226 - ] معه الإمام لأن الإمام حين عاد إلى سجود السهو صح اقتداء المقتدى به فيتابعه فيما أدرك معه وإن لم يسجد معه قضى في آخر صلاته استحسانا كما بينا .
قال : وإذا دخل في صلاته بعد ما سجد سجدة واحدة وهو في الثانية فإنه يسجدها معه وهو لا يقضى الأول وكذلك إذا دخل في صلاته بعد ما سجدها لم يقضها لأن الوجوب عليه بحكم المتابعة وإنما يتحقق ذلك فيما لم يفرغ الإمام منه قبل اقتدائه به فأما فيما فرغ منه الإمام فلا متابعة ولا يتقرر السبب في حقه .
قال : ولا يتابع المسبوق الإمام في التكبير في أيام التشريق بخلاف سجود السهو لأن التكبير غير مؤدى في حرمة الصلاة حتى أن من اقتدى به في حالة التكبير لا يصح اقتداؤه به وكذلك لا يسلم بعد التكبير بخلاف سجود السهو لأنه مؤدي في حرمة الصلاة حتى يسلم بعده ويصح اقتداء المقتدى به في هذه الحالة والتكبير في هذا كالتلبية في حق المحرم بعد فراغه من الصلاة فكما لا يتابعه المسبوق في التلبية فكذلك في التكبير إلا أنه إن تابعه في التكبيرات لا تفسد صلاته لأنه من أذكار الصلاة وإن تابعه في التلبية تفسد صلاته لأنه من جنس الكلام فإنه إجابة للداعى والدليل عليه كاف الخطاب فيه .
قال : وإذا ذكر سجدتين من ركعتين بدأ بالأولى منهما لأن القضاء معتبر بالأداء كما أن الثانية تترتب على الأولى في الأداء فكذلك في القضاء .
وعند " الشافعي " رضى الله تعالى عنه من ترك سجدة وصلى بعدها ركعة أو ركعتين يأتي بتلك السجدة ويعيد ما صلى بعدها لأنه حصل قبل أوانه وهو بناء على أصله أن زيادة ركعة أو ركعتين كزيادة ما دون الركعة في احتمال الإلغاء .
فأما عندنا زيادة الركعة الواحدة لا تحتمل الإلغاء والركعة تتقيد بالسجدة الواحدة فأداء الركعة الثانية إذا معتبر فليس عليه إلا قضاء المتروك وترك السجود مخالف لترك الركوع لأن كل سجود لم يسبقه ركوع لا يعتد به فإن السجود تتقيد الركعة به وذلك لا يتحقق قبل الركوع .
وكذلك إذا كانت إحداهما لتلاوة .
وقال " زفر " C يبدأ بالصلاتية لأنها أقوى .
ثولكنا نقول القضاء معتبر بالأداء فإذا كانت سجدة التلاوة من الركعة الأولى والصلاتية من الركعة الثانية بدأ بالتلاوة لتقدم وجوبها .
قال : وإذا سلم وانصرف ثم تذكر أن عليه سجدة صلاتية أو سجدة تلاوة فإن كان في المسجد ولم يتكلم عاد إلى صلاته استحسانا وفي القياس : إذا صرف وجهه عن القبلة لم يمكنه أن يعود إلى صلاته وهي رواية عن " محمد " C تعالى فإن صرف الوجه عن القبلة مفسد للصلاة كالكلام فيمنعه من البناء .
صفحة [ 227 ] وجه الإستحسان هو أن المسجد مكان الصلاة فبقاؤه فيه كبقائه في مكان الصلاة .
والدليل على أنه في حكم مكان واحد صحة الإقتداء بالإمام لمن هو في المسجد وإن كان بينهما فرجة وصرف الوجه عن القبلة غير مفسد للصلاة كما في حق الملتفت في الصلاة وإن كان قد خرج من المسجد استقبل الصلاة في الصلاتية خاصة لما بينا أنها ركن والخروج من مكان الصلاة يمنعه من البناء .
وإن كان في الصحراء فإن تذكر قبل أن يجاوز أصحابه عاد في الصلاة لأن بحكم اتصال الصفوف صار ذلك الموضع كالمسجد بدليل صحة الإقتداء .
ولم يذكر في الكتاب إذا كان يمشى أمامه قيل وقته بقدر الصفوف خلفه اعتبارا لأحد الجانبين بالآخر .
والأصح أنه إذا جاوز موضع سجوده فذلك في حكم خروجه من المسجد يمنعه من البناء بعد ذلك .
قال : رجل صلى الظهر خمس ركعات ولم يقعد في الرابعة قال صلاته فاسدة وقال " الشافعي " رضى الله تعالى عنه لا تفسد لما " روى أن النبي A صلى الظهر خمسا ولم ينقل أنه كان قعد في الرابعة ولا أنه أعاد صلاته " وهو بناء على الأصل الذي بينا أن الركعة الكاملة في احتمال النقص وما دونها سواء فكما أنه لو تذكر قبل أن يقيد الخامسة بالسجدة تمكن من إصلاح صلاته بالعود إلى القعود فكذلك بعد ما قيدها بالسجدة .
ولنا أنه اشتغل بالنفل قبل إكمال الفريضة ولأن القعدة من أركان الصلاة والركعة الخامسة نفل لا محالة لأن الظهر لا يكون أكثر من أربع ركعات ومن ضرورة استحكام شروعه في النفل خروجه عن الفرض والخروج من الفرض قبل إكماله مفسد للفرض بخلاف ما قبل تقيد الركعة بالسجدة لأن ما دون الركعة ليس لها حكم الصلاة حتى أن من حلف أن لا يصلي لم يحنث بما دون الركعة فلم يستحكم شروعه في النفل بما دون الركعة .
