كتاب الإقرار .
المقر له إذا كذب المقر بطل إقراره إلا في الإقرار بالحرية و النسب و ولاء العتاقة كما في شرح المجمع معللا بأنها لا تحتمل النقض و يزاد الوقف فإن المقر له إذا رده ثم صدقه صح كما في الإسعاف و الطلاق و النسب و الرق كما في البزازية .
- الإقرار لا يجامع البينة لأنها لا تقام إلا على منكر إلا في أربع : في الوكالة والوصاية و في إثبات دين على الميت و في استحقاق العين من المشتري كما في وكالة الخانية .
- الإقرار للمجهول باطل إلا في مسألة ما إذا رد المشتري المبيع بعيب فبرهن البائع على إقراره أنه باعه من رجل و لم يعينه قبل و سقط حق الرد كذا في بيوع الذخيرة .
- الاستئجار : إقرار بعدم الملك له على أحد القولين إلا إذا استأجر المولى عبده من نفسه لم يكن إقرارا بحريته كما في القنية .
- إذا أقر بشيء ثم ادعى الخطأ لم تقبل كما في الخانية إلا إذا أقر بالطلاق بناء على ما أفتى به المفتي ثم تبين عدم الوقوع فإنه لا يقع كما في جامع الفصولين و القنية .
- إقرار المكره باطل إلا إذا أقر السارق مكرها فقد أفتى بعض المتأخرين بصحته كما في سرقة الظهيرية .
- الإقرار : إخبار لا إنشاء فلا يطيب له لو كان كاذبا إلا في مسائل : فإنشاء يرتد بالرد و لا يظهر في حق الزوائد المستهلكة و لو أقر ثم أنكر يحلف على أنه ما أقر بناء على أنه إنشاء ملك لكن الصحيح تحليفه على أصل المال .
- من ملك الإنشاء ملك الإخبار كالوصي و المولى و المراجع و الوكيل بالبيع و من له الخيار و تفاريعه في أيمان الجامع قلت في الشرح : إلا في مسألة استدانة الوصي على اليتيم فإنه يملك إنشاءها دون الإخبار بها .
- المقر له إذا رد الإقرار ثم عاد إلى التصديق فلا شيء له إلا في الموقف كما في الإسعاف من باب الإقرار بالوقف .
- الاختلاف في المقر به يمنع الصحة و في سببه لا .
- أقر له بعين وديعة أو مضاربة أو أمانة فقال : ليس لي وديعة لكن لي عليك ألف من ثمن مبيع أو قرض فلا شيء له إلا أن يعود إلى تصديقه و هو مصر عليه و لو قال : أقرضتك فله أخذها لاتفاقهما على ملكه إلا إذا صدقه خلافا لأبي يوسف C ولو أقر أنها غصب فله مثلها للرد في حق العين كذا في الجامع الكبير .
- المقر إذا صار مكذبا شرعا بطل إقراره فلو ادعى المشتري الشراء بألف و البائع بألفين و أقام البينة فإن الشفيع يأخذها بألفين لأن القاضي كذب المشتري في إقراره .
وكذا إذا أقر المشتري بأن المبيع للبائع ثم استحق من يد المشتري بالبينة بالقضاء له الرجوع بالثمن على بائعه و إن أقر أنه للبائع كذا في قضاء الخلاصة و منه ما في الجامع : ادعى عليه كفالة معينة فأنكر فبرهن المدعي و قضى على الكفيل كان له الرجوع على المديون إذا كان بأمره .
وخرجت من هنا الأصل مسألتان في قضاء الخلاصة يجمعهما أن القاضي إذاقضى باستصحاب الحال لا يكون تكذيبا له .
الأولى : لو أقر المشتري أن البائع أعتق العبد قبل البيع و كذبه البائع فقضى بالثمن على المشتري لم يبطل إقراره بالعتق حتى يعتق عليه .
الثانية : إذا ادعى المديون الإيفاء أو الإبرار على رب الدين فجحد و حلف و قضي له بالدين لم يصر الغريم مكذبا حتى لو و جدت بينة تقبل .
وزدت مسائل : .
الأولى : أقر المشتري بالملك للبائع صريحا ثم استحق بينة و رجع بالثمن لم يبطل إقراره فلو عاد إليه يوما من الدهر فإنه يؤمر بالتسليم إليه .
الثانية : ولدت و زوجها غائب و فطم بعد المدة وفرض القاضي له النفقة و لها بينة ثم حضر الأب و نفاه لاعن و قطع النسب و لها أختان في تلخيص الجامع من الشهادة .
وعلى هذا لو أقر بحرية عبد ثم اشتراه عتق عليه و لا يرجع بالثمن أو بوقفية دار ثم اشتراها كما لا يخفى ومسالة الوقف مذكورة في الإسعاف قال أقر بأرض في يد غيره أنها و قف ثم اشتراها أو و رثها صارت و قفا مؤاخذة له بزعمه انتهى .
