أخرج ابن أبى حاتم عن الربيع النصارى أتوا إلى النبي A فخاصموه في عيس فأنزل الله : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } إلى بضع وثمانين أية منها وقال ابن إسحاق : حدثني مجمد ابن سهل بن أبي أمامه قال : لما قدم أهل نجران على الرسول A يسألونه عن عيس ابن مريم نزلت فيهم فاتحة آل عمران رأس الثمانين منها أخرجه البيهقي في الدلائل .
قوله تعالى : { قل للذين كفروا ستغلبون } روى أبو داود في سننه من طريق ابن أسحق عن محمد ابن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس [ أن الرسول A لما أصاب من أهل بدر ما أصاب ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال : يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بما أصاب قريش فقالوا يا محمد لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا ] فأنزل الله { قل للذين كفروا ستغلبون } - إلى قوله { لأولي الأبصار } .
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة : قال فنحاص اليهودي يوم بدر : لا يغرن محمد أن قتل قريش وغلبها إن قريشا لا تحسن القتال فنزلت الآية .
قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين أوتوا } الآية أخرج ابن أبي حاتم و ابن المنذر عن عكرمة عن ابن عباس قال : [ دخل رسول A بيت المدارس على جماعة من اليهود فدعاهم إلى الله فقال له نعيم بن عمرو والحرث بن يزيد : على أي دين أنت يا محمد ؟ قال : على ملة إبراهيم ودينه قال : فإن إبراهيم كان يهوديا فقال لهما رسول الله A : فهلما إلى التوراة فهي بيننا وبينكم فأبيا عليه ] فأنزل الله { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون } - إلى قوله - { يفترون } .
قوله تعالى { قل اللهم مالك الملك } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن قتاده قال : ذكر لنا أن رسول الله A سأل ربه أن يجعل ملك الروم وفارس في أمته فأنزل الله : { قل اللهم مالك الملك } آية .
قوله تعالى : { لا يتخذ } الآية أخرج ابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : كان الحجاج ابن عمرو حليف بكعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق وقيس بن زيد وقد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعد بن حثمة لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء النفر من اليهود واحذروا مباطنتهم لا يفتنوكم عن كم فأبوأفأنزل الله فيهم { لا يتخذ المؤمنون } - إلى قوله - { الله على كل شيء قدير } .
قوله تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله } الآية أخرج ابن المنذر عن الحسن قال : قال أقوام على عهد نبينا : والله يا محمد إنا لنحب ربنا { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني } الآية : .
قوله تعالى : { ذلك نتلوه عليك } أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : أتى رسول الله A راهبا نجران فقال أحدهما : من أبو عيسى ؟ وكان رسول الله A لا يعجل حتى يؤامر ربه فنزل عليه : { ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم } - إلى - { من الممترين } الآية .
وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس قال : [ إن رهطا من نجران قدموا على النبي A وكان فيهم السيد والعاقب فقالوا : ما شأنك تذكر صاحبنا ؟ قال : من هو ؟ فقالوا : عيسى تزعم أنه عبد الله فقال : أجل فقالوا : فهل رأيت مثل عيسى أو أنبئت به ؟ ثم خرجوا من عنده فجاء جبريل فقال : قل لهم إذا أتوك { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } - إلى قوله - { من الممترين } الآية ] .
( ك ) وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده أن رسول الله A كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه طس سلمان باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد النبي الحديث وفيه : فبعثوا إليه شرحبيل بن وداعة الهمداني وعبد الله بن شرحبيل الأصبحي وجبارا الحرثي فانطلقوا فأتوه فسألهم وسألوه فلم يزل بهم وبه المسألة حتى قالوا : ما تقول في عيسى ؟ قال : ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم فأصبح الغد وقد أنزل الله آيات { إن مثل عيسى عند الله } - إلى قوله - { فنجعل لعنة الله على الكاذبين } الآية .
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن الأزرق بن قيس [ قال : قدم على النبي A أسقف نجران والعاقب فعرض عليهما الإسلام فقالا : إنما كنا مسلمين قبلك قال : كذبتما إنه منع منكما الإسلام ثلاث قولكما إتخذ الله ولدا وأكلكما لحم الخنزير وسجودكما للصنم قالا : فمن أبو عيسى ؟ فما درى رسول الله A ما يرد عليهما حتى أنزل الله { إن مثل عيسى عند الله } - إلى قوله - { وإن الله لهو العزيز الحكيم } فدعاهما إلى الملاعنة فأبيا وأقرا بالجزية ورجعا ] .
