أحكام ا لإشارة .
الإشارة من الأخرس : معتبرة وقائمة مقام العبارة في كل شيء : من بيع وإجارة وهبة ورهن ونكاح وطلاق وعتاق وإبراء وإقرار وقصاص إلا في الحدود ولو حد قذف وهذا مما خالف فيه القصاص الحدود وفي رواية أن القصاص كالحدود هنا فلا يثبت بالإشارة وتمامه في الهداية .
وقد اقتصر في الهداية وغيرها على استثناء الحدود ويزاد عليها الشهادة فلا تقبل شهادته كما في التهذيب وأما يمينه في الدعاوى ففي أيمان خزانة الفتاوى : وتحليف الأخرس : أن يقال له : عليك عهد الله تعالى وميثاقه إن كان كذا ؟ فيشير به نعم ولو حلف بالله كانت إشارته إقرارا بالله تعالى وظاهر إقتصار المشايخ على استثناء الحدود فقط : صحة إسلامه بالإشارة ولم أر الآن فيها نقلا صريحا .
كتابة الأخرس : كإشارته واختلفوا في أن عدم القدرة على الكتابة شرط للعمل بالإشارة أو لا والمعتمد : لا ولذا ذكره في الكنز : بأو ولا بد في إشارة الأخرس من أن تكون معهودة وإلا لا تعتبر وفي فتح القدير من الطلاق : ولا يخفى أن المراد بالإشارة التي يقع بها طلاقه : الإشارة المقرونة بتصويت منه لأن العادة منه ذلك فكانت بيانا لما أجمله الأخرس انتهى .
وأما إشارة غير الأخرس : فإن كان معتقل اللسان ففيه اختلاف والفتوى على أنه إن دامت العقلة إلى وقت الموت يجوز إقراره بالإشارة والإشهاد عليه ومنهم من قدر الامتداد بسنة وهو ضعيف وان لم يكن معتقل اللسان لم تعتبر إشارته مطلقا إلا في أربع : الكفر والإسلام والنسب والإفتاء كذا في تلقيح المحبوبي ويزاد أخذا من مسألة الإفتاء بالرأس : إشارة الشيخ في رواية الحديث وأمان الكافر أخذا من النسب لأنه يحتاط فيه لحقن الدم ولذا ثبت بكتاب الإمام كما قدمناه أو أخذا من الكتاب والطلاق إذا كان تفسيرا لمبهم كما لو قال : أنت طالق هكذا وأشار بثلاث وقعت بخلاف ما إذا قال : أنت طالق وأشار بثلاث لم تقع إلا واحدة كما علم في الطلاق ولم أر الآن حكم : أنت هكذا مشيرا بأصابعه ولم يقل : طالق وتزاد أيضا : الإشارة من المحرم إلى صيد فقتله يجب الجزاء على المشير .
وهنا فروع لم أرها الآن : .
الأول : إشارة الأخرس بالقراءة وهو جنب ينبغي أن تحرم عليه أخذا من قولهم إن الأخرس يجب عليه تحريك لسانه فجعلوا التحريك قراءة .
الثاني : علق الطلاق بمشيئة أخرس فأشار بالمشيئة وينبغي الوقوع لوجود الشرط .
الثالث : لو علق بمشيئة رجل ناطق فخرس فأشار بالمشيئة ينبغي الوقوع والله أعلم .
قاعدة : .
فيما إذا اجتمعت الإشارة والعبارة وأصحابنا يقولون : إذا اجتمعت الإشارة والتسمية فقال في الهداية من باب المهر : الأصل أن المسمى إذا كان من جنس المشار إليه يتعلق العقد بالمشار إليه لأن المسمى موجود في المشار إليه ذاتا والوصف يتبعه و إن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى لأن بالمسمى مثل المشار إليه وليس بتابع له والتسمية أبلغ في التعريف من حيث إنها تعرف الماهية والإشارة تعرف الذات ألا ترى أن من اشترى فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج لا ينعقد العقد لاختلاف الجنس ولو اشترى على أنه ياقوت أحمر فإذا هو أخضر انعقد العقد لاتحاد الجنس انتهى .
قال الشارحون : إن هذا الأصل متفق عليه في النكاح والبيع والإجارة وسائر العقود ولكن أبا حنيفة رحمه لله جعل الخمر والخل جنسا والحر والعبد جنسا واحدا فتعلق بالمشار إليه فوجب مهر المثل فيما لو تزوجها على هذا الدن من الخل وأشار إلى خمر أو على هذا العبد وأشار إلى حر ولو سمى حراما و أشار إلى حلال فلها الحلال في الأصح ولو سقى في البيع شيئا وأشار إلى خلافه فإن كان من خلاف جنسه بطل البيع كما إذا سمى ياقوتا وأشار إلى زجاج لكونه بيع المعدوم ولو سمى ثوبا هرويا وأشار إلى مروزي اختلفوا في بطلانه أو فساده هكذا في الخانية في البيع .
الباطل ذكر الاختلاف في الثوب دون الفص ونظير الفص : الذكر و الأنثى من بنى آدم : جنسان بخلافهما من الحيوان : جنس واحد فله الخيار إذا كان الجنس متحدا والفائت الوصف .
وفي باب الاقتداء قالوا : لو نوى الاقتداء بهذا الإمام زيد فبان عمرا لم يصح الاقتداء ولو نوى الاقتداء بالإمام القائم في المحراب على ظن أنه زيد فبان أنه عمرو يصح ولو نوى الاقتداء بهذا الشاب فإذا هو شيخ لم يصح الاقتداء به ولو بهذا الشيخ فإذا هو شاب يصح لأن الشاب يدعى شيخا لعلمه وقياس الأول : أنه لو صلى على جنازة على أنه رجل فبان أنه إمرأة لم تصح واستنبط من مسألة الاقتداء شيخ الإسلام العيني في شرح البخاري عند الكلام على الحديث صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه : أن الاعتبار بالتسمية عند أصحابنا رحمهم الله فلا يختص الثواب بما كان في زمنه صلى الله عليه و سلم إلى آخر ما قاله .
وأما في النكاح فقال في الخانية : رجل له بنت واحدة اسمها عائشة فقال الأب وقت العقد : زوجت منك بنتي فاطمة لا ينعقد النكاح ولو كانت المرأة حاضرة فقال الأب : زوجتك بنتي فاطمة هذه وأشار إلى عائشة وغلط في اسمها فقال الزوج : قبلت جاز انتهى ومقتضاه أنه لو قال : زوجتك هذا الغلام وأشار إلى بنته : الصحة تعويلا على الإشارة وكذا لو قال : زوجتك هذه العربية فكانت أعجمية .
أوهذه العجوز فكانت شابة أوهذه البيضاء فكانت سوداء أو عكسه وكذا المخالفة في جميع وجوه النسب والصفات والعلو والنزول .
وأما في باب الايمان فقالوا : لو حلف لا يكلم هذا الصبي أو هذا الشاب فكلمه بعد ما شاخ حنث ولو حلف لا يأكل لحم هذا الحمل فأكل بعد ما صار كبشا حنث .
لأن في الأول : وصف الصبا وإن كان داعيا إلى اليمين لكنه منهى عنه شرعا وفي الثاني : وصف الصغر ليس بداع إليها فإن الممتنع عنه أكثر امتناعا عن لحم الكبش ولو حلف لا يكلم عبد فلان هذا أو امرأته هذه أو صديقه هذا فزالت الإضافة فكلمه لم يحنث في العبد وحنث في المرأة والصديق وإن حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه حنث