( تابع . . . 1 ) : الأصل في سجود السهو ما روي أن النبي A سها في صلاته .
وجه الإستحسان أنه إذا طال تفكره حتى شغله عن شيء من صلاته فقد تمكن النقصان بتأخير الركن عن أوانه بخلاف ما إذا لم يطل تفكره ثم السهو إنما يوجب السجدة إذا كان هذا في هذه الصلاة فإذا شك في صلاة أخرى لم يكن سهوه في هذا الصلاة فلهذا لا سهو عليه .
قال : وإذا نهض من الركعتين ساهيا فلم يستتم قائما فقعد فعليه سجود السهو لتمكن السهولة في صلاته .
وفي ظاهر الرواية إذا لم يستتم قائما يعود وإذا استتم قائما .
صفحة [ 224 ] لا يعود لأنه جاء في " الحديث عن النبي A أنه قام من الثانية إلى الثالثة قبل أن يقعد فسبحوا به فعاد وروى أنه لم يعد ولكنه سبح بهم فقاموا " .
ووجه التوفيق بين الحديثين أن ما روى أنه عاد كان قبل أن يستتم قائما وما روى أنه لم يعد كان بعد ما استتم قائما وهذا لأنه لما استتم قائما اشتغل بفرض القيام وليس من الحكمة ترك الفرض للعود إلى السنة بخلاف ما قبل أن يستتم قائما .
وعن " أبي يوسف " C تعالى أنه قال إن كان إلى العود أقرب يعود لأنه كالقاعد وإن كان أقرب إلى القيام لا يعود كما لو استتم قائما .
قال : وإذا سها في صلاته مرات لا يجب عليه إلا سجدتان لقوله E سجدتان تجزئان عن كل زيادة أو نقصان ولأن سجود السهو إنما يؤخر إلى آخر الصلاة لكيلا يتكرر في صلاة واحدة بتكرر السهو .
قال : وإذا أراد أن يقرأ سورة فأخطأ وقرأ غيرها لم يكن عليه سجود السهو لأن ما قرأ وما أراد أن يقرأ في حكم الصلاة سواء فلا يتمكن النقصان في صلاته بهذا السبب وإذا سجد للسهو قبل السلام أجزأه لأن فعله حصل في موضع الإجتهاد ولأنا لو أمرناه بالإعادة بعد التسليم كان ساجدا للسهو مرتين في صلاة واحدة ولم يقل به أحد ولأن يكون فعله على وجه قال به بعض العلماء أولى من أن يكون على وجه لم يقل به أحد .
قال : وإن كان شك في سجود السهو عمل بالتحرى ولم يسجد للسهو لما بينا أن تكرار سجود السهو في صلاة واحدة غير مشروع ولأنه لو سجد بهذا السهو ربما يسهو فيه ثانيا وثالثا فيؤدي إلى ما لا نهاية له .
وحكى أن " محمدا " C تعالى قال " للكسائي " وكان ابن خالته لم لا تشتغل بالفقه مع هذا الخاطر ؟ فقال من أحكم علما فذلك يهديه إلى سائر العلوم فقال " محمد " C تعالى إني ألقى عليك شيئا من مسائل الفقه فخرج جوابه من النحو فقال هات فقال ما تقول فيمن سها في سجود السهو ؟ ففكر ساعة فقال لا سهو عليه فقال من أي باب من النحو خرجت هذا الجواب فقال من باب إن المصغر لا يصغر فتعجب من فطنته .
قال : وإن سلم وهو يريد أن لا يسجد لسهوه لم يكن ذلك قطعا ويسجد لأن أوان السجود ما بعد السلام فلم يفته بهذا السلام شيء ونيته أن لا يسجد حديث النفس فلا يعتد حكما كما لو نوى أنه يتكلم في حال صلاته لم تفسد صلاته .
قال : وإن سبقه الحدث بعد ما سلم وبعد ما سجد سجدة واحدة للسهو توضأ وعاد فأتم لأن حرمة الصلاة باقية وسبق الحدث لا يمنعه من البناء بعد الوضوء وإن كان إماما استخلف .
صفحة [ 225 ] من يتم بالقوم كما لو سبقه الحدث في خلال الصلاة .
قال : وإذا أحدث الإمام في خلال صلاته وقد سها فاستخلف رجلا يسجد خليفته للسهو بعد السلام لأنه قائم مقام الأول فعليه أن يأتى بما كان يأتى به الأول وإن سها خليفته فيما يتم أيضا كفته سجدتان كما لو كان الأول سها مرتين لأن الثاني قائم مقامه .
قال : وإن لم يكن الإمام الأول سها لزمه سجود السهو لسهو الثاني لأنه صار مقتديا بالثاني كغيره من القوم فيلزمه السهو لسهو إمامه ألا ترى أن الثاني لو أفسد الصلاة على نفسه فسدت على الأول فكذلك بسهوة يتمكن النقصان في حق الأول .
قال : ولو سها الأول بعد الإستخلاف لا يوجب سهوه شيئا لأنه صار في حكم المقتدى ألا ترى أنه لو أفسد صلاته لم تفسد به صلاة الثاني ولا صلاة القوم .
قال : ويسجد المسبوق مع الإمام سجود السهو قبل أن يقوم إلى قضاء ما سبق به وعن " إبراهيم النخعي " C تعالى أنه لا يسجد معه لأن أوان سجود السهو بعد السلام وهو لا يتابعه في السلام فكيف يتابعه فيما يؤدي بعد السلام .
ولكنا نقول بأن سجود السهو وجب على الإمام لعارض في صلاته فيتابعه المسبوق فيها كما يتابعه في سجدة التلاوة ولأن أوان قيامه إلى القضاء ما بعد فراغ الإمام فما دام الإمام مشغولا بواجب من واجبات الصلاة مؤديا في حرمة الصلاة لا يمكنه أن يقوم إلى القضاء فعليه متابعة الإمام فيها وإن لم يفعل سجد في آخر صلاته استحسانا وفي القياس لا يسجد لأن وجوب هذه السجدة عليه في حالة الإقتداء وقد صار منفردا فيما يقضى وكان هذا بمنزلة ما لو اشتغل بصلاة أخرى لأن حكم صلاة المنفرد مخالف لحكم صلاة المقتدى .
ووجه الإستحسان في ذلك : أنه يبنى ما يقضي على تلك التحريمة وهو بعد القضاء منفرد في الأفعال مقتد في التحريمة حتى لا يصح اقتداء الغير به فلهذا يسجد لذلك السهو .
قال : وإن سها فيما يقضى كفاه سجدتان لسهوه ولما عليه من قبل الإمام لأن التحريمة واحدة فبتكرر السهو فيها لا يتكرر السجود وإن كان قد سجد مع الإمام لسهوه سجد في آخر صلاته لأن ما أداه مع الإمام كان بطريق المتابعة فلا ينوب عما لزمه مقصودا بنفسه .
فإن قيل قد تكرر عليه سجود السهو في تحريمة واحدة .
قلنا التحريمة واحدة صورة فأما الأفعال مختلفة في الحكم لكونه منفردا فيما يقضى بعد أن كان مقتديا في أصل الصلاة فنزل هذا بمنزلة اختلاف الصلوات .
قال : وإذا دخل المسبوق في صلاته بعد ما سلم قبل أن يسجد سجد