قوله تعالى : { يا أهل الكتاب لم تحاجون } الآية روى ابن أسحق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال : إجتمعت نصارى نجران وأحبار اليهود عند رسول الله A فتنازعوا عنده فقال الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى : ما كان إبراهيم إلا نصرانيا فأنزل الله { يا أهل الكتاب لم تحاجون } الآية أخرجه البيهقي في الدلائل .
قوله تعالى : { وقالت طائفة } الآية روى ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قال عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد والحرث بن عوف بعضهم لبعض : تعالوا نؤمن بما أنزل الله على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع فيرجعون عن دينهم فأنزل الله فيهم { يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل } - إلى قوله - { واسع عليم } .
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أبي مالك قال : كانت اليهود تقول أحبارهم للذين من دونهم : لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم فأنزل الله { قل إن الهدى هدى الله } .
قوله تعالى { إن الذين يشترون } الآية روى الشيخان وغيرهما إن الأشعث قال : كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي A فقال : [ ألك بينة ؟ قلت لا فقال : لليهودي : أحلف فقلت يا رسول الله إذن يحلف فيذهب مالي ] فأنزل الله { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } إلى آخر الآية .
وأخرج البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلا أقام سلعة له في السوق فحلف بالله لقد أعطي بها مالم يعطي ليوقع بها رجل من المسلمين فنزلت هذه الآية { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري : لامنافاة بين الحديثين بل يحمل على أن النزول كان بالسببين معا .
وأخرج ابن جرير عن عكرمة : أن الآية نزلت في حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وغيرهما من اليهود الذين كتموا ما أنزل الله في التوراة وبدلوه وحلفوا أنه من عند الله قال الحافظ ابن حجر الآية محتملة ولكن العمدة في ذلك ما ثبت في الصحيح .
قوله تعالى : { ما كان لبشر } الآية أخرج ابن أسحق و البيهقي عن ابن عباس قال : قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله A ودعاهم إلى الإسلام : أتريد يا مجمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ؟ قال : معاذ الله فأنزل الله في ذلك { ما كان لبشر } - إلى قوله - { بعد إذ أنتم مسلمون } .
وأخرج عبد الرزاق في تفسيره عن الحسن قال : بلغني أن رجلا قال : يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك ؟ قال لا ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله فإنه لا يبغي أن يسجد لأحد من دون الله فأنزل الله { ما كان لبشر } - إلى قوله - { بعد إذ أنتم مسلمون } .
قوله تعالى : { كيف يهدي الله قوما } الآيات روى النسائي و ابن حبان و الحاكم عن ابن عباس قال : كان رجل من الأنصار أسلم ثم ندم فأرسل إلى قومه : أرسلوا إلى رسول الله A هل لي من توبة ؟ فنزلت { كيف يهدي الله قوما كفروا } - إلى قوله - { فإن الله غفور رحيم } فأرسل إليه قومه فأسلم .
وأخرج مسدد في مسنده و عبد الرزاق عن مجاهد قال : جاء الحارث ابن سويد فأسلم مع النبي A ثم كفر فرجع إلى قومه فأنزل الله فيه القرآن { كيف يهدي الله قوما كفروا } - إلى قوله - { غفور رحيم } فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه فقالالحارث : أنك والله ما علمت لصدوق وإن رسول الهه A لأصدق منك وأن الله لأصدق الثلاث فرجع فأسلم وحسن إسلامه .
قوله تعالى { ومن كفر فإن الله غني } الآية ( ك ) أخرج سعيد بن منصور عن عكرمة قال لما نزلت { ومن يبتغ غير الإسلام دينا } الآية قالت اليهود فنحن مسلمون فقال الرسول A : إن الله فرض على المسلمين حج البيت فقالوا : لم يكتب علينا وأبوا أن يحجوا فأنزل الله { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } .
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا } الآية أخرج الفرياني و ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت الأوس والخزرج في الجاهلية بينهم شر فبينما هم جلوس ذكروا ما بينهم حتى غضيوا وقام بعضهم إلى بعض في السلاح فنزلت { وكيف تكفرون } الآية والآيتان بعدها .
