" فإن تيقن المسافر " أو المقيم - فالتعبير بالمسافر جرى على الغالب - " فقده " أي الماء حوله " تيمم بلا طلب " بفتح اللام ويجوز إسكانها لأن طلب ما علم عدمه عبث كما إذا كان في بعض رمال البوادي . وقيل : لا بد من الطلب لأنه لا يقال لمن لم يطلب لم يجد . " وإن توهمه " قال الشارح : أي وقع في وهمه أي ذهنه أي جوز ذلك ا . ه . يعني تجويزا راجحا : وهو الظن أو مرجوحا : وهو الوهم أو مستويا : وهو الشك فليس المراد بالوهم هنا الثاني بل وهو صحيح أيضا . ويفهم منه : إنه يطلب عند الشك والظن بطريق الأولى وإنما حول الشارع ذلك ليصير منطوقا وليس في ذلك كبير أمر فقد قال الله تعالى ( 1 / 88 ) : ( فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ) ويفهم منه النهي عن الضرب ونحوه بطريق الأولى . " طلبه " بعد دخول الوقت وجوبا مما توهمه فيه لأن التيمم طهارة ضرورة ولا ضرورة مع الإمكان وله طلبه بوكيله الموثوق به حتى لو أرسل جماعة واحدا ثقة يطلب لهم كفاهم ولو أذن قبل الوقت ليطلب له بعد الوقت كفى أيضا .
ولو أخبره فاسق أن الماء بمكان معين لم يعتمده وإن أخبره أنه ليس به ماء اعتمده لأن العدم هو الأصل بخلاف الوجدان قاله الماوردي و الروياني .
أما طلب غيره له بغير إذنه أو بإذنه ليطلب له قبل الوقت أو أذن له قبل الوقت وأطلق فطلب له قبل الوقت أو شاكا فيه لم يكف جزما .
فإن طلب له في مسألة الإطلاق في الوقت ينبغي أن يكفي كنظيره في المحرم يوكل رجلا ليعقد له النكاح ثم رأيت شيخنا نبه على ذلك . " من رحله " بأن يفتش فيه إن لم يتحقق العدم فيه وهو منزل الشخص من حجر أو خشب أو نحو ذلك ويطلق أيضا على ما يستصحبه الشخص من أثاث ويجمع في الكثرة على رحال وفي القلة على أرحل . " ورفقته " بتثليث الراء سموا بذلك لإرفاق بعضهم ببعض وهم الجماعة ينزلون جملة ويرحلون جملة والمراد بهم المنسوبون إليه . ولا يجب أن يطلب من كل واحد بعينه بل يكفيه أن ينادي نداء عاما فيهم بنفسه أو مأذونه - كما مر - بأن يقول : من معه ماء يبيعه أو يجود به أو نحو ذلك ويستوعبهم إذا كثروا إلا أن يضيق الوقت عن تلك الصلاة . وقيل : يستوعبهم وإن خرج الوقت . وقيل : إلا أن يضيق الوقت عن ركعة . " ونظر حواليه " من الجهات الأربع إن لم يجده فيما ذكر إلى الحد الآتي " إن كان بمستو " من الأرض ويخص موضع الخضرة وإجماع الطيور بمزيد احتياط ولا يلزمه المشي . وقيل : يمشي قدر غلوة سهم . " .
فإن احتاج إلى تردد " بأن كان ثم وهدة أو جبل أو نحو ذلك " تردد " إن أمن نفسا ومالا وعضوا واختصاصا محترما وانقطاعا عن رفقة ولم يضق الوقت عن تلك الصلاة إلى حد تسمع استغاثته بأن يسمعها رفقته لو استغاث بهم مع ما هم فيه من تشاغلهم بأشغالهم وتفاوضهم في أقوالهم وهذا هو مراد المصنف بقوله : " قدر نظره " أي في المستوى . والشرح الصغير " بغلوة سهم " : أي غاية رميه وهذا يسمى حد الغوث . قال في " المجموع " : وليس المراد أن يدور الحد المذكور لأن ذلك أكثر ضررا عليه من إتيان الماء في الموضع البعيد بل المراد أن يصعد جبلا أو نحوه بقربه ثم ينظر حواليه ا . ه . " .
ويقال : " حوليه " بلا ألف و " حوله " و " حواله " بزيادة ألف وهذا هو مراد من عبر بالتردد إليه فإنه لم يأمن على شيء مما ذكر سواء أكثر المال أم قل أو ضاق وقت الصلاة بأن لم يبق منه ما يسعها لم يجب التردد للضرر وللوحشة في انقطاعه وإخراج بعض الصلاة عن وقتها بخلاف واجد الماء لو خاف فوات الوقت لو توضأ فإنه يجب عليه الوضوء ولا يتيمم لأنه ليس بفاقد للماء