{ باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز } .
قوله : لا يجوز إلخ أما البيع فلأنه ورد على ما ليس بملك للبائع ولا هو أحق به من المشتري إلا إذا أحرزه فيملكه فيجوز بيعه وأما الإجارة فلأنها وقعت على استهلاك العين وهو غير مملوك للآجر ولو وقعت على استهلاك العين المملوك للأجر بطلت كمن استأجر بقرة ليشرب لبنها فهذا أولى .
قوله : ولا بيع سمك إلخ سئلت يا أمير المؤمنين عن بيع السمك في الآجام ومواضع مستنقع الماء فلا يجوز بيع السمك في الماء لأنه غرر وهو الذي يصيده فإن كان يؤخذ باليد من غير أن يصاد فلا بأس ببيعه ومثله إذا كان يؤخذ بغير صيد كمثل سمك في جب فإن كان لا يؤخذ إلا بصيد فمثله كمثل ظبي في البر أو طير في السماء فلا يجوز بيعه لأنه غرر وقد رخص بيع السمك في الآجام أقوام وكان الصواب عندنا قول من كرهه حدثنا العلاء العكلي عن عمر Bه أنه قال : لا تبايعوا السمك في الماء فإنه غرر .
قوله : ولا يجوز بيع النحل لأنه من الهوام فلا يجوز بيعه كالزنابير وهذا لأن النحل غير منتفع به لكنه منتفع بما يحدث منه وما يصير به منتفعا معدوم .
قوله : حرة كانت أو أمة وروى عن أبي يوسف أنه أجاز بيع لبن الأمة .
قوله : للخرز للضرورة لأن ذلك العمل لا يتأتى بغيره ولا ضرورة إلى تجويز البيع .
قوله : ولا يجوز بيع شعر الإنسان إلخ لأن الإنسان مكرم فلا يجوز أن يكون منه شئ مبتذل وهو طاهر عندنا على الصحيح .
قوله : قبل أن تدبغ لأنه محرم الانتفاع لا لكرامته لقوله ( E ) : [ لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ] وهو اسم لغير المدبوغ .
قوله : ولا بأس إلخ الدليل عليه ما أخرجه الدارقطني [ عن ابن عباس : إنما حرم رسول الله A من الميتة لحمها فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس ] وأخرج عن ابن عباس : سمعت رسول الله يقول : [ قال الله : { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة } إلخ أن كل شئ من الميتة حلال إلا ما أكل فأما الجلد والشعر والقرن والصوف والسن والعظم فكله حلال لأنه لا يذكى ] وفي إسنادهما ضعف والسر في هذا على ما ذكره الشرنبلالي وغيره : أن نجاسة الميتة ليست لعينها بل لما اختلط به من الدم والرطوبات النجسة فما اختلطت به كالحم والشحم يكون نجسا وما لم يختلط به كالعظم والشعر يكون طاهرا وذكر صاحب الهداية وغيره : أن هذه الأشياء ليست بميتة لأنها عبارة عما حل فيه الموت بغير وجه شرعى والموت لا يحل إلا فيما يحل فيه الحياة وهذه الأشياء لا حياة فيها بدليل أنها لا تتألم بقطعها إلا بما يتصل به فلا يحلها الموت وفي الدليلين أنظار وأفكار قد فرغنا عنها في السعاية فى كشف ما فى شرح الوقاية .
قوله : فهو جائز لأن النهى ورد عن بيع الآبق مطلقا وهو أن يكون آبقا فى حق المتعاقدين والمأخوذ ليس بآبق فى حق أحد المتعاقدين وهو المشترى .
قوله : فلا بيع بينهما لأن الذكر والأنثى من بنى آدم جنسان مختلفان لتفاوت المعاني فتعلق العقل بالمسمى وهو معدوم .
قوله : صح البيع لأن الذكر والأنثى فى غير بنى آدم جنس واحد لتوافق المعنى فيتعلق العقد بالمشار إليه وهو موجود فيصح العقد ويثبت الخيار له إن كان الموجود أنقص .
قوله : جاز لأن الأجل صفة الدين والأصل فى البيع هو الثمن وذلك لا يحتمل شيئا من الجهالة فكذا ما جعل وصفا له والدين فى الكفالة يحتمل جهالة مستدركة فكذا ما جعل وصفا له .
قوله : لم يجز لأن البيع إنما يرد على عين هو مال أو شبه مال ولم يوجد ذلك ههنا لأن الهواء ليس بعين مال عند الناس لأن عين المال يتصور قبضه وإحرازه وهذا لا يتصور إحرازه وقبضه .