وأخرج ابن أسحق و أبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال : مر شاس بن قيس وكان يهوديا على نفر من الأوس والخزرج يتحدثون فغاظه ما رأى من تألفهم بعد العدواة فأمر شابا معه من يهود أن يجلس بينهم فيذكرهم يوم بعاث ففعل فتنازعوا وتفاخروا حتى وثب رجلان : أوس بن قظي من الأوس وجبار بن صخر من الخزرج فتقاولا وغضب الفريقان وتواثبوا للقتال فبلغ ذلك رسول الله A فجاء حتى وعظهم وأصلح بينهم فسمعوا وأطاعوا فأنزل الله في أوس وجبار ومن كان معهم { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب } الآية وفي شاس بن قيس { يا أهل الكتاب لم تصدون } الآية .
قوله تعالى { ليسوا سواء } الآية أخرج ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن منده في الصحابة عن ابن عباس قال : لما اسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبد ومن اسم من يهود معهم فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام قالت أحبار اليهود وأهل الكفر منهم : ما آمن بمحمد واتبعه إلا شرارنا ولو كانوا خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره فأنزل الله في ذلك { ليسوا سواء من أهل الكتاب } الآية .
وأخرج أحمد وغيره عن ابن مسعود [ قال : أخر رسول الله A صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : أما أنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ] وأنزلت هذه الآية { ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة } - حتى بلغ - { والله عليم بالمتقين } .
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا } أخرج ابن جرير و ابن أسحق عن ابن عباس قال : كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم } الآية .
قوله تعالى { وإذ غدوت } أخرج ابن أبي حاتم و أبو يعلى عن المسور ابن خزمة قال : قلت لعبد الرحمن بن عوف : أخبرني عن قصتكم يوم أحد ا فقال : اقرأ بعد العشرين ومائة من آل عمران تجد قصتنا { وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال } - إلى قوله - { إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا } قال : هم الذين طلبوا الأمان من المشركين إلى قوله { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه } قال : هو تمني المؤمنين لقاء العدو إلى قوله { أفإن مات أو قتل انقلبتم } قال : هو صياح الشياطين يوم أحد : قتال محمد إلى قوله { أمنة نعاسا } قال ألقى عليهم النوم .
وأخرج الشيخان عن جابر بن عبد الله قال : فينا نزلت في بني سلمة وبني حارثة { إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا } .
وأخرج ابن شيبة في المصنف و ابن أبي حاتم عن الشعبي : أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين فشق عليهم فأنزل الله { ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم } - إلى قوله { مسومين } فبلغت كرزا الهزيمة فلم يمد المشركين ولم يمد الله المسلمين بالخمسة .
قوله تعالى : { ليس لك من الأمر شيء } الآية روى أحمد و مسلم عن أنسى أن النبي A كسرت رباعيته يوم أحد وشج في وجه حتى سال الدم من وجه فقال : كيف يفلح قوم فعلوا هذا بينهم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } الآية وروى أحمد و البخاري عن ابن عمر : سمعت رسول الله A يقول : [ اللهم العن فلانا اللهم العن الحرث بن هشام اللهم العن سهيل بن عمرو اللهم العن صفوان بن أمية ] فنزلت هذه الآية { ليس لك من الأمر شيء } إلى آخرها فتيب عليهم كلهم .
وروى البخاري عن أبي هريرة نحوه قال الحافظ ابن حجر : طريق الجمع بين الحديثين : أنه A دعا على المذكورين في صلاته بعد ما وقع له من الأمر المذكور يوم أحد فنزلت الآية في الأمرين معا فيما وقع له وفيما نشأعنه من الدعاء عليهم قال : لكن يشكل على ذلك ما وقع في مسلم من حديث أبي هريرة : [ أنه A كان يقول في الفجر : اللهم العن رعلا وذكوان وعصية ] حتى أنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } ووجه الإشكال أن الآية نزلت في قصة أحد وقصة رعل وذكوان بعدها ثم ظهرت لي علة الخبر وأن فيه إدراجا فإن قوله حتى أنزل الله منقطع من رواية الزهري عمن بلغه بين ذلك مسلم وهذا البلاغ لا يصح فيما ذكرته قال : ويحتمل أن يقال أن قصتهم كانت عقب ذلك وتأخر سبب الآية عن سببها قليلا ثم نزلت في جميع ذلك قلت : وورد في سبب نزولها أيضا ما أخرجه البخاري في تاريخه و ابن أسحق عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : جاء رجل من قريش إلى النبي A فقال : إنك تنهى عن السب ثم تحول فحول قفاه إلى النبي A وكشف أسته فلعنه ودعا عليه فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } .
الآية ثم أسلم الرجل فحسن إسلامه مرسل غريب .
