ومنها ما لو قرأ غير الفاتحة كسورة الإخلاص عمدا أو سهوا في غير محل القراءة فإنه يسجد للسهو كما في المجموع بخلاف ما لو قرأها قبل الفاتحة فإنه لا يسجد كما قاله ابن الصباغ لأن القيام أو بدله محلها في الجملة .
قال الإسنوي وقياس التسبيح في القيام أن يكون كذلك أيضا وهو مقتضى ما في شرائط الأحكام لابن عبدان ا . ه " .
والمعتمد عدم السجود .
ومنها ما إذا قلنا اختصاص القنوت بالنصف الثاني من رمضان وهو الصحيح فإذا قنت في غيره سجد للسهو ولو تعمده لم تبطل صلاته لكنه مكروه كما ذكره الرافعي في صلاة الجماعة وفي هذا نظر والذي ينبغي البطلان .
ومنها ما لو فرقهم في الخوف أربع فرق وصلى بكل فرقة ركعة أو فرقتين وصلى بإحداهما ثلاثا فإنه يجوز على المشهور لكنه يكره ويسجد للسهو للمخالفة بالانتظار في غير موضعه .
ومنها ما إذا زاد القاصر ركعتين سهوا فإنه يسجد مع أنه يجوز له زيادتهما هكذا استثناها ابن الصباغ والأولى عدم استثنائها لأن عمد الزيادة بلا نية إتمام مبطل . " .
ولو نسي التشهد الأول " مع قعوده أو وحده أو قعوده وحده فيما إذا لم يحسن التشهد " فذكره بعد انتصابه لم يعدله " أي يحرم عليه العود لأنه تلبس بفرض فلا يقطعه لسنة . " .
فإن عاد " عامدا " عالما بتحريمه بطلت " صلاته لأنه زاد قعودا عمدا وقيل يجوز له القعود ما لم يشرع في القراءة . " .
أو " عاد له " ناسيا " أنه في صلاة " فلا " تبطل لعذره ويلزمه القيام عند تذكره " ويسجد للسهو " لأنه زاد جلوسا وترك تشهدا . " .
أو جاهلا " بتحريم العود " فكذا " لا تبطل " في الأصح " كالناسي لأنه مما يخفي على العوام ويلزمه القيام عند العلم ويسجد للسهو .
والثاني تبطل لتقصيره بترك التعلم وهذا الخلاف في المنفرد والإمام وأما المأموم فلا يجوز له أن يتخلف عن إمامه للتشهد فإن تخلف بطلت صلاته لفحش المخالفة .
فإن قيل قد صرحوا بأنه لو ترك إمامه القنوت فله أن يتخلف ليقنت إذا لحقه في السجدة الأولى .
أجيب بأنه في تلك لم يحدث في تخلفه وقوفا وهذا أحدث فيه جلوس تشهد فقول بعض المتأخرين من أنه لو جلس إمامه للاستراحة فالأوجه أن له التخلف ليتشهد إذا لحقه في قيامه لأنه حينئذ لم يحدث جلوسا فمحل بطلانها إذا لم يجلس إمامه ممنوع لأن جلوس الاستراحة هنا غير مطلوب ولو قعد المأموم فانتصب الإمام ثم عاد قبل قيام المأموم حرم قعوده معه لوجوب القيام عليه بانتصاب الإمام ولو انتصبا معا ثم عاد الإمام لم يعد المأموم لأنه إما مخطىء به فلا يوافقه في الخطأ أو عامد فصلاته باطلة بل يفارقه أو ينتظره حملا على أنه عاد ناسيا فإن عاد معه عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته أو ناسيا أو جاهلا فلا . " .
وللمأموم " إذا انتصب ناسيا وجلس إمامه للتشهد الأول أو نهضا سهوا معا ولكن تذكر الإمام فعاد قبل انتصابه وانتصب المأموم " العود لمتابعة إمامه في الأصح " لأن المتابعة فرض فرجوعه رجوع إلى فرض لا إلى سنة والثاني ليس له العود بل ينتظر إمامه قائما لأنه متلبس بفرض وليس فيما فعله إلا التقدم على الإمام بركن . " .
قلت الأصح ( 1 / 208 ) وجوبه " أي العود " والله أعلم " لأن المتابعة آكد مما ذكروه من التلبس بالفرض ولهذا سقط بها القيام والقراءة عن المسبوق فإن لم يعد بطلت صلاته إذا لم ينو المفارقة .
فإن قيل إذا ظن المسبوق سلام الإمام فقام لزمه العود وليس له أن ينوي المفارقة .
أجيب بأن المأموم هنا فعل فعلا للإمام أن يفعله ولا كذلك في المستشكل بها لأنه بعد فراغ الصلاة فجاز له المفارقة هنا لذلك .
