{ باب الرجل يقطع يد إنسان ثم يقتله } .
قوله : يؤخذ بالأمرين لأن الجمع بين الجراحات واجب ما أمكن ويجعل الآخر تتميما للأول لأن القتل في الأعم يكون بضربات متعاقبات إلا أن لا يمكن الجمع وهو أن يختلف حكم الفعلين كما في الفصلين الأولين أو يتخلل البرء كما في الفصلين الأخيرين ومتى لم يتخلل البرء وتجانس الفعلان إن كان خطاء يجمع بالإجماع واكتفى بدية واحدة وإن كان عمدا عند أبي حنيفة بالخيار إن شاء اعتبر جهة التعدد فقطع ثم قتل وإن شاء مال إلى جهة الاتحاد فقتل لا غير وعندهما لا يجوز له إلا القتل والحجج تعرف في المختلف .
قوله : ففيه دية واحدة لأنه لما برأ من الأسواط فكأنها لم توجد في حق الضمان دون التعزير وإنما يحصل القتل بما بقي فلا يجب إلا دية واحدة وبجب التعزير بتلك الأسواط التي اندملت .
قوله : رجل قطع إلخ إذا قطع يد رجل عمدا فعفى المقطوع يده عن القطع ومات من ذلك فعلى القاطع الدية وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ومن الجناية ثم مات من ذلك فهو عفوعن النفس وقال أبو يوسف ومحمد : إن عفا عن القطع فهو عفو عن النفس فإن كان القطع خطأ وعفا عن القطع ثم سرى إلى النفس فهو على هذا الاختلاف وإن عفا عن القطع وما يحدث منه أو عن الجناية صح العفو عن الكل كالعمد إلا إن في العمد يصح من جميع المال وفي الخطأ من ثلث المال وهذا يكون وصية العاقلة .
وهذا لا يشكل عند من لم يجعل القاتل من العاقلة وأما من جعله واحدا من العاقلة فقد أبطل حصته من الوصية من الدية لأنها للقاتل وهذا غير صحيح والصحيح أنها صحيحة وإن حصلت للقاتل لأنه وإن لم يصح في الابتداء صح في الانتهاء لأنا لو أبطلنا ذلك رجعت إلى العاقلة لأن من أوصى لمن يصح له الوصية ولمن لا يصح له الوصية صار كلها لمن يصح له الوصية كمن أوصى بثلث ماله لحي وميت ففهنا إذا لم للقاتل يعود إلى العاقلة في الانتهاء فيصح من الابتداء .
ثم بنى محمد على هذه المسئلة مسئلة وصورتها امرأة قطعت يد رجل عمدا وتزوجها الرجل على القطع وما يحدث منه أو عن الجناية ثم مات من ذلك فلها مهر مثلها ولا شئ عليها أما وجوب مهر المثل فلأن التزوج عليها تزوج على موجبها وموجبها ليس بمال لأن موجبها القطع وأما سقوط القصاص فلأنه لما جعل مهرا فقد رضي بسقوط القصاص وإن كان القتل خطأ والمسئلة بحالها صار متزوجا على موجبها وموجبها الدية وهذا يصلح مهرا غير أنه إنما يصح بمقدار مهر المثل لأنه مريض وما زاد على ذلك وصية فيكون الواجب لها بقدر مهر مثلها من الدية فإن كان مهر مثلها والدية سواء فالعاقلة لا يغرمون شيئا من ذلك لها لأنهم إنما يتحملون جنايتها فإذا لم يبق شئ فلا يغرمون لها وإن كان مهر مثلها أقل يرفع عن العاقلة مهر مثلها وما زاد عن ذلك إن كان يخرج من ثلث مالها فإنه يرفع عنهم لأنه وصية لهم وهم أجانب فيصح وإن كان لا يخرج فلهم ما زاد على مهر المثل قدر الثلث ويردون الفضل إلى الورثة هذا إذا تزوجها على القطع وما يحدث منه أو على الجناية فإن تزوجها على القطع لا غير في حالة الخطأ والعمد فجوابهما كالجواب الذي مر في ما إذا تزوجها على القطع وما يحدث منه أو على الجناية وعند أبي حنيفة إذا سرى بطلت التسمية فوجب مهر المثل لها على الحالين ووجب الدية في مالها عند العمد فيتقاصان إن كانا سواء ويرجع صاحب الفضل عند الزيادة وإن كان خطاء فالدية على العاقلة .
قوله : فإنه يقتل المقتص منه وقطع يده لا يمنع وجوب القصاص عليه .
وعن أبي يوسف أنه لا يقتل لأن الإقدام على القطع يكون إبراء عما وراءه والجواب عنه أنه إنما يصير إبراء عما وراءه لو كان الموجب معلوما وعند القطع زعمه أن حقه في القصاص في الطرف فيستوفى لهذا أما أن يبرأ أحد عن شئ مجهول فلا