{ باب في قطع الطريق } .
قوله : أن يكون هو قاطع الطريق لوجوده حقيقة كما في المفازة إلا أنا استحسنا وقلنا : ليس بقاطع لأن القطع إنما يكون بانقطاع المارة والناس لا يمتنعون من التطرق في هذا الموضع لوقوع هذه الحادثة فإذا كان لا ينقطع الطريق لم يتم السبب فلا يجب الحد أما في المفازة فالناس يمتنعون عن التطرق فيها بسبب هذه الحادثة ما لم يظهر الأمر بنفي اللصوص وإزعاجهم عن ذلك الموضع فيتحقق قطع الطريق .
قوله : ويقتل أو يصلب في ظاهر الرواية يتخير الإمام بين الصلب والقتل وروي عن أبي يوسف أنه قال : لا يترك الصلب لأنه منصوص عليه بقوله ( تعالى ) : { أن يقتلوا أو يصلبوا } أو قيل : معناه : ويصلب ولأن المقصود بذلك التشهير ليعبر به غيره والصحيح جواب ظاهر الرواية لأن معنى الزجر والتشهير يحصل بالقتل والصلب زيادة مبالغة فيه فكان الخيار فيه إلى الإمام ثم إذا أراد الصلب فقد ذكر الكرخي أنه يصلب حيا ثم يطعن تحت تندوته الأيسر حتى يموت وذكر الطحاوي أنه يقتل أولا ثم يصلب لأنه إذا صلب حيا ثم يطعن كان ذلك مثلمة وما ذكره الكرخي أصح لأن المقصود هو الإيلام والزجر وذلك إنما يحصل إذا صلب حيا ثم في ظاهر الرواية يترك على خشبة ثلاثة أيام ثم يخلى بينه وبين أهله ليدفنوه .
قوله : ولا يقطع : لأن الحد جزاء قطع الطريق وأنه جناية واحدة كيف ما قطع فلا يجمع بين الحدين ولكن يجب التغليظ ولأبي حنيفة أن قطع الطريق متفرق من وجه مجتمع من وجه بيانه أن قطع الطريق واحد في التقدير لكن الذي انقطع به الطريق متفرق فوجب التخيير وإن شاء جمع بين القتل والقطع لاعتبار جهة التفريق .
قوله : فلا ضمان عليه لأنه من جنس السرقة فإن وجب به الحد بطل حق العبد في النفس والمال جميعا حتى لا يضمن واحد منهما كما في السرقة .
قوله : جميعا لأنه شرط فيكتفى بوجوده من البعض .
قوله : لم يقم عليهم الحد كان أبو بكر الرازي يأول هذه المسئلة بأن كان المأخوذ مشتركا بينهم حتى لا يجب الحد باعتبار نصيب ذي الرحم المحرم فيصير شبهة في نصيب الباقين أما إذا لم يكن المال مشتركا فإن لم يكن أخذ إلا من ذي الرحم المحرم فكذلك وإن أخذوا منه ومن غيره يقام عليهم الحد باعتبار المال المأخوذ من الأجنبي والأصح أنه لا يقام عليهم الحد بكل حال لأن جنايتهم واحدة وهي قطع الطريق .
قوله : فهو سواء في أنه يقتل به لأن هذا القتل لم يجب قصاصا يشترط التساوي .
قوله : وذلك إلى الأولياء لأنه متى لم يجب الحد ظهر حق العبد في النفس والمال جميعا .
قوله : فإن شاء الأولياء إلخ لأن الحد بطل لقوله ( تعالى ) : { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } وظهر حق العبد فيه .
قوله : فلا شئ عليه إلخ أما إذا شهر عليه السيف فلأن السيف لا يلبث فيحتاج إلى الدفع فيجعل هدرا وكذلك كل سلاح لا يلبث وأما العصا فإنه يلبث فيمكنه أن يستغيث بغيره إلا في الليل فإنه وإن كان يلبث لكن لا يعينه غيره فيضطر إلى الدفع وإن كان عصا لا يلبث فيحتمل أن يكون مثل السلاح عندهما والطريق مثل الليل بكل حال ليلا أو نهارا وذلك ما روى : [ أن رجلا جاء إلى رسول الله A وقال : إن الرجل يريد أخذ مالي فقال رسول الله A : ذكره قال : فإن لم يتذكر ؟ قال : استعن إلى السلطان قال : إن كان السلطان يأبى عني ؟ قال : استعن بالناس قال : إن كانوا يأبون عني ؟ قال : قاتل دون مالك فتقتل أو تقتل فتكون شهيدا ]