" الرابع " من أركان الصلاة " القراءة " للفاتحة كما سيأتي . " .
ويسن بعد التحرم " أي عقبه ولو للنفل " دعاء الافتتاح " وهو : ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي - أي عبادتي - ومحياي - بفتح الياء - ومماتي - بإسكان الياء على ما عليه الأكثر فيهما ويجوز فيهما الإسكان ( 1 / 156 ) والفتح - لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ) وإن كان الذي في الآية : ( وأنا أول المسلمين ) وذلك للاتباع رواه مسلم إلا كلمة " مسلما " في ابن حبان وفي رواية : ( وأنا أول المسلمين ) .
وكان A يقول بما فيها لأنه أول مسلمي هذه الأمة .
ويسرع به لمأموم ويقتصر عليه ليسمع قراءة إمامه ويزيد المنفرد وإمام علم رضا مقتد به : " اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهديني لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك - أي لا يتقرب به إليك . وقيل : لا يفرد بالإضافة إليك . وقيل : لا يصعد وإنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح . وقيل : ليس شرا بالنسبة إليك فإنك خلقته لحكمة بالغة وإنما هو شر بالنسبة إلى الخلق - أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك " .
وقد صح في دعاء الافتتاح أخبار أخر لا نطيل بذكرها .
وظاهر كلام الأصحاب أنه لا فرق في التعبير بقوله : ( حنيفا ومن المشركين ومن المسلمين ) بين الرجل والمرأة وهي صحيح على إرادة الأشخاص أي وأنا من الأشخاص المسلمين وأنا شخص " حنيفا مسلما " فتأتي بهما المرأة كذلك على أنهما حالان من الوجه .
والمراد بالوجه ذات الإنسان وجملة بدنه ولا يصح كونهما حالين من تاء الضمير في وجهت لأنه كان يلزم التأنيث ويدل له ما رواه الحاكم في مستدركه أنه A قال لفاطمة رضي الله تعالى عنها : ( قومي فاشهدي أضحيتك وقولي : إن صلاتي ونسكي - إلى قوله - وأنا من المسلمين ) وقال تعالى : ( وكانت من القانتين ) أي القوم المطيعين .
ولو ترك دعاء الافتتاح عمدا أو سهوا حتى شرع في التعوذ لم يعد إليه في الأصح .
ولا يسن لمن خاف فوت القراءة خلف الإمام أو فوت وقت الصلاة أو وقت الأداء بأن لم يبق من وقتها إلا ما يسع ركعة بل يأتي بالقراءة لأنها فرض فلا يشتغل عنه بالنفل ولا فيما إذا أدرك الإمام في غير القيام إلا فيما إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير وسلم قبل أن يجلس أو في التشهد وقام قبل أن يجلس أو خرج من الصلاة بحدث أو غيره قبل أن يوافقه ولا في صلاة جنازة . " .
ثم التعوذ " قبل القراءة لقوله تعالى : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) والرجيم : المطرود . وقيل : المرجوم بالشهب ويحصل بكل ما اشتمل على التعوذ من الشيطان وأفضله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . وقيل : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .
ويستثنى من استحباب التعوذ ما تقدم استثناؤه في دعاء الافتتاح إلا في صلاة الجنازة فإنه يسن التعوذ فيها . " .
ويسرهما " أي الافتتاح والتعوذ ندبا في الجهرية والسرية كسائر الأذكار المستحبة بحيث يسمع نفسه لو كان سميعا .
وقيل : يستحب الجهر بالتعوذ في الجهرية تبعا للقراءة فأشبه التأمين . " .
ويتعوذ في كل ركعة على المذهب " لحصول الفصل بين القراءتين بالركوع وغيره " والأولى آكد " مما بعدها للاتفاق عليها ولأن افتتاح القراءة في الصلاة إنما هو فيها .
والطريق الثاني قولان : .
أحدهما : هذا . والثاني : يتعوذ في الأولى فقط لأن القراءة في الصلاة واحدة كما لا يعيده لو سجد للتلاوة ثم عاد للقراءة كما صرح به الرافعي وصرح به المصنف في " مجموعه " وعلى هذا لو تركه في الأولى عمدا أو سهوا أتى به في الثانية بخلاف دعاء الافتتاح .
تنبيه : .
كلام المصنف يقتضي استحباب التعوذ لمن أتى بالذكر للعجز كما أنه يأتي بدعاء الافتتاح .
وقال في " المهمات " : أن المتجه أنه لا يستحب وهو ظاهره لأن التعوذ لقراءة القرآن العظيم ولم توجد بخلاف دعاء الافتتاح . " .
وتتعين الفاتحة " أي قراءتها حفظا أو نظرا في مصحف أو تلقينا أو نحو ذلك . " .
في كل ركعة " في قيامها أو بدله للمنفرد وغيره سرية كانت الصلاة أو جهرية فرضا أو نفلا لقوله A : ( لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب ) متفق عليه وخبر : ( لا تجزيء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ) رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما ولفعله A كما في مسلم مع خبر البخاري : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
وأما قوله تعالى : ( فاقرءوا ما تيسر منه ) فوارد في قيام الليل لا في قدر القراءة أو محمول مع خبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن على الفاتحة أو على العاجز عنها جمعا بين الأدلة .
وتتعين الفاتحة أيضا في القيام الثاني من صلاة الكسوفين ويتعوذ قبل قراءتها كما سيأتي إن شاء الله تعالى ( 1 / 157 ) .
فائدة : .
نقل تعين الفاتحة الشيخ أبو زيد عن نيف وعشرين صحابيا . وسميت بذلك لافتتاح القرآن بها .
وبأم الكتاب وبأم القرآن والأساس لأنها أوله وأصله كما سميت مكة أم القرى لأنها أول الأرض وأصلها ومنها دحيت .
وزيد على ذلك أنها سميت أيضا السبع المثاني لأنها سبع آيات وتثنى في الصلاة وأنزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة .
والوافية بالفاء لأن تبعيضها لا يجوز .
والواقية بالقاف لأنها تقي من السوء .
والكافية لأنها تجزيء عن غيرها .
والشفاء وورد فيه حديث ومعناه واضح .
والكنز والحمد لذكر الحمد فيها .
قال الدميري : وفي تفسير تقي الدين بن مخلد : أن إبليس لعنه الله تعالى رن أربع رنات رنة حين لعن ورنة حين هبط ورنة حين ولد A ورنة حين أنزلت فاتحة الكتاب . " .
إلا ركعة مسبوق " فإنها لا تتعين على الأصح الآتي في صلاة الجماعة .
وظاهر كلامه عدم لزوم المسبوق الفاتحة وهو وجه والأصح أنها وجبت عليه وتحملها عنه الإمام .