أما إذا تعمد الترك فلا يلزمه العود وإن كان ظاهر كلام المصنف وجوبه بل يسن كما رجحه في التحقيق وغيره وإن صرح الإمام بتحريمه حينئذ .
وفرق الزركشي بين هذه وبين ما لو قام ناسيا حيث يلزمه العود كما مر بأن العامد انتقل إلى واجب وهو القيام فخير بين العود وعدمه لأنه تخيير بين واجبين بخلاف الناسي .
فإن فعله غير معتد به لأنه لما كان معذورا كان قيامه كالعدم فتلزمه المتابعة كما لو لم يقم ليعظم أجره .
والعامد كالمفوت لتلك السنة بتعمده فلا يلزمه العود إليها .
ولو ركع قبل إمامه ناسيا تخير بين العود والانتظار ويفارق ما مر من أنه يلزمه العود فيما لو قام ناسيا بفحش المخالفة ثم فيقيد فرق الزركشي بذلك أو عامدا سن له العود .
ولو ظن المصلي قاعدا أنه تشهد التشهد الأول فافتتح القراءة للثالثة لم يعد إلى قراءة التشهد وإن سبقه لسانه بالقراءة وهو ذاكر أنه لم يتشهد جاز له العود إلى قراءة التشهد لأن تعمد القراءة كتعمد القيام وسبق اللسان إليها غير معتد به . " .
ولو تذكر " المصلي التشهد الأول " قبل انتصابه " أي قبل استوائه معتدلا " عاد للتشهد " الذي نسيه أي جاز له ذلك لأنه لم يتلبس بفرض . " .
ويسجد " للسهو " إن كان صار إلى القيام أقرب " منه إلى القعود لأنه أتى بفعل غير به نظم الصلاة ولو أتى به عمدا في غير موضعه بطلت صلاته كما سيأتي .
فالسجود للنهوض مع العود لا للنهوض فقط خلافا للإسنوي في قوله إنه للنهوض لا للعود لأنه مأمور به .
فإن قيل لو قام الإمام إلى خامسة سهوا ففارقه المأموم بعد بلوغه حد الراكعين فإنه يسجد مع أن هذا قيام لا عود فيه .
أجيب بأن عمد هذا القيام وحده غير مبطل بخلاف ما قالاه فإنه وحده مبطل أما إذا كان إلى القعود أقرب أو على السواء فلا يسجد لسهوه لقلة ما فعله حينئذ .
وهذا التفصيل هو المصحح في الشرحين وهو المعتمد وإن صحح في التحقيق أنه لا يسجد مطلقا وقال في المجموع إنه الأصح عند الجمهور وأطلق في تصحيح التنبيه تصحيحه وقال الإسنوي وبه الفتوى . " .
ولو نهض عمدا " أي قصد ترك التشهد الأول " فعاد " له عمدا " بطلت " صلاته " إن كان " فيها " إلى القيام أقرب " من القعود لأنه زاد في صلاته عمدا ما لو وقع منه سهوا جبره بالسجود فكان مبطلا .
وهذا التفصيل كما قال الأذرعي جار على التفصيل المتقدم وهو المعتمد أيضا كما نقله الرافعي عن المهذب وإن لم يقيد في المحرر البطلان بكونه إلى القيام أقرب بل أطلق البطلان .
تنبيه .
قول المصنف عمدا قسيم لقوله أولا ولو نسي التشهد الأول . " .
ولو نسي قنوتا فذكره في سجوده ولم يعد له " لتلبسه بفرض " أو قبله " بأن لم يضع جميع أعضاء السجود حتى لو وضع لجبهة فقط أو مع بعض أعضاء السجود " عاد " أي جاز له العود لعدم التلبس بالفرض وإن كان ظاهر كلام ابن المقري أنه لو وضع الجبهة فقط لا يعود . " .
ويسجد للسهو إن بلغ حد الراكع " أي أقل الركوع في هويه لأنه زاد ركوعا سهوا والعمد به مبطل بخلاف ما إذا لم يبلغه فلا يسجد .
ولو تركه عمدا فكترك التشهد كما يقتضيه كلام الروضة .
تنبيه .
قول المصنف إن بلغ قيد في السجود للسهو خاصة لا في العود وقد يفهم من عبارته عوده لهما .
فروع لو تشهد سهوا في الركعة الأولى أو ثالثة الرباعية أو قعد سهوا بعد اعتداله من أولى أو غيرها وأتى بتشهد أو بعضه أو جلس لاستراحة أو بعد اعتدال سهوا بلا تشهد فوق جلسة الاستراحة ثم تذكر تدارك ما عليه وسجد للسهو أما في الأخيرة فلزيادة قعود طويل وأما في غيرها فلذلك أو لنقل ركن قولي أو بعضه .
