والأفضل أن يصليها أول وقتها كما قال : " .
ويسن تعجيل الصلاة لأول الوقت " إذا تيقنه ولو عشاء لقوله A في جواب ( 1 / 126 ) أي الأعمال أفضل : ( الصلاة في أول وقتها ) رواه الدارقطني وغيره وقال الحاكم إنه على شرط الشيخين ولفظ الصحيحين : ( الصلاة لوقتها ) .
وعن ابن عمر مرفوعا : ( الصلاة في أول الوقت رضوان الله وفي آخره عفو الله ) رواه الترمذي .
قال الشافعي رضي الله تعالى عنه : رضوان الله إنما يكون للمحسنين والعفو يشبه أن يكون للمقصرين ولو اشتغل أول الوقت بأسباب الصلاة كالطهارة والأذان والستر وأكل لقم بل الصواب الشبع كما مر في المغرب وتقديم سنة راتبة أو أخر بقدر ذلك عند عدم الحاجة إليه ثم أحرم بها حصلت له فضيلة أول الوقت ولا يكلف العجلة على خلاف العادة يحتمل مع ذلك شغل خفيف وكلام قصير وإخراج حدث يدافعه وتحصيل ماء ونحو ذلك . " .
وفي قول تأخير العشاء " ما لم يجاوز وقت الاختيار " أفضل " لخبر الشيخين : ( أنه A كان يستحب أن يؤخر العشاء ) قال الأذرعي : وهذا هو المنصوص في أكثر كتبه الجديدة . وقال في " المجموع " : إنه أقوى دليلا ا . ه .
قيل : والحكمة في تأخيرها إلى وقت الاختيار لتكون وسط الليل بإزاء صلاة الظهر في وسط النهار والمشهور استحباب التعجيل لعموم الأحاديث ولأنه هو الذي واظب عليه A .
وحمل بعضهم القولين على حالين فحيث قيل التعجيل أفضل أريد ما إذا خاف النوم وحيث قيل التأخير أفضل أريد ما إذا لم يخف .
ويستثنى من التعجيل مسائل : منها ما ذكره المصنف بقوله : " .
ويسن الإبراد بالظهر " أي بصلاته أي تأخير فعلها عن أول وقتها " في شدة الحر " إلى أن يصير للحيطان ظل يمشي فيه طالب الجماعة لخبر الصحيحين : ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ) وفي رواية للبخاري : ( بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم ) أي هيجانها وانتشار لهيبها أجارنا الله تعالى منها .
والحكمة فيه أن في التعجيل في شدة الحر مشقة تسلب الخشوع أو كماله فسن له التأخير كمن حضره طعام يتوق إليه أو دافعه الخبث وما ورد مما يخالف ذلك فمنسوخ ولا تؤخر عن نصف الوقت على الصحيح .
وخرج بالصلاة الأذان وبالظهر غيرها من الصلوات ولو جمعة فلا يسن فيها الإبراد أما غير الجمعة فلفقد العلة المذكورة وأما الجمعة فلخبر الصحيحين عن سلمة : ( كنا نجمع مع رسول الله A إذا زالت الشمس ولشدة الخطر في فواتها المؤدي إليه تأخيرها بالتكاسل ولأن الناس مأمورون بالتبكير إليها فلا يتأذون بالحر .
فإن قيل : ورد في الصحيحين : ( أنه A كان يبرد بها ) .
أجيب : بأنه فعله بيانا للجواز جمعا بين الأدلة مع أن الخبر رواه الإسماعيلي في صحيحه في الظهر فتعارضت الروايتان فيعمل بخبر سلمة لعدم المعارض . " .
والأصح اختصاصه " أي الإبراد " ببلد حار " قال في البويطي : كالحجاز وبعض العراق . " .
وجماعة " نحو " مسجد " كرباط ومدرسة " يقصدونه من بعد " ويمشون إليه في الشمس .
