ولو كان طرف الحبل ملقى على ساجور نحو كلب وهو ما يجعل في عنقه أو مشدودا بدابة أو بسفينة صغيرة بحيث تنجر بجر الحبل أو قابضه يحملان نجسا أو متصلا به لم تصح صلاته على الأصح في الروضة والمجموع بخلاف سفينة كبيرة لا تتحرك بجره فإنها كالدار ولا فرق في السفينة بين أن تكون في البر أو في البحر خلافا لما قاله الإسنوي من أنها إذا كانت في البر لم تبطل قطعا صغيرة كانت أو كبيرة ا . ه .
تنبيه : لا يشترط في اتصال الحبل بساجور الكلب ولا بما ذكر معه أن يكون مشدودا به بل الإلقاء عليه كاف كما عبرت به في الساجور .
قال شيخنا في شرح الروض : ولا حاجة لقول المصنف " مشدود " لأنه يوهم خلاف المراد ولو كان الحبل على موضع طاهر من نحو حمار وعليه نجاسة في موضع آخر فعلى الخلاف في الساجور وأولى بالصحة منه لأن الساجور قد يعد من توابع الحبل وأجزائه بخلاف الحمار " .
فلو جعله أي طرف ما طرفه الآخر نجس أو الكائن على نجس تحت رجله صحت صلاته مطلقا سواء أتحرك بحركته أم لا لأنه ليس لابسا أو حاملا فأشبه ما لو صلى على بساط طرفه نجس أو مفروش على نجس أو على سرير قوائمه في نجس .
قال في المجموع : ولو حبس في مكان نجس صلى وتجافى عن النجس قدر ما يمكنه ولا يجوز وضع جبهته بالأرض بل ينحني بالسجود إلى قدر لو زاد عليه لاقى النجس ثم يعيد ( 1 / 190 ) ولا يضر في صحة الصلاة نجس يحاذي صدره في الركوع والسجود وغيرهما على الصحيح لعدم ملاقاته له .
والثاني : يضر لأنه منسوب إليه لكونه مكان صلاته فتعين طهارته كالذي يلاقيه .
أما إذا لاقاه فتبطل جزما كما علم مما مر .
وشمل ما ذكر ما لو صلى ماشيا وبين خطواته نجاسة ولذلك قيل : لو عبر بيحاذي شيئا من بدنه لكان أشمل وقد عبر به في الروضة واعترض بأنه يوهم طرد الخلاف في الأعلى والجوانب كسقف البيت وحيطانه وليس كذلك قطعا .
ورد بأن المحب الطبري ذكر في شرح التنبيه أنه يكره استقبال الجدار النجس وفي الكفاية عن القاضي حسين جريان الخلاف فيما لو كان يصلي ماشيا وكان بين خطواته نجاسة كما مر وفيما إذا جعل على النجاسة ثوبا مهلهل النسج وصلى عليه فإن حصلت مماسة النجاسة من الفرج بطلت صلاته " .
ولو وصل عظمه لانكساره مثلا واحتياجه إلى الوصل بنجس لفقد الطاهر الصالح للوصل أو وجده وقال أهل الخبرة : إنه لا ينفع ووصله بالنجس فمعذور في ذلك فتصح صلاته معه للضرورة قال في الروضة كأصلها : ولا يلزمه نزعه إذا وجد الطاهر ا . ه .
وظاهره أنه لا يجب نزعه وإن لم يخف ضررا وهو كذلك وإن قال بعض المتأخرين إن محله إذا خاف من نزعه ضررا وإلا وجب نزعه ولو قال أهل الخبرة إن لحم الآدمي لا ينجبر سريعا إلا بعظم نحو كلب فيتجه كما قال الإسنوي أنه عذر وهو قياس ما ذكروه في التيمم في بطء البرء وعظم غيره من الآدميين في تحريم الوصل به ووجوب نزعه كالعظم النجس وظاهر هذا أنه لا فرق بين الآدمي المحترم وغيره وهو كذلك وإن قال الأذرعي : إن في النفس من عظم غير المحترم كالحربي والمرتد شيئا " .
وإلا أي وإن وصله به مع وجود الطاهر الصالح أو لم يحتج إلى الوصل حرم عليه لتعديه و وجب عليه نزعه وأجبر على ذلك إن لم يخف ضررا ظاهرا وهو ما يبيح التيمم .
