كتاب الوقف .
- لو وقف على المصالح فهي للإمام والخطيب والقيم وشراء الدهن والحصر والمراوح كذا في منظومة ابن وهبان .
- كل من بنى في أرض غيره بأمره ة فالبناء لمالكها ولو بنى لنفسه بلا أمره فهو له .
وله رفعه إلا أن يضر بالأرض وأما البناء في أرض الوقف : فإن كان الباني المتولي عليه : فإن كان بمال الوقف فهو وقف وإن كان من ماله للوقف أو أطلق فهو وقفى وإن كان لنفسه فهو له وإن لم يكن متوليا : فإن كان أذن المتولي ليرجع به فهو وقف وإلا فإن بنى للوقف فوقف وإن لنفسه أو أطلق له رفعه لو لم يضر وإن أضرة فهو المضيع ماله فليتربص إلى خلاصه وفي بعض الكتب للناظر تملكه بأقل القيمتين للوقف منزوعا وغير منزوع بمال الوقف .
- الناظر إذا أجر ثم مات فإن الإجارة لا تنفسخ إلا إذا كان هو الموقوف عليه وكان جمع الريع له : فإنها تنفسخ بموته كما حرره ابن وهبان معزيا إلى عدة كتب ولكن إطلاق المتون يخالفه .
- الاستدانة على الوقف لا تجوز إلا إذا احتيج إليها لمصلحة الوقف : كتعمير وشراء بذر فتجوز بشرطين : الأول إذن القاضي الثاني : أن لا يتيسر إجارة العين والصرف من أجرتها كما حرره ابن وهبان وليس من الضرورة الصرف على المستحقين كما في القنية .
- والاستدانة : القرض والشراء بالنسيئة .
- وهل يجوز للمتولي أن يشتري متاعا بأكثر من قيمته ويبيعه ويصرفه على العمارة ويكون الربح على الوقف الجواب : نعم كما حرره ابن وهبان .
- لا يشترط لصحة الوقف على شيء وجود ذلك الشيء وقته فلو وقف على أولاد زيد ولا ولد له صح وتصرف الغلة إلى الفقراء إلى أن يوجد له ولد واختلفوا فيما إذا وقف على مدرسة أو مسجد وهيأ مكانا لبنائه قبل أن يبنيه والصحيح : الجواز أخذا من السابقة كما في فتح القدير .
- إقالة الناظر عقد الإجارة جائزة إلا في مسألتين : الأولى : إذا كان العاقد ناظرا قبله كما فهم من تعليلهم .
الثانية : إذا كان الناظر يعجل الأجرة كما في القنية ومشى عليه ابن وهبان .
- استبدال الوقف العامر لا يجوز إلا في مسائل : الأولى : لو شرطه الواقف .
الثانية : إذا غصبه غاصب وأجرى الماء عليه حتى صار بحرا لا يصلح للزراعة فيضمنه القيم القيمة ويشتري بها أرضا بدلا .
الثالثة : أن يجده الغاصب ولا بينة وهي في الخانية .
الرابعة : أن يرغب إنسان فيه ببدل أكثر غلة وأحسن وصفاة فيجوز على قول أبي يوسف كما في فتاوى قارىء الهداية .
- إجارة الوقف بأقل من أجرة المثل لا تجوز إلا إذا كان لا يرغب أحد في إجارته إلا بالأقل وفيما إذا كان النقصان يسيرا .
- شرط الواقف يجب اتباعه لقولهم : شرط الواقف كنص الشارع أي : في وجوب العمل به وفي المفهوم والدلالة كما بيناه في شرح الكنز إلا في مسائل الأولى : شرط أن القاضي لا يعزل الناظر فله عزل غير الأهل .
الثانية : شرط أن لا يؤجر وقفه أكثر من سنة والناس لا يرغبون في استئجاره سنة أو كان في الزيادة تقع للفقراء فللقاضي المخالفة دون الناظر .