فلا يسن الإبراد في غير شدة الحر ولو بقطر حار ولا في قطر معتدل أو بارد وإن اتفق فيه شدة الحر ولا لمن يصلي منفردا أو جماعة بيته أو بمحل حضره جماعة لا يأتيهم غيرهم أو يأتيهم غيرهم من قرب أو بعد لكن يجد ظلا يمشي فيه إذ ليس في ذلك كبير مشقة نعم الإمام الحاضر في المسجد الذي يقصده الجماعة من بعد يسن له الإبراد اقتداء به A .
وقضية كلامه أنه لا يسن الإبراد لمنفرد يريد الصلاة في المسجد وفي كلام الرافعي إشعار بسنه وقال الإسنوي : إنه الأوجه وضابط البعد ما يتأثر قاصده بالشمس .
والثاني : لا يختص بذلك فيسن في كل ما ذكر لإطلاق الخبر .
ولو عبر بمصلى بدل مسجد لشمل ما قدرته إلا أن يراد بالمسجد موضع الاجتماع للصلاة فيشمل ما ذكر .
ومنها أنه يندب التأخير لمن يرمي الجمار ولمسافر سائر وقت الأولى ولمن تيقن وجود الماء أو السترة أو الجماعة أو القدرة على القيام آخر الوقت ولمن اشتبه عليه الوقت في يوم غيم حتى يتيقنه أو يظن فواته لو أخره ولدائم الحدث إذا رجا الانقطاع وللواقف بعرفة فيؤخر المغرب وإن كان نازلا وقتها ليجمعها مع العشاء بمزدلفة إذا كان سفره سفر قصر وللمعذور في ترك الجمعة فيؤخر الظهر إلى اليأس من الجمعة إذا أمكن زوال عذره كما سيأتي في الجمعة . " .
ومن وقع بعض صلاته في الوقت " وبعضها خارجه " فالأصح أنه إن وقع " في الوقت " ركعة " أو أكثر كما فهم بالأولى " فالجميع أداء " لخبر الصحيحين : ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) أي مؤداة ( 1 / 127 ) وإلا " بأن وقع فيه أقل من ركعة " فقضاء " لمفهوم الخبر المتقدم إذ مفهومه أن من لم يدرك ركعة لا يدرك الصلاة مؤداة والفرق أن الركعة مشتملة على معظم أفعال الصلاة وغالب ما بعدها كالتكرار لها فكان تابعا لها .
والوجه الثاني : أن الجميع أداء مطلقا تبعا لما في الوقت .
والثالث : أنه قضاء مطلقا تبعا لما بعد الوقت .
والرابع : أن ما وقع في الوقت أداء وما بعده قضاء وهو " التحقيق " .
وعلى القضاء يأثم المصلي بالتأخير إلى ذلك وكذا على الأداء نظرا ل " لتحقيق " وقيل : لا نظرا إلى الظاهر .
وتظهر فائدة الخلاف في مسافر شرع في الصلاة بنية القصر وخرج الوقت وقلنا إن المسافر إذا فاتته الصلاة لزمه الإتمام فإن قلنا إن صلاته كلها أداء كان له القصر وإلا لزمه الإتمام قال في " الروضة " : ولو شرع فيها وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها فمدها بتطويل القراءة حتى خرج الوقت لم يأثم قطعا ولا يكره على الأصح .
قلت : في تعليق القاضي حسين وجه أنه يأثم والله أعلم ا . ه . " .
ومن جهل الوقت " لعارض كغيم أو حبس في موضع مظلم وعدم ثقة يخبره به عن علم " اجتهد " جوازا إن قدر على اليقين بالصبر أو الخروج ورؤية الشمس مثلا وإلا فوجوبا " بورد " من قرآن أو درس ومطالعة وصلاة " ونحوه " أي الورد كخياطة وصوت ديك مجرب وسواء البصير والأعمى وعمل على الأغلب في ظنه وإن قدر على اليقين بالصبر أو غيره كالخروج لرؤية الفجر وللأعمى كالبصير العاجز تقليد مجتهد لعجزه في الجملة أما إذا أخبره ثقة من رجل أو امرأة ولو رقيقا بدخوله عن علم أي مشاهدة كأن قال : رأيت الفجر طالعا أو الشفق غاربا فإنه يجب عليه العمل بقوله إن لم يمكنه العلم بنفسه وجاز إن أمكنه .
