{ باب الدعوى } .
قوله : فخلطها المودع إلخ الخلط على أربعة أوجه : أحدها : الخلط بطريق المجاورة مع تيسر التمييز : كخلط الدراهم البيض بالسود والجوز باللوز وذلك لا يقطع حق المالك بالإجماع والثاني : خلط بطريق المجاورة مع تعذر التمييز : كخلط الحنطة بالشعير وذلك يقطع حق المالك لأن الحنطة لا تخلو عن حبات شعير فتعذر التمييز حقيقة والثالث : خلط بطريق الممازجة مع خلاف الجنس : كخلط الدهن بالخل وذلك يقطع حق المالك بالإجماع والرابع : خلط بالممازجة للجنس بالجنس : كخلط دهن الجوز بدهن الجوز وهي مسئلة الكتاب فعند أبي حنيفة ينقطع حق المالك وقال أبو يوسف ومحمد : يتخير إن شاء ضمنه مثله وإن شاء شاركه في المخلوط لأن دليل الهلاك لا ينفك عن دليل الوصول فيمنع به الهلاك .
بيانه أن التمييز إن تعذر من حيث الحكم والقسمة والقسمة في ما يكال ويوزن إفراز وتعيين بالإجماع لعدم التفاوت فلم يتحقق الهلاك لكن المغايرة قائمة فخبرناه سدا لباب التعدي وله أن الخلط في ما لا يحتمل التمييز استهلاك فينقطع الحق إلى الضمان كالخلط بخلاف الجنس من المائعات وما قالا لا يصلح مانعا من الهلاك لأن القسمة يستحق بالشركة فلا يصح علة لوجب الشركة .
قوله : فالقول قوله لأنه إذا كان يعبر عن نفسه فهو في يده فلا ينتقض يده من غير حجة وإذا لم يعبر عن نفسه شابه البهيمة .
قوله : فهو لصاحب الجذوع أو الاتصال أما صاحب الجذوع فلأن صاحب الجذوع مستعمل للحائط بما وضع له وهو حمل الجذوع وصاحب الهرادى صاحب تعلق لا استعمال له ولأن الهرادى لا يبني لأجله الحائط فكان صاحب الاستعمال أولى كدابة تنازع فيها رجلان ولأحدهما عليه حمل وللآخر عليه كوز معلق فصاحب الحمل أولى كذا ههنا وأما صاحب الاتصال فكذلك أولى من صاحب الهرادى لأنه مستعمل للحائط أيضا لأن الاتصال بالبناء أن يكون بعض بنائه على بعض بناء الحائط فكان مستعملا بعض بناء ذلك الحائط فكان الظاهر أشهد له وقوله : وصاحب الهرادى ليس بشئ دليل على أنه لو كان لأحدهما عليه هرادى وليس للآخر عليه شئ أنه بينهما وليس يختص به صاحب الهرادى .
قوله : في يد واحد منهما يريد أنه لم يكن لصاحب الأرض غرس عليها ولا لصاحب النهر عليه تراب ملقى على شطه .
قوله : فهي لصاحب الأرض لأن الحريم أشبه بالأرض صورة ومعنى أما صورة فلأنهما مستويان وأما معنى فلأن كل واحد منهما يصلح للغرس والزراعة فكان الظاهر أشهد له .
قوله : نصفان لأن استعمالهما الساحة على السواء وهو المرور وغير ذلك .
قوله : أرض ادعاها رجلان يريد أن كل واحد يدعي أنها في يده .
قوله : حتى يقيما البينة إلخ لأن اليد حق مقصود يدعيه كل منهما ولعل ذلك في يد غيرهما .
قوله : سوى العقار قال بعضهم : إن هذا قول أبي حنيفة أما عندهما يقسم العقار أيضا من غير بينة على الملك وجعل هذه المسئلة فرعا لمسئلة ذكرها في كتاب القسمة وهو أن الورثة إذا طلبوا من القاضي قسمة العقار وقالوا : هذه ورثتنا من أبينا لم يقسم حتى يقيموا البينة على الملك عند أبي حنيفة وعندهما يقسم من غير بينة ولو كانت الدار مشتراة وقالوا : اشترينا هذه قسم من غير بينة بالإجماع وهذا لأن العقار يحتمل أن يكون موروثا ويحتمل أن يكون غير موروث فوجب الاحتياط عند أبي حنيفة وعندهما لما كان الجواب متفقا لم يجب الاحتياط ومنهم من قال : إن هذا بالإجماع ولا يقسم عند الكل لأن القسمة .