الثالثة : لو شرط أن يقرأ على قبره فالتعيين باطل .
الرابعة : شرط أن يتصدق بفاضل الغلة على من يسأل في مسجد كذا كل يوم لم يراع شرطه فللقيم التصدق على سائل غير ذلك المسجد أو خارج المسجد أو على من لا يسأل .
الخامسة : لو شرط للمستحقين خبزا أو لحما معينا كل يوم فللقيم أن يدفع القيمة من النقد وفي موضع آخر : لهم طلب العين وأخذ القيمة .
السادسة : تجوز الزيادة من القاضي على معلوم الإمام إذا كان لا يكفيه وكان عالما تقيا .
السابعة : شرط الواقف عدم الاستبدال فللقاضي الاستبدال إذا كان أصلح .
- لا يجوز للقاضي عزل الناظر المشروط له بلا خيانة ولو عزله لا يصير معزولا ولا الثاني متوليا كذا في فصول العمادي ويصح عزل الناظر بلا خيانة إن كان منصوب القاضي إذا عزل القاضي الناظر ثم عزل القاضي فتقدم المخرج إلى الثاني وأخبره أن الأول عزله بلا سبب لا يعيده ولكن يأمره بأن يثبت عنده انه أهل للولاية فإذا أثبت أعاده .
- ليس للقاضي عزل الناظر بمجرد شكاية المستحقين حتى يثبتوا عليه خيانة وكذا الوصي الواقف إذا عزل الناظر : فإن شرط له العزل حال الوقف صح اتفاقا وإلا لا عند محمد ويصح عند أبي يوسف ومشايخ بلخ اختاروا قول الثاني والصدر اختار قول محمد .
وعلى هذا الاختلاف : لو مات الواقف فلا ولاية للناظر لكونه وكيلا عنه فيملك عزله بلا شرط وتبطل ولايته بموته وعند محمد ليس بوكيل فلا يملك عزله ولا تبطل بموته .
والخلاف فيما إذا لم يشترط له الولاية في حياته وبعد مماته وأما لو شرط ذلك لم تبطل بموته اتفاقا هذا حاصل ما في الخلاصة و البزازية والفتوى على قول أبي يوسف كما في الولوالجية وفي العتابيه : لو لم يجعل الواقف له قيما فنصب القاضي له قيما وقضى بقوامته لم يملك الواقف إخراجه انتهى .
ولم أر حكم عزل الواقف للمدرس والإمام اللذين ولاهما ولا يمكن إلحاقه بالناظر لتعليلهم لصحة عزله عند الثاني بكونه وكيلا عنه وليس صاحب الوظيفة وكيلا عن الواقف ولا يمكن منعه عن العزل مطلقا لعدم شتراط في أصل الإيقاف لكونهم جعلوا له نصب الإمام والمؤذن بلا شرط لما في البزازية .
- الباني أولى بنصيب الإمام والمؤذن وولد الباني وعشيرته أولى من غيرهم .
- بني مسجدا في محلة فنازعه بعض أهل المحلة في العمارة فالباني أولى مطلقا .
وإن تنازعوا في نصب الإمام والمؤذن مع أهل المحلة : إن كان ما اختاره أهل المحلة أولى من الذي اختاره الباني فما اختاره أهل المحلة أولى وإن كانا سواء فمنصوب الباني أولى اهـ .
كثر في زماننا إجارة أرض الوقف مقيلا ومراحا قاصدين بذلك لزوم الأجر وان لم ترو بماء النيل ولا شك في صحة الإجارة لأنها لم تستاجر للزراعة وهما منفعتان مقصودتان لما في إجارة الهداية : الأرض تستأجر للزراعة وغيرها قال في النهاية : أي لغير الزراعة نحو البناء وغرس الأشجار ونصب الفسطاط و نحوهما وفي المعراج و فتح القدير من البيع الفاسد ولا تجوز إجارة المراعي أي : الكلأ والحيلة في ذلك أن يستاجر الأرض ليضرب فيها فسطاطا أو ليجعلها حظيرة لغنمه ثم يستبيح المرعى وذكر الزيلعي الحيلة أن يستأجرها لإيقاف الدواب أو منفعة أخرى هما .
