" وتكره الصلاة عند الاستواء " كراهة تحريم كما صححه في " الروضة " و " المجموع " هنا وإن صححه في " التحقيق " وفي الطهارة من " المجموع " أنها كراهة تنزيه لما روى مسلم عن عقبة بن عامر : ( ثلاث ساعات كان رسول الله A ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف " الشمس " للغروب " حتى تغرب " ) فالظهيرة : شدة الحر . وقائمها : هو البعير يكون باركا فيقوم من شدة حر الأرض . وتضيف - بتاء مثناة من فوق ثم ضاد معجمة ثم مثناة من تحت مشددة - أي تميل .
وتزول الكراهة بالزوال .
ووقت الاستواء لطيف لا يتسع لصلاة ولا يكاد يشعر به حتى تزول الشمس إلا أن التحريم يمكن إيقاعه فيه فلا تصح الصلاة " إلا يوم الجمعة " لاستثنائه في خبر أبي داود وغيره والأصح جواز الصلاة في هذا الوقت مطلقا سواء أحضر إلى الجمعة أم لا . وقيل : يختص بمن حضر الجمعة وصححه جماعة . وقيل : يختص بمن حضر وغلبه النعاس فيدفعه بركعتين . " .
و " تكره أيضا " بعد " طلوع الشمس صلى الصبح أم لا وبعد صلاة " الصبح " أداء " حتى ترتفع الشمس " فيهما " كرمح " في رأي العين وإلا فالمسافة بعيدة " و " بعد اصفرار الشمس حتى تغرب صلى العصر أم لا وبعد صلاة ( 1 / 129 ) العصر " أداء ولو مجموعة في وقت الظهر " حتى تغرب " للنهي عنها بعد الصلاتين في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وعند الطلوع والاصفرار في خبر مسلم السابق وليس فيهما ذكر الرمح وهو تقريب .
وما قررت به عبارة المصنف من أن الأوقات خمسة هي عبارة الجمهور وتبعهم في " المحرر " وهو أولى من الاقتصار على الثلاثة المذكورة في المتن لأن من لم يصل الصبح حتى طلعت الشمس أو العصر حتى اصفرت يكره له التنفل حتى ترتفع أو تغرب وهذا يفهم من عبارة الجمهور دون عبارة الكتاب ولأن حال الاصفرار يكره التنفل فيه على العبارة الأولى بسببين وعلى الثانية بسبب واحد .
ولعل المصنف توهم اندراجهما في قوله : " وبعد الصبح وبعد العصر " وقد علمت ما فيه .
قال الإسنوي : والمراد بحصر الصلاة في الأوقات إنما هو بالنسبة إلى الأوقات الأصلية فستأتي كراهة التنفل في وقت إقامة الصلاة ووقت صعود الإمام لخطبة الجمعة ا . ه .
وإنما ترد الأولى إذا قلنا إن الكراهة للتنزيه وزاد بعضهم كراهة وقتين آخرين وهما بعد طلوع الفجر إلى صلاته وبعد المغرب إلى صلاته وقال : إنها كراهة تحريم على الصحيح ونقله عن النص ا . ه .
والمشهور في المذهب خلافه .
قال الأصحاب : وإذا صلى في الأوقات المنهي عنها عزر ولا تنعقد إذا قلنا أنها كراهة تحريم وكذا على كراهة التنزيه على الأصح .
فإن قيل : يلزم من عدم الانعقاد أن الكراهة للتحريم لا للتنزيه لأن الإقدام على العبادة التي لا تنعقد حرام اتفاقا لكونه تلاعبا .
أجيب : بأنه لا يلزم من القول بعدم الانعقاد القول بأن الكراهة للتحريم لأن نهي التنزيه إذا رجع إلى نفس الصلاة يضاد الصحة كنهي التحريم كما هو مقرر في الأصول . " .
إلا لسبب " غير متأخر فإنها تصح " كفائتة " لأن سببها متقدم سواء أكانت فرضا أم نفلا حتى النوافل التي اتخذها وردا ولخبر : ( فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ) وخبر الصحيحين : ( أنه A صلى بعد العصر ركعتين ) وقال : ( هما اللتان بعد الظهر ) وفي مسلم : ( لم يزل يصليهما حتى فارق الدنيا ) .
وهذا من خصوصياته A فليس لمن قضى في وقت الكراهة صلاة أن يداوم عليها ويجعلها وردا . " .
و " صلاة " كسوف " واستسقاء وطواف " وتحية " وسنة وضوء " وسجدة شكر " وتلاوة كما ذكره في " المحرر " لأن بعضها له سبب متقدم كركعتي الوضوء وتحية المسجد وبعضها له سبب مقارن كركعتي الطواف وصلاة الجنازة وصلاة الاستسقاء والكسوف ولأن نحو الكسوف والتحية معرض للفوات .