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا } أخرج الفريابي عن مجاهد قال : كانوا يتابعيون إلى الأجل فإذا حل الأجل زادوا عليهم وزادوا في الأجل فنزلت { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } وأخرج أيضا عن عطاء قال : كانت ثقيف تداين بني النضير في الجاهلية فإذا جاء الأجل قالوا : نربيكم وتؤخرون عنا ؟ فنزلت { لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } .
قوله تعالى { ويتخذ منكم شهداء } أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما أيطأ على النساء الخبر خرجن ليستخبرن فإذا رجلان مقبلان على البعير فقالت امرأة : ما فعل رسول الله A ؟ قالا : حي قالت : فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء فنزل القرآن على ما قالت { ويتخذ منكم شهداء } .
قوله تعالى : { ولقد كنتم } الآية أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس : أن رجالا من الصحابة كانوا يقولون : ليتنا نقتل كما قتل اصحاب بدر أو : ليت لنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبلى فيه خيرا أو نلتمس الشهادة والجنة أو الحياة والرزق فأشهدهم الله أحدا فلأم يلبثوا إلا من شاء الله منهم فأنزل الله { ولقد كنتم تمنون الموت } الآية .
قوله تعالى : { وما محمد إلا رسول } الآية أخرج المنذر عن عمر قال : تفرقنا عن رسول الله A يوم أحد فصعدت الجبل فسمعت يهود : تقول قتل محمد فقلت : لا أسمع أحدا يقول : قتل محمد إلا ضربت عنقه فنظرت فإذا رسول الله A والناس يتراجعون فنزلت { وما محمد إلا رسول } الآية .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : لما أصابهم يوم أحد من القرح وتداعوا نبي الله قالوا : قد قتل فقال أناس : لو كان نبيا ما قتل وقال أناس : قاتلوا على ما قاتل على نبيكم حتى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به فأنزل الله { وما محمد إلا رسول } الآية .
وأخرج البيهقي في الدلائل في مسنده عن الزهري : أن الشيطان صاح يوم أحد أن محمد قتل قال كعب بن مالك : وأنا أول من عرف رسول الله A : رأيت عينيه من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي : هذا رسول الله A فأنزل الله { وما محمد إلا رسول } الآية .
قوله تعالى : { ثم أنزل عليكم } الآيات أخرج ابن راهويه عن الزبير قال : لقد رأيتني يوم أحد حين اشتد علينا الخوف وأرسل علينا النوم فما منا أحد إلا ذقنه في صدره فوا لله إني لسمع كالحلم قول معتب بن قشير : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتالنا ههنا فحفظتها فأنزل الله في ذلك { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا } - إلى قوله - { والله عليم بذات الصدور } .
قوله تعالى : { وما كان لنبي أن يغل } الآية أخرج أبو داود و الترمذي و حسنة عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض الناس : لعل رسول الله A أخذها فأنزل الله { وما كان لنبي أن يغل } إلى آخر الآية .
وأخرج الطبراني في الكبير بسند رجال ثقات عن ابن عباس قال : بعث النبي A جيشا فردت رايته ثم بعث فردت ثم بعث فردت بغلول رأس غزال من ذهب فنزلت { وما كان لنبي أن يغل } .
قوله تعالى { أو لما أصابتكم مصيبة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن عمر ابن الخطاب قال : عوقبوا يوم أحد بما صبعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعة وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلكم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم عل وجه فأنزل الله { أو لما أصابتكم مصيبة } الآية .
قوله تعالى : { ولا تحسبن } الآية روى أحمد و أبو داود و الحاكم عن ابن عباس قال : [ قال رسول الله A : لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الحنة وتاكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقليهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله : أنا ابلغهم عنكم ] فأنزل الله هذه الآية { ولا تحسبن الذين قتلوا } الآية وما بعدها روى الترمذي عن جابر نحوه .
قوله تعالى : { الذين استجابوا } الآية أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس [ قال : أن الله قذف الرعب في قلب أبي سفيان يوم أحد بعد الذي كان منه فرجع إلى مكة فقال النبي A : إن أبي سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب ] وكانت وقعة أحد في شوال وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى وانهم قدموا بعد وقعة أحد وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك فندب النبي A الناس لينطلقوا معه فجاء الشيطان فخوف أولياءه فقال : أن الناس قد جمعوا لكم فأبى عليه الناس أن يتبعوه فقال : إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد فانتدب معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وسع وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو العبيدة بن الجراح في سبعين رجلا فساروا في طلب أبو سفيان فطلبوه حتى بلغوا الصفراء فإنزل الله { الذين استجابوا لله والرسول } الآية .
