{ باب الارتداد واللحاق بدار الحرب } .
قوله : الولدان فيء ولأن المرتدة تسبى والولد يتبع الأم في الرق والملك .
قوله : ويجبر لأنه قد كان أصل الإسلام لأبويه والولد تابع للأبوين في الإسلام ولو كان له أصل الإسلام بنفسه كان مجبراعلى الإسلام إذا سبي فهذا مثله .
قوله : ولا يجبر لأن أصل الإسلام إنما كان لجده وقد بينا أن النافلة لا يكون مسلما بإسلام الجد فلهذا لا يجبر على الإسلام ويكون حكمه كحكم سائر الكفار .
قوله : فلا بأس لأن النبي A صالح بني نجران على ألف ومائتي حلة وهم نصارى العرب .
قوله : فيء لأنه لما صح تقريرهم على الكفر بالجزية يصح تقريرهم بضرب الرق عليهم لأنهما سواء فى المعنى .
قوله : لم يفعل ذلك لقوله ( E ) : لا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف .
قوله : فنساؤهم وصبيانهم فيء لما روي أنه ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) سبى ذرية أو طاس ولأن قتل هؤلاء حرام فصح استرقاقهم .
قوله : قتل لأنه لما لم يجز تقريرهم على الكفر بالجزية لم يجز تقريرهم عليه بالاسترقاق أيضا .
قوله : فلا بأس لأنها ثابتة بالسنة لكن إنما يجوز ذلك عند الحاجة إلى استعداد القتال .
قوله : حتى ينظروا إلخ لأنه وقع منهم رجاء الإسلام لكن لا يأخذ على ذلك مالا لأنه يشبه الجزية فإن أخذه لم يرده عليهم لأنه مال لا عصمة له .
قوله : فإنه يقضي إلخ بعدما قضى القاضي بلحاق المرتد بدار الحرب يعتق أمهات أولاده ومدبروه والمؤجل من الديون عليه يصير حالا لأن ذلك بمنزلة موته فما ثبت من الحكم إذا مات حقيقة يثبت ههنا .
قوله : أخذه أي إن جاء مسلما بعد ذلك فما كان قائما من ماله في يد ورثته له أن يأخذ منهم لأن الوارث خلف الميت لاستغنائه عنه فإذا جاء مسلما فقد احتاج إليه وما أزاله الوارث عن ملكه لا سبيل له عليه لأنهم أزالوا في وقت كان لهم ولاية الإزالة ولا على أمهات أولاده ومدبريه لأن القاضي قضى بعتقهن في وقت كان القضاء جائزا فيه فنفذ قضاؤه .
قوله : فكأنه لم يزل مسلما فالمرتد وإن لحق بدار الحرب الحرب لا يعتق أمهات أولاده ما لم يقض القاضي بلحاقه لأن ذلك لا يثبت بنفس الردة بل بالموت وإنما يكون للردة حكم الموت إذا اتصل بها قضاء القاضي .
قوله : فهو فيء ولا يكون للورثة لأن هذا مال حربي وحق الورثة إنما يثبت في المال الذي خلفه في دار الإسلام فأما ما لحق به بدار الحرب فلا يثبت فيه حق الورثة وإن كان لحق بدار الحرب ثم رجع وأخذ مالا وأدخله في دار الحرب ثم ظهرنا على ذلك المال رددناه إلى الورثة في قول أبي حنيفة وقال محمد : إن رجع قبل قضاء القاضي بلحاقه فلا سبيل للورثة على هذا المال وإن رجع بعد قضاء القاضي بلحاقه كان للورثة أن يأخذوه إذا وجدوه في الغنيمة قبل القسمة بغير شئ وبعدها بالقيمة ولا خلاف بينهما بالحقيقة ولكن أطلق أبو حنيفة الجواب وقسم محمد وهو على التقسيم فإنه كان عوده قبل قضاء القاضي بلحاقه فاللحاق الأول في حكم الغنيمة وإنما المعتبر اللحاق الثاني والمال فيه معه وكأنه لحق بدار الحرب بماله وأما إذا قضى القاضي بلحاقه فقد صار المال ميراثا لورثته وهو حربي خرج فاستولى على مال الورثة وأحرزه ولو وقع غيره على هذا المال ثم وقع في الغنيمة كان لهم أن يأخذوه قبل القسمة بغير شئ وبعدها بالقيمة فهذا مثله .
قوله : جاز ما صنع تصرفات المرتد على أربعة أقسام : نافذ بالاتفاق : كالطلاق والاستيلاد ودعوة الولد وتسليم الشفعة وباطل بالاتفاق : كالنكاح والذبيحة لأنهما يعتمدان الملة ولا ملة له وموقوف بالاتفاق : كالمفاوضة والإرث لأنهما يعتمدان المساواة ولا مساواة بين المسلم والمرتد ما لم يسلم .
ومختلف فيه : كالعتق والهبة والكتابة وقبض الديون والإجارة والبيع والشراء .