وتظهر فائدة الخلاف فيما لو بان إمامه محدثا أو في خامسة أن الركعة لا تحسب له لأن الإمام ليس أهلا للتحمل فلعل المراد أن تعيينها لا يستقر عليه لتحمل الإمام عنه ويتصور سقوط الفاتحة أيضا في كل موضع حصل للمأموم فيه عذر تخلف بسببه عن الإمام بأربعة أركان طويلة وزال عذره والإمام راكع فيحتمل عنه الفاتحة كما لو كان بطيء القراءة أو نسي أنه في الصلاة أو امتنع من السجود بسبب زحمة أو شك بعد ركوع إمامه في قراءة الفاتحة فتخلف لها نبه على ذلك الإسنوي معترضا به على الحصر في ركعة المسبوق . " .
والبسملة " آية " منها " أي الفاتحة لما روي : ( أنه A عد الفاتحة سبع آيات وعد بسم الله الرحمن الرحيم آية منها ) . رواه البخاري في تاريخه .
وروى الدارقطني عن أبي هريرة أنه A قال : ( إذا قرأتم الحمد لله فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم إنها أم الكتاب والسبع المثاني بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها ) .
وروى ابن خزيمة بإسناد صحيح عن أم سلمة : ( أن رسول الله A عد بسم الله الرحمن الرحيم آية والحمد لله رب العالمين - أي إلى آخرها - ست آيات ) .
فإن قيل : يشكل وجوبها في الصلاة بقول أنس : ( كان النبي A وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين ) كما رواه البخاري وبقوله : ( صليت مع النبي A وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ) كما رواه مسلم .
أجيب : بأن معنى الأول كانوا يفتتحون بسورة الحمد ويبينه ما صح عن أنس كما قال الدارقطني : إنه كان يجهر بالبسملة وقال : لا آلو أن أقتدي بصلاة النبي A .
وأما الثاني فقال أئمتنا : إنه رواية للفظ الأولى بالمعنى الذي عبر عنه الراوي بما ذكر بحسب فهمه ولو بلغ الخبر بلفظه كما في البخاري لأصاب إذ اللفظ الأول هو الذي اتفق عليه الحفاظ .
وآية من كل سورة إلا براءة لإجماع الصحابة على إثباتها في المصحف بخطه أوائل السور سوى براءة دون الأعشار وتراجم السور والتعوذ فلو لم تكن قرآنا لما أجازوا ذلك لأنه يحمل على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا ولو كانت للفصل كما قيل لأثبتت في أول براءة ولم تثبت في أول الفاتحة .
فإن قيل : القرآن إنما يثبت بالتواتر .
أجيب : بأن محله فيما يثبت قرآنا قطعا أما ما يثبت قرآنا حكما فيكفي فيه الظن كما يكفي في كل ظني .
وأيضا إثباتها في المصحف بخطه من غير نكير في معنى التواتر وأيضا قد ثبت التواتر عند قوم دون آخرين .
فإن قيل : لو كانت قرآنا لكفر جاحدها .
أجيب : بأنها لو لم تكن قرآنا لكفر مثبتها وأيضا التكفير لا يكون بالظنيات .
وهي آية كاملة من أول الفاتحة قطعا وكذا فيما عدا براءة من باقي السور على الأصح وفي قول إنها بعض آية .
والسنة أن يصلها بالحمد لله وأن يجهر بها حيث يشرع الجهر بالقراءة .
فائدة : .
ما أثبت في المصحف الآن من أسماء السور والأعشار شيء ابتدعه الحجاج في زمنه . " .
وتشديداتها " منها لأنها هيئات لحروفها المشددة ووجوبها شامل لهيئاتها فالحكم على التشديد بكونه من الفاتحة فيه تجوز ولذا عبر في " المحرر " بقوله : ويجب رعاية تشديداتها فلو عبر بها لكان أولى .
وهي أربع عشر شدة منها ثلاث في البسملة فلو خفف منها تشديدة بطلت قراءة تلك الكلمة لتغييره النظم بل قال في " الحاوي " و " البحر " : لو ترك الشدة من قوله " إياك " متعمدا وعرف معناه أنه يكفر لأن الإيا ضوء الشمس فكأنه قال : نعبد ضوء الشمس وإن كان ناسيا أو جاهلا سجد للسهو .
ولو شدد ( 1 / 158 ) المخفف أساء وأجزأه كما قاله الماوردي و الروياني . " .
ولو أبدل ضادا " منها أي أتى بدلها " بظاء لم تصح " قراءته لتلك الكلمة " في الأصح " لتغييره النظم واختلاف المعنى فإن الضاد من الضلال والظاء من قولهم : ظل يفعل كذا ظلولا إذا فعله نهارا وقياسا على باقي الحروف . والثاني : تصح لعسر التمييز بين الحرفين على كثير من الناس .
والخلاف مخصوص بقادر لم يتعمد أو عاجز أمكنه التعلم فلم يتعلم أما العاجز عن التعلم فتجزئه قطعا وهو أمي والقادر المتعمد لا تجزئه قطعا .
ولو أبدل الضاد بغير الظاء لم تصح قراءته قطعا .
ولو أبدل ذال الذين المعجمة بالمهملة لم تصح كما اقتضى إطلاق الرافعي وغيره الجزم به خلافا للزركشي ومن تبعه .
ولو نطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف كما ينطق بها العرب صح مع الكراهة كما جزم به الروياني وغيره وإن قال في " المجموع " فيه نظر .
فإن قيل : كان الصواب أن يقول : ولو أبدل ظاء بضاد إذ الباء مع الإبدال تدخل على المتروك لا على المأتي به كما قال تعالى : ( ومن يتبدل الكفر بالإيمان ) وقال تعالى : ( وبدلناهم بجنتيهم جنتين ) .
أجيب : بأن الباء في التبديل والإبدال إذا اقتصر فيهما على المتقابلين ودخلت على أحدهما إنما تدخل على المأخوذ لا على المتروك فقد نقل الأزهري عن ثعلب : بدلت الخاتم بالحلقة إذا أذبته وسويته حلقة . وبدلت الحلقة بالخاتم إذا أذبتها وجعلها خاتما . وأبدلت الخاتم بالحلقة إذا نحيت هذا وجعلت هذه مكانه .
قال السبكي بعد نقله بعض ذلك عن الواحدي عن ثعلب عن الفراء : ورأيت في شعر الطفيل بن عمرو الدوسي لما أسلم في زمن النبي A .
فألهمني هداي الله عنه وبدل طالعي نحسي بسعدي ومنشأ الاعتراض توهم أن الإبدال المساوي للتبديل كالاستبدال والتبدل فإن ذينك تدخل الباء فيهما على المتروك .
قال شيخنا : وبذلك علم فساد ما اعترض به على الفقهاء من أن ذلك لا يجوز بل يلزم دخولها على المتروك . " .
