{ باب اختلاف البائع والمشتري في الثمن } .
قوله : وقال محمد إلخ محمد مر على أصله لأن عنده الهلاك لا يمنع التحالف ولأبي يوسف أن المانع هو الهلاك فيتقدر الامتناع بقدره ولأبي حنيفة أن التحالف بعد القبض ثبت نصا عند قيام السلعة وهو اسم لجميع أجزائه ولم يوجد فلا يجري التحالف ثم قال في الكتاب : إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي ولا شئ له أي لا يأخذ من ثمن الميت شيئا واختلف المشايخ فيه منهم من قال : أراد أنه لا يأخذ شيئا من ثمن الميت أصلا ومنهم من قال : أراد أن لا يأخذ شيئا من الزيادة التي يدعيها البائع من الثمن في حق الميت بل يأخذ ما يقربه المشتري وهو الصحيح لأن البائع لا يترك من ثمن الميت ما أقر به المشتري وإنما يترك دعوى الزيادة .
قوله : ثم اختلفوا في الاستثناء من المشايخ من قال : إنه منصرف إلى التحالف ومنهم من قال : إلى يمين المشتري وهو الصحيح لأن المذكور يمين المشتري لا ترك التحالف فمن مال إلى القول الأول في قوله : لا شئ له قال ههنا : الاستثناء منصرف إلى التحالف يعني أن البائع إذا رضي أن لا يأخذ شيئا سوى الحي يتحالفان لأنه حينئذ صار الحي كل المبيع ومن مال إلى القول الثاني ( وهو الصحيح ) لا بد أن يقول : هذا الاستثناء منصرف إلى يمين المشتري .
قوله : فإنهما يتحالفان لأن التحالف وإن كان ثابتا بالسنة في البيع والإقالة فسخ في حق المتعاقدين إلا أن التحالف قبل قبض المبيع ثبت استحسانا بمعنى معقول وهو أن البائع يدعي الزيادة في الثمن والمشتري ينكره والمشتري ينكر وجوب تسليم المبيع إذا أدى قدر ما أقر به من الثمن والبائع ينكره فوجب تحليف كل واحد منهما فإذا تحالفا وقع التعارض فوجب رد كل واحد منهما إلى رأس ماله وهذا المعنى موجود ههنا لأن وضع المسئلة في ما إذا لم يقبض الجارية بحكم الإقالة فصار التحالف معقولا .
قوله : وينقسم الثمن على قيمتهما فإن اختلف البائع والمشتري فادعى المشتري الأقل والبائع الأكثر فالقول قول البائع وإن أقاما البينة فالبينة بينته أيضا .
قوله : ولا يعود السلم لأن الإقالة في السلم لا يحتمل الفسخ لأن المعقود عليه دين قد سقط فلا يحتمل العود ألا ترى أنه لو كان رأس المال عرضا فرده بالعيب وهلك قبل التسليم إلى رب السلم لا يعود وفي بيع العين يعود ؟ .
{ باب في خيار الرؤية وخيار الشرط } .
قوله : فله أن يرده لأن الرضا بالشئ قبل العلم بأوصافه لا يتحقق فلم يعتبر فلم يلزمه لأنه بناء عليه ولو فسخه قبل الرؤية صح الفسخ لأن العقد غير لازم مخل في الرضا لا للخيار فيملك الفسخ قبل الرؤية لعدم لزومه .
قوله : وقال أبو يوسف ومحمد إلخ أصل المسئلة أن الوكيل بالقبض يملك إبطال خيار الرؤية عند أبي حنيفة بأن يقبض وهو ينظر إليه فإذا قبضه مستورا ثم أراد بعد ذلك إبطال الخيار فليس له ذلك وقالا : لا يملك إبطال الخيار بوجه ما لأنه وكيل بالقبض وإبطال الخيار ليس من القبض ألا يرى أنه لا يبطل خيار العيب ولا خيار الشرط ولأبي حنيفة أنه مالك للقبض فيملك إتمامه وإتمام القبض ههنا بإبطال الخيار لأنه يمنع تمام القبض قبل الرؤية فكأنه غير مقبوض ولما كان كذلك ملك القبض التام والناقص جميعا فإذا قبض وهو ينظر إليه صلح القبض دلالة على الرضا بخلاف خيار العيب لأنه لا يملك القبض وأما الرسول فنائب عن المرسل في نفس القبض فانتسب إلى المرسل فيكون إلى المرسل إتمامه .
قوله : لم يرد شيئا منها إلخ لأن خيار الرؤية والشرط يمنعان تمام الصفقة من قبل أن الرضا لا يتكامل ولا كذلك خيار العيب .
قوله : فنطره جسه فيما يجس والشم فيما يشم والذوق فيما يذاق لأن هذه الأشياء تعمل عمل العيان في حقه لأنه يفيد العلم بالمعقود عليه فقام مقام المعاينة وإن كان شيئا لا يتأتى فيه هذه الأشياء كالعقار بوكل بصيرا بالقبض عند أبي حنيفة .
قوله : لم يكن له أن يرده لأنه إذا قام في مكان لو كان بصيرا لرآه فقد تشبه بالرائي فيقوم التشبه مقام الرؤية باعتبار الحاجة إلا أنهما يقولان : إن هذه الأسباب دليل المعرفة إلا أنها دون العيان فكان اعتبار الحقيقة القاصرة أولى من اعتبار التشبه .