نوعان : قسمة بحق الملك تكميلا للمنفعة وبحق اليد تكميلا للحفظ ولم يثبت الملك حتى يكون لتكميل المنفعة ولا حاجة إلى الحفظ لأن العقار يحفظ بنفسها بخلاف المنقول فإنه يجب قسمته للحفظ .
قوله : وإن كان في يد أحدهما إلخ لأن الزيادة من جنس الحجة لا توجب زيادة في الاستحقاق .
قوله : لا يضر بالعلو قال بعضهم : ما حكي عنهما تفسير لما حكي عنه أنه إنما منع لما فيه من ضرر ظاهر لصاحب العلو أما إذا كانت بحال لا يضر صاحب العلو لا يمنع عنده فكان أصلا مجمعا عليه لأن التصرف حصل في ملكه وقال بعضهم : لا بل الخطر أصل عنده والإطلاق يعارض عدم الضرر فإذا أشكل وجب المنع عن ذلك والإطلاق أصل عندهما والخطر يعارض الضرر فإذا أشكل لم يمنع الشك .
قوله : فليس لأهل الزائغة إلخ لأنه ليس لهم حق المرور فيها فإذا أرادوا أن يفتحوا بابا فقد أرادوا أن يتخذوا طريقا في ملك غيرهم فمنعوا عن ذلك ومن مشايخنا من قال : لهم أن يفتحوا بابا لكن يمنعون عن المرور وهذا ليس بصواب فإنه نص في الكتاب على أنه ليس لهم أن يفتحوا بابا .
قوله : فلهم أن يفتحوا لأن صحنها مشترك بينهم ولهم حق المرور في كل الزائغة فإذا فتح بابا لم يحدث لنفسه حقا لم يكن .
قوله : فهو بينهما لاستوائهما في الدعوى والحجة .
قوله : فلا خصومة بينهما لأنهما أقرا أن الدار ملك الغير وأنها وصلت إليه بحق أو بغير حق فيكون يده يد غصب أو أمانة والغاصب والمودع لا يكون خصما لمدعي الملك المطلق .
قوله : وسعه أن يطأها إلخ لأن المشتري لما جحد الشراء جعل ذلك فسخا في حقه ألا ترى لو تجاحدا جميعا جعل ذلك فسخا في حقه ؟ فإذا أعزم البائع على ترك الخصومة فقد وجد منه ما يدل على الفسخ فإذا اتصل ذلك بفعله وهو إمساك الجارية ونقلها وما أشبه ذلك تم الفسخ .
قوله : صدق لأن اسم الدراهم يقع على الجياد والزيوف والقبض لا اختصاص له بالجياد فلم يوجد ما ينافي الدعوى فقبل قوله لأنه منكر به قبض حقه فإذا زاد على الاقتضاء بأن أقر بقبض حقه أو أقر بقبض الجياد أو بالاستيفاء ثم ادعى الزيافة لم يقبل لأنه وجد ما ينافي دعواه فلا يصدق .
قوله : فليس عليه شئ لأن رد الإقرار يتفرد به المقر له فيبطل بتكذيبه .
قوله : قبلت بينته لأنه لا منافاة بينهما لوضوح التوفيق لعله قضاه دفعا لخصومة مع أنه لم يكن عليه شئ فيوجد صورة القضاء ألا ترى أنه يقال : قضى بحق وقضى بباطل ؟ أو لعله صالحه على مال دفعا لخصومة فثبت عليه المال ثم قضاه بعد ذلك فكان التوفيق ممكنا من هذا الوجه .
قوله : لم تقبل بينته لأنه لا يتصور أن يكون بين رجلين خصومة قضاء أو مصالحة ولا يعرف أحدهما صاحبه فيبطل التوفيق وذكر القدوري عن أصحابنا أن بينة القضاء في هذه المسئلة أيضا تقبل لأن التوفيق ممكن بأن الرجل يدعي على رجل محتجب أو امرأة محتجبة فيؤذيه بالشغب على باب الدار فيأمر بعض وكلائه أن يعطيه ما يرضيه فيكون قد قضاه وهو لا يعلم ثم علم بذلك .
قوله : لم يقبل بينة البائع لأن التوفيق غير ممكن لأن البراءة من العيب تغيير لصفقة العقد فإذا بطل التوفيق لزم التناقض وذكر الخصاف مسئلة البيع في آخر باب أدب القاضي وذكر فيه خلافا قال : على قول أبي حنيفة لا تقبل على هذا الدفع كما هو المذكور ههنا وعلى قول أبي يوسف تقبل فأبو يوسف سوى بينه وبين الدين وأبو حنيفة فرق