( ك ) وأخرج الطبراني يسند صحيح عن ابن عباس قال : لما رجع المشركون من أحد قالوا : لا محمد قتلتم ولا الكواعب أردفتم بئس ما صنعتم ارجعوا فسمع رسول الله فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد أو بئر أبي عتبة فأنزل الله { الذين استجابوا لله والرسول } الآية وقد كان أبو سفيان قال للنبي A : موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا فأما الجبان فرجع وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة فأتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا فأنزل الله { فانقلبوا بنعمة من الله } الآية .
وأخرج ابن مردويه عن أبى رافع [ أن النبي A وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال : إن القوم قد جمعوا لكم قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ] فنزلت فيهم هذه الآية .
قوله تعالى : { لقد سمع الله } أخرج ابن أسحق و ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : دخل أبو بكر بيت المدارس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص فقال له : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه غلينا لفقير ولو كان غنيا عنا ما استقرض من كما يزعم صاحبكم فغضب أبو بكر فضرب وجه فذهب فنحاص إلى رسول الله A فقال : يا محمد ما صنع صاحبن بي فقال : يا أبا بكر ما حملك على ما صنعت ؟ قال : يا رسول الله قال قولا عظيم يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء فجحد فنحاص فأنزل اله { لقد سمع الله قول الذين قالوا } الآية .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتت اليهود النبي A حين أنزل الله { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } فقالوا يا محمد افتقر ربك يسال عباده ؟ فأنزل الله { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير } الآية .
قوله تعالى { ولتسمعن } الآية روى ابن أبي حاتم و ابن المنذر بسند حسن عن ابن عباس أنها نزلت فيما كان بين أبو بكر وفنحاص من قوله : إن الله فقبر ونحن اغنياء وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أنها نزلت في كعب بن الأشراف فيما كان يهجو الرسول A وأصحابه من الشعر .
قوله تعالى : { لا تحسبن الذين يفرحون } الآية روى الشيخان وغيرهما من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن مروان قال لبوابه : أذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأجب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون فقال ابن عباس : ما لكم وهذه إنما نزلت هذه الآية في أهل الكتاب سألهم الرسول A عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا قد اروه أنهم قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه .
وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري أن رحالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عللاه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه فرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله A فإذا قدم اعتذروا إليه وحلفوا : وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } الآية .
اخرج عبد في تفسير عن زيد بن أسلم : أن رافع بن خديج وزيد بن ثابت كانا عند مروان فقال : يا رافع في أي شيء نزلت هذه الآية { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } قال رافع : في أناس من المنافقين كانوا إذا خرج النبي A اعتذروا قالوا : ما حبسنا عنكم إلا شغل فلوددنا أنا معكم فأنزل الله فيهم هذه الآية وكأن مروان أنكر ذلك فجزع رافع من ذلك فقال لزيد بن ثابت : أنشدك بالله هل تعلم ما أقول ؟ قال نعم قال الحافظ ابن حجر : يجمع بين قول ابن عباس بأنه يمكن أن تكون نزلت في الفريقين معا قال : وحكى الفراء أنها نزلت في قول اليهود : نحن أهل الكتاب الأول والصلاة والطاعة ومع ذلك لا يقرون بمحمد وروى ابن أبي حاتم من طريق عن جماعة من التابعين نحو ذلك ورجحه ابن جربر ولا مانع أن تكون نزلت في كل ذلك أنتهي .
قوله تعالى { إن في خلق السموات } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتت قريش اليهود فقالوا : كيف عيسى ؟ قالوا : بم جاءكم موسى من الآيات ؟ قالوا عصاه وبد بيضاء للناظرين وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى قالوا يبرئ الأكمة والأبرص ويحي الموتى فأتوا النبي A فقالوا : أدع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا فدعا ربه فنزلت هذه الآية { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب } فليتفكروا فيها .
قوله تعالى { فاستجاب لهم } الآية أخرج عبد الرزاق و سعيد بن منصور و الترمذي و الحاكم و ابن أبي حاتم عن أم سلمة أهل قالت : يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة في شيء فأنزل الله { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى } إلى آخر الآية .
قوله تعالى : { وإن من أهل الكتاب } الآية روى النسائي عن أنس لما جاء نعي النجاشي [ قال رسول الله A : صلوا عليه قالوا : يا رسول الله نصلي على عبد حبشي ] فأنزل الله { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله } وروى ابن جابر وفي المستدرك عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت في النجاشي { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله } الآية