وقد ذكر في البزازية من الوكالة طرفا من مسائل المقر إذا صار مكذبا شرعا و ذكر في خزانة الأكمل مسألة في الوصية في كتاب الدعوى و هي : رجل مات عن ثلاثة أعبد وله ابن فقط فادعى رجل أن الميت أوصى له بعبد يقال له سالم فأنكر الابن و أقر أنه أوصى له بعبد يقال له بزيغ فبرهن المدعي قضي بسالم و لا يبطل إقرار الوارث ببزيغ فلو اشتراه الوارث ببزيغ صح وغرم قيمته للموصي له ثم ذكر بعدها مسألة تخالفها فلتراجع قبل قوله : ولد .
- الإقرار حجة قاصرة على المقر و لا يتعدى إلى غيره فلو أقر المؤجر أن الدار لغيره لا تنفسخ الإجارة إلا في مسائل : لو أقرت الزوجة بدين فللدائن حبسها و إن تضرر الزوج و لو أقر المؤجر بدين لا و فاء له إلا من ثمن العين فله بيعها لقضائه وإن تضرر المستأجر و لو أقرت مجهولة النسب بأنها بنت أب زوجها و صدقها الأب انفسخ النكاح بينهما بخلاف ما إذا أقرت بالرق و لو طلقها اثنتين بعد الإقرار بالرق لم يملك الرجعة و إذا ادعى و لد أمته المبيعة وله أخ ثبت نسبه و تعدى إلى حرمان الأخ من الميراث لكونه للابن وكنا المكاتب إذا ادعى نسب و لد حرة في حياة أخيه صحت وميراثه لولده دون أخيه كما في الجامع باع المبيع ثم أقر أن البيع كان في التلجئة وصدقه المشتري فله الرد على بائعه بالعيب كما في الجامع .
- الإقرار بشيء محال باطل كما لو أقر له بأرض يده التي قطعها خمسمائة درهم ويداه صحيحتان لم يلزمه شيء كما في التاتارخانية من كتاب الحيل و على هنا أفتيت ببطلان إقرار إنسان بقسر من السهام لوارث و هو أزيد من الفريضة الشرعية لكونه محالا شرعا مثلا : لو مات عن ابن و بنت فأقر الابن أن التركة بينهما نصفان بالسوية فالإقرار باطل لما ذكرنا و لكن لا بد من كونه محالا من كل وجه وإلا فقد ذكر في التاتارخانية من كتاب الحيل أنه لو أقر أن لهذا الصغير علي ألف درهم قرض أقرضنيه أو من ثمن مبيع باعنيه صح الإقرار مع أن الصبي ليس من أهل المبيع و القرض و لا يتصوران منه لكن إنما يصح باعتبار أن هذا المقر محل لثبوت الدين للصغير عليه في الجملة انتهى .
وانظر إلى قولهم إن الإقرار للحمل صحيح إن بين سببا صالحا كالميراث و الوصية وإن بين ما لا يصلح كالبيع و القرض بطل لكونه محالا .
- يملك الإقرار ما لا يملك الإنشاء فلو أراد أحد الدائنين تأجيل حصته في الدين المشترك و أبى الآخرة لم يجز ولو أقر أنه حين وجب وجب مؤجلا صح إقراره ولا يملك المقذوف العفو عن القاذف و لو قال المقذوف : كنت مبطلا في دعواي سقط الحد كذا في حيل التاتارخانية من حيل المداينات .
وفرعت على هنا : لو أقر المشروط له الربع أنه يستحقه فلان دونه صح و لو جعله لغيره لم يصح و كذا المشروط له النظر و على هنا لو قال المريض في مرض الموت : لا حق لي على فلان لوارث لم تسمع الدعوى عليه من و ارث آخر و هي الحيلة في إبراء المريض و ارثه في مرض موته بخلاف ما إذا قال أبرأته فإنه يتوقف كما في حيل الحاوي القدسي .
وعلى هذا لو أقر المريض بذلك لأجنبي لم تسمع الدعوى عليه بشيء من الوارث .
فكذا إذا أقر لبعض و رثته كما في البزازية وعلى هذا يقع كثيرا أن البنت في مرض موتها تقر بأن الأمتعة الفلانية ملك أبيها لا حق لها فيها و قد أجبت فيها مرارا بالصحة و لا تسمع دعوى زوجها فيها مستندا لما في التاتارخانية من باب إقرار المريض معزيا إلى العيون ادعى على رجل مالا و أثبته و أبرأه لا تجوز براءته إن كان عليه دين و كذا لو أبرأ الوارث لا يجوز سواء كان عليه دين أو لا ولو أنه قال : لم يكن لي على هذا المطلوب شيء ثم مات جاز إقراره في القضاء انتهى .
