{ باب في الرجل يحج عن آخر } .
قوله : فهو عن الحاج إلخ وهذا لأن الاستيجار على الحج وإن كان لا يجوز عندنا ولكن إذا أمر غيره بأن يحج عنه يجوز ويقع الحج عن الآمر من وجه ومن المأمور من وجه بخلاف الصوم والصلاة فإنهما يقعان عن المأمور من كل وجه إلا أن يصوم ويصلي ويتصدق فيجعل ثوابه لغيره وهذا جائز عند أهل السنة والجماعة خلافا لبعض أهل القبلة لأنه جعل الثواب لغيره والثواب هو الجنة فقد جعل الجنة لغيره وليس له هذه الولاية قلنا : إن النبي ( عليه السلام ) ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله ( تعالى ) وإذا صح أداء الحج عن الغير بالأمر فإذا أمر رجلان أن يحج عنهما فلا شك أنه أمر كل واحد منهما أن يخلص الحجة له من غير اشتراك فإذا أحرم عنهما صار مخالفا فيقع عن نفسه فيضمن النفقة إن أنفق من مالهما لأنه خالف .
قوله : فالدم على الذي أحرم الدماء ثلاثة أنواع : منها ما يجب جزاء لجناية : كدم الجماع وذلك على المأمور لأنه هو الجاني ومنها ما يجب نسكا : كدم المتعة والقرآن وذلك على المأمور أيضا وما كان من المناسك فهو على المأمور لما وفقه الله على الجمع بين العبادتين ومنها ما يجب مؤونة : كدم الإحصار فهذا على المحجوج عنه عند أبي حنيفة ومحمد لأنه هو الذي أدخله في العهدة وقال أبو يوسف : يجب على الفاعل : لأنه وجب بالتحلل كدم القرآن .
قوله : فعليهم أي على الأوصياء أو على الورثة أن يبعثوا بشاة أو بثمن شاة لأن نقل الشاة متعذر وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال مالك وأبو يوسف : يجب ذلك من مال الحاج لما قلنا : إنه وجب بالتحلل .
قوله : من مال الميت قال بعضهم : يريد به من الثلث لأنه صلة كالزكاة وغيرها وقال بعضهم : من جميع المال لأن ذلك وجب حقا المأمور فصار دينا .
قوله : وقال أبو يوسف ومحمد إلخ وأجمعوا على أنه لو كان في وطنه أو في غير وطنه لكنه خارج المصر إلى غير سفر الحج أنه يحج عنه من وطنه ولهما في الخلافية أن خروجه لم يبطل بموته قال الله ( تعالى ) : { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله } ولأبي حنيفة أن ما وقع من الخروج بطل لقوله ( عليه السلام ) : [ كل عمل ابن آدم ينقطع بموته إلا الثلاث : ولد صالح يدعو له وعلم علمه الناس وصدقة جارية ] وإن سرقت نفقته وقد أنفق النصف يحجج عن الميت بثلث ما بقي عند أبي حنيفة سواء أوصى بأن يحج عنه بثلث ماله أو بأقل من ثلث ماله أو أوصى بأن يحج عنه ولم يقل شيئا لأن الذي أنفق أبي أن مات بمنزلة الضائع وعندهما يحج من الذي بقي من الثلث الأول إن أوصى أن يحج عنه بثلث ماله وإذا أوصى بأن يحج عنه من ثلث ماله أو أوصى بأن يحج عنه ولم يقل شيئا قال أبو يوسف كذلك وقال محمد : مما بقي من المال المقدر للحج عنه إن بقي وإلا بطلت الوصية .
قوله : عن أحدهما لأن من حج عن غيره بغير أمره لا يكون حاجا عنه لكن يكون جاعلا ثواب الحج له فإذا شرع عنهما لم يصح جعله لهما فيصح جعله بعد ذلك لأحدهما