وفي الصحيحين في توبة كعب بن مالك : ( أنه سجد سجدة للشكر بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس ) وفيهما عن أبي هريرة أنه A قال لبلال : ( حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ) قال : ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي .
والدف صوت النعل وحركته على الأرض .
أما ما له سبب متأخر كركعتي الاستخارة والإحرام فإنه لا ينعقد كالصلاة التي لا سبب لها لأن الاستخارة والإحرام سببهما متأخر عنهما .
والمراد بالتقدم وقسيميه بالنسبة إلى الصلاة كما في " المجموع " أو إلى الأوقات المكروهة على ما في " أصل الروضة " والأول أظهر كما قاله الإسنوي وعليه جرى ابن الرفعة فعليه صلاة الجنازة وما ذكر معها سببها متقدم وعلى الثاني قد يكون متقدما وقد يكون مقارنا بحسب وقوعه في الوقت أو قبله .
ومحل صحة ما ذكر معها إذا لم يتحر به وقت الكراهة ليوقعها فيه وإلا بأن قصد تأخير الفائتة أو الجنازة ليوقعها فيه أو دخل المسجد وقت الكراهة بنية التحية فقط أو قرأ آية سجدة ليسجدها فيه .
ولو قرأ قبل الوقت لم يصح للأخبار الصحيحة كخبر : ( لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها ) .
فإن قيل : كان ينبغي كما قال السبكي أن يكون المكروه الدخول لغرض التحية وتأخير الفائتة إلى ذلك الوقت أما فعلها فيه فكيف يكون مكروها وقد يكون واجبا بأن فاتته عمدا بل العصر المؤداة تأخيرها لتفعل وقت الاصفرار مكروه ولا تقول بعد التأخير إن إيقاعها فيه مكروه بل واجب .
أجيب : بأن فعل كل من ذلك فيما ذكر مكروه أيضا للأخبار الصحيحة كالخبر المتقدم وإنما صحت المؤداة لوقوعها في وقتها بخلاف التحية والفائتة المذكورتين وكونها قد تجب لا يقتضي صحتها فيما ذكر لأنه بالتأخير إلى ذلك مراغم للشرع بالكلية ولأن ( 1 / 130 ) المانع يقدم على المقتضى عند اجتماعهما .
وأما مداومته A على الركعتين بعد العصر فتقدم الجواب عنها .
أما إذا دخل المسجد لا لغرض التحية أو لغرض غير التحية أو لغرضهما فلا تكره بل تسن لخبر الصحيحين : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) فهو مخصص لخبر النهي .
فإن قيل : خبر النهي عام في الصلوات خاص في الأوقات وخبر التحية بالعكس فلم رجح تخصيص خبر النهي ؟ أجيب : بأن التخصيص دخله بما مر من الأخبار في صلاة العصر وصلاة الصبح وبالإجماع على جواز صلاة الجنازة بعدهما .
وأما خبر التحية فهو على عمومه ولهذا أمر A الداخل في يوم الجمعة في حال الخطبة بالتحية بعد أن قعد ولو كانت تترك في وقت لكان هذا الوقت لأنه يمتنع حال الخطبة من الصلاة إلا التحية ولأنه تكلم في الخطبة وبعد أن قعد الداخل وكل هذا مبالغة في تعميم التحية ذكر ذلك في " المجموع " .
قال الروياني : ولو قرأ آية سجدة في وقت جواز الصلاة ثم سجد في وقت الكراهة لم يجزه أي إذا تحرى السجود فيه وإلا فهو أولى بالجواز مما إذا قرأها وقت الكراهة . " .
وإلا في حرم مكة على الصحيح " لخبر : ( يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار ) رواه الترمذي وغيره وقال : حسن صحيح ولما فيه من زيادة فضل الصلاة فلا تكره بحال .
نعم هي خلاف الأولى كما في مقنع المحامي خروجا من الخلاف .
والثاني : أنها تكره لعموم الأخبار .
وحملت الصلاة المذكورة في هذا الحديث على ركعتي الطواف قال الإمام : وهو بعيد لأن الطواف سببهما فلا حاجة إلى تخصيص بالاستثناء .
وقيل : الاستثناء خاص بالمسجد الحرام . وقيل : بنفس البلد .
وخرج بحرم مكة حرم المدينة فإنه كغيره .
ثم شرع فيمن تجب عليه الصلاة ويعلم منه من لا تجب عليه وترجم لذلك بفصل فقال :