وفي القبلة لا يعتمد الخبر عن علم إلا إذا تعذر علمه كما سيأتي وفرق بينهما بتكرر الأوقات فيعسر العلم بكل وقت بخلاف القبلة فإنه إذا علم علمها مرة اكتفى به ما دام مقيما بمحله فلا عسر .
ولا يجوز له أن يجتهد إذا أخبره ثقة عن علم بخلاف ما إذا أخبره عن اجتهاد فإنه لا يقلده لأن المجتهد لا يقلد مجتهدا حتى لو أخبره باجتهاد أن صلاته وقعت قبل الوقت لم يلزمه إعادتها .
وهل يجوز للأعمى والبصير تقليد المؤذن الثقة العارف أو لا ؟ قال الرافعي : يجوز في الصحو دون الغيم لأنه فيه مجتهد وهو لا يقلد مجتهدا وفي الصحو مخبر عن عيان .
وصحح المصنف جواز تقليده فيه أيضا ونقله عن النص فإنه لا يؤذن في العادة إلا في الوقت فلا يتقاعد عن الديك المجرب .
قال البندنيجي : ولعله إجماع المسلمين .
ولو كثر المؤذنون وغلب على الظن إصابتهم جاز اعتمادهم مطلقا بلا خلاف ولو صلى بلا اجتهاد أعاد مطلقا لتركه الواجب .
وعلى المجتهد التأخير حتى يغلب على ظنه دخول الوقت وتأخيره إلى خوف الفوات أفضل .
ويعمل المنجم بحسابه جوازا لا وجوبا ولا يقلده غيره على الأصح في " التحقيق " وغيره والحاسب : وهو من يعتمد منازل النجوم وتقدير سيرها في معنى المنجم وهو من يرى أن أول الوقت طلوع النجم الفلاني كما يؤخذ من نظيره في الصوم . " .
فإن " صلى باجتهاده ثم " تيقن " أن " صلاته " وقعت " قبل الوقت " أو بعضها ولو تكبيرة الإحرام أو أخبره ثقة بذلك وعلم بذلك في الوقت أو قبله أعادها بلا خلاف .
أو علم به بعده .
قضاها " في الأظهر " لفوات شرطها وهو الوقت حتى لو فرض أنه صلى الصبح مثلا سنين قبل الوقت لزمه أن يقضي صلاة فقط .
وبيانه أن صلاة اليوم الأول تقضى بصلاة اليوم الثاني والثاني بالثالث وهكذا بناء على أنه لا يشترط نية الأداء لا نية القضاء وأنه يصح الأداء بنية القضاء وعكسه عند الجهل بالوقت كما سيأتي في محله والثاني : لا قضاء اعتبارا بظنه . " .
وإلا " أي وإن لم يتيقن وقوعها قبل الوقت بأن تيقنه فيه أو بعده أو لم يتبين له الحال " فلا " قضاء عليه لكن الواقعة بعده قضاء على الأصح لكن لا إثم فيها . " .
ويبادر بالفائت " ندبا إن فاته بعذر كنوم ونسيان ووجوبا إن فاته بغير عذر على الأصح فيهما تعجيلا لبراءة ذمته . وقيل : المبادرة مستحبة فيهما . وقيل : واجبة فيهما . وعن ابن بنت الشافعي : أن غير المعذور لا يقضي لمفهوم قوله E : ( من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ) متفق عليه وحكمته التغليظ عليه وهو مذهب جماعة .
وأيد بأن تارك الأبعاض عمدا لا يسجد للسهو على وجه مع أنه أحوج إلى الجبر وقد مر أن من أفسد الصلاة في وقتها لا تصير قضاء خلافا للمتولي ومن تبعه لكن يجب إعادتها على الفور كما صرح به صاحب " العباب " . " .
