{ باب في القراءة في الصلاة } .
قوله : وأي سورة شئت استدل على سنية التخيير بالمنقول والمعقول أما المنقول فما روى سويد قال : خرجنا حجاجا مع عمر فصلى بنا الفجر بألم تر كيف ولإيلاف وعن ابن ميمون قال : صلى بنا عمر في السفر الفجر فقرأ : قل ياأيها الكافرون وقل هو الله أحد وعن الأعمش عن إبراهيم قال : كان أصحاب رسول الله A يقرؤن في السفر بالسور القصار وعن أبي وائل قال : صلى بنا ابن مسعود في السفر في الفجر بآخر بني إسرائيل روى ذلك كله ابن أبي شيبة كذا .
في البناية والمشهور في الاستدلال ما روى أبو داؤد في سننه عن عقبة بن عامر قال : [ كنت أقود برسول الله ناقته في السفر فقال لي : يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئنا فعلمني قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فلما نزل لصلاة الصبح صلى بهما صلاة الصبح فلما فرغ من الصلاة التفت إلي وقال : يا عقبة كيف رأيت ] وأما المعقول فهو أن للسفر أثرا في إسقاط شطر الصلاة فلأن يؤثر في تخفيف القراءة أولى .
واعلم أن محمدا في الجامع الصغير لم يقيد الحكم بالعجلة فإذا إطلاقه جريان هذا الحكم سواء كان في حالة العجلة أوغيرها واختار الإطلاق صاحب الكنز أيضا لكن قيد شراح الجامع الصغير ومنهم الصدر الشهيد حيث قال : وهذا في حالة الضرورة وأما في حالة الاختيار وهو أن يكونوا آمنين في السفر فيقرء في الفجر نحو سورة البروج وانشقت وفي الظهر مثل ذلك وفي العصر والعشاء دون ذلك وفي المغرب بالقصار جدا انتهى وتبعهم صاحب الهداية وقد رده صاحب البحر تبعا لصاحب الحلية .
قوله : وفي المغرب دون ذلك لما روى عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري : أن اقرأ في صلاة الفجر والظهر بطوال المفصل وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل وفي المغرب بقصار المفصل والمقادير لا تعرف إلا سماعا .
قوله : أحب إلي لحديث قتاده : أنه ( A ) كان يطول الركعة الأولى على الثانية .
قوله : لم يعد لأنه محل للأداء فلا يكون محلا للقضاء وإن قرأ في الأوليين الفاتحة دون السورة قرأها في الأخريين وجهر وذكر في الأصل : أحب إلى أن يقرأهما في الأخريين وذكر ههنا ما يدل على الوجوب وزاد عليه أيضا قوله : وجهر وقال أبو يوسف : لا يقضي السورة أيضا وقوله جهر منصرف إلى السورة وحدها ليكون القضاء موافقا للأداء ومن مشايخنا من قال : إنه منصرف إليهما جميعا حتى لا يؤدي إلى أمر غير مشروع وهو الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة وهو الصحيح .
قوله : خافت أي حتما وقال بعض المشايخ : يتخير بين الجهر والمخافتة والجهر أفضل كما في الوقت والأول أصح لأن سبب الجهر أحد الشيئين : إما الجماعة وإما الوقت لكن في حق الجماعة حتم وفي حق المنفرد في الوقت مخير وكلاهما فائتة ههنا فلا يجهر واختلفوا في حد الجهر والمخافتة فقال الكرخي : أدنى الجهر أن يسمع نفسه وأقصاه أن يسمع غيره وأدنى المخافتة أن يحصل الحروف وقال الفقيه أبو جعفر الهندواني والشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري : أدنى الجهر أن يسمع غيره وأدنى المخافتة أن يسمع نفسه إلا لمانع وما دون ذلك مجمجمة وليس بقرأة وهو المختار .
قوله : إمام إلخ لأبي حنيفة في حكم الفساد وجهان : أحدهما أنه عمل كثير وهو حمل المصحف وتقليب الأوراق حتى لو كان موضوعا بين يديه وهو لا يقلب ولا يحمل يصح صلاته والثاني : أنه تعلم من المصحف وهذا المعنى يوجب التسوية في الفصول كلها .
قوله : هي تامة ويكره لأنها عبادة انضافت إلى عبادة فكان أحق بالصحة وإنما يكره لأنه يشبه صنيع أهل الكتاب .
قوله : تامة لأنه معذور صلى بمعذورين وبمن لا عذر له فيجوز صلاته وصلاة من هو بمثل حاله كما في العاري إذا صلى بقوم كاسين وقوم عارين ووجه قول أبي حنيفة أن الإمام ترك القراءة مع القدرة عليها فلا يجوز صلاته أصلا ولا يجوز صلاتهم أيضا لأنه بناء عليه .
قوله : فسدت صلاتهم لأنه استخلف من لا يصلح إماما له ولهم فتفسد صلاته وإن قدمه بعدما قعد قدر التشهد فكذلك عند أبي حنيفة وعندهما لا تفسد وهي مسئلة من المسائل الإثني عشرية .
قوله : لا يجزيهم لأنه نادر فأشبه الجنابة في الصلاة وله أن جواز الاستخلاف في باب الحدث للعجز عن المضي والعجز ههنا ألزم بخلاف الجنابة لأنها نادرة والعجز عن القرأة في الصلاة غير نادر .
قوله : وقال أبو يوسف إلخ فأبو يوسف جعل القرأة ركنا زائدا ففواته في الشفع الأول لا يمنع صحة الشروع في الشفع الثاني ومحمد جعلها ركنا أصليا فإذا فات في الشفع الأول أو في أحدهما لم يصح الشروع في الثاني وأبو حنيفة توسط بينهما فجعلها أصلا من وجه من حيث إنه لا يصح الصلاة بدونه وزائدا من وجه من حيث إنه يحتمل الإمام عن المقتدي فمن حيث أنه أصلي ففواته في الشفع الأول يمنع الشروع في الشفع الثاني ومن حيث أنه زائد ففواته في أحدهما لا يمنع الشروع في الشفع الثاني .
قوله : وتفسير قوله إلخ رفع هذا الخبر إلى النبي A لم يثبت وإنما هو موقوف على عمر وابن مسعود رواه ابن أبي شيبة وفي جامع الإسبيجابي : هذا التفسير يروى عن أبي يوسف ولما ورد هذا الخبر عاما وقد خص منه البعض لأنه يصلي سنة الفجر ثم فرض الفجر وهما مثلان وكذا يصلي سنة الظهر أربعا ثم فرض الظهر أربعا هما مثلان وكذا يصلي الظهر ركعتين في السفر ثم السنة ركعتين فلما لم يكن العمل بعمومه قال محمد : المراد به أنه لا يصلي بعد الصلاة نافلة ركعتان بقراءة وركعتان بغير قراءة يعني لا يصلي النافلة كذلك حتى لا يكون مثلا للفرض بل يقرأ في جميع ركعات النفل فيكون الحديث بيانا لفرضية القرأة في جميع ركعات النفل وحمل بعضهم هذا الخبر على النهي عن إعادة الصلاة بسبب الوسوسة ذكره في الذخيرة : وقيل : كانوا يصلون الفريضة ثم يصلون بعدها أخرى فنهوا عن ذلك وحمله الشافعي على المماثلة في العدد وليس بشئ للإجماع في ركعتي الفجر مع الفجر