ولو أن إماما صلى بقوم وسلم من أحد الجانبين فضحك بعض من خلفه أو ضحك الإمام بنفسه قبل أن يسلم من الجانب الأيسر فصلاته تامة ولا وضوء عليه .
أما الإمام إذا ضحك فلأنه بالتسليمة الواحدة صار خارجا من الصلاة " لقوله E وتحليلها التسليم " وقد وجد وتسليمه من الجانب الآخر للتحرز عن الجفاء ولتعميم جميع القوم بالسلام فلا يتوقف خروجه من الصلاة على وجوده وإذا صار خارجا بالتسليمة الواحدة فضحكه لم يصادف حرمة الصلاة .
وأما المقتدي إذا ضحك في هذه الحالة فلأنه تبع للإمام وثبوت الحكم في التبع ثبوته في المتبوع وكما أنه في حق الإمام السلام من الجانب الأيسر تبع فلا يتوقف الخروج من الصلاة عليه فكذلك السلام في حق المقتدي تبع فلا يتوقف خروجه من الصلاة عليه .
وقيل : هذا قول " محمد " وأما عند " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى فالمقتدي إنما يصير خارجا من الصلاة بسلام نفسه وإذا ضحك قبل أن يسلم كان عليه الوضوء لأن كل ذكر يكون المقتدي فيه تبعا لإمامه لم يأت به المقتدي أصلا كالقراءة ولأن التحليل معتبر بالتحريم فكما لا يصير المقتدي شارعا بتكبير الإمام لا يصير خارجا من الصلاة بتسليم الإمام . و " محمد " C تعالى يقول : هو تبع للإمام في الصلاة فلو بقي بعد خروج الإمام في حرمة الصلاة بقي مقصودا وفيما يكون هو تبعا لا يكون مقصودا . قال : رضي الله تعالى عنه وكان شيخنا الإمام C يقول بهذه المسألة يتبين جهل بعض الناس ممن يشتغل بالدعوات بعد تسليم الإمام فإن الأولى أن يسلم مع الإمام ثم يشتغل بالدعوات ليكون خروجه بسلام نفسه لأنه إذا أخر صار خارجا بسلام الإمام يعني عند " محمد " C تعالى وعلى ما ذكر في الكتاب من الجواب مطلقا يكون خارجا على قول الكل فإن الجواب مطلق في الكتاب أنه يصير خارجا بسلام الإمام لا بسلام نفسه فلا تكون دعواته في حرمة الصلاة .
وقد بينا في كتاب الصلاة أن الأولى عند " أبي حنيفة " Bه أن يكبر مع الإمام وكذلك يأتي بسائر الأفعال معه وفي التسليم روايتان : إحداهما : أنه يسلم مع الإمام لأنه شريك الإمام والمشاركة تقتضي المقارنة . وعندهما : الأولى أن يكبر عقيب تكبير الإمام وكذلك سائر الأفعال لأنه تبع لإمامه وعلى هذا لو كان الإمام حين سلم عن يمينه اقتدى به رجل لم يكن داخلا معه في الصلاة لأنه بالتسليمة الواحدة صار خارجا منها فكيف يقتدي به غيره بعد خروجه من الصلاة . ولو نام المقتدي فلم يتشهد حتى سلم الإمام فإنه لا يصير خارجا بسلام الإمام ههنا ولكن ينبغي له أن يتشهد ثم يسلم لأنه قد بقي عليه واجب من واجبات الصلاة وإنما يصير خارجا بسلام الإمام إذا لم يبق عليه شيء من واجبات الصلاة فأما مع .
صفحة [ 94 ] بقاء شيء من أعمال الصلاة عليه فلا يصير خارجا بسلام الإمام كاللاحق والمسبوق .
فإن ضحك الرجل النائم في هذه الحالة كانت صلاته تامة لأنه لم يبق عليه شيء من أركانها وقراءة التشهد واجبة وليست بركن ولكن عليه الوضوء لصلاة أخرى لأن ضحكه لاقى حرمة الصلاة فيكون حدثا إلا على قول " زفر " C تعالى فإنه يقول : الضحك متى لم يوجب إعادة الصلاة لا يوجب إعادة الوضوء . وإن سلم هذا النائم عمدا كانت صلاته تامة لأنه لم يبق عليه شيء من أركانها وإن سلم ساهيا فعليه أن يتشهد ثم يسلم لأنه قد بقي عليه واجب من واجبات صلاته فلا يصير خارجا بسلامه ساهيا كمن سلم ساهيا وعليه سجود التلاوة . ولو أدرك الإمام في الركوع فكبر ثم انحط يركع فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع ثم ركع الرجل لم يجزأ عندنا . وعلى قول " زفر " C تعالى يجزئه وهو قول " ابن أبي ليلى " لأن حالة الركوع كحالة القيام فإن القائم إنما يفارق القاعد في النصف الأسفل لأن النصف الأسفل من القاعد منثن ومن القائم مستو فأما النصف الأعلى فيهما سواء والراكع كالقائم في استواء النصف الأسفل منه ولهذا يجعل مدركا للركعة إذا أدرك الركوع مع الإمام فيكون اقتداؤه بالإمام وهو راكع بمنزلة اقتدائه بالإمام قبل أن يركع . ولو كبر قبل أن يركع الإمام ولم يتابعه في الركوع حتى رفع رأسه منه جازت صلاته فكذلك ههنا . ولكنا نستدل بحديث " أبي بكر " Bه حيث كبر وركع عند باب المسجد ثم دب راكعا حتى التحق بالصف . فلو لم تكن مشاركته مع الإمام في الركوع شرطا للادراك لما فعل هكذا ولأن القيام ركن في كل ركعة فلا يصير مدركا للركعة إلا بمشاركة الإمام في حقيقة القيام أو فيما هو مشبه بالقيام وهو الركوع ولم يوجد ذلك حين رفع الإمام رأسه قبل أن يركع هو فكان هذا وما لو أدركه في السجود سواء بخلاف ما إذا أدركه في حالة القيام لأن هناك قد وجدت المشاركة بينهما في حقيقة القيام