- والحاصل : أن المقيل مكان القيلولة وهي : النوم نصف النهارة قال الرازي في تفسير الفرقان : المقيل : زمان القيلولة ومكانها وهو الفردوس في الآية وهي { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا } : وفي القاموس : القائلة نصف النهار قال قيلا وقائلة وقيلولة ومقالا ومقيلا اهـ واما المراح فقال في القاموس : لا أروح الإبل ردها إلى المراح بالضم المأوى في المساء وفي الصحاح : أراح إبله ردها إلى المراح وفي المصباح : الرواح : رواح العشي وهو من الزوال إلى الليل والمراح بضم الميم : حيث تأوي الماشية بالليل والمناخ والمأوى مثله وفتح الميم بهذا المعنى خطأ لأنه اسم مكان واسم المكان والزمان والمصدر من أفعل بالألف مفعل بضم الميم على صيغة اسم المفعول وأما المراح بالفتح فاسم الموضع من راحت بغير ألف واسم المكان والزمان من الثلاثي بالفتح والمراح أيضا الموضمع الذي يروح القوم منه أو يروحون إليه اهـ .
- فرجع معنى المقيل في الإجارة إلى مكان القيلولة ويدل على صحتها له : قولهم : لو استأجرها لنصب الفسطاط : جاز لأنه للقيلولة ورجع معنى المراح إلى مكان مأوى الإبل ويدل على صحتها : قولهم : لو استأجرها لإيقاف الدواب أو ليجعلها حظيرة لغنمه جاز .
- تخلية البعيد باطلة فلو استأجر قرية وهو بالمصرة لم تصح تخليتها على الأصح .
كما في الخانية و الظهيرية في البيع والإجارة وهي كثيرة الوقوع في إجارة الأوقاف فينبغي للمتولي أن يذهب إلى القرية مع المستأجر فيخلي بينه وبينها أو يرسل وكيله أو رسوله إحياء لمال الوقف .
- أقر الموقوف عليه بأن فلانا يستحق معه كذا أو أنه يستحق الريع دونه وصدقه فلان صح في حق المقر دون غيره من أولاده وذريته ولو كان مكتوب الوقف مخالفا له حملا على أن الواقف رجع على ما شرطه وشرط ما أقر به المقر ذكره الخصاف في باب مستقل وأطال في تقريره .
ما شرطه الواقف لاثنين ليس لأحدهما الانفراد إلا إذا شرط الواقف الاستبدال لنفسه وللآخر فإن للواقف الانفراد لا لفلان كما في فتاوى قاضي خان ومقتضاه : لو شرط لهما الإدخال والإخراج ليس لأحدهما ذلك ولو بعد موت الآخر فيبطل ذلك الشرط بموت أحدهما وعلى هذا : لو شرط النظر لهما فمات أحدهما أقام القاضي غيره مقامه وليس للحي الانفراد : إلا إذا أقامه القاضي كما في الإسعاف .
- الناظر : وكيل الواقف عند أبي يوسف ووكيل الفقراء عند محمد فينعزل بموت الواقف عند أبي يوسف وله عزله ويبطل ما شرطه له بموته خلافا لمحمد في الكل .
- في الدور والحوانيت المسبلة في يد المستأجر يمسكها بغبن فاحشر بنصف أجرة المثل أو نحوه ة لا يعذر أهل المحلة بالسكوت عنه إذ أمكنهم رفعه ويجب على الحاكم أن يأمره بالاستئجار بأجر المثل ووجب عليه تسليم زائد السنين الماضية ولو كان القيم ساكتا مع قدرته على الرفع إلى القاضي لا غرامة عليه وإنما هي على المستأجر وإذا ظفر الناظر بمال الساكن فله أخذ النقصان منه فيصرفه في مصرفه قضاء وديانة كذا في القنية .