وفي البزازية معزيا إلى حيل الخصاف : قالت فيه : ليس لي على زوجي مهر أو قال فيه : لم يكن لي على فلان شيء يبرأ عندنا خلافا للشافعي C انتهى .
وفيها قبله : و إبراء الوارث لا يجوز فيه قال فيه : لم يكن لي عليه شيء ليس لورثته أن يدعوا عليه شيئا في القضاء و في الديانة لا يجوز هذا الإقرار في الجامع : إقرار الابن فيه أنه ليس له على والده شيء من تركة أمه صح بخلاف ما لو أبرأه أو وهبه و كذا لو أقر بقبض ماله منه انتهى .
فهذا صريح فيما قلنا ولا ينافيه ما في البزازية معزيا إلى الذخيرة : قولها فيه : لا مهر لي عليه أو لا شيء لي عليه أو لم يكن لي عليه مهر قيل : لا يصح وقيل يصح والصحيح : أنه لا يصح انتهى لأنه هذا في خصوص المهر لظهور أنه عليه غالبا .
وكلامنا في غير المهر .
ولا ينافيه ما ذكره في البزازية أيضا بعده : ادعى عليه مالا وديونا ووديعة فصالح مع الطالب على شيء يسير سرا و أقر الطالب في العلانية أنه لم يكن له على المدعى عليه شيء وكان ذلك في مرض المدعي ثم مات ة لير لورثته أن يدعوا على المدعى عليه .
وإن برهنوا أنه كان لمورثنا عليه أموال لكنه بهذا الإقرار قصد حرماننا لا تسمع و إن كان المدعى عليه وارث المدعي وجرى ما ذكرناه فبرهن بقية الورثة على أن أبانا قصد حرماننا بهذا الإقرار وكان عليه أموال تسمع انتهى لكونه متهما في هذا الإقرار لتقدم الدعوى عليه والصلح معه على يسير والكلام عند عدم قرينة على التهمة .
ولا ينافيه أيضا ما في البزازية : لا أقر فيه بعبد لامرأته ثم أعتقه فإن صدقه الوارث فيه فالعتق باطل وإن كذبه فالعتق من الثلث انتهى لأن كلامنا فيما إذا نفاه من أصله وبقوله : لم يكن لي أو لا حق لي وأما مجرد الإقرار للوارث فموقوف على الإجازة سواء كان بعين أو دين أو قبض دين منه أو إبراء إلا في ثلاث : لو أقر بإتلاف وديعة معروفة أو أقر بقبض ما كان عنده وديعة أو بقبض ما قبضه الوارث بالوكالة من مديونه كنا في تلخيص الجامع وينبغي بأن يلحق بالثانية إقراره بالأمانات كلها ولو مال الشركة أو العارية .
والمعنى في الكل : أنه ليس فيه إيثار البعض فاغتنم هذا التحرير فإنه من مفردات هذا الكتاب .
وقد ظن كثير ممن لا خبرة له بنقل كلامهم وفهمه أن النفي من قبيل الإقرار للوارث وهو خطأ كما سمعته وقد ظهر لي أن الإقرار ههنا بأن الشيء الفلاني ملك أبي أو أمي وأنه عندي عارية بمنزلة قولها : لا حق لي فيه فيصح وليس من قبيل الإقرار بالعين للوارث لأنه فيما إذا قال : هذا لفلان فليتأمل وليراجع المنقول في جنايات البزازية .
ذكر : بكر أشهد المجروح أن فلانا لم يجرحه ومات المجروح منه : إن كان جرحه معروفا عند الحاكم والناس لا يصح إشهاده وإن لم يكن معروفا عند الحاكم والناس يصح إشهاده لاحتمال الصدق فإن برهن الوارث في هذه الصورة أن فلانا كان جرحه ومات منه لا يقبل لأن القصاص حق الميت إلى آخره ثم قال : ونظيره ما إذا قال المقدوف : لم يقذفني فلان إن لم يكن قذف فلان معروفا : يسمع إقراره وإلا لا - الفعل في المرض أحط رتبة من الفعل في الصحة إلا في مسألة إسناد الناظر النظر لغيره بلا شرط فإنه في مرض الموت صحيح لا الصحة كما في اليتيمة وغيرها وفي كافي الحاكم من باب الإقرار في المضاربة : لو أقر المضارب بربح ألف درهم في المال ثم قال : غلطت إنها خمسمائة لم يصدق وهو ضامن لما أقر به انتهى .
- اختلفا في كون الإقرار للوارث في الصحة أو في المرض فالقول لمن ادعى أنه في المرض أو في كونه في الصغر أو البلوغ فالقول لمدعي الصغر كذا في إقرار البزازية .
