وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : بلغنا أنهم قالوا : يا رسول الله لم خلقت الأهلة ؟ فأنزل الله { يسألونك عن الأهلة } .
وأخرج أبو نعيم و ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس : أن معاذ بن جبل و ثعلبة بن غنمة قالا : يا رسول الله ما بال الهلال يبدو أو يطلع دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان لا يكن على حال واحد ؟ فنزلت { يسألونك عن الأهلة } .
قوله تعالى { ليس البر } الآية روى البخاري عن البراء قال : كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره فأنزل الله { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } الآية .
وأخرج ابن أبي حاتم و الحاكم وصححه عن جابر [ قال : كانت قريش تدعى الحمس وكانوا يدخلون من الأبواب في الاحرام وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الأحرام فبينا رسول الله A في بسيان إذ خرج من بابه ومعه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا يا رسول الله : أن قطبة بن عامر رجل فاجر وإنه خرج معك من الباب فقال له : ما حملك على ما فعلت ؟ قال رأيتك فعلته ففعلت قال : أني رجا أحمسي قال له فأن ديني من دينك ] فأنزل الله { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } الآية .
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس نحوه وأخرج الطيالسي في مسنده عن البراء قال كانت الأنصار إذا قدموا من سفر لم يدخل الرجل من بابه فنزلت هذه الآية .
وأخرج عبد بن حميد عن قيس بن حبترالنهلشي [ قال : كانوا إذا أحرموا لم يأتوا بيتا من وكانت الحمس بخلاف ذلك فدخل الرسول A حائطا ثم خرج من بابه فأتبعه رجل يقال له رفاعة بن تابوت ولم يكن من الحمس فقالوا : يا رسول الله نافق رفاعة فقال ما حملك على ما صنعت ؟ قال تبعتك فقال إني من الحمس قال : فإن ديننا واحد ] فنزلت { ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } .
قوله تعالى : { وقاتلوا في سبيل الله } أخرج الواحدي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في صلح الحديبية وذلك أن رسول الله A لما صد عن البيت ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه القابل فلم كان العام القابل تجهز هو وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي قريش بذلك وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام فأنزل الله ذلك .
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : أقبل نبي الله A وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون وصالحهم النبي A على أن يرجع من عامه ذلك ثم يرجع من العام المقبل فلما كان العام المقبل أقبل وأصحابه حتى دخلوا مكة معتمرين في ذي القعدة فأقام بها ثلاث ليال وكان المشركون قد فخروا عليه حين وروده فأقصه الله منهم فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه فأنزل الله { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } .
قوله تعالى : { أنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } روى البخاري عن حذبفة قال : نزلت هذه الآية في النفقة .
وأخرج أبو داود و الترمذي وصححه و ابن حبان و الحاكم وغيرهم عن أبي أيوب الأنصاري قال : نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه قال بعضنا لبعض سرا : إن أموالنا قد ضاعت وإن الله قد أعز الإسلام فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله يرد علينا ما قلنا { أنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو .
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي جبيرة بن الضحاك قال : كانت الأنصار يتصدقون ويعطون ما شار الله فأصابتهم سنة فأمسكوا فأنزل الله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } .
وأخرج أيضا بسند صحيح عن النعمان بن بشير قال : كان الرجل يذنب الذنب فيقول : لا يغفر الله لي فأنزل الله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وله شاهد عن البراء وأخرجه الحاكم .
قوله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } أخرج ابن أبي حاتم عن صفوان ابن أمية [ قال : جاء رجل إلى النبي A متضخما بالزعفران عليه جبة فقال كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي ؟ فأنزل الله { وأتموا الحج والعمرة لله } فقال : أين السائل عن العمرة ؟ قال : هاأنذا فقال له الرسول A ألق عنك ثيابك ثم اغتسل واستنشق ما استطعت ثم ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك ] .
قوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا } الآية روى البخاري عن كعب بن عجرة أنه سئل عن قوله { ففدية من صيام } [ قال : حملت إلى النبي A والقمل يتناثر على وجهي فقال : ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا أما تجد شاه ؟ قلت : لا قال صم ثلاث أيام وأطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام واحلق رأسك فنزلت في خاصة وهي لكم عامة ] .
وأخرج أحمد عن كعب [ قال : كنا مع النبي صلى الله عليه مسلم بالحديبية ونحن محرمون وقد حصر المشركون وكانت لي وفرة فجعلت الهوام تساقط على وجهي فمر بي النبي A فقال : أيؤذيك هوام رأسك فأمره أن يحلق ] فقال : ونزلت هذه الآية { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } .
وأخرج الواحدي من طريق عطاء عن ابن عباس قال : لما نزلنا الحديبية جاء كعب بن عجرة تناثر هوام رأسه على وجه فقال : يا رسول الله هذا القمل قد أكلني فأنزل الله في ذلك الموقف { فمن كان منكم مريضا } الآية .
قوله تعالى : { وتزودوا } الآية روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن متوكلون فأنزل الله : { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } .
قوله تعالى : { ليس عليكم جناح } الآية روى البخاري عن ابن عباس قال : كانت عاض ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في الموسم فسألوا رسول الله A عن ذلك فنزلت { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } في موسم الحج .
وأخرج حمد و ابن أبي حاتم و ابن جرير و الحاكم وغيرهم عن أبي أمامة التيمي [ قال : قلت لابن عمر : إنا نكري فهل لنا من حج ؟ فقال ابن عمر : جاء رحل إلى النبي A فسأله عن الذي سألتني عنه فلم يجنه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } فدعاه النبي A فقال : أنتم حجاج ] .
قوله تعالى : { ثم أفيضوا } أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كانت العرب تقف بعرفة وكانت قريش تقف دون ذلك بالمزدلفة فأنزل الله { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } .
قوله تعالى { فإذا قضيتم } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم يقول الرجل منهم : كان أبي يطعم ويحمل الحمالات ويحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله } الآية .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا عند الجمرة وذكروا آباءهم وفعال آبائهم فنزلت هذه الآية .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون : اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاء وحسن لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا فأنزل الله فيهم : { فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق } ويجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون : { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب } .
قوله تعالى : { ومن الناس من يعجبك } الآية أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : لما أصيب السرية التي فيها عاصم ومرئد قال رجلان : من المنافقين : يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا لا هم قعدوا في أهليهم ولا هم ادوا رسالة صاحبهم فنزل الله { ومن الناس من يعجبك قوله } الآية .
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : نزلت في الأخنسن شريق أقبل إلى النبي A وأظهر الإسلام فأعجبه ذلك منه ثم خرج فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنزل الله الآية .
قوله تعالى : { ومن الناس من يشري نفسه } الآية أخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده و ابن أبي حاتم عن سعيد بن مسيب [ قال : أقبل صهيب مهاجرا إلى النبي A فأتبعه نفر من قريش فنزل عن راحلته وانتشل ما في كنانته ثم قال : يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا وأيم الله لا تصلون إلى حتى أرمي كل سهم معي في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم دللتكم على مالي بمكة وخليتم سبيلي قالوا : نعم فلما قدم النبي A قال : ربح البيع أبا يحي ربح أبا يحي ] ونزلت { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد } .
وأخرج الحاكم في المستدرك نحوه من طريق ابن المسيب عن صهيب موصولا وأخرج أيضا نحوه من مرسل عكرمة وأخرجه أيضا من الطريق جاد بن سلمة عن ثابت عن أنس وفيه التصريح بنزول الآية وقال : صحيح على شرط مسلم وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : نزلت في صهيب وأبي ذر وجندب ابن السكن أحد أهل أبي ذر .
قوله تعالي : { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم } الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة قال : قال عبد الله بن سلام وثعلبة وابن يامين أسد وأسيد ابنا كعب وسعد بن عمرو وقبس بن زيد كلهم من يهود : يا رسول الله يوم السبت يوم نعظمه فدعنا فلنقم بها الليل فنزلت { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة } الآية .
قوله تعالى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة } الآية قال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن قتادة قال : نزلت هذه الآية في يوم الأحزاب أصاب النبي A يومئذ بلاء وحصر .
قوله تعالى : { يسألونك ماذا ينفقون } الآية أخرج ابن جرير عن ابن جريح قال : سأل المؤمنون رسول الله A أين يضعون أموالهم فنزلت { يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير } الآية .
وأخرج ابن المنذر عن أبي حيان أن عمر بن الجموح سأل النبي A : ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها ؟ فنزلت .
قوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام } الآية أخرج ابن جرير و أبن أبي حاتم و الطبراني في الكبير و البيهقي في سننه عن جندب بن عبد الله أن رسول الله A يعث رهطا وبعث عليهم عبد الله بن جحش فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه ولم يدروا أن ذلك من رجب أو جمادي فقال المشركون للمسلمين : قتلتم في الشهر الحرام فأنزل الله { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه } الآية فقال بعضهم : إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر فأنزل الله { إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم } وأخرجه ابن منده في الصحابة من طريق ابن عثمان ابن عطاء عن أبيه عن ابن عباس .