ويجب ترتيبها " بأن يأتي بها على نظمها المعروف لأنه مناط البلاغة والإعجاز فلو بدأ بنصفها الثاني مثلا ثم أتى بالنصف الأول لم يعتد بالنصف الثاني ويبني على الأول إن سها بتأخيره ولم يطل الفصل ويستأنف إن تعمد ولم يغير المعنى أو طال الفصل بين فراغه من النصف الأول وتذكره فإن تركه عامدا ولم يغير المعنى استأنف القراءة وإن غيره بطلت صلاته .
فإن قيل : لم وجب الاستئناف هنا ولم يجب في الوضوء والأذان والطواف والسعي ؟ أجيب : بأن الترتيب هنا لما كان مناط الإعجاز كما مر كان الاعتناء به أكثر فجعل قصد التكميل بالمرتب صارفا عن صحة البناء بخلاف تلك الصور ومن صرح بأنه يبني في ذلك مراده ما إذا لم يقصد التكميل بالمرتب وإن تركه ساهيا ولم يطل غير المرتب بنى وإن طال استأنف . " .
و " يجب " موالاتها " بأن يصل الكلمات بعضها ببعض ولا يفصل إلا بقدر التنفس للاتباع مع خبر : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
فلو أخل بها سهوا لم يضر كترك الموالاة في الصلاة بأن طول ركنا قصيرا ناسيا بخلاف ما لو ترك الفاتحة سهوا فإنه يضر لأن الموالاة صفة والقراءة أصل .
فإن قيل : نسيان الترتيب يضر مع أن كلا منهما واجب . أجيب : بأن أمر الموالاة أسهل من الترتيب بدليل تطويل الركن القصير ناسيا كما مر بخلاف الترتيب إذ لا يعتد بالمقدم من سجود على ركوع مثلا ولو شك هل قرأها أو لا لزمه قراءتها لأن الأصل عدم قراءتها أو شك هل ترك منها شيئا بعد تمامها لم يؤثر فإن شك في ذلك قبل تمامها استأنفها . " .
فإن تخلل ذكر " أجنبي لا يتعلق بالصلاة " قطع الموالاة " وإن قل كالتحميد عند العطاس وإجابة المؤذن والتسبيح للداخل لأن الاشتغال به يوهم الإعراض عن القراءة فليستأنفها .
هذا إن تعمد فإن كان سهوا فالصحيح المنصوص أنه لا يقطع كما علم مما مر بل يبني . وقيل : إن طال الذكر قطع الموالاة وإلا فلا .
فائدة : .
الذكر باللسان ضد الإنصات وذاله مكسورة وبالقلب ضد النسيان وذاله مضمومة قال الكسائي .
وقال غيره هما لغتان بمعنى . " .
فإن تعلق بالصلاة كتأمينه لقراءة إمامه وفتحه عليه " إذا توقف فيها والفتح هو تلقين الآية عند التوقف فيها ومحله كما في التتمة إذا سكت فلا يفتح عليه ما دام يردد التلاوة وسجوده لتلاوته وسؤال رحمة واستعاذة ( 1 / 159 ) من عذاب لقراءة آيتهما . " .
فلا " يقطع الموالاة " في الأصح " لندب ذلك للمأموم في الأصح والثاني يقطعها لأنه ليس مندوب كالحمد عند العطاس وغيره ورد بأن ذلك ليس من مصلحة الصلاة والاحتياط استئنافها للخروج من الخلاف .
ومحل الخلاف في العامد فإن كان ساهيا لم يقطع ما ذكر جزما . " .
ويقطع " الموالاة " السكوت " العمد " الطويل " لإشعاره بالإعراض مختارا كان أو لعائق لإخلاله بالموالاة المعتبرة .
أما الناسي فلا على الصحيح وإن أفهم كلام المصنف خلافه . " .
وكذا " يقطع " يسير قصد به قطع القراءة في الأصح " لتأثير الفعل مع النية كنقل الوديعة بنية الخيانة فإنه يضمن وإن لم يضمن بأحدهما منفردا .
والثاني لا يقطع لأن قصد القطع وحده لا يؤثر والسكوت اليسير وحده لا يؤثر أيضا فكذا إذا اجتمعا .
وجوابه كما قال الشارح المنع فإن لم يقصد القطع ولم يطل السكوت لم يضر كثقل الوديعة بلا نية تعد وكذا إن نوى قطع القراءة ولم يسكت .
فإن قيل لم بطلت الصلاة بنية قطعها فقط أجيب بأن نية الصلاة ركن تجب إدامتها حكما والقراءة لا تفتقر إلى نية خاصة فلم يؤثر فيها نية قطعها ويؤخذ من ذلك أن نية القطع لا تؤثر في الركوع وغيره من الأركان وهو كذلك .
واليسير ما جرت به العادة كتنفس واستراحة والطويل ما زاد على سكتة الاستراحة كما قاله ابن المقري أخذا من كلام المجموع وعدل إليه عن ضبط أصله له بما أشعر بقطع القراءة أو إعراضه عنها مختارا أو لعائق وهذا أولى لأنه يفيد أن السكوت للإعياء لا يؤثر وإن طال لأنه معذور ونقله في المجموع عن نص الأم .
ويستثنى من كل من الضابطين ما لو نسي آية فسكت طويلا لتذكرها فإنه لا يؤثر كما قاله القاضي وغيره ولو قرأ نصف الفاتحة مثلا وشك هل أتى بالبسملة ثم ذكر بعد الفراغ أنه أتى بها أعاد ما قرأه بعد الشك فقط كما قاله البغوي واعتمده شيخي خلافا لابن سريج القائل بوجوب الاستئناف .
ولو كرر آية من الفاتحة الأولى أو الأخيرة أو شك في غيرهما فكرره لم يضر وكذا إن لم يشك على المذهب كما قاله الإمام واعتمده في التحقيق وقال المتولي إن كرر الآية التي هو فيها لم يضر وإن أعاد بعض الآيات التي فرغ منها بأن وصل إلى أنعمت عليهم ثم قرأ مالك يوم الدين فإن استمر على القرارة أجزأته وإن اقتصر عمدا على مالك يوم الدين ثم عاد فقرأ غير المغضوب عليهم ولا الضالين لزمه استئناف القرارة لأن هذا غير معهود في التلاوة ا . ه " .
واعتمد ما قاله المتولي في الأنوار والأول أوجه .
ويسن أن يصل أنعمت عليهم بما بعده إذ ليس وقفا ولا منتهى آية . " .
فإن جهل الفاتحة " بكمالها بأن لم يمكنه معرفتها لعدم معلم أو مصحف أو نحو ذلك " فسبع آيات " إن أحسنها عدد آياتها بالبسملة واستحب الشافعي قراءة ثمان آيات لتكون الثامنة بدلا عن السورة نقله الماوردي .
