ثم شرع في الحالين الباقيين للمتحيرة فقال : " .
وإن حفظت " من عادتها " شيئا " ونسيت شيئا كأن ذكرت الوقت دون القدر أو بالعكس . " .
فلليقين " من الحيض والطهر " حكمه " وقضية كلامه أن هذه تسمى متحيرة .
قال ابن شهبة : والجمهور على خلافه ا . ه .
وقد علمت مما مر أن المتحيرة لها ثلاثة أحوال فكلام الجمهور محمول على المتحيرة المطلقة فلا ينافي ما ذكر . " .
وهي " أي المتحيرة الحافظة لأحد الأمرين " في " الزمن " المحتمل " للطهر والحيض " كحائض في الوطء " ونحوه مما مر " وطاهر في العبادات " لما سبق في المتحيرة المطلقة من وجوب الاحتياط . " .
وإن احتمل انقطاعا وجب الغسل لكل فرض " للاحتياط أيضا وإن لم يحتمله وجب الوضوء فقط . ويسمى محتمل الانقطاع طهرا مشكوكا فيه والذي لا يحتمله حيضا مشكوكا فيه مثال الحافظة للوقت دون القدر كأن تقول : كان حيضي يتبدئ أول الشهر فيوم وليلة منه حيض بيقين لأنه أقل الحيض ونصفه الثاني طهر بيقين لما مر أن أكثر الحيض خمسة عشر وما بين ذلك يحتمل الحيض والطهر ولا انقطاع .
ومثال الحافظة للقدر دون الوقت كأن تقول : حيضي خمسة في العشر الأول من الشهر لا أعلم ابتداءها وأعلم أني في اليوم الأول طاهر فالسادس حيض بيقين والأول طهر بيقين كالعشرين الأخيرين والثاني إلى آخر الخامس محتمل للحيض والطهر والسابع إلى آخر العاشر محتمل لهما وللانقطاع .
تنبيه : .
قال الأصحاب : إن الحافظة للقدر إنما تخرج عن التحير المطلق إذا حفظت قدر الدور وابتداءه وقدر الحيض كما مثلنا فلو قالت : حيضي خمسة وأضللتها في دوري ولا أعرف غير ذلك فلا فائدة في حفظها لاحتمال الحيض والطهر والانقطاع في كل زمن وكذا لو قالت : حيضي خمسة ودوري ثلاثون ولا أعرف ابتداءه وكذا لو قالت : حيضي خمسة وابتداؤه يوم كذا ولا أعرف قدر دوري .
نعم لو صامت رمضان وكان حيضها خمسة في ثلاثين فيصح لها خمسة وعشرون إن علمت أن حيضها كان يبتدئها في الليل وكان رمضان تاما فإن علمت أنه كان يبتدئها بالنهار أو شكت حصل لها أربعة وعشرون يوما وتقضي الخمسة في أحد عشر يوما نقله في " المجموع " عن الأصحاب . ولو قالت : كنت أخلط شهرا بشهر حيضا فلحظة من أول كل شهر ولحظة من آخره حيض يقينا وما بين الأولى ولحظة من آخر الخامس عشر يحتمل الثلاثة وهذه اللحظة مع لحظة من أول ليلة السادس عشر طهر يقينا ثم إلى اللحظة من آخر الشهر يحتمل الحيض والطهر دون الانقطاع . " .
والأظهر " الجديد " أن دم الحامل " حيض وإن ولدت متصلا بآخره بلا تخلل نقاء لإطلاق الآية السابقة والأخبار ولأنه دم متردد بين دمي الحبلة والعلة والأصل السلامة من العلة وإن لم تنقض به العدة لأنها لطلب براءة الرحم وهي لا تحصل بالأقراء مع وجود الحمل على أنها قد تنقضي بها وذلك فيما إذا كان الحمل من زنا كأن فسخ نكاح صبي بعيب أو غير ( 1 / 119 ) بعد دخوله بزوجته وهي حامل من زنا أو تزوج الرجل حاملا من زنا وطلقها بعد الدخول لأن حمل الزنا كالمعدوم .
ووقع في " المجموع " أنه مثل لذلك بموت صبي عن زوجته وهي حامل من زنا واعترض عليه في ذلك لأن زوجة الميت إنما تعتد بالأشهر لا بالأقراء . والثاني هو القديم : أنه ليس بحيض بل هو حدث دائم كسلس البول لأن الحمل يسد مخرج الحيض وقد جعل دليلا على براءة الرحم فدل على أن الحامل لا تحيض .
وأجاب الأول : بأنه إنما حكم الشارع ببراءة الرحم به لأنه الغالب . " .
و " الأظهر أن " النقاء بين " دماء " أقل الحيض " فأكثر " حيض " تبعا لها بشروط : وهي أن لا يجاوز ذلك خمسة عشر يوما ولم تنقص الدماء عن أقل الحيض وأن يكون النقاء محتوشا بين دمي حيض فإذا كانت ترى وقتا دما ووقتا نقاء واجتمعت هذه الشروط حكمنا على الكل بأنه حيض وهذا يسمى قول المحب .
والثاني : أن النقاء طهر لأن الدم إذا دل على الحيض وجب أن يدل النقاء على الطهر وهذا يسمى قول اللفظ وقول التلفيق . أما النقاء بعد آخر الدماء فطهر قطعا وإن نقصت الدماء عن أقل الحيض فهي دم فساد وإن زادت مع النقاء بينها على خمسة عشر يوما فهي دم استحاضة .
ومحل الخلاف في الصلاة والصوم ونحوهما فلا يجعل النقاء طهرا في انقضاء العدة إجماعا وفيما إذا زاد النقاء على الفترات المعتادة بين دفعات الحيض أما الفترات فهي حيض قطعا .
والفرق بين الفترة والنقاء - كما قاله في زوائد الروضة - أن الفترة هي الحالة التي ينقطع فيها جريان دم ويبقى أثر لو أدخلت قطنة في فرجها لخرجت ملوثة والنقاء أن تخرج نقية لا شيء عليها . والدم بين التوأمين حيض كالخارج بعد عضو انفصل من الولد المجتن لخروجه قبل فراغ الرحم كدم الحامل بل أولى بكونه حيضا إذ إرخاء الدم بين الولادتين أقرب منه قبلهما لانفتاح الرحم بالولادة .
تنبيه : .
قال ابن الفركاح : إن نسخة المصنف : " والنقاء بين الدم حيض " ثم أصلحه بعضهم بقوله : " بين أقل الحيض " لأن الراجح أنه إنما ينسحب إذا بلغ مجموع الدماء أقل الحيض ا . ه .
قال الولي العراقي : وهذه النسخة التي شرح عليها السبكي .
وقال ابن النقيب : وقد رأيت نسخة المصنف التي بخطه وقد أصلحت كما قال بغير خطه