ما وسع فيه أبو حنيفة و ما وسع فيه الأئمة .
وفيه في رواية عن أبي يوسف C : و إباحة القعود فيها بلا نحر و وسع أبو حنيفة C في العبادات كلها : فلم يقل إن مس المرأة والذكر ناقض ولم يشترط النية في الطهارة ولا الدلك و وسع في المياه ففوضه إلى رأي المبتلى به ولم يشترط مقارنة النية للتكبير ولم يعين من القرآن شيئا حتى الفاتحة عملا بقوله تعالى : { فاقرؤوا ما تيسر من القرآن } و التعيين بحيث لا يجوز غيره عسر وأسقط القراءة عن المأموم بل منعه منها شفقة على الإمام دفعا للتخليط عنه كما يشاهد بالجامع الأزهر ولم يخص تكبيرة الافتتاح بلفظ وإنما جوزها بكل ما يفيد التعظيم وأسقط نظم القرآن عن المصلي فجوزه بالفارسي تيسيرا على الخاشعين وروي رجوعه عنه وأسقط فرض الطمأنينة في الركوع والسجود تيسيرا وأسقط لزوم التفريق على الأصناف الثمانية في الزكاة وصدقة الفطر .
وجوز تأخير النية في الصوم وعدم التعيين لصوم رمضان ولم يجعل للحج إلا ركنين الوقوف وطواف الزيارة ولم يشترط الطهارة له ولا الستر ولم يجعل السبعة كلها أركانا بل الأكثر .
ولم يوجب العمرة في العمر كل ذلك للتيسير على المؤمنين ومن ذلك الإبراد بالظهر في شدة الحر ومن ثم لا يستحب الإبراد في الجمعة لاستحباب التبكير إليها على ما قيل ولكن ذكر الاسبيجابي أنها كالظهر في الزمانين وترك الجماعة للمطر والجمعة بالأعذار المعروفة .
وكذا أسقط أبو حنيفة C عن الأعمى الجمعة والحج وإن وجد قائدا دفعا للمشقة عنه .
وعدم وجوب قضاء الصلوات على الحائض لتكررها بخلاف الصوم وبخلاف المستحاضة لندور ذلك وسقوط القضاء عن المغمى عليه إذا زاد على يوم وليلة وعن المريض العاجز عن الإيماء بالرأس كذلك على الصحيح وجواز صلاة الفرض في السفينة قاعدا مع القدرة على القيام لخوف دوران الرأس .
وكان الصوم في السنة شهرا والحج في العمر مرة والزكاة ربع العشر تيسيرا ولذا قلنا : إنها وجبت بقدرة ميسرة حتى سقطت بهلاك المال وأكل الميتة وأكل مال الغير مع ضمان البدل إذا اضطر .
وأكل الولي والوصي من مال اليتيم بقدر أجرة عمله وجواز تقدم النية على الشروع في الصلاة إذا لم يفصل أجنبي وتقدم النية على الصوم من الليل وتأخرها عن طلوع الفجر إلى ما قبل نصف النهار الشرعي دفعا للمشقة عن جنس الصائمين لأن الحائض تطهر بعده والكافر يسلم والصغير يبالغ كذلك وإباحة التحليل من الحج بالإحصار والفوات .
و إباحة أبي يوسف C رعي حشيش الحرم للحاج في الموسم تيسيرا ولبس الحرير للحكة والقتال وبيع الموصوف في الذمة كالسلم جوز على خلاف القياس دفعا لحاجة المفاليس والاكتفاء برؤية ظاهر الصبرة والأنموذج ومشروعية خيار الشرط للمشتري دفعا للندم وخيار نقد الثمن دفعا للمماطلة ومن هذا القبيل بيع الأمانة المسمى ببيع الوفاء : .
جوزه مشايخ بلخ و بخارى توسعة وبيانه في شرح الكنز من باب خيار الشرط ومن ذلك أفتى المتأخرون بالرد لخيار الغبن الفاحش إما مطلقا أو إذا كان فيه غرر رحمة على المشتري .
ومنه : الرد بالعيب والتحالف والإقالة والحوالة والرهن والضمان والإبراء والقرض والشركة والصلح والحجر والوكالة والإجارة والمزارعة و المساقاة على قولهما المفتى به للحاجة والمضاربة والعارية والوديعة للمشقة العظيمة في أن كل واحد لا ينتفع إلا بما هو ملكه ولا يستوفي إلا ممن عليه حقه ولا يأخذه إلا بكماله ولا يتعاطى أموره إلا بنفسه .