وفي اشتراط كون البدل مشتملا على ثناء ودعاء كما في الفاتحة وجهان في شرح التنبيه للطبري أوجههما عدم الاشتراط فلا يجزئ دون عدد آياتها وإن طال لرعايته فيها ولا دون حروفها كالآي بخلاف صوم يوم قصير عن طويل لعسر رعاية الساعات ولا الترجمة لقوله تعالى " إنا أنزلناه قرآنا عربيا " بدل على أن العجمي ليس بقرآن بخلاف ما إذا عجز عن التكبير أو الخطبة أو الإتيان بالشهادتين بالعربية فإنه يترجم عنها لأن نظم القرآن معجز . " .
متوالية " لأنه أشبه الفاتحة . " .
فإن عجز " عن المتوالية " فمتفرقة " لأنه المقدور . " .
قلت الأصح المنصوص جواز المتفرقة " من سورة أو سور " مع حفظه متوالية والله أعلم " كما في قضاء رمضان قال في الروضة وقطع به جماعة منهم القاضي أبو الطيب و البندنيجي وصاحب البيان واعترضه في المهمات بأن من نقل عنه جواز كونها من سورة أو سور لم يصرح بالجواز مع حفظ المتوالية بل أطلق فيمكن حمل إطلاقه على ما قيده غيره ا . ه " .
وظاهر إطلاقه أنه لا فرق بين أن تفيد المتفرقة معنى منظوما أم لا فثم نظر .
قال في المجموع والتنقيح وهو المختار كما أطلقه الجمهور لإطلاق الأخبار ا . ه " .
واختار الإمام الأول وأقره في الروضة وأصلها .
قال بعضهم والثاني هو القياس لأنه كما يحرم قراءتها على الجنب فكذلك يعتد بقراءتها هاهنا ويلزم الإمام أنه لو كان يحفظ أوائل السور ( 1 / 160 ) خاصة ك الم و الر و طسم أنه لا يجب عليه قراءتها عند من يجعلها أوائل للسور وهو بعيد لأنا متعبدون بقراءتها وهي قرآن متواتر ا . ه " .
وقال الأذرعي المختار ما ذكره الإمام وإطلاقهم محمول على الغالب ثم ما اختاره الشيخ أي المصنف إنما ينقدح إذا لم يحسن غير ذلك .
أما مع حفظه متوالية أو متفرقة منتظمة المعنى فلا وجه له وإن شمله إطلاقهم ا . ه " .
هذا يشبه أن يكون جمعا بين الكلامين وهو جمع حسن .
ومن يحسن بعض الفاتحة يأتي به ويبدل الباقي إن أحسنه وإلا كرره في الأصح وكذا من يحسن بعض بدلها من القرآن ويجب الترتيب بين الأصل والبدل فإن كان يحسن الآية في أول الفاتحة أتى بها ثم يأتي البدل وإن كان آخر الفاتحة أتى بالبدل ثم بالآية وإن كان في وسطها أتى ببدل الأول ثم قرأ ما في الوسط ثم أتى ببدل الآخر .
فإن قيل كان الأولى للمصنف أن يعبر بالمرتبة لأن الموالاة تذكر في مقابلة التفرق والمرتب يذكر في مقابلة القلب بالتقديم والتأخير فتفريق القراءة يخل بموالاتها ولا يخل بترتيبها وقد يأتي بالقراءة متوالية لكن لا مع ترتيبها .
أجيب بأن المراد بالمتوالية التوالي على ترتيب المصحف فيستفاد الترتيب مع التوالي جميعا بخلاف ما لو عبر بالمرتبة فإنه لا يستفاد منها التوالي . " .
فإن عجز " عن القرآن " أتى بذكر " غيره لما روى أبو داود وغيره أن رجلا قال يا رسول الله إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزيني عنه فقال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قيل يتعين هذا الذكر ويضيف إليه كلمتين أي نوعين آخرين من الذكر نحو ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن لتصير السبعة أنواع مقام سبع آيات وجرى على ذلك في التنبيه .
وقيل تكفي هذه الخمسة أنواع لذكرها في الحديث وسكوته عليها .
ورد بأن سكوته لا ينفي الزيادة عليها .
والأصح أنه لا يتعين شيء من الذكر لأن القرآن بدل عن الفاتحة والذكر بدل عن القرآن وغير الفاتحة من القرآن لا يتعين فكذلك هو بل يجب أن يأتي بسبعة أنواع من أي ذكر كان وإما المذكور أو غيره ليقوم كل نوع مقام آية .
وأمره A للأعرابي بالذكر المخصوص يحتمل أنه كان يحفظه ولا يحفظ ما سواه قال الإمام والأشبه إجزاء دعاء يتعلق بالآخرة دون الدنيا ورجحه في المجموع والتحقيق .
قال الإمام فإن لم يعرف غير ما يتعلق بالدنيا أتى به وأجزأه .
وهذا هو المعتمد وإن نازع في ذلك بعض المتأخرين كالإمام السبكي . " .
ولا يجوز نقص حروف البدل " من قرآن أو غيره " عن " حروف " الفاتحة في الأصح " كما لا يجوز النقص عن آياتها وحروفها مائة وستة وخمسون حرفا بالبسملة وبقراءة مالك بالألف .
قال في الكفاية ويعد الحرف المتشدد من الفاتحة بحرفين من الذكر ولا يراعي في الذكر التشديد والمراد أن المجموع لا ينقص عن المجموع لا أن كل آية أو نوع من الذكر والدعاء من البدل قدر آية من الفاتحة .
والثاني يجوز سبع آيات أو سبعة أذكار أقل من حروف الفاتحة كما يجوز صوم يوم قصير قضاء عن صوم يوم طويل ودفع بأن الصوم يختلف زمانه طولا وقصرا فلم يعتبر في قضائه مساواة بخلاف الفاتحة لا تختلف فاعتبر في بدلها المساواة .
قال ابن الأستاذ قطعوا باعتبار سبع آيات واختلفوا في عدد الحروف والحروف هي المقصود لأن الثواب عليها ا . ه " .
ولا يشترط في الذكر والدعاء أن يقصد بهما البدلية بل الشرط أن لا يقصد بهما غيرها . " .
فإن لم يحسن شيئا " بأن عجز عن ذلك كله حتى عن ترجمة الذكر والدعاء " ووقف " وجوبا " قدر الفاتحة " في ظنه لأنه واجب في نفسه .
قال ابن النقيب وهل يندب أن يزيد في القيام قدر سورة لم أر من ذكره وفيه نظر ا . ه " .
وينبغي أن يزيد ذلك .
