{ باب البيع فيما يكال أو يوزن } .
قوله : أو باع إلخ أي لا بأس بذلك لأن الشحم واللحم والإلية أجناس مختلفة لاختلاف الصور والمعاني اختلافا فاحشا كل واحد لا يصلح لما يصلح له الآخر .
قوله : أو بيضة إلخ لأن ربا الفضل إنما يظهر عند وجود الجنس والقدر بالكيل والوزن ولم يوجد القدر حتى لو كان أحدهما نسيئة لم يجز لأن الجنس بانفراده يحرم النسأ .
قوله : لا يجوز إلخ لو باع فلسا بفلسين فالمسألة على أربعة أوجه : إما أن يكون الكل ديونا أو أحد العوضين دينا أو كان الكل عيانا فإن كان الكل ديونا لم يجز بوجهين : أحدهما أن الجنس بانفراده يحرم النسأ والثاني أن بيع الدين بالدين باطل وكذلك إذا كان أحد العوضين دينا لم يجز لأحد الوجهين وإن كان الكل أعيانا جاز عند أبي حنيفة وأبي يوسف استحسانا وقال محمد : لا يجوز وحاصل الخلاف راجع إلى حرف وهو أن التعيين هل يصح ؟ عندهما يصح عند محمد لا يصح .
قوله : فهو وزني حتى إذا بيع كيلا بكيل في غير الأواقي سواء بسواء بطل البيع لأن الأواقي قدرت بطريق الوزن فصار وزنيا فأما سائر المكائيل ما قدرت بالوزن فإن باع الموزون بعضها ببعض بذلك الكيل الذي لم يقدر بالوزن كان مجازفة فيبطل .
قوله : فالبيع فاسد أي اشتراه على أنه كذا قفيزا أو موازنة بأن اشتراه على أنه كذا منا إن لم يقبض لم يجز التصرف فيه وإن قبض لم يجز التصرف به إلا بعد الكيل والوزن لنهى النبي ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) عن بيع الطعام حتى يجري فيها صاعان : صاع البائع وصاع المشتري وههنا لم يجر صاع المشتري .
قوله : جاز لأن الذرع صفة ألا ترى إلى أنه إذا ذرع فازداد لم يلزمه الزيادة ولو انتقص لم يرجع بشئ فلم يكن في ذلك جهالة : وأما العدديات فلم يذكر جوابه في الكتاب وروى عن أبي حنيفة أنه أبطل البيع قبل العدد وروى عنهما أنهما أجازا لهما أن العدد نظير الذرع حتى لا يجري الربا بين المعدودين وأبو حنيفة يقول : إن المعدود إن لم يكن مال الربا لكنه ساوى المكيل والموزون في المعنى الذي تعلق به الفساد وهو جهالة المبيع لاحتمال الزيادة والنقصان فإن من اشترى جوزة على أنه ألف فوجده ألفين يلزمه رد الزيادة وإن انتقص رجع بحصته من الثمن .
قوله : أو أخذه كله تأويله أنه إذا كان في وعاء واحد لأن تمييز المعيب من غير المعيب يوجب زيادة عيب فيصير ردا بعيب حادث .
قوله : فلا خيار له لأن الشركة فيه لا يعد عيبا حتى لو كان ثوبا كان له الخيار .
قوله : فهو فاسد لأن هذا شرط يخالف مقتضى العقد لأن مقتضى العقد أن يطرح عنه مقدار وزن الظرف أي مقدار كان فإذا شرط أن يطرح عنه مكان كل ظرف خمسين رطلا كان هذا شرطا يخالف مقتضى العقد فيكون مفسدا للعقد .
قوله : هو جائز لأن عشرة أذرع من مائة ذراع من الدار يكون عشر الدار فصار كما لو اشترى عشرة أسهم من مائة سهم وله أن الذراع اسم لما يذرع به الممسوح وقد استعير لما يحله ويجاوره وهو العين الذي يحله الذراع وأنه مجهول لأن الشائع لا يحله الذراع فلم يصح أن يستعار للشائع ولا كذلك السهم ألا ترى أن ذراعا من مائة أذرع وذراعا من عشرة سواء وسهم من عشرة أسهم لا يوازيه سهم من مائة أسهم .
قوله : رجل اشترى إلخ أصله أن الذراع في ما يذرع بمنزلة الصفة في الأعيان لأنه طول الدار وطول الشئ صفته والصفة تابعة فيستحق باستحقاق المتبوع لكنه يحتمل أن يكون أصلا مقصودا لأن وجوده مزيد في قدر الأصل وفي قيمته وهو منتفع به فإذا قابل كل ذراع بكذا صار أصلا وإذا لم يقابل كل ذراع بكذا بقي تبعا فإن زاد في الذرعان سلم المشتري من غير خيار وإن انتقص خير المشتري من غير حط شئ وبمنزلة من اشترى عبدا على أنه معيب فوجده سليما لم يخير فإن استحقه سليما فوجده معيبا خير وإن قابل كل ذراع بكذا حتى صار أصلا مقصودا فإن ازداد خير المشتري لأنه نفع يشعر به ضرر وإن انتقص خير أيضا لأنه وإن قل الثمن فقد انتقص الجميع وكذلك الثوب والخشب وسائر ما يذرع .
قوله : رجل باع إلخ لأن البائع لا يقدر على التسليم إلا بضرر فإن القطع لا ينفك عن الضرر بالباقي وذلك مما لا يلزم البائع لأن الضرر لا يلحق بالعقد فإذا لم يلزم الضرر صار التسليم كبيع الجذع في السقف والفص في الخاتم إلا أن يقطعه البائع برضاه فيسلم قبل نقض البيع لأنه الآن ينقلب صحيحا .
قوله : من أوله فائدته أنه أراد به ذرعا من ثوب صحيح يعد قطعه نقصانا بالباقي في العادات فإن كان لا يعد قطع بعضها ضررا بالباقي يجب أن يصح بيعه .
قوله : يلزمه إلخ لأن طريق المعرفة قائم ولأبي حنيفة أن الثمن كله مجهول فهما اعتبرا طريق المعرفة وطرية المعرفة بمنزلة قيام المعرفة في حق جواز البيع وأبو حنيفة اعتبر حقيقة المعرفة ولم يوجد فصار كبيع الشئ برقمه وإذا علم جملة الذرعان صح ولم يقيد ذلك بالمجلس والصحيح أنه إذا علم في مجلس العقد صح أما بعد الافتراق فلا لأن الفساد داخل في صلب العقد وهو جهالة الثمن ولساعات المجلس حكم ساعة واحدة .
قوله : رجل اشترى طعاما إلخ هذا على وجهين : إما أن يقول : بعت منك هذا الطعام كل قفيز بدرهم أو يقول : بعت كل قفيز من هذا الطعام بدرهم والجواب فيهما واحد أن البيع في الكل لا يجوز عند أبي حنيفة لما سبق ذكره أن جملة الثمن مجهول لكن يجوز في قفيز واحد إلا أن يكيله ويعلمه في المجلس فيجوز في الكل لأنه لما لم يصح البيع في الكل صرفه إلى الأدنى إلا أن البيع في ذراع من الثوب لا يصح وفي قفيز من الطعام يصح .
قوله : فالقول قول المشتري لأنه إن وقع الخلاف في مقدار الثمن فقال البائع : وهو خمسة وتسعون وقال المشتري : تسعون كل القول قول المشتري لأنه منكر الزيادة وإن وقع الاختلاف في عين الزق كان القول قوله أيضا لأن الاختلاف وقع في تعيين المقبوض فكان القول قول القابض كالمودع والغاصب