- عزل القاضي فادعى القيم أنه قد أجرى له كذا مشاهرة أو مسانهة وصدقه المعزول فيه لا يقبل إلا ببينة ثم إن كان ما عينه أجر مثل عمله أو دونه يعطيه الباقي وإلا يحط الزيادة ويعطيه الباقي .
- يصح تعليق التقرير في الوظائف أخذا من جواز تعليق القضاء والإمارة بجامع الولاية : فلو مات المعلق بطل التقرير فإذا قال القاضي : لا إن مات فلان أو شغرت وظيفة كذا فقد قررتك فيها صح وقد ذكره في أنفع الوسائل تفقها وهو فقه حسن وفي فوائد صاحب المحيط : للإمام والمؤذن وقف فلم يستوفيا حتى ماتا سقط لأنه في معنى الصلة وكذا القاضي وقيل : لا يسقط لأنه كالأجرة اهـ ذكره في الدرر والغرر وجزم في البغية تلخيص القنية بأنه يورث ثم قال : بخلاف رزق القاضي وفي الينبوع للأسيوطي فرع يذكر فيه ما ذكره أصحابنا الفقهاء في الوظائف المتعلقة بالأوقاف : .
- أوقاف الأمراء والسلاطين كلها إن كان لها أصل من بيت المال أو ترجع إليه فيجوز لمن كان بصفة الاستحقاق من عالم للعلوم الشرعية أو طالب العلم كذلك وصوفي على طريقة الصوفية من أهل السنة أن يأكل مما وقفوه غير متقيد بما شرطوه ويجوز في هذه الحالة الاستنابة بعشر وغيره ويتناول المعلوم وإن لم يباشر ولا استناب واشتراك الاثنين فأكثر في الوظيفة الواحدة والواحد عشر وظائف ومن لم يكن بصفة الاستحقاق من بيت المال لم يحل له الأكل من هنا الوقف ولو قرره الناظر وباشر الوظيفة لان هذا من بيت المال لا يتحول عن حكمه الشرعي بجعل أحد وما يتوهمه كثير من الناس ممن يقول في ملك الذي وقف فهو توهم فاسد ولا يقبل في باطن الأمر .
أما أوقاف أرض ملكوها وأوقفوها : فلها حكم آخر وهي قابلة بالنسبة إلى تلك وإذا عجز الواقف عن الصرف إلى جميع المستحقين .
- فإن كان أصله من بيت المال روعي فيه صفة الأحقية من بيت المال فإن كان في أهل الوظائف من هو بصفة الاستحقاق من بيت المال ومن ليس كذلك فقدم الأولون عن غيرهم من العلماء وطلبة العلم وال الرسول A وإن كانوا كلهم بصفة الاستحقاق منه ؟ قدم الأحوج فالأحوج فإن استووا في الحاجة قدم الأكبر فالأكبر فيقدم المدرس ثم المؤذن ثم الإمام ثم القيم .
- وان كان الوقف ليس مأخوذا من بيت المال اتتع فيه شرط الواقف فإن لم يشترط تقديم أحد لم يقدم فيه أحد بل يقسم على كل منهم بجميع أهل الوقف بالسوية أهل الشعائر وغيرهم انتهى بلفظه - وقد اغتر بذلك كثير من الفقهاء في زماننا فاستباحوا تناول معاليم الوظائف بغير مباشرة أو مع مخالفة الشروط والحال أن ما نقله الأسيوطي عن فقهائهم إنما هو فيما بقي لبيت المال ولم يثبت له ناقل وأما الأراضي التي باعها السلطان وحكم بصحة بيعها ثم وقفها المشتري : فإنه لا بد من مراعاة شرائطه .