قوله : باطل أما إذا كان المراد بالطريق والمسيل الرقبة فإنما فرقا لمكان الجهالة لأن الطريق معلوم الطول والعرض فيكون معلوما غائبا فجاز البيع والتملك والمسيل مجهول غالبا لأن مقدار ما يشغله الماء مجهول وإن كان المراد بالطريق حق المرور ففي ذلك روايتان ذكر في كتاب القسمة أن لحق المرور قسطا من الثمن فهذا دليل جواز بيعه وفي رواية لا يجوز بيعه وهو في الزيادات وأما حق المسيل فلا يجوز بيعه أما إذا كان المسيل على السطح فإنه نظير حق التعلي على السفل وإن كان على الأرض فإنما يفارق حق المرور بسبب الجهالة .
قوله : فهو جائز لأن البيع الفاسد ينعقد مفيدا للملك عند اتصال القبض به .
قوله : حتى يستوفي الثمن لأن المبيع مقابل بالثمن فصار محبوسا به كالرهن في الدين فصار أحق بالعين من البائع حتى يسلم له ماله ودل ذكر قبض المشتري مطلقا على أن المشتري شراء فاسدا إذ أخذ الثمن منه صح قبض المبيع بعد الافتراق بغير إذن البائع لأن كل بائع راض بقبض المبيع عند قبض الثمن .
قوله : وقال يعقوب ومحمدإلخ ذكر في كتاب الشفعة أن الشفيع يأخذها بالشفعة بقيمتها عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد : لا شفعة فيها ولم يذكر الشك هناك في الرواية وكذلك الغرس على هذا الخلاف لهما أن حق البائع فوق الشفيع ألا ترى أن هذا يصح بلا رضاء ولا قضاء ؟ وذلك لا يصح إلا بقضاء أو برضاء ثم ذلك الحق لا ينقض بالبناء والغرس فهذا أولى وله أن هذا أمر حصل بتسليط البائع وهو من جنس ما يدوم فينقطع حق الاسترداد ولا كذلك الشفيع وأما شك يعقوب في الرواية يريد به أنه سمع منه أم لا حتى أبطل مشايخنا الاختلاف لكن ذكر في كتاب الشفعة في غير موضع من غير شك .
قوله : لم يجز فإذا اتصل به قبض أفاد الملك عند علمائنا الثلاثة كسائر البياعات الفاسدة وقال زفر : لا يفيد كالبيع بشرط الخيار .
قوله : البيع الثاني باطل لما روى : أن زيد ابن أرقم Bه باع جارية من امرأة بثمان مائة درهم ثم اشتراها منها بستمائة فبلغ ذلك عائشة ( Bها ) فقالت : إن الله أبطل حجه وجهاده إن لم يتب وفي رواية : دخلت أم ولد زيد على عائشة فقالت : إني بعت من زيد غلاما بثمانمائة درهم نسيئة واشتريته بستمائة نقدا فقرأت عائشة آية الربا فقالت المرأة لعائشة : أرأيت لو أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل فقالت عائشة : { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف } دل قول عائشة هذا على حرمة مثل هذه المعاملة لاسيما وقول الصحابي في ما لا دخل للاجتهاد فيه محمول على التوقيف عن النبي ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) .
قوله : ويبطل في الأخرى لأن الفساد في التي اشتراها كان لأجل الربا من حيث الشبهة على ما عرف فلم يظهر ذلك في ما ضم إليها .
قوله : ويطيب إلخ جملته أن الخبث نوعان : خبث لعدم الملك ظاهرا وخبث في الملك لفساد المال نوعان : مال يتعين ومال لا يتعين فإن كان الخبث لعدم الملك يعمل في النوعين جميعا حتى لا يطيب الربح كالمودع والغاصب إذا تصرفا في العرض والنقد وربما لا يطيب لهما الربح إلا أن الخبث في الأرض حقيقة لتعلق العقد بمال غيره ظاهرا استحقاقا والخبث في النقد .
شبهة لتعلق العقد به جوازا وسلامة المبيع به وإن كان الخبث لفساد يعمل في ما يتعين ولا يعمل في ما لا يتعين حتى يطيب الربح فيه .
قوله : وكذلك إلخ لأن هذا ملك فاسد لأنه بمنزلة بدل المستحق لأن وجود الدين بالتسمية فإذا تصادقا بعد التسمية صار بمنزلة موجود مستحق ففسد به الملك ولم يبطل .
قوله : ثمن الفضة لأن قبض حصة الفضة واجب في المجلس شرعا وقبض الباقي ليس بواجب والتسليم مطلق ولا تعارض بين الواجب وغيره والظن بالمسلم أن يؤدي ما أوجب عليه الشرع .
قوله : ثمن الطوق لأن الشرع حرم التأجيل في الصرف وأطلقه في غيره والظن بالمسلم أن لا يفعل بالباطل .
قوله : عليه قيمتها لأن هذا مقبوض بجهة البيع فكان هذا مضمونا ملحقا بالمقبوض من الأموال ولأبي حنيفة ( C ) أن جهة البيع ملحق بحقيقة البيع لكن فيما يحتمل حكم الحقيقة خلفا عن ذلك بالقيمة أما فيما لا يحتمل فلا كما في المكاتبة