ولما كان للفاتحة سنتان سابقتان وهما دعاء الافتتاح والتعوذ وسنتان لاحقتان وهما التأمين وقراءة السورة وقد فرغ من ذكر الأوليين شرع في ذكر الأخيرتين فقال " ويسن عقب الفاتحة " بعد سكتة لطيفة " آمين " سواء أكان في الصلاة أم لا ولكن في الصلاة أشد استحبابا لما روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن وائل بن حجر قال صليت خلف رسول الله A فلما قال " ولا الضالين " قال آمين ومد بها صوته وروى البخاري عن أبي هريرة إذا قال الإمام " ولا الضالين " فقالوا آمين فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
وليس المراد بالعقب هنا أن يصل التأمين ( 1 / 161 ) بها كما يعلم مما قدرته وإنما فصل بينهما بذلك ليتميز عن القراءة .
ولا يفوت التأمين إلا بالشروع في غيره على الأصح كما في المجموع وقيل في الركوع واختص بالفاتحة لأن نصفها دعاء فاستحب أن يسأل الله تعالى إجابته .
ولا يسن عقب بدل الفاتحة من قراءة ولا ذكر كما هو مقتضى كلامهم وقال الغزي ينبغي أن يقال إن تضمن ذلك دعاء استحب وما بحثه صرح به الروياني " .
فائدة : .
روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا حسدنا اليهود على القبلة التي هدينا إليها وضلوا عنها وعلى الجمعة وعلى قولنا خلف الإمام آمين .
ويجوز في عقب ضم العين وإسكان القاف وأما قول كثير من الناس عقيب بياء بعد القاف فهي لغة قليلة .
وآمين اسم فعل بمعنى استجب وهي مبنية على الفتح مثل كيف وأين . " .
خفيفة الميم بالمد " هذه هي اللغة المشهورة الفصيحة .
قال الشاعر آمين آمين لا أرضى بواحدة حتى أبلغها ألفين مينا " ويجوز القصر " لأنه لا يخل بالمعنى .
وحكى الواحدي مع المد لغة ثالثة وهي الإمالة وحكي التشديد مع القصر والمد أي قاصدين إليك وأنت أكرم أن لا تخيب من قصدك .
وهو لحن بل قيل إنه شاذ منكر ولا تبطل به الصلاة لقصده الدعاء به كما صححه في المجموع .
قال في الأم ولو قال آمين رب العالمين وغير ذلك من الذكر كان حسنا . " .
ويؤمن مع تأمين إمامه " لا قبله ولا بعده لخبر إذا أمن الإمام فأمنوا فإن من وافق تأمينه الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وخبر إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه رواهما الشيخان .
وليس لنا ما تستحب فيه مقارنة الإمام سوى هذه لأن التأمين للقراءة لا للتأمين وقد فرغ منها وبذلك علم أن المراد بقوله إذا أمن الإمام إذا أراد التأمين ومعنى موافقة الملائكة أن يوافقهم في الزمن وقيل في الصفات من الإخلاص وغيره .
والمراد بالملائكة هنا الحفظة وقيل غيرهم لخبر فوافق قوله قول أهل السماء .
وأجاب الأول بأنه إذا قالها الحفظة قالها من فوقهم حتى ينتهي إلى أهل السماء .
قال شيخنا ولو قيل بأنهم الحفظة وسائر الملائكة لكان أقرب .
فإن لم تتفق موافقته أمن عقبه فإن لم يؤمن الإمام أو لم يسمعه أو لم يدر هل أمن أو لا أمن هو .
ولو أخر الإمام التأمين عن وقته المندوب أمن المأموم .
قال في المجموع ولو قرأ معه وفرغا معا كفى تأمين واحد أو فرغ قبله قال البغوي ينتظره والمختار أو الصواب أنه يؤمن لنفسه ثم للمتابعة . " .
ويجهر به " المأموم في الجهرية " في الأظهر " تبعا لإمامه للاتباع رواه ابن حبان وغيره وصححوه مع خبر صلوا كما رأيتموني أصلي .
والثاني يسر كسائر أذكاره وقيل إن كثر الجمع جهر وإلا فلا .
أما الإمام والمنفرد فيجهران قطعا وقيل فيهما وجه شاذ .
وأما السرية فيسرون فيها جميعهم كالقراءة .
قال في المجموع ومحل الخلاف إذا أمن الإمام فإن لم يؤمن استحب للمأموم التأمين جهرا قطعا ليسمعه الإمام فيأتي به ا . ه " .
وجهر الأنثى والخنثى بالتأمين كجهرهما بالقراءة وسيأتي " .
فائدة : .
يجهر المأموم خلف الإمام في خمسة مواضع أربعة مواضع تأمين يؤمن مع تأمين الإمام وفي دعائه في قنوت الصبح وفي قنوت الوتر في النصف الثاني من رمضان وفي قنوت النازلة في الصلوات الخمس وإذا فتح عليه . " .
وتسن " للإمام والمنفرد " سورة " يقرؤها في الصلاة " بعد الفاتحة " ولو كانت الصلاة سرية " إلا في الثالثة " من المغرب وغيرها " والرابعة " من الرباعية " في الأظهر " للاتباع في الشقين رواه الشيخان .
ومقابل الأظهر دليله الإتباع في حديث مسلم والإتباعان في الظهر والعصر ويقاس عليهما غيرهما والسورة على الثاني أقصر كما اشتمل عليه الحديث وسيأتي آخر الباب سن تطويل قراءة الأولى على الثانية في الأصح وكذا الثالثة على الرابعة على الثاني .
قال الشارح ثم في ترجيحهم الأول تقديم لدليله النافي على دليل الثاني المثبت عكس الراجح في الأصول لما قام عندهم في ذلك ا . ه " .
ويظهر أنهم إنما قدموه لتقويته بحديث الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه كان رسول الله A يقرأ في الظهر بالأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب ويسمعنا الآية أحيانا ( 1 / 162 ) ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية وكذا في العصر وهكذا في الصبح ا . ه " .
وإنما لم تجب السورة لحديث أم القرآن عوض من غيرها وليس غيرها عوض منها رواه الحاكم وقال إنه على شرطهما .
وخرج بقوله بعد الفاتحة ما لو قرأها قبلها أو كرر الفاتحة فإنه لا يجزئه لأنه خلاف ما ورد في السنة ولأن الشيء الواحد لا يؤدى به فرض ونفل في محل واحد .
نعم لو لم يحسن غير الفاتحة وأعادها يتجه كما قال الأذرعي الإجزاء ويحمل كلامهم على الغالب .
ويحصل أصل السنة بقراءة شيء من القرآن ولو آية والأولى ثلاث آيات لتكون قدر أقصر سورة والسورة الكاملة أفضل من قدرها من طويلة لأن الابتداء بها والوقف على آخرها صحيحان بالقطع بخلافهما في بعض السورة فإنهما يخفيان .