فإن قلت : هل في مذهبنا لذلك أصل قلت : نعم كما بينته في التحفة المرضية في الأراضي المصرية وقد سئل عن ذلك المحقق ابن الهمام فأجاب بأن للإمام البيع إذا كان بالمسلمين حاجة والعياذ بالله تعالى وبينت في هذه الحالة أنه إذا كان فيه مصلحة صح وان لم يكن لحاجة كبيع عقار اليتيم على قول المتأخرين المفتى به .
فإن قلت : هنا في أوقاف الأمراء أما في أوقاف السلاطين فلا قلت : لا فرق بينهما فإن للسلطان الشراء من وكيل بيت المال وهي جواب الواقعة التي أجاب عنها المحقق ابن الهمام في فتح القدير فإنه سئل عن الأشرف برسبائي إذا اشترى من وكيل بيت المال أرضا ثم وقفها فأجاب بما ذكرناه .
أما إذا وقف السلطان من بيت المال أرضا للمصلحة العامة فذكر قاضي خان في فتاواه جوازه ولا يراعى ما شرطه دائما .
وأما استواء المستحقين عند الضيق : فمخالف لما في مذهبنا لما في الحاوي القدسي .
الشي يبدأ به من ارتفاع الوقف عمارته شرط الواقف أم لا ثم ما هو أقرب إلى العمارة وأعم للمصلحة كالإمام للمسجد والمدرس للمدرسة يصرف إليهم قدر كفايتهم ثم السراج والبساط كذلك - انتهى .
وظاهره : أن المقدم في الصرف : الإمام والمدرس والوقاد والفراش وما كان بمعناهم لتعبيره بالكاف فما كان بمعناهم الناظر وبنبغي إلحاق الشاد زمن العمارة والكاتب بهم لا في كل زمان وينبغي إلحاق الجابي المباشر للجباية بهم والسواق ملحق بهم أيضا والخطيب ملحق بالإمام بل هو إمام الجمعة ولكن قيد المدرس بمدرس المدرسة وظاهره إخراج مدرس الجامع ولا يخفى ما بينهما من الفرق فإن مدرس المدرسة إذا غاب تعطلت المدرسة فهو أقرب إلى العمارة كمدرسي الروم أما مدرس الجامع كأكثر المدرسين بمصر فلا ولا يكون مدرس المدرسة من الشعائر إلا إذا لازم التدريس على حكم شرط الواقف أما مدرسو زماننا فلا كما لا يخفى وظاهر ما في الحاوي تقديم الإمام والمدرس على بقية الشعائر لتعبيره بثم فإذا علمت ذلك : ظهر لك أن الشاهد والمباشر والشاد في غير زمن العمارة والمزملاتي والشحنة وكاتب الغيبة وخازن الكتب وبقية أرباب الوظائف : ليسوا منهم وينبغي إلحاق المؤذنين بالإمام وكذا الميقاتي لكثرة الاحتياج إليه للمسجد وظاهر ما في الحاوي : تقديم من ذكرناه .
ولو شرط الواقف الإستواء عند الضيق لأنه جعلهم كالعمارة ولو شرط استواء العمارة بالمستحقين لم يعتبر شرطه وإنما تقدم عليهم فكذا هم .
الجامكية في الأوقاف لها شبه الأجرة وشبه الصلة وشبه الصدقة فيعطى كل شبه ما يناسبه فاعتبرنا شبه الأجرة باعتبار زمن المباشرة وما يقابله من المعلوم والحل للأغنياء وشبه الصلة باعتبار أنه إذا قبض المستحق المعلوم ثم مات أو عزل فإنه لا يسترد منه حصة ما بقي من السنة وشبه الصدقة لتصحيح أصل الوقف فإنه لا يصح على الأغنياء ابتداء فإذا مات المدرس في أثناء السنة مثلا قبل مجيء الغلة وقبل ظهورها وقد باشر مدة ثم مات أو عزل ينبغي أن ينظر وقت قسمة الغلة إلى مدة مباشرته وإلى مباشرة من جاء بعده ويبسط المعلوم على المدرسين وبنظر كم يكون منه للمدرس المنفصل والمتصل فيعطى بحساب مدته ولا يعتبر في حقه اعتبار زمان مجيء الغلة وإدراكها كما اعتبر في حق الأولاد في الوقف بل يفترق الحكم بينهم وبين المدرس والفقيه وصاحب وظيفة ما وهذا هو الأشبه بالفقه والأعدل كذا حرره الطرسوسي في أنفع الوسائل .