قوله : وأيهما نقض انتقض وإن أجازه أحدهما ونقضه الآخر فالسابق أولى وإن خرج كلاهما معا قال محمد في كتاب البيوع : إن تصرف الموكل أولى نقضا كان أو إجازة وقال في المأذون : إن النقض أولى .
قوله : فعلى المشتري قيمته لأن العقد وإن لم يوجب الملك للمشتري فلا ينزل من المقبوض بسوم الشراء .
قوله : فعليه الثمن لأنه قد تم العقد بمضي الأيام الثلاثة فيجب المسمى .
قوله : وإن كان الخيار للمشتري إلخ أصله أن تعيب المبيع يبطل خيار المشتري ولا يبطل خيار البائع والموت لا يخلو من مقدمة عيب .
قوله : لم يفسد النكاح هذا بناء على أن خيار المشتري يمنع دخول السلعة في ملكه عند أبي حنيفة وعندهما لا يمنع وثمرة الخلاف يظهر في مسائل : منها أن المشتري إذا كان ذا رحم محرم منه لم يعتق عليه عند أبي حنيفة وخياره على حاله وعندهما يعتق ويبطل خياره ومنها أن المشترى إذا كان جارية قد ولدت منه بالنكاح لم تصر أم ولده عند أبي حنيفة وخياره على حاله وعندهما تصير أم ولده ويبطل خياره ومنها ما ذكر في الكتاب أن المشتري إذا كانت امرأته لم يفسد النكاح عند أبي حنيفة وخياره على حاله وعندهما يفسد النكاح والخيار على حاله فإن وطئها في مدة الخيار قبل الاختيار ينظر إن كانت بكرا فنقصها الوطىء صار مختارا بالإجماع أما عند أبي حنيفة ( C ) فلأجل النقصان وعندهما للنقصان والوطىء جميعا وإن كانت ثيبا لم ينقصها الوطىء لا يصير مختارا عند أبي حنيفة ( C ) لأنه وطئها يملك النكاح لأن النكاح عنده قائم وعندهما يصير مختارا لأنه وطئها بملك اليمين لأن النكاح مرتفع عندهما .
قوله : رجل باع إلخ المسئلة على أربعة أوجه : أحدها : أن لا يعين الذي فيه الخيار ولا يفصل الثمن والثاني : أن يعين الذي فيه الخيار ولا يفصل الثمن والثالث : أن لا يعين الذي فيه الخيار ويفصل الثمن والرابع : أن يعين الذي فيه الخيار ويفصل الثمن والبيع في الوجوه كلها فاسد إلا في الوجه الأخير أما الأولى فلجهالة المبيع والثمن لأن الخيار يمنع العقد حكمه ولا يمنع وقوع العقد فصار الذي فيه الخيار غير داخل في الحكم فبقي الآخر وحده في الحكم وهو مجهول وثمنه مجهول وأما الثاني فلأن الذي فيه الخيار غير داخل في الحكم وثمنه مجهول لأنه يثبت بطريق الحصة بالتقسيم وأما الثالث فلأن الذي فيه الخيار غير داخل وهو مجهول وأما الرابع فلأن المبيع والثمن معلوم فلا يفسد .
قوله : على الذي العبد له معناه أنه يبقى إذا كان الخيار للبائع لعدم خروجه عن ملكه فكان لفظة الصيرورة في حقه مجازا عن البقاء .
قوله : وكذلك الثلاثة هذا استحسان والقياس أن يفسد في الثوبين والثلاثة لأن المبيع مجهول وذلك مفسد وجه الاستحسان أن هذا بمعنى ما جاءت به السنة وهو شرط الخيار ثلاثة أيام فإن ذلك يخالف موجب العقد شرعا لكنه لما كان مستدركا جوز لحاجة العباد إلى دفع الغبن فكذلك الحاجة ههنا موجودة والجهالة غير مفضية للمنازعة والحاجة تندفع بالثلاث لأن الأشياء ثلاثة أنواع : جيد وردي ووسط ورغائب الناس فيه مختلفة فيحتاج إلى الثلاثة ثم هل يشترط أن يكون في هذا العقد خيار الشرط مع خيار التعيين ؟ اختلف المشايخ فيه منهم من قال : يشترط وهو المذكور في هذا الكتاب ومنهم من قال : لا وهو المذكور في الجامع الكبير .
قوله : فهو رضا لأن طلب الشفعة دليل الملك فإذا صار مختارا وقع له الملك .
قوله : فهو جائز لأنه أتى بتفسير خيار الشرط .
قوله : عند أبي حنيفة وأبي يوسف أما عند أبي حنيفة اعتبارا بالملحق به وهو خيار الشرط فإن نقد في الثلاث فالبيع جائز استحسانا اعتبارا بالملحق به أيضا وقال محمد ( C ) : يجوز أربعة أيام أو أكثر اعتبارا بأصله وأبو يوسف ( C ) اتبع السنة وفي الأصل وردت السنة بالزيادة على ثلاثة أيام وهو حديث عبد الله بن عمر ( Bهما ) وفي الفرع وردت السنة بثلاثة أيام وهو المروي عن ابن عمر أنه أجاز البيع بهذا الشرط