ومحله في غير التراويح أما فيها فقراءة بعض الطويلة أفضل كما أفتى به ابن عبد السلام وغيره .
وعللوه بأن السنة فيها القيام بجميع القرآن وعليه فلا يختص ذلك بالتراويح بل كل محل ورد فيه الأمر بالبعض فالاقتصار عليه أفضل كقراءة آيتي البقرة وآل عمران في ركعتي الفجر . " .
قلت فإن سبق بهما " أي بالثالثة والرابعة من صلاة نفسه لأن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته " قرأها فيهما " حين تداركهما " على النص والله أعلم " لئلا تخلو صلاته من سورتين .
وقيل لا كما لا يجهر فيهما على المشهور .
وفرق الأول بأن السنة في آخر الصلاة الإسرار بخلاف القراءة فإنه لا يقال إنه لا يسن تركها بل لا يسن فعلها وأيضا القراءة سنة مستقلة والجهر صفة للقراءة فكانت أحق .
وإنما قدرت الثالثة والرابعة لا الأولتين وإن كان صحيحا أيضا لاتحاد الضميرين .
ثم محل ما تقرر على الأول كما أفهمه التعليل إذا لم يقرأ السورة في أولييه فإن قرأها فيهما لسرعة قراءته وبطء قراءة إمامه أو لكون الإمام قرأها فيهما لم يسن له قراءتها في الأخيرتين ولو سقطت قراءتها عنه لكونه مسبوقا أو بطيء القراءة فلا يقرؤها في الأخيرتين ويستثنى من ذلك فاقد الطهورين إذا كان عليه حدث أكبر فلا يجوز له قراءة السورة كما تقدم في التيمم . " .
ولا سورة للمأموم " في جهرية " بل يستمع " لقراءة إمامه لقوله تعالى " وإذا قريء القرآن فاستمعوا له " الآية وقوله A إذا كنتم خلفي فلا تقرءوا إلا بأم القرآن حسن صحيح .
والاستماع مستحب وقيل واجب وجزم به الفارقي في فوائد المهذب . " .
فإن " لم يسمع قراءته كأن " بعد " المأموم عنه أو كان به صمم أو سمع صوتا لا يفهمه كما قاله المصنف في أذكاره " أو كانت " الصلاة " سرية " ولم يجهر الإمام فيها أو جهرية وأسر فيها " قرأ " المأموم السورة " في الأصح " إذ لا معنى لسكوته .
أما إذا جهر الإمام في السرية فإن المأموم يستمع لقراءته كما صرح به في المجموع اعتبارا بفعل الإمام وصحح الرافعي في الشرح الصغير اعتبار المشروع في الفاتحة فعلى هذا يقرأ المأموم في السرية مطلقا ولا يقرأ في الجهرية مطلقا ومقابل الأصح لا يقرأ مطلقا لإطلاق النهي .
فروع يستحب للإمام والمنفرد الجهر في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء وللإمام في الجمعة للإتباع والإجماع في الإمام وللقياس عليه في المنفرد ويسر كل منهما فيما عدا ذلك هذا في المؤداة وأما المقضية فيجهر فيها من مغيب الشمس إلى طلوعها ويسر من طلوعها إلى غروبها ويستثنى كما قال الإسنوي صلاة العيد فإنه يجهر في قضائها كما يجهر في أدائها .
هذا كله في حق الذكر أما الأنثى والخنثى فيجهران حيث لا يسمع أجنبي ويكون جهرهما دون جهر الذكر فإن كان يسمعهما أجنبي أسرا فإن جهرا لم تبطل صلاتهما .
ووقع في المجموع والتحقيق أن الخنثى يسر بحضرة الرجال والنساء .
قال في المهمات وهو مردود أي لأنه بحضرة النساء إما ذكر أو أنثى وفي الحالين يسن له الجهر .
ويمكن حمل كلامهما على أنه يسر إذا اجتمع الرجال والنساء وهو صحيح .
وأما النوافل غير المطلقة فيجهر في صلاة العيدين وخسوف القمر والاستسقاء والتراويح والوتر في رمضان وركعتي الطواف إذا صلاهما ليلا وسيأتي الكلام عليها في أبوابها إن شاء الله تعالى ويسر فيما عدا ذلك .
وأما النوافل المطلقة فيسر فيها نهارا ويتوسط فيها ليلا بين الإسرار والجهر إن لم يشوش على نائم أو مصل أو نحوه وإلا فالسنة الإسرار فقد نقل في المجموع عن العلماء أن محل فضيلة رفع الصوت بقراءة القرآن إذا لم يخف رياء ولم يتأذ به أحد وإلا فالإسرار أفضل .
وهذا جمع بين الأخبار المقتضية لأفضلية ( 1 / 163 ) الإسرار والأخبار المقتضية لأفضلية الرفع ا . ه " .
ويقاس على ذلك من يجهر بالذكر أو القراءة بحضرة من يطالع أو يدرس أو يصنف كما أفتى به شيخي قال ولا يخفى أن الحكم على كل من الإسرار والجهر بكونه سنة من حيث ذاته .
واختلفوا في التوسط فقال بعضهم يعرف بالمقايسة بين الجهر والإسرار كما أشار إليه بقوله تعالى " ولا تجهر بصلاتك " الآية .
وقال بعض آخر يجهر تارة ويسر أخرى كما ورد في فعله A في صلاة الليل والأول أولى .
ويندب للإمام أن يسكت بعد تأمينه في الجهرية قدر قراءة المأموم الفاتحة ويشتغل حينئذ بذكر أو دعاء أو قراءة سرا وجزم به في المجموع والقراءة أولى " .
فائدة : .
السكتات المندوبة في الصلاة أربعة سكتة بعد تكبيرة الإحرام يفتتح فيها وسكتة بين ولا الضالين و آمين وسكتة للإمام بين التأمين في الجهرية وبين قراءة السورة بقدر قراءة المأموم الفاتحة وسكتة قبل تكبيرة الركوع .
قال في المجموع وتسمية كل من الأولى والثانية سكتة مجاز فإنه لا يسكت حقيقة لما تقرر فيها .
وعدها الزركشي خمسة الثلاثة الأخيرة وسكتة بين تكبيرة الإحرام والإفتتاح والقراءة وعليه لا مجاز إلا في سكتة الإمام بعد التأمين والمشهور الأول . " .
ويسن للصبح والظهر طوال المفصل " بكسر الطاء جمع والمفرد طويل وطوال بضم الطاء وتخفيف الواو فإذا أفرط في الطول شددتها . " .
وللعصر والعشاء أوساطه " وسنية هذا في الإمام مقيدة كما في المجموع وغيره برضا مأمومين محصورين . " .