والحديث تأويله أنه كان قعد قدر التشهد في الرابعة بدليل أنه قال صلى الظهر والظهر اسم لجميع أركان الصلاة ومنها القعدة وهو الظاهر فإنما قام إلى الخامسة على تقدير أنها هي القعدة الأولى حملا لفعل رسول الله A على ما هو أقرب إلى الصواب .
قال : وأحب إلي أن يشفع الخامسة بركعة ثم يسلم ثم يستقبل الظهر وهو قول " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى .
فأما عند " محمد " C تعالى فبالفساد يصير خارجا من الصلاة لأن للصلاة عنده جهة واحدة ولأن ترك القعدة في التطوع في كل شفع عنده مفسد للصلاة .
فأما عندهما تفسد الفريضة ويبقى أصل الصلاة تطوعا فيشفعها بركعة واحدة لأن .
صفحة [ 228 ] ترك القعدة عقيب كل شفع عندهما غير مفسد للتطوع وإن كان قعد في الرابعة قدر التشهد فقد تمت الظهر والخامسة تطوع لأن قيامه إلى النافلة كان بعد إكمال الفرض فلا يفسد به الفرض ويشفع الخامسة بركعة فيكون متطوعا بركعتين وإن لم يفعل فلا شيء عليه .
وقال " زفر " C تعالى : عليه قضاء ركعتين وهو بناء على ما إذا شرع في صوم أو في صلاة على ظن أنه عليه لأن شروعه ههنا في الخامسة على ظن أنها عليه والأولى أن يشفعها بركعة لأن ما دون الركعة لا يكون صلاة تامة كما قال " ابن مسعود " رضى الله تعالى عنه والله ما أخرت ركعة قط .
وإذا شفعها بركعة فعليه أن يسجد للسهو استحسانا وفي القياس لا سهو عليه لأن تمكن السهو كان في الفرض وقد أدى بعدها صلاة أخرى .
وفي الإستحسان إنما بنى النفل على التحريمة التي يمكن فيها السهو فيأتي بسجود السهو لبقاء التحريمة وهو قياس المسبوق الذي قدمناه .
والأصح أن هاتين الركعتين لا تنوبان عن السنة التي بعد الظهر لأن شروعه كان لا عن قصد ولهذا لم يلزمه والسنة ما شرع فيه عن قصد الإقتداء برسول الله A فيما واظب عليه .
قال : رجل افتتح الصلاة فقرأ وركع ولم يسجد ثم قام فقرأ وسجد ولم يركع فهذا قد صلى ركعة لأن ركوعه الأول توقف على أن يتقيد بالسجدة والقيام والقراءة بعده غير معتد به فحين سجد تقيد ركوعه به فكان مصليا ركعة واحدة وكذلك إن ركع أولا ثم قرأ وركع وسجد فإنما صلى ركعة لأن ركوعه الأول حصل في أوانه والثاني وقع مكررا فلا يعتد به فبسجوده يتقيد الركوع الأول وكذلك إن قرأ أولا وسجد سجدتين ولم يركع ثم قام فقرأ وركع ولم يسجد ثم قام فقرأ وسجد ولم يركع فإنما صلى ركعة لأن سجوده الأول حصل قبل أوانه فلا يعتد به فحين قرأ وركع توقف هذا الركوع على التقيد بسجود بعده فحين سجد بعد القراءة تقيد به ذلك الركوع فكان مصليا ركعة .
وكذلك إن ركع في الأولى ولم يسجد وركع في الثانية ولم يسجد في الثالثة ولم يركع فإنما صلى ركعة واحدة لأن الركوع الأول توقف على السجود فحين سجد في الثالثة تقيد بها الركوع الأول فصار مصليا ركعة وعليه سجود السهو لتمكن السهو له بما زاد ولا تفسد صلاته إلا في رواية عن " محمد " C تعالى فإنه يقول زيادة السجدة الواحدة كزيادة الركعة بناء على أصله أن السجدة الواحدة قربة بيانه في سجود الشكر .
فأما عند " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى السجدة الواحدة ليست بقربة إلا سجدة التلاوة وزيادة ما دون الركعة لا يكون مفسدا للصلاة .
قال : وإذا سها المصلى .
صفحة [ 229 ] فسجد في ركعة واحدة ثلاث سجدات أو ركع ركوعين لم تفسد صلاته لما بينا أنه إنما زاد ما دون الركعة .
قال : وإذا سها الإمام ثم أحدث فاستخلف مسبوقا فأتم المسبوق بقية صلاة الإمام تأخر من غير أن يسلم لأن عليه القضاء لم فاته فكان عاجزا عن اللأسليم وأوان سجود السهو ما بعد التسليم فقلنا يتأخر ويقدم مدركا يسلم بهم ويسجد سجدتي السهو وسجد هو معهم كما لو كان الإمام الأول هو الذي يسجد لسهوه ثم يقوم إلى قضاء ما سبق به وحده وإن لم يسجد مع خليفته سجد للسهو في آخر صلاته استحسانا وقد بينا هذا في حق الإمام الأول فكذلك هنا .
قال : وكذلك المقيم خلف المسافر يتابعه في سجود السهو ثم يقوم إلى إتمام صلاته وإن سها فيما يقضى سجد أيضا . وهذه ثلاث فصول : .
أحدها : في المسبوق وقد بيناه