ولو اكتسى لحما لحمله نجاسة تعدى بحملها مع تمكنه من إزالتها كوصل المرأة شعرها بشعر نجس فإن امتنع لزم الحاكم نزعه لأنه مما تدخله النيابة كرد المغصوب ولا مبالاة بألمه في الحال إذا لم يخف منه في المآل ولا تصح صلاته معه لأنه حامل لنجاسة في غير معدنها تعدى بحملها ويمكنه إزالتها بخلاف شارب الخمر فإنه تصح صلاته وإن لم يتقايأ ما شربه تعديا لحصوله في معدن النجاسة " .
قيل ويجب نزعه أيضا وإن خاف ضررا ظاهرا لتعديه لأن ذلك يؤدي إلى أن يصلي بقية عمره بنجاسة تعدى بحملها ونحن نقتله بترك صلاة واحدة والأصح عدم الوجوب رعاية لخوف الضرر فتصح صلاته وكذا إمامته في أحد وجهين يظهر ترجيحه كصحة صلاة الطاهرة خلف المستحاضة وقيل : إن استتر باللحم لم يجب نزعه وقيل : إن خاف تلف نفس أو عضو أو منفعة لم يجب وإلا وجب وقال الأذرعي : إنه الذي اشتمل عليه أكثر الكتب " .
فإن مات من وجب عليه النزع لم ينزع على الصحيح المنصوص لهتك حرمته ولسقوط التعبد عنه .
قال الرافعي : وقضية التعليل الأول تحريم النزع والثاني حله ا . ه .
والذي صرح به الماوردي و الروياني ونقله في البيان عن عامة الأصحاب تحريمه مع تعليلهم بالثاني وهذا هو المعتمد وإن كان قضية كلام المحرر وغيره الحل والثاني : ينزع لئلا يلقى الله تعالى حاملا لنجاسة تعدى بحملها .
فإن قيل : هذا التعليل لا يتأتى على مذهب أهل السنة لأن الله تعالى يعيد جميع أجزاء الميت حتى ما احترق كما كانت .
أجيب بأن يلقاه في القبر فإنه في معنى لقاء الله تعالى وقيل : إن المعاد من أجزاء الميت هو التي مات عليها وبالجملة فالأولى أن يعلل بأنه يجب غسل الميت طلبا للطهارة لئلا يبقى عليه نجاسة وهذا نجس فتجب إزالته .
فروع : الوشم وهو غرز الجلد بالإبرة حتى يخرج الدم ثم يذر عليه نحو نيلة ليرزق أو يخضر بسبب الدم الحاصل بغرز الجلد بالإبرة حرام لخبر الصحيحين : " لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة ( 1 / 191 ) والمستوشمة والواشرة والمستوشرة والنامصة والمتنمصة " أي فاعلة ذلك وسائلته فتجب إزالته ما لم يخف ضررا يبيح التيمم فإن خاف لم يجب إزالته ولا إثم عليه بعد التوبة .
وهذا إذا فعله برضاه كما قال الزركشي : أي بعد بلوغه وإلا فلا تلزمه إزالته كما صرح به الماوردي أي وتصح صلاته وإمامته ولا ينجس ما وضع فيه يده مثلا إذا كان عليها وشم .
ولو داوى جرحه بدواء نجس أو خاطه وتصح صلاته وإمامته ولا ينجس ما وضع فيه يده مثلا إذا كان عليها وشم .
ولو داوى جرحه بدواء نجس أو خاطه بخيط نجس أو شق موضعا في بدنه وجعل فيه دما فكالجبر بعظم نجس فيما مر .
ولو غسل شارب الخمر أو نجس آخر فمه وصلى صحت صلاته ووجب عليه أن يتقايأه إن قدر عليه بلا ضرر يبيح التيمم وإن شربه لعذر .
ووصل شعر الآدمي بشعر نجس أو شعر آدمي حرام للخبر السابق ولأنه في الأول مستعمل للنجس العيني في بدنه وفي الثاني مستعمل لشعر آدمي والآدمي يحرم الانتفاع به وبسائر أجزائه لكرامته .
ويحرم بغير إذن زوج أو سيد وصل شعر بغيرهما وكالشعر الخرق والصوف كما قاله في المجموع قال : وأما ربط الشعر بخيوط الحرير الملونة ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس بمنهي عنه .
وتجعيد الشعر ووشر الأسنان : وهو تحديدها وترقيقها للخبر السابق أيضا والخضاب بالسواد لخبر : " يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة " رواه أبو داود وغيره .
وتحمير الوجنة بالحناء ونحوه .
وتطريف الأصابع به مع السواد .