وللمغرب قصاره " لخبر النسائي في ذلك .
وظاهر كلام المصنف التسوية بين الصبح والظهر ولكن المستحب أن يقرأ في الظهر قريب من الطوال كما في الروضة كأصلها .
والحكمة في ذلك أن وقت الصبح طويل والصلاة ركعتان فحسن تطويلهما ووقت المغرب ضيق فحسن فيه القصار وأوقات الظهر والعصر والعشاء طويلة لكن الصلوات أيضا طويلة فلما تعارض ذلك رتب عليه التوسط في غير الظهر وفيها قريب من الطوال .
واستثنى الشيخ أبو محمد في مختصره و الغزالي في الخلاصة والإحياء صلاة الصبح في السفر فالسنة فيها أن يقرأ في الأولى " قل يا أيها الكافرون " وفي الثانية الإخلاص .
والمفصل المبين المميز قال تعالى " كتاب فصلت آياته " أي جعلت تفاصيل في معان مختلفة من وعد ووعيد وحلال وحرام وغير ذلك وسمي بذلك لكثرة الفصول فيه بين السور وقيل لقلة المنسوخ فيه .
وآخره " قل أعوذ برب الناس " وفي أوله عشرة أقوال للسلف قيل الصافات وقيل الجاثية وقيل القتال وقيل الفتح وقيل الحجرات وقيل قاف وقيل الصف وقيل تبارك وقيل سبح وقيل الضحى .
ورجح المصنف في الدقائق والتحرير أنه الحجرات .
وعلى هذا طواله كالحجرات واقتربت والرحمن وأوساطه كالشمس وضحاها والليل إذا يغشى وقصاره كالعصر وقل هو الله أحد .
وقيل طواله من الحجرات إلى عم ومنها إلى الضحى أوساطه ومنها إلى آخر القرآن قصاره " .
فائدة : .
قال ابن عبد السلام القرآن ينقسم إلى فاضل ومفضول كآية الكرسي وتبت فالأول كلام الله في الله والثاني كلام الله في غيره فلا ينبغي أن يداوم على قراءة الفاضل ويترك المفضول لأن النبي A لم يفعله ولأنه يؤدي إلى هجران بعض القرآن ونسيانه .
فائدة : " .
ولصبح الجمعة في الأولى الم تنزيل وفي الثانية هل أتى " بكمالهما للاتباع رواه الشيخان .
فإن ترك الم في الأولى سن أن يأتي بها في الثانية فإن اقتصر على بعضهما أو قرأ غيرهما خالف السنة .
قال الفارقي ولو ضاق الوقت عنهما أتى بالممكن ولو آية السجدة وبعض " هل أتى على الإنسان " قال الأذرعي ولم أره لغيره .
وعن أبي إسحاق و ابن أبي هريرة لا تستحب المداومة عليهما ليعرف أن ذلك غير واجب .
وقيل للشيخ عماد الدين بن يونس إن العامة صاروا يرون قراءة السجدة يوم الجمعة واجبة وينكرون على من تركها فقال تقرأ في وقت وتترك في وقت فيعلمون أنها غير واجبة . " .
الخامس " من الأركان " الركوع " لقوله تعالى " اركعوا " ولخبر إذا قمت إلى الصلاة وللإجماع . " .
وأقله " أي الركوع في حق القائم " أن ينحني " انحناء خالصا لا انخناس فيه " قدر بلوغ راحتيه " أي راحتي يدي المعتدل خلقة " ركبتيه " إذا أراد وضعها فلا يحصل بانخناس ولا به مع انحناء لأنه لا يسمى ركوعا .
أما ركوع ( 1 / 164 ) القاعد فتقدم .
وظاهر تعبيره بالراحة وهي بطن الكف أنه لا يكتفي بالأصابع وهو كذلك وإن كان مقتضى كلام التنبيه الإكتفاء بها .
فلو طالت يداه أو قصرتا أو قطع شيء منهما لم يعتبر ذلك فإن عجز عما ذكر إلا بمعين ولو باعتماد على شيء أو انحناء على شقه لزمه والعاجز ينحني قدر إمكانه فإن عجز عن الإنحناء أصلا أومأ برأسه ثم بطرفه .
ويشترط في صحة الركوع أن يكون " بطمأنينة " لحديث المسيء صلاته المتقدم وأقلها أن تستقر أعضاؤه راكعا " بحيث ينفصل رفعه " من ركوعه " عن هويه " بفتح الهاء أفصح من ضمها أي سقوطه فلا تقوم زيادة الهوي مقام الطمأنينة . " .
ولا يقصد به " أي الهوي " غيره " أي الركوع قصده هو أم لا كغيره من بقية الأركان لأن نية الصلاة منسحبة عليه . " .
فلو هوى لتلاوة فجعله ركوعا لم يكف " لأنه صرفه إلى غير الواجب بل ينتصب ليركع .
ولو قرأ إمامه آية سجدة ثم ركع عقبها فظن المأموم أنه يسجد للتلاوة فهوى لذلك فرآه لم يسجد فوقف عن السجود فالأقرب كما قاله الزركشي أنه يحسب له ويغتفر ذلك للمتابعة وإن قال بعض المتأخرين الأقرب عندي أنه يعود إلى القيام ثم يركع . " .
وأكمله " أي الركوع " تسوية ظهره وعنقه " أي يمدهما بانحناء خالص بحيث يصيران كالصفيحة الواحدة للاتباع رواه مسلم .
فإن تركه كره نص عليه في الأم . " .
ونصب ساقيه " وفخذيه لأن ذلك أعون له ولا يثني ركبتيه ليتم له تسوية ظهره .
والساق بالهمز وتركه ما بين القدم والركبة فلا يفهم منه نصب الفخذ ولذا قال في الروضة ونصب ساقيه إلى الحقو فكان ينبغي للمصنف أن يزيد ذلك أو ما قدرته .
والساق مؤنثة وتجمع على أسوق وسيقان وسوق . " .
وأخذ ركبتيه بيديه " أي بكفيه للاتباع رواه الشيخان . " .
وتفرقة أصابعه " تفريقا وسطا للاتباع من غير ذكر الوسط رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي . " .
للقبلة " أي لجهتها لأنها أشرف الجهات .
قال ابن النقيب ولم أفهم معناه .
قال الولي العراقي احترز بذلك عن أن يوجه أصابعه إلى غير جهة القبلة من يمنة أو يسرة .
والأقطع ونحوه كقصير اليدين لا يوصل يديه ركبتيه حفظا لهيئة الركوع بل يرسلهما إن لم يسلما معا أو يرسل إحداهما إن سلمت الأخرى . " .
ويكبر في ابتداء هويه " للركوع " ويرفع يديه كإحرامه " وقد تقدم لثبوت ذلك في الصحيحين عن فعله A .