قوله تعالى : { يسألونك عن الخمر } يأتي حديثها في سورة .
قوله تعالى { يسألونك ماذا ينفقون } أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس أن نفرا من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي A فقالوا : إنا لا ندري ما النفقة التي أمرنا بها في أموالنا فما ننفق منها ؟ فأنزل الله { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو } وأخرج أيضا عن يحي أنه بلغه أن معاذ بن جبل وثعلبة أتيا رسول الله A فقالا : يا رسول الله إن لنا أرقاء وأهلين فما ننفق من أموالنا فأنزل الله هذه الآية .
قوله تعالى : { ويسألونك عن اليتامى } أخرج أبو داود و النسائي و الحاكم وغيرهم عن ابن عباس قال : لما نزلت { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } و { إن الذين يأكلون أموال اليتامى } الآية إنطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله A فأنزل الله { ويسألونك عن اليتامى } الآية .
وقوله تعالى { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } أخرج ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الواحدي عن مقاتل قال نزلت هذه الآية في ابن أبي مرثد الغنوي إستأذن النبي A في عناق أن يتزوجها وهي مشركة وكانت ذات حظ وجمال فنزلت .
قله تعالى { ولأمة مؤمنة } الآية أخرج الواحدي عن طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس نزلت هذه الآية في عبد الله بن رواحة كاتت له أمة سوداء وأنه غضب عليها فلطمها ثم أنه فزع فأتى النبي A فأخبره وقال لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل فطعن عليه ناس وقالوا ينكح أمة فأنزل الله هذه الآية وأخرجه ابن جرير عن السدي منقطعا .
قوله تعالى { ويسألونك عن المحيض } الآية روى الترمذي ومسلم عن أنس [ أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله علي وسلم فأنزل الله { ويسألونك عن المحيض } الآية فقال : اصنعوا كل شئ إلا النكاح ] .
وأخرج البرودي في الصحابة من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس أن ثابت بن الدحداح سأل النبي A فنزلت { ويسألونك عن المحيض } الآية وأخرج ابن جرير عن السدي نحوه .
قوله تعالى : { نساؤكم حرث لكم } الآية روى الشيخان و أبو داود و الترمذي عن جابر قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } .
وأخرج أحمد و الترمذي عن ابن عباس قال : [ جاء عمر إلى الرسول الله صلى اله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هلكت قال : وما أهلكك ؟ قال : حولت رحلي الليلة فلم يرد عليه شيئا ] فأنزل الله الآية { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } أقبل و أدبر واتق الدبر والحيضة .
وأخرج ابن جرير و ابن يعلي و ابن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري : أن رجل أصاب امرأته في دبرها فأنكر عليه الناس ذلك فنزلت { نساؤكم حرث لكم } الآية .
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال : أنزلت هذه الآية في إتيان النساء في أدبارهن وأخرج الطبرني في الأوسط بسند جيد عنه قال : إنما أنزلت على رسول الله A : { نساؤكم حرث لكم } رخصة في إتيان الدبر .
وأخرج أيضا عنه : أن رجلا أصاب امرأة في دبرها في زمن رسول الله A فأنكر الناس لك فأنزل الله { نساؤكم حرث لكم } .
وأخرج أبو داود و الحاكم عن ابن عباس قال : إن ابن عمر - والله يغفرله - وهم إنما كان أهل هذا الحي من الأنصار وهم وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب كانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب أنهم لا يأتون النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة وكان هذا الحي من الأنصار قد اخذوا بذلك وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع ذلك فأنكرته عليه وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف فسرى أمرهما فبلغ ذلك رسول الله A فأنزل الله { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني موضع الولد قال الحافظ بن حجر في شرح البخاري : السبب الذي ذكره ابن عمر في نزول الآية مشهور وكأن حديث أبي سعيد لم يبلغ ابن عباس وبلغه ابن عمر فوهمه فيه .
قوله تعالى : { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } الآية أخرج ابن جرير من طريق ابن جريح قال : حدثت أن قوله { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } الآية نزلت في أبي بكر في شأن مسطح .
قوله تعالى : { والمطلقات يتربصن } الآية أخرج أبو داود و ابن أبي حاتم عن أسماء بيت يزيد بن السكن الأنصارية قالت : طلقت على عهد الرسول A ولم يكن للمطلقة عدة فأنزل الله العدة للطلاق { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ذكر الثعلبي و هبة الله بن سلامة في الناسخ عن الكلبي و مقاتل أن إسماعيل بن عبد الله الغفاري طلق امرأته قتيلة على عهد رسول الله A ولم يعلم بحملها ثم علم فراجعها فولدت فماتت ومات ولدها فنزلت { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } .
قوله تعالى : { الطلاق مرتان } الآية أخرج الترمذي و الحاكم وغيرهما عن عائشة قالت : كان الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته : والله لا أطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدا قالت : كيف ذلك ؟ قال : أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله A فسكت حتى نزل القرآن { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } .
قوله تعالى : { ولا يحل لكم } الآية أخرج أبو داود في الناسخ والمنسوخ عن ابن عباس قال : كان الرجل يأكل مال امرأته من نحلة الذي نحلها وغيره لا يرى أن عليه جناحا فانزل الله { ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا } .
أخرج ابن جرير عن ابن جريح قال : نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس وفي حبيبة وكانت اشتكته إلى رسول الله A فقال : أتريدين عليه حديقته ؟ فقالت : نعم فذكر ذلك له قال : وتطيب لي بذلك قال نعم قال : قد فعلت فنزلت : { ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا } .
قوله تعالى : { فإن طلقها } الآية اخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حبان [ قال : نزلت هذه الآية في عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك كانت عند رفاعة بن وهب بن عتيك وهو ابن عمها فطلقها طلاقا بائنا فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي فطلقها فأتت النبي A فقالت : إنه طلقني قبل أن يمسني أفأرجع إلى الأول ؟ قال : لا حتى يمس ونزل فيها { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } فيجامعها { فإن طلقها } من بعد ما جامعها { فلا جناح عليهما أن يتراجعا } ] .
قوله تعالى : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف } الآية أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها ثم يطلقها يفعل ذلك يضرها ويعضلها فأنزل الله هذه الآية .
وأخرج السدي قال : نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة ثم طلقها مضارة فأنزل الله { ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا } .
قوله تعالى { ولا تتخذوا آيات الله هزوا } أخرج ابن أبي عمر في مسنده و ابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كان الرجل يطلق ثم يقول : لعبت ويعتق ثم يقول : لعبت فأنزل الله { ولا تتخذوا آيات الله هزوا } .
وأخرج ابن المنذر عن عبادة بن الصمت نحوه وأخرج ابن مردويه نحوه عن ابن عباس وأخرج ابن جرير نحوه عن المرسل الحسن .
قوله تعالى : { وإذا طلقتم النساء } الآية روى البخاري و أبو داود و الترمذي وغيرهم عن معقل بن يسار أنه زوج أخته رجل من المسلمين فكانت عنده ثم طلقها تطليقة ولم يراجعها حتى انقضت العدة فهويها وهوته فخطبها مع الخطاب فقال له : يا لكع أكرمتك بها وزوجتك وطلقتها والله لا ترجع إليك أبدا فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إليه فأنزل الله { وإذا طلقتم النساء فبلغن } - إلى قوله - { وأنتم لا تعلمون } فلما سمعها معقل قال : سمعا لربي طاعة ثم دعاه وقال : أزوجك وأكرمك وأخرجه ابن مردويه من طرق كثيرة .
ثم أخرج عن السدي قال : نزلت في جابر بن عند الله الأنصاري وكانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة فانقضت عدتها ثم رجع يريد رجعتها فأبا جابر فقال : طلقت ابنة عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية وكانت المرأة تريد زوجها قد راضته فنزلت هذه الآية ولأول أصح وهو أقوم .
قوله تعالى : { حافظوا على الصلوات } الآية أخرج أحمد عن البخاري في تاريخه و أبو داود و البيهقي و ابن جرير عن زيد بن ثابت أن النبي A كان يصلي الظهر بالهاجرة وكان أثقل الصلاة على أصحابه فنزلت { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } .
أخرج أحمد و النسائي و ابن جرير عن زيد بن ثابت إن النبي A كان يصلي الظهر في الهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } .
وأخرج ألأمة الستة وغيرهم عن زيد بن أرقم قال كنا نتكلم على عهد رسول الله A يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جانبه في الصلاة حتى نزلت { وقوموا لله قانتين } فأمرنا في السكوت ونهينا عن الكلام .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : كنوا يتكلمون في الصلاة وكان الرجل يأمر أخاه بالحاجة فأنزل الله { وقوموا لله قانتين } .
قوله تعالى : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } الآية أخرج إسحق ابن راهويه عن مقاتل بن حبان أن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة وله أولاد رجال ونساء ومعه أبواه وامرأته فمات في المدينة فرفع ذلك إلى النبي A فأعطى الوالدين وأعطى أولاده بال المعروف ولم يعطي امرأته شيئا غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول وفيه نزلت { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } الآية .