فسهل الأمر بإباحة الانتفاع بملك الغير بطريق الإجارة والإعارة والقرض وبالاستعانة بالغير وكالة و إيداعا وشركة ومضاربة و مساقاة وبالاستيفاء من غير المديون حوالة والتوثيق على الدين برهن وكفيل ولو بالنفس وبإسقاط بعض الدين صلحا أو كله إبراء ولحاجة افتداء يمينه جوزنا الصلح عن إنكار ولفقد ما شرعت الإجارة له لو جعلت المنافع أجرة عند اتحاد الجنس قلنا لا يجوز وقلنا الإجارة على منفعة غير مقصودة من العين لا تجوز للاستغناء عنها بالعارية كما علم في إجارة البزازية .
ومن التخفيف : جواز العقود الجائزة لأن لزومها شاق فتكون سببا لعدم تعاطيها ولزوم اللازمة وإلا لم يستقر بيع ولا غيره و وقفنا عزل الوكيل على علمه دفعا للحرج .
عنه وكنا عزل القاضي وصاحب وظيفته .
ومنه : إباحة الفطر للطبيب والشاهد وعند الخطبة وللسيد .
ومنه : جواز النكاح من غير نظر لما في اشتراطه من المشقة التي لا يتحملها كثير من الناس في بناتهم وأخواتهم ة من نظر كل خاطب فناسب التيسير فلم يكن فيه خيار رؤية .
بخلاف البيع فإنه يصح قبل الرؤية وله الخيار لعدم المشقة ومن ثم قلنا إن الأمر إيجاب في النكاح بخلاف البيع ومن هنا وسع فيه أبو حنيفة C فجوزه بلا ولي ومن غير اشتراط عدالة الشهود ولم يفسده بالشروط المفسدة ولم يخصه بلفظ النكاح والتزويج بل قال ينعقد بما يفيد ملك العين للحال وصححه بحضور ابني العاقدين وناعسين وسكارى يذكرونه بعد الصحو وبعبارة النساء وجوز شهادتهن فيه فانعقد بحضرة رجل وامرأتين .
كل ذلك دفعا لمشقة الزنا وما يترتب عليه ومن هنا قيل : عجبت لحنفي يزني .
و منه : إباحة أربع نسوة ة فلم يقتصر على واحدة تيسيرا على الرجل وعلى النساء أيضا لكثرتهن ولم يزد على أربعة لما فيه من المشقة على الرجل في القسم وغره .
ومنه : مشروعية الطلاق لما في البقاء على الزوجية من المشقة عند التنافر وكذا مشروعية الخلع والافتداء والرجعة في العدة قبل الثلاث ولم يشرع دائما لما فيه من المشقة على الزوجة .
ومنه : وقوع الطلاق على المولى منها بمضي أربعة أشهر دفعا للضرر عنها .
ومنه : مشروعية الكفارة في الظهار واليمين تيسيرا على المكلفين وكذا التخيير في كفارة اليمين لتكررها بخلاف بقية الكفارات لندرة وقوعها ومشروعية التخيير في نشر معلق بشرط لا يراد كونه بين كفارة اليمين والوفاء بالمنذور على ما عليه الفتوى وإليه رجع الإمام قبل موته بسبعة أيام .
و منه : مشروعية الكتابة ليتخلص العبد من دوام الرق لما فيه من العسر ولم يبطلها بالشروط الفاسدة توسعة .
ومنه : مشروعية الوصية عند الموت ليتدارك الإنسان ما فرط منه في حال حياته .
وصح له في الثلث دون ما زاد عليه دفعا لضرر الورثة حتى أجزناها بالجميع عند عدم الوارث وأوقفناها على إجازة بقية الورثة إذا كانت لوارث وأبقينا التركة على ملك الميت حكما حتى تقضى حوائجه منها رحمة عليه ووسعنا الأمر في الوصية فجوزناها بالمعدوم ولم نبطلها بالشروط الفاسدة .
ومنه : إسقاط الإثم عن المجتهدين في الخطأ والتيسير عليهم بالاكتفاء بالظن ولو كلفوا الأخذ باليقين لشق وعسر الوصول إليه