قوله : في الوجهين لأن الصحة تعتمد الأهلية والنفاذ يعتمد الملك وقد وجد فوجب أن ينفذ ولأبي حنيفة أن المرتد حربي مقهور تحت أيدينا والحربي متى قهر توقف يده حتى توقف تصرفاته بالإجماع كذا ههنا .
قوله : فإن أبى قتل لقوله A : [ من بدل دينه فاقتلوه ] .
قوله : وتجبر المرتدة إن كانت حرة وإن كانت أمة وأهلها يحتاجون إلى خدمتها رفعت إليهم يستخدمونها ويجبرونها على الإسلام لأن حبسها لحق الله ( تعالى ) وحق المولى في خدمتها يقدم على حق الله في حبسها .
قوله : بمنزلة المرتد إلا أنه إذا أسر صار فيئا بخلاف المرتد لأن تقريره على الكفر جائز فجاز تقريره بضرب الرق لأنه لم يلتزم الإسلام .
قوله : والولاء للمرتد لأنه لما ثبت له حكم الأحياء فصار الإبن بمنزلة وكيله بحكم الخلافة فيما تصرف من ماله .
قوله : جميع ذلك لورثته لأنه لما صح تصرفه عندهما بلا توقف صح تملكه فوجب النقل إلى الوارث ولأبي حنيفة أن الإرث وقع مستندا إلى حالة الإسلام من أول زمان الردة لا بعد الردة ليكون فيه توريث المسلم من المسلم وهذا لا ينافي في ما اكتسبه بعد الردة .
قوله : ولا يرثه لأن الأمة إذا كانت نصرانية كان الولد مرتدا تبعا لأبيه لأنه أقرب إلى الإسلام لأنه يجبر على الإسلام والأم لا يجبر فالولد يتبع خير الأبوين دينا والأب كذلك لما ذكرنا فيتبعه والمرتد لا يرث وليس بأهل للإرث وإن كانت الجارية مسلمة كان الولد مسلما تبعا لها والمسلم أهل للإرث .
قوله : فيما اكتسبه لأن العاقلة لا تعقل عن المرتد وإنما يجب الدية في ماله لكن عند أبي حنيفة ماله الذي كسب في الإسلام وعندهما الكسبان جميعا ماله .
قوله : نصف الدية لأن اعتراض الردة أوجب إهدار الجناية لحصوله في محل غير معصوم فإذا أسلم وجب أن لا ينتقل ولأبي حنيفة وأبي يوسف أن الجناية وقعت فى محل معصوم وتمت في محل معصوم فوجب الضمان كما لو لم يتحلل الردة في البين .
قوله : وما بقي فهو للورثة هذا لا يشكل على أصلهما لأن عندهما أكساب الردة تكون ملكا للمرتد كأكساب الإسلام وإنما يشكل على أصل أبي حنيفة لأن أكساب الردة عنده لا يكون للمرتد وههنا جعله ملكا للمكاتب وإنما كان كذلك لأن المكاتب إنما يملك أكسابه بسبب الكتابة والكتابة لا تتوقف بالردة فكذلك الملك لا يتوقف .
قوله : فهما على نكاحهما وقال زفر : يبطل النكاح لأن المرتد ليس من أهل النكاح وبقاء الشئ بغير الأهل مستحيل ولنا إجماع الصحابة لما روى : أن بني حنيفة ارتدوا ثم أسلموا ولم يأمرهم الصحابة أنهم يفرقون .
قوله : فسد النكاح وكذلك إن ارتدا معا وأسلم أحدهما قبل الآخر إلا أن في الردة يتعجل الفساد قبل الدخول وبعده وفي إسلام أحد الزوجين لا يتعجل قبل الدخول وبعده غير أنه إن كان في دار الإسلام يتوقف على قضاء القاضي أيهما أسلم وإن كان في دار الحرب يتوقف على مضي ثلاث حيض .
قوله : هي فرقة بغير طلاق إلخ لأبي يوسف أن هذه فرقة بسبب يشترك فيه الزوجان فلا يكون طلاقا كما إذا ملك أحدهما صاحبه ولمحمد أن هذه فرقة من جهة الزوج فصار طلاقا ولأبي حنيفة أن الفرقة بالردة تقع بمعنى التنافي لا يصلح أن يكون مستفادا بالملك ليكون طلاقا وفي الإباء وقعت بسبب فوات تمرات النكاح وذلك مضاف إلى الزوج فشابه الفرقة بسبب الجب والعنة وذلك فرقة بطلاق كذا ههنا .
قوله : وقال محمد إلخ إن ارتدا معا ثم أسلم الزوح بعد ذلك بانت المرأة منه بغير طلاق ولا يتوارثان لأنه حال الفرقة على إصرارها على الكفر بعد إسلام الزوج وهي ليست بمشرفة على الهلاك حتى يرث الزوج منها بسبب القرابة وهي لا ترث إن مات وإن كانت المرأة هي التي أسلمت فالفرقة تكون أيضا لغير طلاق إلا في قول محمد وهي ترثه إذا مات قبل انقضاء العدة