قوله تعالى : { وللمطلقات متاع بالمعروف } الاية أخرج ابن جرير عن أزيد قال : لما نزلت { ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين } قال رجل : إن أحسنت فعلت وإن لم أرد ذلك لم أفعل فأنزل الله { وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين } .
قوله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله } الآية روى ابن حبان في صحيحه وابن أبي حاتم و ابن مردويه عن ابن عمر [ قال : لما نزلت { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة } إلى آخرها قال رسول الله A : رب زد أمتي فنزلت { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } ] .
قوله تعالى { لا إكراه في الدين } روى أبو داود و النسائي و ابن حبان عن ابن عباس قال : كانت المرأة تكون مقلاة فتجعل عن نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا لا ندع أبناءنا فأنزل الله { لا إكراه في الدين } .
أخرج ابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : نزلت { لا إكراه في الدين } في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين كان له إبنان نصرانيان وهو مسلم فقال للنبي A : ألا أستكرههما فإنهما أبيا إلا النصرانية ؟ فنزلت هذه الآية .
قوله تعالى : { الله ولي الذين آمنوا } أخرج ابن جرير عن عبده بن أبي لبابة في قوله : { الله ولي الذين آمنوا } قال وهم الذين كانوا آمنوا بعيسى فلما جاءهم محمد A آمنوا به وأنزلت فيهم هذه الآية .
وأخرج عن مجاهد قال : كان قوم آمنوا في عيسى وقوم كفروا به فلما بعث الله محمد A آمن به الذين كفروا في عيسى وكفر به الذين آمنوا بعيسى فأنزل الله هذه الآية .
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } الآية روى الترمذي و الحاكم و ابن ماحه وغيرهم عن البراء قال : نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار .
كنا أصحاب نخل وكان الرجل يأتي من نخلة على قدر كثرته وقلته وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الصيص والحشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } الآية .
وروى أبو داود و النسائي و الحاكم عن سهل بن جنيف قال : كان الناس يتيممون شر ثمارهم يخرجونها في الصدقة فنزلت { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } وروى الحاكم عن جابر قال : أمر النبي A بزكاة الفطر بصاع من تمر فجاء رجل بتمر رديء فنزل القرآن { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } الآية .
قوله تعالى : { ليس عليك هداهم } روى النسائي و الحاكم و البزار و الطبراني وغيرهم عن ابن عباس قال : كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فسألوا فرخص لهم فنزلت هذه الآية { ليس عليك هداهم } - إلى قوله - { وأنتم لا تظلمون } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنا لنبي A كان بأمر أن لي يتصدق إلا على أهل الإسلام فنزلت { ليس عليك هداهم } الآية فأمر بالتصديق على كل من سأل من كل دين .
قوله تعالى : { الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار } الآية أخرج الطبراني و ابن أبي حاتم عن يزيد بن عبد الله بن غريب عن أبيه عن جده عن النبي A [ قال : نزلت هذه الآية { الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم } في أصحاب الخيل ] يزيد وأبوه مجهولان .
وأخرج عبدالرزاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم و الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب كانت معه أربعة دراهم فأنفق في الليل درهم وفي النهار درهم وفي السر درهم وعلانية درهما .
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسيب قال : الآية نزلت في عبد الرحمن بن عوف وعثمان في نفقتهما في جيش العسرة .
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا } الآية أخرج أبو يعلي في مسنده و ابن منده من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : بلغنا أن هذه الآية نزلة في بني عمرو بن عوف من ثقيف وفي بني المغيرة وكانت بنو المغيرة يربون لثقيف فلما أظهر الله رسوله على مكة وضع يومئذ الربا كله فأتى بنو عمرو وبنو المغيرة إلى عتاب بن أسد وهو على مكة فقال بنو المغيرة : أما جعلنا أشقى الناس بالربا ووضع عن الناس غيرنا فقال بنو عمرو : صولحنا أن لنا ربانا فكتب عتاب فذلك إلى رسول الله A فنزلت هذه الآية و التي بعدها .
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية في ثقيف منهم مسعود وحبيب وربيعة وعبد ياليل : بنم عمرو وبنو عمير .
قوله تعالى : { آمن الرسول } الآية روى أحمد و مسلم وغيرهم عن أبي هريرة [ قال لما نزلت { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } اشتد ذلك على الصحابة فأتوا رسول الله صلى الله علبه وسلم ثم جثوا على الركب فقالوا : قد أنزل الله عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصبنا ؟ بل قولوا : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فلما اقترفها القوم وذللت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها { آمن الرسول } الآية فلما فعلوا ذلك نسخها الله أنزل الله { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } آخرها ] وروى مسلم وغيره عن ابن عباس نحوه