وكذا لو طلق أو عتق ثم قال : كنت صغيرا فالقول له وإن أسند إلى حال الجنون فإن كان معهودا قبل و إلا فلا .
- مات المقر له فبرهن وارثه على الإقرار ولم يشهدوا أن المقر له صدق المقر أو كذبه تقبل كما في القنية .
- أقر في مرض موته بشيء وقال : كنت فعلته في الصحة كان بمنزلة الإقرار في المرض من غير إسناد إلى زمن الصحة قال في الخلاصة : لو أقر في المرض الذي مات فيه أنه باع هذا العبد من فلان في صحته وقبض الثمن وادعى ذلك المشتري فإنه يصدق في البيع ولا يصدق في قبض الثمن إلا بقدر الثلث وفي العمادية : لا يصدق على استيفاء الثمن إلا أن يكون العبد قد مات قبل مرضه انتهى وتمامه في شرح ابن وهبان له .
- مجهول النسب إذا أقر بالرق لإنسان وصدقه المقر له صح وصار عبده إن كان قبل تأكد حريته بالقضاء أما بعد قضاء القاضي عليه بحد كامل أو بالقصاص في الأطراف لا يصح إقراره بالرق بعد ذلك وإذا صح إقراره بالرق فأحكامه بعده في الجنايات والحدود أحكام العبيد وتمامه في شرح المنظومة وفي المنتقى : يصدق إلا في خمسة زوجته ومكاتبه ومدبره وأم وله ومولى .
- أقر بالرق ثم ادعى الحرية لا تقبل إلا ببرهان كذا في البزازية و ظاهر كلامهم أن القاضي لو قضى بكونه مملوكا ثم برهن على أنه حر : فإنه يقبل لأن القضاء بالملك يقبل النقض لعدم تعديه كما في البزازية بخلاف ما لو حكم بالنسب فإنه لا تسمع دعوى أحد فيه لغير المحكوم له ولا برهانه كما في البزازية لما قدمنا أن القضاء بالنسب مما يتعدى فعلى هذا لو أقر عبد لمجهول أنه ابنه وصدقه و مثله يولد لمثله وحكم به لم تصح دعواه بعد ذلك - أنه ابن لغير العبد المقر وهي تصلح حيلة لدفع دعوى النسب وشرط في التهذيب تصديق المولى .
وفي اليتيمة من الدعوى سئل علي بن أحمد عن رجل مات وترك مالا .
فاقتسمه الوارثون ثم جاء رجل وادعى أن هذا الميت كان أبي وأثبت النسب عند القاضي بالشهود وأن أباه أقر أنه ابنه وقضى القاضي له بثبوت النسب فيقول له الوارثون بين أن هذا الرجل الذي مات نكح أمك هل يكون هذا دفعا فقال : إن قضى القاضي بثبوت نسبه .
ثبت نسبه وبنوته ولا حاجة إلى الزيادة انتهى .
- جهالة المقر تمنع صحة الإقرار إلا في مسألة ما إذا قال : لك على أحدنا ألفدرهم وجمع بين نفسه وعبده إلا في مسألتين : فلا يصح أن يكون العبد مديونا أو مكاتبا كذا في الملتقط .
- الإقرار بالمجهول صحيح إلا إذا قال على عبد أو دار فإنه غير صحيح كما في البزازية ثم قال : علي من شاة إلى بقرة لا يلزمه شيء سواء كان بعينه أو لا انتهى .
- إذا أقر بمجهول لزمه بيانه إلا إذا قال : لا أدري علي له سدس أو ربع ؟ فإنه يلزمه الأقل كما في البزازية .
إذا تعذر الإقرار بموضعين : لزمه الشيئان إلا في الإقرار بالقتل : لو قال : قتلت ابن فلان له ثم قال : قتلت ابن فلان وكان له ابنان وكذا في العبد وكذا في التزويج وكذا الإقرار بالجراحة فهي ثلاث كما في إقرار منية المفتي .
- إذا أقر بالدين بعد الإبراء منه لم يلزمه كما في التاتارخانية إلا إذا أقر لزوجته بمهر بعد هبتها له المهر على ما هو المختار عند الفقيه وبجعل زيادة وإن قبلت الأشبه خلافه لعدم قصدها كما في مهر البزازية و إذا أقر بأن في ذمته لها كسوة ماضية ففي فتاوى قارىء الهداية أنها تلزمه ولكن ينبغي للقاضي أن يستفسرها إذا ادعت : فإن ادعتها بلا قضاء ولا رضاء لم يسمعها للسقوط و إلا سمعها ولا يستفسر المقر انتهى .
يعني فيما إذا أقر بأنها في ذمته حمل على أنها بقضاء أو رضاء فتلزمه اللهم إلا إذا صدقت المرأة أنها بغير قضاء ورضاء بعد إقراره المطلق فينبغي ألا تلزمه