أحكام الكتابة .
يصح البيع بها قال في الهداية : والكتاب كالخطاب وكذا الإرسال حتى اعتبروا مجلس بلوغ الكتاب وأداء الرسالة انتهى .
وفي فتح القدير : وصورة الكتاب أن يكتب : أما بعد فقد بعت عبدي منك بكذا فلما بلغه وفهم ما فيه قال : قبلت في المجلس وما في المبسوط من تصويره بقوله .
يعني بكذا فقال : بعته يتم فليس مراده إلا الفرق بين البيع والنكاح في شرط الشهود وقيل بل يفرق بين الحاضر والغائب فبعني من الحاضر : استيام ومن الغائب : إيجاب انتهى .
ويصح النكاح بها قال في فتح القدير : وصورته أن يكتب إليها يخطبها فإذا بلغها الكتاب أحضرت الشهود وقرأته عليهم وقالت : زوجت نفسي منه أو تقول : إن فلانا كتب إلي يخطبني فاشهدوا أني قد زوجت نفسي منه أما لو لم تقل بحضرتهم سوى : زوجت نفسي من فلان لا ينعقد لأن سماع الشطرين شرط وبإسماعهم الكتاب أو التعبير عنه منها قد سمعوا الشطرين بخلاف ما إذا انتفيا .
ومعنى الكتاب بالخطبة : أن يكتب : زوجيني نفسك فإني رغبت فيك ونحوه ولو جاء الزوج بالكتاب إلى الشهود مختوما فقال : هذا كتابي إلى فلانة فاشهدوا علي بذلك لم يجز في قول أبي حنيفة C حتى يعلم الشهود ما فيه وجوزه أبو يوسف C من غير شرط إعلام الشهود بما فيه وأصله : كتاب القاضي إلى القاضي قال في المستصفى : هذا إذا كان بلفظ التزويج أما إذا كان بلفظ الأمر كقوله : زوجي نفسك مني لا يشترط إعلامها الشهود بما في الكتاب لأنها تتولى طرفي العقد بحكم الوكالة .
ونقله من الكامل قال : وفائدة الخلاف فيما إذا جحد الزوج الكتاب بعدما أشهدهم عليه من غير قراءته عليهم وإعلامهم بما فيه وقد قرأ المكتوب إليه الكتاب عليهم وقبل العقد بحضرتهم فشهدوا أن هذا كتابه ولم يشهدوا بما فيه لا تقبل هذه الشهادة عندهما ولا يقضى بالنكاح وعنده : تقبل ويقضى به أما الكتاب فصحيح بلا إشهاد وهذا الإشهاد لهذا وهو أن تتمكن المرأة من إثبات الكتاب عند جحود الزوج الكتاب له انتهى .
وأما وقوع الطلاق والعتاق بها فقال في البزازية : الكتابة من الصحيح والأخرس على ثلاثة أوجه : إن كتب على وجه الرسالة مصدرا معنونا وثبت ذلك بإقرار أو بالبينة فكالخطاب وإن قال : لم أنو به الخطاب لم يصدق قضاء وديانة وفي المنتقى أنه يدين ولو كتب على شيء يستبين عليه امرأته أو عبده كذا إن نوى صح وإلا فلا ولو كتب على الهواء أو الماء لم يقع شيء وإن نوى وإن كتب : امرأته طالق فهي طالق بعث إليها أو لا وإن قال : المكتوب إذا وصل إليك : فأنت كذا فما لم يصل لا تطلق وإن ندم ومحا من الكتاب ذكر الطلاق وترك ما سواه وبعث إليها فهي طالق إذا وصل ومحوه الطلاق كرجوعه عن التعليق و إنما يقع إذا بقي ما يسمى كتابة أو رسالة فإن لم يبق هذا القدر لا يقع وان محا الخطوط كلها وبعث إليها البياض لا تطلق لأن .
ما وصل إليها ليس بكتاب ولو جحد الزوج الكتاب وأقامت البينة عليه أنه كتبه بيده فرق بينهما في القضاء انتهى .
وذكر الزيلعي من مسائل شتى في الكتابة لا على الرسم أن الإشهاد عليه أو الإملاء على الغير يقوم مقام النية وفي القنية : كتبت : أنت طالق ثم قالت لزوجها : اقرأ علي فقرأ لا تطلق ما لم يقصد خطابها انتهى .
وقد سئلت عن رجل كتب أيمانا ئم قال لآخر : اقرأها فقرأها هل تلزمه ؟ فأجبت بأنها لا تلزمه إن كانت بطلاق حيث لم يقصد وإن كانت بالله تعالى فقالوا : الناسي والمخطىء والذاهل كالعامد .
وأما الإقرار بها ففي إقرار البزازية : كتب كتابا فيه إقرار بين يدي الشهود فهذا على أقسام .
الأول : أن يكتب ولا يقول شيئا وأنه لا يكون إقرارا فلا تحل الشهادة بأنه أقر قال القاضي النسفي : إن كتب مصدرا مرسوما وعلم الشاهد حل له الشهادة على إقراره كما لو أقر كذلك وان لم يقل : اشهد علي به فعلى هذا إذا كتب للغائب على وجه الرسالة : أما بعد فلك علي كذا يكون إقرارا لأن الكتاب من الغائب كالخطاب من الحاضر فيكون متكلما والعامة على خلافه لأن الكتابة قد تكون للتجربة وفي حق الأخرس يشترط أن يكون معنونا مصدرا وإن لم يكن إلى الغائب .
الثاني : كتب وقرأ عند الشهود لهم أن يشهدوا به وإن لم يقل اشهدوا علي .
