حكم الإحرام لاجتياز الميقات : .
- 1 - إذا كان آفاقيا قاصدا مكة لنسك أو غيره فيجب أن لا يتجاوز الميقات إلا محرما وإلا وجب عليه دم وكان آثما إلا أن يعود إلى الميقات فيحرم منه قبل أن يبدأ بالمناسك أو يحرم من مكة ويعود إلى الميقات ملبيا .
- 2 - أما لو كان آفاقيا وجاء يقصد الإقامة بجدة مثلا ولا يريد نسكا ولا يريد دخول مكة فله أن يتجاوز الميقات بدون إحرام ولا شيء عليه .
وأما من كان داخل الميقات فله أن يدخل مكة بدون إحرام ومتى شاء .
ثانيا - اجتناب محظورات الإحرام : .
من واجبات الإحرام اجتناب محظورات الإحرام إلا الجماع فهو إن وقع مفسد للحج أصلا إذا كان قبل الوقوف بعرفة .
ومحظورات الإحرام هي : .
- 1 - ما يتعلق منها باللباس : .
أ - بالنسبة للرجل : .
- 1 - يحرم على الرجل لبس ما يحيط ببدنه سواء نتيجة غرز أو لصق أو نسج أو أي ثوب لبسا معتادا كالقميص والسراويل والعمامة والقباء . لما روي عن ابن عمر Bهما أن رجلا قال : يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب ؟ قال رسول الله A : ( لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل الكعبين . . ) ( 1 ) . أما إذا لم يكن اللبس على الهيئة المعتادة كأن ألقيت عليه عباءة وهو نائم فلا مانع . وإذا وضع العباءة على كتفيه دون أن يزرر أو يدخل يديه في كميها فيكره وإن زرر يحرم .
- 2 - يحرم على الرجل لبس الخفين إلا أن لم يجد النعلين فيقطع الخفين أسفل الكعبين ثم يلبسهما للحديث المتقدم .
- 3 - يحرم عليه لبس القفازين .
- 4 - يحرم ستر الرأس والوجه لما روي عن ابن عمر Bهما أن النبي A قال : ( إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه ) ( 2 ) وروي عنه أيضا أنه كان يقول : " ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم " ( 3 ) . وسواء في الحرمة تغطية بعض الوجه أو الرأس أو كله . ولا يجوز للرجل أن يحمل فوق رأسه شيئا اعتاد الناس أن يغطوا رؤوسهم به . أما لو حمل عدلا ( 4 ) فلا بأس والمعتمد في الحرمة هو القصد .
ويكره تحريما أن يدخل رأسه تحت أستار الكعبة وإن طال لمدة يوم وليلة ففيه دم . ويكره عصب الرأس ولو فعله يوما وليلة ففيه صدقة .
وتجوز تغطية وجه الميت ورأسه إن مات محرما لانقطاع الإحرام بالموت بدليل ما روي عن بعض أهل العلم قوله : " إذا مات انقطع إحرامه ويصنع به كما يصنع بغير المحرم " ( 5 ) .
وعن أبي هريرة Bه أن النبي A قال : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به أو صدقة تجري له أو ولد صالح يدعو له ) ( 6 ) . أما قوله A في المحرم الذي وقصته دابته : ( لا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا ) ( 7 ) فهو مخصوص به لإخبار رسول الله A عنه أما غيره فقد انقطع إحرامه بالموت .
ب - بالنسبة للمرأة : .
يجوز للمرأة لبس المخيط والثياب المعتادة لكن : .
- 1 - يحرم عليها ستر وجهها بساتر يلمس البشرة . أما إن كان الساتر متجافيا بحيث لا يمس الوجه فلا مانع منه . لما روي عن ابن عمر Bهما أن النبي A قال : ( ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين . . . ) ( 8 ) .
- 2 - يندب لها عدم لبس القفازين .
- 2 - ما يتعلق منها بالبدن : .
- 1 - إزالة الشعر : فلا يصح للمحرم أن يزيل شيئا من شعر رأسه وجسده كيفما كان حلقا أو قصا أو نتفا ولا يحلق رأس غيره ولو كان حلالا ولا يمكن غيره أن يحلق له . إلا شعرة نبتت في العين فلا شيء في إزالتها . وذلك لقوله تعالى : { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } ( 9 ) ولأن فيه إزالة الشعث ( 10 ) روي عن ابن عمر Bهما قال : قام رجل إلى النبي A فقال : ما الحاج ؟ قال النبي A : ( الشعث التفل ) ( 11 ) .
- 2 - التطيب : ويقصد به استعمال الطيب في الثوب والبدن وإن لم يقصده فلا يجوز أن يستعمل طلاء للتداوي إن كان مطيبا ولا يغسل بصابون إن كان معطرا ولا يلبس ثوبا معصفرا أو مطيبا لما روي عن ابن عمر Bهما أن رجلا قال : يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب ؟ قال رسول الله A : ( . . . ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران أو الورس ) ( 12 ) . أما الثياب المبخرة فلا شيء فيها . كما يكره شم الطيب لما روى البيهقي بسنده عن جابر بن عبد الله Bهما " أنه سئل عن الريحان أيشمه المحرم والطيب والدهن فقال : لا " ( 13 ) . كما لا يجوز للمحرم أن يشرب ما خالطه طيب إن كان غالبا كالقهوة مع الهيل .
