد " خروجه كبول " نقض " إذ لا بد للإنسان من مخرج يخرج منه ما تدفعه الطبيعة فأقيم هذا مقامه . " وكذا نادر كدود " ودم " في الأظهر " لقيامه مقام الأصلي فكما ينقض الخارج النادر منه فكذلك هذا أيضا والثاني : لا لأنا إنما أقمناه مقام الأصلي للضرورة ولا ضرورة في خروج غير المعتاد . وما تقرر من الاكتفاء بأحد المخرجين هو ظاهر كلام الجمهور وهو المعتمد وإن صرح الصيمري باشتراط انسدادها وقال : لو انسد أحدهما فالحكم للباقي لا غير . " أو " انفتح " فوقها " أي المعدة والمراد فوق تحتها كما في بعض النسخ أو فوقه أي فوق تحت المعدة حتى تدخل هي بأن انفتح في السرة أو بمحاذيها أو فيما فوق ذلك " وهو " أي الأصلي منسد أو تحتها وهو منفتح فلا ينقض الخارج منه " في الأظهر " أما في الأول : فلأن ما يخرج من فوق المعدة أو منها أو من محاذيها لا يكون مما أحالته الطبيعة لأن ما تحيله تلقيه إلى أسفل فهو بالقيء أشبه وأما في الثانية : فلا ضرورة إلى جعل الحادث مخرجا مع انفتاح الأصلي والثاني : ينقض فيهما ولو نادرا أما في الأولى : فلأنه لا بد من مخرج وأما الثانية : فلأنه كالمخرج المعتاد وحيث أقمنا المنفتح كالأصلي إنما هو بالنسبة للنقض بالخارج منه فلا يجزئ فيه الحجر ولا ينتقض الوضوء بمسه ولا يجب الغسل ولا غيره من أحكام الوطء بالإيلاج فيه ولا يحرم النظر إليه حيث كان فوق العورة قال الماوردي : هذا من الانسداد العارض أما الخلقي فينقض معه الخارج من المنفتح مطلقا والمنسد حينئذ كعضو زائد من الخنثى لا وضوء بمسه ولا غسل بإيلاجه والإيلاج فيه قال في " المجموع " : ولم أر لغيره تصريحا بموافقته أو مخالفته وقال في نكته على التنبيه : إن تعبيرهم بالانسداد يشعر بما قاله الماوردي ا . ه .
وظاهر كلام الماوردي أن الحكم حينئذ للمنفتح مطلقا حتى يجب الوضوء بمسه والغسل بإيلاجه والإيلاج فيه وغير ذلك وهو كذلك كما اعتمده شيخي وإن استبعده بعض المتأخرين . ومما يرد الاستبعاد أن الإنسان لو خلق له ذكر فوق سرته يبول منه ويجامع به ولا ذكر له سواه ألا ترى أنا ندير الأحكام عليه ؟ ولا ينبغي أن يقال إنا نجعل له حكم النقض فقط ولا حكم له غير ذلك . وخرج بقوله " انفتح " ما لو خرج من المنافذ الأصلية كالفم والأذن فإنه لا نقض بذلك كما هو ظاهر كلامهم