ويسن ترتيبه " أي الفائت فيقضي الصبح قبل الظهر وهكذا خروجا من خلاف من أوجبه . " .
و " يسن " تقديمه على الحاضرة ( 1 / 128 ) التي لا يخاف فوتها " محاكاة للأداء وللخروج من خلاف من أوجب ذلك أيضا ولأنه A فاتته صلاة العصر يوم الخندق فصلاها بعد الغروب ثم صلى المغرب متفق عليه .
فإن لم يرتب ولم يقدم الفائتة جاز لأن كل واحدة عبادة مستقلة .
والترتيب إنما وجب في الأداء لضرورة الوقت فإنه حين وجب الصبح لم يجب الظهر فإذا فات لم يجب الترتيب في قضائه كصوم رمضان وفعله A المجرد إنما يدل عندنا على الاستحباب فإن خاف فوت الحاضرة لزمه البداءة بها لئلا تصير فائتة أيضا .
وتعبيره ب " لا يخاف فوتها " صادق بما إذا أمكنه أن يدرك ركعة من الحاضرة فيسن تقديم الفائت عليها في ذلك أيضا وبه صرح في " الكفاية " وهو المعتمد كما جرى عليه شيخنا في " شرح منهجه " وإن اقتضت عبارة " الروضة " ك " الشرحين " خلافه .
ويحمل إطلاق تحريم إخراج بعض الصلاة عن وقتها على غير هذا ونحوه .
ولو تذكر فائتة بعد شروعه في حاضره وجب إتمامها ضاق الوقت أو اتسع .
ولو شرع في فائتة معتقدا سعة الوقت فبان ضيقه عن إدراكها أداء وجب قطعها .
ولو خاف فوت جماعة حاضرة فالأفضل عند المصنف الترتيب للخلاف في وجوبه .
فإن قيل : لم يراع الخلاف في صلاة الجماعة فقد قيل بوجوبها أيضا ولذلك رجحه الإسنوي ونقله عن جماعة .
أجيب : بأن الخلاف في الترتيب خلاف في الصحة بخلافه في الجماعة .
تنبيه : .
قد أطلقوا استحباب ترتيب الفوائت وهو ظاهر إذا فاتت كلها بعذر أو غيره فإن فات بعضها بعذر وبعضها بغير عذر وجب قضاء ما فات بلا عذر على الفور كما مر .
وحينئذ فقد يقال : تجب البداءة به .
وقد تعارض خلافان أحدهما قول أبي حنيفة : يجب الترتيب والثاني قولنا : يجب قضاء الفائت بلا عذر على الفور ومراعاة الثاني أولى فيجب تقديمها .
ويجب تقديمها أيضا على الحاضرة عند سعة وقتها كما بحثه الأذرعي وهو ظاهر .
قال في " المجموع " : ويسن إيقاظ النائم للصلاة ولا سيما إذا ضاق وقتها ففي سنن أبي داود : ( أن النبي A خرج يوما إلى الصلاة فلم يمر بنائم إلا أيقظه ) .
وكذا إذا رآه أمام المصلين أو كان نائما في الصف الأول أو محراب المسجد أو كان نائما على سطح لا حجاز له لورود النهي عنه أو كان نائما بعضه في الشمس وبعضه في الظل أو كان نائما بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس أو كان نائما قبل صلاة العشاء أو بعد صلاة العصر أو نام خاليا وحده أو كانت المرأة نائمة مستلقية ووجهها إلى السماء أو نام الرجل منبطحا فإنها ضجعة يبغضها الله .
ويستحب أن يوقظ غيره لصلاة الليل وللتسحر والنائم بعرفات وقت الوقوف لأنه وقت طلب وتضرع .
قال الإسنوي : وهذا بخلاف ما لو رأى شخصا يتوضأ بماء نجس فإنه يلزمه إعلامه كما قاله الحليمي في شعب الإيمان بكسر الهمزة