وقال البخاري في تصنيف له في الرد على منكري الرفع رواه سبعة عشر من الصحابة ولم يثبت عن أحد منهم عدم الرفع وقضية كلامه أن الرفع هنا كالرفع للإحرام وأن الهوي مقارن للرفع .
والأول ظاهر والثاني ممنوع فقد قال في المجموع قال أصحابنا ويتبديء التكبير قائما ويرفع يديه ويكون ابتداء رفعه وهو قائم مع ابتداء التكبير فإذا حاذى كفاه منكبيه انحنى .
وفي البيان وغيره نحوه قال في المهمات وهذا هو الصواب .
قال في الأقليد لأن الرفع حال الإنحناء متعذر أو متعسر .
والجديد أنه يمد التكبير إلى آخر الركوع لئلا يخلو فعل من أفعال الصلاة بلا ذكر وكذا في سائر انتقالات الصلاة لما ذكر .
ولا نظر إلى طول المد بخلاف تكبيرة الإحرام يندب الإسراع بها لئلا تزول النية كما مر . " .
ويقول سبحان ربي العظيم " للاتباع رواه مسلم .
وعن عقبة بن عامر قال لما نزلت " فسبح باسم ربك العظيم " قال رسول الله A اجعلوها في ركوعكم قال ولما نزلت " سبح اسم ربك الأعلى " قال اجعلوها في سجودكم رواه أبو داود وابن حبان والحاكم وصححه الأخيران .
والحكمة في تخصيص الأعلى بالسجود أن الأعلى أفعل تفضيل بخلاف العظيم فإنه يدل على رجحان معناه على غيره والسجود في غاية التواضع فجعل الأبلغ مع الأبلغ والمطلق مع المطلق .
وزاد على ذلك في التحقيق وغيره وبحمده " ثلاثا " للاتباع رواه أبو داود .
وقد يفهم من ذلك ( 1 / 165 ) أن السنة لا تتأدى بمرة ولكن في الروضة عن الأصحاب أن أقل ما يحصل به الذكر في الركوع تسبيحة واحدة ا . ه " .
وذلك يدل على أن أصل السنة يحصل بواحدة وعبارة التحقيق أقله سبحانه الله أو سبحان ربي وأدنى الكمال سبحانه ربي العظيم وبحمده ثلاثا ثم للكمال درجات فبعد الثلاث خمس ثم سبع ثم تسع ثم إحدى عشرة وهو الأكمل كما في التحقيق وغيره واختار السبكي أنه لا يتقيد بعدد بل يزيد في ذلك ما شاء .
والتسبيح لغة التنزيه والتبعيد تقول سبحت في الأرض إذا أبعدت ومعنى وبحمده أسبحه حامدا له أو وبحمده سبحته . " .
ولا يزيد الإمام " على التسبيحات الثلاث أي يكره له ذلك تخفيفا على المأمومين . " .
ويزيد المنفرد " وإمام قوم محصورين راضين بالتطويل " اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي " رواه مسلم زاد ابن حبان في صحيحه " وما استقلت به قدمي " بكسر الميم وسكون الياء وهي مؤنثة قال تعالى " فتزل قدم بعد ثبوتها " فيجوز في استقلت إثبات التاء وحذفها على أنه مفرد ولا يصح هنا التشديد على أنه مثنى لفقدان ألف الرفع .
ولفظة مخي مزيدة على المحرر وهي في الشرح والروضة وفيهما وفي المحرر وشعري وبشري بعد عصبي وفي آخره لله رب العالمين .
قال في الروضة وهذا مع الثلاث أفضل من مجرد أكمل التسبيح .
قال في المجموع وتكره القراءة في الركوع وغيره من بقية الأركان غير القيام ا . ه " .
والحكمة في وجوب القراءة في القيام والتشهد في الجلوس وعدم وجوب التسبيح في الركوع والسجود أنه في القيام والقعود ملتبس بالعادة فوجب فيهما ليتميزا عنها بخلاف الركوع والسجود .
ويستحب الدعاء في الركوع لأنه A كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي رواه الشيخان . " .
السادس " من الأركان " الاعتدال " لو في النافلة كما صححه في التحقيق لحديث المسيء صلاته .
وأما ما حكاه في زيادة الروضة عن المتولي من أنه لو تركه في الركوع والسجود في النافلة ففي صحتها وجهان بناء على صلاتها مضطجعا مع القدرة على القيام لا يلزم من البناء الاتحاد في الترجيح . " .
قائما " إن كان قبل ركوعه كذلك إن قدر وإلا فيعود لما كان عليه أو يفعل مقدوره إن عجز . " .
مطمئنا " لما في خبر المسيء صلاته بأن تستقر أعضاؤه على ما كان قبل ركوعه بحيث ينفصل ارتفاعه عن عوده إلى ما كان .
قال في الروضة واعلم أنه تجب الطمأنينة في الاعتدال كالركوع .
وقال إمام الحرمين في قلبي من الطمأنينة في الاعتدال شيء وفي كلام غيره ما يقتضي ترددا فيها والمعروف الصواب وجوبها ا . ه " .
ولو ركع عن قيام فسقط عن ركوعه قبل الطمأنينة فيه عاد وجوبا إليه واطمأن ثم اعتدل أو سقط عنه بعدها نهض معتدلا ثم سجد وإن سجد ثم شك هل تم اعتداله اعتدل وجوبا ثم سجد . " .
ولا يقصد غيره فلو رفع فزعا " بفتح الزاي على أنه مصدر مفعول لأجله أي خوفا أو بكسرها على أنه اسم فاعل منصوب على الحال أي خائفا . " .
من شيء " كحية " لم يكف " رفعه لذلك عن رفع الصلاة لأنه صارف كما تقدم . " .
ويسن رفع يديه " كما سبق في تكبيرة الإحرام " مع ابتداء رفع رأسه " من الركوع بأن يكون ابتداء رفعهما مع ابتداء رفعه . " .
قائلا " في رفعه إلى الاعتدال " سمع الله لمن حمده " أي تقبل منه حمده وجازاه عليه وقيل غفر له للإتباع رواه الشيخان مع خبر صلوا كما رأيتموني أصلي .
ولو قال من حمد الله سمع له كفى في تأدية أصل السنة لأنه أتى باللفظ والمعنى بخلاف أكبر الله لكن الترتيب أفضل وسواء في ذلك الإمام وغيره .
وأما خبر إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد فمعناه قولوا ذلك مع ما علمتوه من سمع الله لمن حمده لعلمهم بقوله صلوا كما رأيتموني أصلي مع قاعدة التأسي به مطلقا .
وإنما خص ربنا لك الحمد بالذكر لأنهم كانوا لا يسمعونه غالبا ويسمعون سمع الله لمن حمده