- 3 - الادهان : فلا يجوز للمحرم أن يدهن رأسه بزيت أو غيره فيما يستعمل للتطيب والتزين إلا إذا كان للتداوي فيجوز . كما يجوز دهن جسمه بما ليس بطيب كالفازلين أو غيره . ويجوز أكل الزيت مطلقا .
- 4 - إزالة الأظافر : أي قطعها ولو واحدا بنفسه أو غيره أو قلم ظفر غيره . إلا إذا انكسر بحيث لا ينمو فلا بأس بإزالته لما روي عن ابن عباس Bهما أنه قال في المحرم : " . . . وإذا انكسر ظفره طرحه " ( 14 ) .
- 3 - ما يتعلق بالأفعال : .
- 1 - الرفث : وهو الجماع أو ذكره وخاصة بحضرة النساء . والمحرم هو فعل الجماع وليس العقد فيجوز للمحرم أن يعقد لنفسه أو لغيره . قال تعالى : { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } ( 15 ) .
- 2 - الفسوق : وهي المعاصي وتركها في غير الحج واجب وفي الحج أوجب . روي عن أبي هريرة Bه قال : قال النبي A : ( ومن حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) ( 16 ) .
- 3 - الجدال : وهو الخصومة مع الرفقاء والخدم والمكارين ( 17 ) لقوله تعالى : { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } .
- 4 - صيد البر : يحرم على المحرم قتل صيد البر ( 18 ) سواء أكان مأكولا أم لا بدليل قوله تعالى : { أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } ( 19 ) وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } ( 20 ) .
ولا يجوز للمحرم أن يشير إليه ولا يدل عليه لأن الدلالة والإشارة في معنى الصيد من حيث إزالة الأمن عن الحيوان وكذلك لا يجوز له أن يكسر بيض الحيوان لأنه أصله .
أما إذا اصطاد غير محرم فيجوز للمحرم أكله إذا لم يعنه لما روي عن عبد الله بن أبي قتادة قال : كان أبو قتادة في نفر محرمين وأبو قتادة محل . واقتص الحديث وفيه " أنه اصطاد حمار وحش فسألوا رسول الله A عن أكله " قال : ( هل أشار إليه إنسان منكم أو أمره بشيء قالوا : لا يا رسول الله . قال : فكلوا ) ( 21 ) .
- 5 - يحرم على المحرم قتل الهوام والقمل لأن فيه إزالة الشعث . ويجوز له قتل البراغيث والبق والذباب والحية والعقرب والفأرة والذئب والغراب والحدأة لأنها ليست صيدا ولا متولدة من البدن وليس في قتلها إزالة الشعث ولأن منها ما هو مؤذ ويبتدئ بالإيذاء ولأن المحظور التعرض للحيوانات الآمنة لا دفع أذاها . ودليل ما روي عن عائشة Bها عن النبي A أنه قال : ( خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم : الحية والغراب الأبقع ( 22 ) والفأرة والكلب العقور ( 23 ) والحديا ) ( 24 ) 0 .
- 6 - يحرم على المحرم قطع شجر الحرم إلا الإذخر لأنه محظور على الحلال فهو على المحرم أولى . وذلك لما روي عن ابن عباس Bهما أن النبي A قال : إن الله حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف وقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا . فقال : إلا الإذخر ) ( 25 ) .
_________ .
( 1 ) البخاري : ج 2 / كتاب الحج باب 20 / 1468 .
( 2 ) الدارقطني : ج 2 / ص 294 .
( 3 ) الموطأ : ص 224 .
( 4 ) العدل : المتاع .
( 5 ) الترمذي : ج 3 / كتاب الحج باب 105 .
( 6 ) سنن الدرامي : ج 1 / ص 139 .
( 7 ) البخاري : ج 1 / كتاب الجنائز باب 19 / 1206 .
( 8 ) البخاري : ج 1 / كتاب الإحصار باب 24 / 1741 .
( 9 ) البقرة : 196 .
( 10 ) الشعث : من كان ذا شعر مغبر متلبد .
( 11 ) البيهقي : ج 5 / ص 58 .
( 12 ) البخاري : ج 2 / كتاب الحج باب 20 / 1468 .
( 13 ) البيهقي : ج 5 / ص 57 .
( 14 ) البيهقي : ج 5 / ص 62 .
( 15 ) البقرة : 197 .
( 16 ) البخاري : ج 2 / كتاب الإحصار وجزاء الصيد باب 11 / 1724 .
( 17 ) المكاري : المستأجر .
( 18 ) البري : ما كان مسكنه في البر ويعيش في البر .
( 19 ) المائدة : 96 .
( 20 ) المائدة : 95 .
( 21 ) مسلم : ج 2 / كتاب الحج باب 8 / 64 .
( 22 ) أحل قتله لأنه يأكل الجيف ولا يؤكل لحمه .
( 23 ) يمثل الكلب العقور كل سبع صائل .
( 24 ) مسلم : ج 2 / كتاب الحج باب 9 / 67 .
( 25 ) البخاري : ج 2 / كتاب الإحصار وجزاء الصيد باب 20 / 1736