الثالث : أن يقرأ هذا عندهم غيره فيقول الكاتب اشهدوا علي به .
الرابع : أن يكتب عندهم ويقول : اشهدوا علي بما فيه إن علموا ما فيه كان إقرارا والا : فلا وذكر القاضي : ادعى عليه مالا وأخرج خطا وقال : إنه خط المدعى عليه بهذا المال فأنكر أن يكون خطه فاستكتب وكان بين الخطين مشابهة ظاهرة دالة على أنهما خط كاتب واحد لا يحكم عليه بالمال في الصحيح لأنه لا يزيد على أن يقول : هذا خطي وأنا حررته لكن ليس علي هذا المال وثمة لا يجب كذا هنا إلا في العامة والصراف والسمسار انتهى .
وكتبنا في القضاء من الفوائد أنه يعمل بدفتر البياع والسمسار والصراف والخط فيه حجة وفي كتاب ملك الكفار بالاستئمان حتى لو وجد حربي في دارنا وقال : أنا رسول الملك لم يصدق إلا إذا كان معه كتابه كما في سير الخانية فيعمل بها .
وأما اعتماد الراوي على ما في كتابه والشاهد على خطه والقاضي على علامته عند عدم التذكر فغير جائز عند الإمام وجوزه أبو يوسف C تعالى للراوي والقاضي دون الشاهد وجوزه محمد C تعالى للكل إن تيقن به وإن لم يتذكر توسعة على الناس وفي الخلاصة : قال شمس الأئمة الحلواني C : ينبغي أن يفتى بقول محمد C تعالى هكذا في الأجناس انتهى .
وفي إجارات البزازية : أمر الصكاك بكتابة الإجارة وأشهد ولم يجر العقد لا ينعقد بخلاف صك الإقرار والمهرانتهى .
واختلفوا فيما لو أمر الزوج بكتابة الصك بطلاقها فقيل : يقع وهو إقرار به .
وقيل : هو توكيل فلا يقع حتى يكتب وبه يفتى وهو الصحيح في زماننا كذا في القنية وفيها بعده : وقيل لا يقع وإن كتب إلا إذا نوى الطلاق وفي المبتغى - بالمعجمة - : من رأى خطه وعرفه : وسعه أن يشهد إذا كان في حرزه وبه نأخذ انتهى .
وبجوز الاعتماد على كتب الفقه الصحيحة قال في فتح القدير من القضاء : وطريق نقل المفتي في زماننا عن المجتهد أحد أمرين إما أن يكون له سند فيه إليه أو يأخذه من كتاب معروف تداولته الأيدي نحو كتب محمد بن الحسن C ونحوها من التصانيف المشهورة انتهى .
ونقل الأسيوطي عن أبي إسحاق الإسفراييني : الإجماع على جواز النقل من الكتب المعتمدة ولا يشترط اتصال السند إلى مصنفيها انتهى .
ويجوز الاعتماد على خط المفتي أخذا من قولهم : يجوز الاعتماد على إشارته بالكتابة أولى .
وأما الدعوى من الكتاب والشهادة من نسخة في يده فقال في الخانية : ولو ادعى من الكتاب تسمع دعواه لأنه عسى لا يقدر على الدعوى لكن لا بد من الإشارة في موضعها وفي اليتيمة : سئل وكيل عن جماعة بالدعوى لأشياء عن نسخة يقرأها بعض الموكلين هل يسمعها القاضي ؟ قال : إذا تلقنها الوكيل من لسان الموكل صح دعواه وإلا لا انتهى .
وفي شهادة البزازية : شهد أحدهما عن النسخة وقرأه بلسانه وقرأ غير الشاهد الثاني منهما وقرأ الشاهد أيضا معه مقارنا لقراءته لا يصح لأنه لا يتبين القارىء من الشاهد وذكر القاضي : ادعى المدعي من الكتاب تسمع إذا أشار إلى مواضعها انتهى .
وفي الصيرفية : شهدا بالكتابة فطلب القاضي أن يشهدا باللسان : لا تجب وهذا اصطلاح القضاء وفي اليتيمة : سئل علي بن أحمد عن الشاهد إذا كان يصف حدود المدعى به حين ينظر في الصك واذا لم ينظر فيه لا يقدر هل تقبل شهادته ؟ فقال : إذا كان بنظره ينقله ويحفظه عن النظر فلا تقبل فأما إذا كان يستعين به نوع استعانة كقارىء القرآن من المصحف فلا بأس به انتهى .
وأما الحوالة بالكتاب فذكرها في كفالة الواقعات الحسامية في فصل السفتجة وفصل فيها تفصيلا حسنا فليراجعه من رامه .
وأما الوصية بالكتابة فقال في شهادات المجتبى : كتب صكا بخط يده إقرارا بمال أو وصية ثم قال لآخر : اشهد علي من غير أن يقرأ له وسعه أن يشهد انتهى وفي الخانية من الشهادات : رجل كتب صك وصية وقال للشهود : اشهدوا بما فيه ولم يقرأ وصيته عليهم قال علماؤنا : لا يجوز للشهود أن يشهدوا بما فيه وقال بعضهم : يسعهم أن يشهدوا والصحيح : أنه لا يسعهم وإنما يحل لهم أن يشهدوا بأحد معان ثلاثة : إما أن يقرأ الكتاب عليهم أو كتب الكتاب غيره وقرأ عليه بين يدي الشهود ويقول لهم : اشهدوا علي بما فيه أو يكتب هو بين يدي الشاهد والشاهد يعلم بما فيه ويقول هو : اشهدوا علي بما فيه وتمامه فيها