والتنميص : وهو الأخذ من شعر الوجه والحاجب للحسن لما في ذلك من التغرير أما إذا أذن لها الزوج أو السيد في ذلك فإنه يجوز لأن له غرضا في تزيينها له وقد أذن لها فيه هذا ما في الروضة وأصلها وخالف في التحقيق في الوصل والوشر فألحقهما بالوشم في المنع مطلقا والأول أوجه .
ويكره نتف الشيب من المحل الذي لا يطلب منه إزالة شعره لخبر : " لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم يوم القيامة " رواه الترمذي وحسنه وإن نقل ابن الرفعة تحريمه عن نص الأم وقال في المجموع : ولو قيل بتحريمه لم يبعد .
ونتف لحية المرأة وشاربها مستحب لأن ذلك مثلة في حقها .
ويسن خضب الشيب بالحناء ونحوه للاتباع .
ويسن للمرأة المزوجة أو المملوكة خضب كفيها وقدميها بذلك تعميما لأنه زينة وهي مطلوبة منها لزوجها أو سيدها .
أما التطريف أو التنقيش فلا يستحب وخرج بالمزوجة أو المملوكة غيرهما فيكره لها وبالمرأة الرجل والخنثى فيحرم عليهما الخضاب إلا لعذر وسيأتي إن شاء الله تعالى في العقيقة زيادة على ذلك " .
ويعفى عن أثر محل استجماره في حق نفسه قطعا لجواز الاقتصار على الحجر ولو عرق محل الأثر وانتشر ولم يجاوز محل الاستنجاء كما قاله في المجموع في موضع فإن جاوزه وجب غسله قطعا وما أطلقه في موضع آخر في المجموع وكذا الرافعي محمول على ذلك .
فلو لاقى الأثر رطبا آخر لم يعف عنه لندرة الحاجة إلى ملاقاة ذلك " .
ولو حمل في الصلاة مستجمرا أو من عليه نجاسة أخرى معفو عنها كثوب فيه دم براغيث على تفصيل يأتي أو حيوانا متنجس المنفذ بخروج الخارج منه " .
بطلت صلاته في الأصح إذ العفو للحاجة ولا حاجة إلى حمله فيها والثاني : لا تبطل في حقه كالمحمول للعفو عن محل الاستجمار .
ويؤخذ مما مر من أنه إذا قبض طرف شيء متنجسا أنه يضر أنه لو مسك المصلي مستجمرا أو ملبوسه أو أمسك المستجمر المصلي أو ملبوسه أنه يضر وهو كذلك .
ولو وقع الطائر الذي على منفذه نجاسة في مائع أو ماء قليل لم ينجسه على الأصح لعسر صوته عنه بخلاف المستجمر فإنه ينجسه ويحرم عليه ذلك لما فيه من التضمخ بالنجاسة .
ويؤخذ منه أنه لو جامع زوجته في هذه الحالة أنه يحرم عليه لما ذكر وإن خالف في ذلك بعض العصريين .
ولو حمل المصلي حيوانا مذبوحا وإن غسل الدم عن مذبحه أو آدميا أو سمكا أو جرادا ميتا أو بيضة مذرة استحالت دما أو عنبا استحال خمرا أو قارورة ختمت على دم أو نحوه كبول ولو برصاص لم تصح صلاته أما في الخمسة الأول فللنجاسة التي بباطن الحيوان لأنها كالظاهرة بخلاف الحيوان الحي لأن للحياة أثرا في دفع النجاسة وأما في الباقي فلحمله نجاسة لا حاجة إلى حملها " .
وطين الشارع المتيقن نجاسته يعفي عنه عما يتعذر أي يتعسر الاحتراز عنه غالبا إذ لا بد للناس من الانتشار في حوائجهم وكثير منهم لا يملك أكثر من ثوب فلو أمروا بالغسل كلما أصابتهم عظمت المشقة عليهم بخلاف ما لا يعسر الاحتراز عنه فلا يعفى عنه ( 1 / 192 ) ويختلف المعفو عنه بالوقت وموضعه من الثوب والبدن فيعفى في زمن الشتاء عما لا يعفى عنه في زمن الصيف ويعفى في الذيل والرجل عما لا يعفى عنه في الكم واليد وضابط القليل المعفو عنه هو الذي لا ينسب صاحبه إلى سقطة على شيء أو كبوة على وجهه أو قلة تحفظ فإن نسب إلى ذلك فلا يعفى عنه .
قال الزركشي : وقضية إطلاقهم العفو عنه ولو اختلط بنجاسة كلب أو نحوه وهو المتجه لا سيما في موضع تكثر فيه الكلاب لأن الشوارع معدن النجاسات ا . ه .
ونقل عن صاحب البيان أنه لا يعفى عنه والمتجه الأول .