ثم اعلم أن اعتبار زمن مجيء الغلة في حق الأولاد في غير الأوقاف المؤجرة على الأقساط الثلاثة كل أربعة أشهر قسط فيجب اعتبار إدراك القسط فكل من كان مخلوقا قبل تمام الشهر الرابع حتى تم وهو مخلوق استحق القسط ومن لا فلا كما في فتح القدير .
- لا تنفسخ الإجارة بموت المؤجر للوقف إلا في مسألتين ما إذا آجرها الواقف ثم ارتد ثم مات لبطلان الوقف بردته فانتقلت إلى ورثته وفيما إذا اجر أرضه ثم وقفها على معين ثم مات تنفسخ ذكره ابن وهبان في أخر شرحه .
- الناظر إذا آجر إنسانا فهرب ومال الوقف عليه لا يضمن كذا في التاتارخانية .
بخلاف ما إذا فرط في خشب الوقف حتى ضاع فإنه يضمنه .
- أقر بأرض في يد غيره بأنها وقف وكذبه ثم اشتراها أو ورثها صارت وقفا مؤاخذة له بزعمه وقد كتبنا نظائرها في الإقرار .
- وقعت حادثة : وقف الأمير على فلان ثم على أولاده ثم من بعدهم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم ثم من بعدهم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم من الذكور خاصة دون الإناث فإذا انقرض أولاد الذكورة صرف إلى كذا فهل قوله من الذكور خاصة قيد الأباء والأبناء حتى لا تستحق أنثى ولا ولد أنثى أم هو قيد في الأبناء دون الآباء حتى يستحق ولد الذكر ولو كان أنثى ؟ فأجبت : هو قيد في الأباء دون الأبناء لأن الأصل كون الوصف بعد متعاطفين للأخير كما صرحوا به في باب المحرمات في قوله تعالى { من نسائكم اللاتي دخلتم بهن } بعد قوله تعالى : { وأمهات نسائكم وربائبكم } ولأن الظاهر أن مقصوده حرمان أولاد البنات لكونهم ينسبون إلى آبائهم ذكورا كانوا أو إناثا وتخصيص أولاد الأبناء ولو كانوا إناثا لكونهم ينسبون إليهم وبقرينة قوله بعده : فإذا انقرض أولاد الذكور ولم يقل : أبناء الذكور ولا أبناء الأولاد والله سبحانه وتعالى اعلم .
ثم بلغني أن بعض الشافعية جعله قيدا في الآباء والأبناء ووافقه بعض الحنفية فرأيت الإمام الإسنوي في التمهيد نقل أن الوصف بعد الجمع يرجع إلى الجميع عند الشافعية والى الأخير عند الحنفية وأن محل كلام الشافعية فيما إذا كان العطف بالواو .
وأما بثم : فيعود إلى الأخير اتفاقا .
- الاستدانة على الوقف لمصالح الوقف عند الضرورة : لا تجوز إلا بإذن القاضي وإن كان المتولي يبعد عنه أن يستدين بنفسه كذا في خزانة المفتين .
- الناظر إذا فرض النظر لغيره : فإن كان له التفويض بالشرط صح مطلقا وإلا فإن فوض في صحته لم يصح وان فوض في مرض موته صح كذا في القنية و اليتيمة و خزانة المفتين وغيرها .