فإن كانت الجلسة في الأخيرة كجلسة الاستراحة فلا سجود لأن عمدها مطلوب أو مغتفر .
ولو مكث في السجود يتذكر هل ركع أو لا وأطال بطلت ( 1 / 209 ) صلاته أو هل سجد السجدة الأولى أو لا لم تبطل وإن طال إذ لا يلزمه ترك السجود في هذه بخلافه في تلك فلو قعد في هذه من سجدته وتذكر أنها الثانية وكان في الركعة الأخيرة فتشهد قال البغوي في فتاويه إن كان قعوده على الشك فوق القعود بين السجدتين بطلت صلاته لأن عليه أن يعود إلى السجود وإلا فلا تبطل ولا يسجد للسهو .
ولو سجد ثم ذكر في سجوده أنه لم يركع لزمه أن يقوم ثم يركع ولا يكفيه أن يقوم راكعا لأنه قصد بالركوع غيره .
ولو قام إلى خامسة في رباعية ناسيا ثم تذكر قبل جلوسه عاد إلى الجلوس فإن كان قد تشهد في الرابعة أو لم يتذكر حتى قرأه في الخامسة أجزأه ولو ظنه التشهد الأول كما مر ثم يسجد للسهو ويسلم وإن كان لم يتشهد أتى به ثم سجد للسهو وسلم . " .
ولو شك في ترك بعض " بالمعنى السابق معين كقنوت " سجد " لأن الأصل عدم الفعل بخلاف الشك في ترك مندوب في الجملة لأن المندوب قد لا يقتضي السجود وبخلاف الشك في ترك بعض مبهم كأن شك في المتروك هل هو بعض أو لا لضعفه بالإبهام .
وبهذا علم أن للتقييد بالمعين معنى خلافا لمن زعم خلافه فجعل المبهم كالمعين وإنما يكون كالمعين فيما إذا علم أنه ترك بعضا وشك هل هو قنوت مثلا أو تشهد أول أو غيره من الأبعاض فإنه في هذه يسجد لعلمه بمقتضى السجود . " .
أو " شك " في ارتكاب منهي " عنه وإن أبطل عمده ككلام قليل " فلا " يسجد لأن الأصل عدمه .
ولو سها وشك هل سها بالأول أو بالثاني سجد لتيقن مقتضيه . " .
ولو سها وشك " أي تردد " هل سجد للسهو " أو لا " فليسجد " لأن الأصل عدمه أو هل سجد واحدة أو اثنتين سجد أخرى . " .
ولو شك " أي تردد في رباعية " أصلى ثلاثا أم أربعا أتى بركعة " لأن الأصل عدم فعلها " وسجد " للسهو للتردد في زيادتها ولا يرجع في فعلها إلى ظنه ولا إلى قول غيره وإن كان جمعا كثيرا لأنه تردد في فعل نفسه فلا يأخذ بقول غيره فيه كالحاكم إذا نسي حكمه لا يأخذ بقول الشهود عليه .
فإن قيل أنه A راجع الصحابة ثم عاد للصلاة في خبر ذي اليدين .
أجيب بأن ذلك محمول على تذكره بعد مراجعته .
قال الزركشي وينبغي تخصيص ذلك بما إذا لم يبلغوا حد التواتر وهو بحث حسن .
وينبغي أنه إذا صلى في جماعة وصلوا إلى هذا الحد أنه يكتفي بفعلهم والأصل في ذلك خبر مسلم إذا شك أحدكم في صلاته ولم يدر أصلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته أي ردتها السجدتان إلى الأربع ويحذفان الزيادة لأنهما جابران الخلل الحاصل من النقصان تارة ومن الزيادة أخرى لا أنهما يصيرانها ستا .
و إن كان صلى إتماما لأربع كانتا رغما للشيطان . " .
والأصح أنه يسجد وإن زال شكه قبل إسلامه " بأن تذكر أنها رابعة لفعلها مع التردد .
والثاني لا يسجد إذ لا عبرة بالتردد بعد زواله . " .
وكذا حكم ما يصليه مترددا واحتمل كونه زائدا " أنه يسجد للتردد في زيادته وإن زال شكه قبل سلامه . " .
ولا يسجد لما يجب بكل حال إذا زال شكه مثاله شك " في رباعية " في " الركعة " الثالثة " في نفس الأمر " أثالثة هي أم رابعة فتذكر فيها " أي الثالثة أنها ثالثة أي تبين له الأمر بعد ذلك قبل أن يقوم إلى الرابعة " لم يسجد " لأن ما فعله هاهنا مع التردد لا بد منه