واحترز بالمتيقن نجاسته عما يغلب على الظن اختلاطه بها كغالب الشوارع فإن فيه وأمثاله كثياب الخمارين والأطفال والجزارين والكفار الذين يتدينون باستعمال النجاسة قولين : أصحهما الطهارة عملا بالأصل فإن لم يظن نجاسته فطاهر قطعا .
فروع : ماء الميزاب الذي تظن نجاسته ولم تتيقن طهارته فيه الخلاف في طين الشوارع واختار المصنف الجزم بطهارته .
وسئل ابن الصلاح عن الجوخ الذي اشتهر على ألسنة الناس أن فيه شحم الخنزير فقال : لا يحكم بنجاسته إلا بتحقق النجاسة وسئل عن الأوراق التي تعمل وتبسط وهي رطبة على الحيطان المعمولة برماد نجس فقال : لا يحكم بنجاستها أي عملا بالأصل .
ومحل العمل به إذا كان مستند النجاسة إلى غلبتها وإلا عمل بالظن فلو بال حيوان في ماء كثير وتغير وشك في سبب تغيره هل هو البول أو نحو طول المكث حكم بتنجسه عملا بالظاهر لاستناده إلى سبب معين ولو تنجس خفه أو نعله لم يطهر بدلكه بنحو أرض كالثوب إذا تنجس .
وأما خبر أبي داود : " إذا أصاب خف أحدكم أذى فليدلكه في الأرض " فمحمول على المستقذر الطاهر " .
و يعفى عن قليل دم البراغيث والقمل والبق وونيم الذباب وهو بفتح الواو وكسر النون : ذرقه وغير ذلك مما لا نفس له سائلة كما في المجموع وكذا يعفى عن قليل بول الخفاش والقياس أن روثه وبول الذباب كذلك لأن ما ذكر مما تعم به البلوى ويشق الاحتراز عنه قال في الصحاح : والبق هو البعوض لكن الظاهر كما قال شيخنا أن المراد هنا ما يشمل البق المعروف والبراغيث جمع برغوث بالضم والفتح قليل ويقال له طامر بن طامر .
روى أحمد والبزار والبخاري في الأدب عن أنس رضي الله تعالى عنه : أن النبي " سمع رجلا يسب برغوثا فقال : " لا تسبه فإنه أيقظ نبيا لصلاة الفجر " ودم البراغيث رشحات تمصها من الإنسان ثم تمجها وليس لها دم في نفسها ذكره الإمام وغيره .
والذباب مفرد وجمعه ذبان بالكسر وأذبة ولا يقال ذبانة بنون قبل الهاء قاله الجوهري " .
والأصح لا يعفى عن كثيره لندرته ولسهولة الاحتراز عنه ولا عن قليل انتشر منه بعرق لمجاوزته محله ولأن البلوى به لا تعم " .
وتعرف الكثرة والقلة بالعادة فما يقع التلطخ به غالبا ويعسر الاحتراز عنه قليل وإن زاد فكثير ويختلف ذلك باختلاف الأوقات والأماكن ويرجع في ذلك إلى رأي المصلي فيجتهد في ذلك وقيل : الكثير ما يظهر للناظر من غير تأمل وإمعان نظر والقليل دونه وللمشكوك في كثرته حكم القليل .
والثاني : يعفى عنهما لأن الغالب في هذا الجنس عسر الاحتراز فيلحق غير الغالب منه بالغالب كما أن المسافر يترخص وإن لم يلحقه مشقة لهذا المعنى ولأن التمييز فيه بين القليل والكثير مما يوجب المشقة لكثرة البلوى به ولهذا قال المصنف : قلت : الأصح عند المحققين العفو مطلقا والله أعلم أي قل أو كثر انتشر بعرق أم لا لما تقدم .
وقال في المجموع : إنه الأصح باتفاق الأصحاب ومحل ذلك في ثوب ملبوس أصابه الدم بلا تعمد فلو حمل ثوبا فيه دم براغيث في كمه أو فرشه وصلى عليه أو لبسه وكانت الإصابة بفعله قصدا كأن قتلها في ثوبه أو بدنه لم يعف إلا عن قليل كما في التحقيق وغيره وأشار إليه الرافعي في الصوم ومثل دم البراغيث ما في معناه مما ذكر معه ومما هو آت ومثل حمله ما لو كان زائدا على تمام لباسه كما قاله القاضي لأنه غير مضطر إليه قال في المهمات : ومقتضاه منع زيادة الكم على الأصابع ولبس ثوب آخر لا لغرض من تجمل ونحوه ا . ه "