واذا صح التفويض بالشرط لا يملك عزله إلا إذا كان الواقف جعل له التفويض والعزل كما حرره .
الطرسوسي في أنفع الوسائل .
ولم يذكر ما إذا فوض في مرض موته بلا شرط وقلنا بالصحة و ينبغي أن يكون له العزل والتفويض إلى غيره كالإيصاء .
وسئلت عن ناظر معين بالشرط ثم بعد وفاته لحاكم المسلمين فهل إذا فوض النظر لغيره ثم مات ينتقل للحاكم أو لا ؟ فأجبت : بأنه إن فوض في صحته ينتقل للحاكم بموته لعدم صحة التفويض وإن في مرض موته لا ينتقل له ما دام المفوض إليه باقيا لقيامه مقامه .
وعن واقف شرط مرتبا لرجل معين ثم من بعده للفقراء ففرغ عنه لغيره ثم مات فهل ينتقل إلى الفقراء فأجبت بالانتقال .
ليس للقاضي أن يقرر له وظيفة في الوقف بغير شرط الواقف ولا يحل للمقرر له الأخذ إلا النظر على الوقف ذكر الحسامي في واقعاته .
أن للقاضي نصب القيم بغير شرط وليس له نصب خادم للمسجد بغير شرط فاستفدت منها ما ذكرته .
- يكره إعطاء فقير من وقف الفقراء مائتي درهم لأنه صدقة فم أشبهت الزكاة إلا إذا أوقف على فقراء قرابته فلا يكره كالوصية كذا في الاختيار .
ومن هذا يعلم حكم المرتب الكثير من وقف الفقراء لبعض العلماء الفقراء فليحفظ .
- إذا وقف على فقراء قرابته لم يستحق مدعيهما إلا ببينة على القرابة والفقر لا بد من بيان جهة القرابة ولا بد من بيان أنه فقير معدم .
ومن له نفقة على غيره ولا مال له : فقير إن كانت لا تجب إلا بالقضاء كذوي الرحم المحرم وان كانت تجب بغير قضاء فليس بفقير كالولد الصغير كذا في الاختيار .
- إذا جعل تعمير الوقف في سنة وقطع معلوم المستحقين كلهم أو بعضهم فما قطع لا يبقى لهم دينا على الوقف إذ لا حق لهم في الغلة زمن التعمير بل زمن الاحتياج إليه عمره أو لا وفي الذخيرة ما يفيد أن الناظر إذا صرف لهم مع الحاجة إلى التعمير فإنه يضمن انتهى .
وفائدة ما ذكرناه : لو جاءت الغلة في السنة الثانية وفضل شيء بعد صرف معلومهم هذه السنة لا يعطيهم الفاضل عوضا عما قطع وقد استفتيت عما إذا شرط الواقف الفاضل عن المستحقين للعتقاء وقد قطع للمستحقين في سنة شيء بسبب التعمير هل يعطى الفاضل في الثانية لهم أم للعتقاء ؟ فأجبت : للعتقاء لما ذكرناه والله سبحانه وتعالى أعلم .
و إذا قلنا بتضمين الناظر إذا صرف لهم مع الحاجة إلى التعمير : هل يرجع عليهم بما دفعه لكونهم قبضوا ما لا يستحقونه أو لا لم أره صريحا لكن نقلوا في باب النفقات أن مودع الغائب إذا أنفق الوديعة على أبوي المودع بغير إذنه وإذن القاضي فإنه يضمن وإذا ضمن لا يرجع عليهما لأنه لما ضمن تبين أن المدفوع ملكه لاستناد ملكه إلى وقت التعدي كما في الهداية وغيرها .
وقالوا في كتاب الغصب : إن المضمونات يملكها الضامن مستندا إلى وقت التعدي حتى لو غيب الغاصب العين المغصوبة وضمنه المالك : ملكها مستندا إلى وقت الغصب فنفذ بيعه السابق ولو أعتق العبد المغصوب بعد التضمن : نفذ ولو كان محرمه : عتق عليه كما بيناه في النوع الثالث من بحث الملك ولا يخالفه ما في القنية من باب الشروط في الوقف : لو شرط الواقف قضاء دينه ثم يصرف الفاضل إلى الفقراء فلم يظهر دين في تلك السنة فصرف الفاضل إلى المصرف المذكور ثم ظهر دين على الواقف يسترد ذلك من المدفوع إليهم انتهى .
لأن الناظر ليس بمتعد في هذه الصورة لعدم ظهور الدين وقت الدفع فلم يملكه القابض فكان للناظر استرداده بخلاف مسألتنا لأنه متعد لكونه صرف عليهم مع علمه بالحاجة إلى التعمير وكذا لا يرد ما إذا أذنه القاضي بالدفع إلى زوجة الغائب فلما حضر جحد النكاح وحلف فإنه قال في العتابية : إن شاء ضمن المرأة وان شاء ضمن الدافع وبرجع هو على المرأة انتهى .
لأنه غير معتد وقت الدفع وإنما ظهر الخطأ في الإذن فإنما دفع بناء على صحة إذن القاضي فكان له الرجوع عليها لأنه وان ملك المدفوع بالضمان فليس بمتبرع .
وفي النوازل : سئل أبو بكر عن رجل وقف دارا على مسجد على أن ما فضل من عمارته فهو للفقراء فاجتمعت الغلة والمسجد لا يحتاج إلى العمارة هل تصرف إلى الفقراء قال : لا تصرف إلى الفقراء وان اجتمعت غلة كثيرة لأنه يجوز أن يحدث للمسجد حدث والدار بحال لا تغل قال الفقيه : سئل أبو جعفر عن هذه المسألة فأجاب هكذا .
ولكن الاختيار عندي أنه إذا علم أنه قد اجتمع من الغلة مقدار ما لو احتاج المسجد والدار إلى العمارة أمكن العمارة منها صرف الزيادة على الفقراء على ما شرط الواقف انتهى وبلفظه .
فقد استفدنا منه أن الواقف إذا شرط تقديم العمارة ثم الفاضل عنها للمستحقين كما هو الواقع في أوقاف القاهرة فإنه يجب على الناظر إمساك قدر ما يحتاج إليه للعمارة في المستقبل وإن كان الآن لا يحتاج إلى الموقوف إلى العمارة على القول المختار للفقيه .
على هذا فيفرق بين اشتراط تقديم العمارة في كل سنة والسكوت عنه فإنه مع السكوت تقدم العمارة عند الحاجة إليها ولا يدخر لها عند عدم الحاجة إليها ومع الاشتراط تقدم عند الحاجة ويدخر لها عند عدمها ثم يفرق الباقي لأن الواقف إنما جعل الفاضل عنها للفقراء .
نعم إذا اشترط الواقف تقديمها عند الحاجة إليها لا يدخر لها عند الاستغناء وعلى هذا فيدخر الناظر في كل سنة قدرا للعمارة ولا يقال إنه لا حاجة إليه لأنا نقول قد علله في النوازل بجواز أن يحدث للمسجد حدث والدار بحال لا تغل .
و حاصله : جاز خراب المسجد أو بعض الموقوف والموقوف لا غلة له فيؤدي الصرف إلى الفقراء من غير ادخار شيء للتعمير إلى خراب العين المشروط تعميرها أولا .
وصي الواقف ناظر على أوقافه كما هو متصرف في أمواله ولو جعل رجلا وصيا بعد جعل الأول : كان الثاني وصيا لا ناظرا كما في العتابية من الوقف ولم يظهر لي وجهه فإن مقتضى ما قالوا في الوصايا أن يكونا وصيين حيث لم يعزل الأول فيكونان ناظرين فليتأمل وليراجع غيره