( تابع . . . 2 ) : قال ولا يرفع يديه في شيء من تكبيرات الصلاة سوى تكبيرة الافتتاح وقال " .
وأما صفة الوضع ففي الحديث المرفوع لفظ الأخذ وفي حديث " علي " رضي الله تعالى عنه لفظ الوضع واستحسن كثير من مشايخنا الجمع بينهما بان يضع باطن كفه اليمنى على ظاهر كفه اليسرى ويحلق بالخنصر والإبهام على الرسغ ليكون عاملا بالحديثين .
فأما موضع الوضع فالأفضل عندنا تحت السرة وعند " الشافعي " رضي الله تعالى عنه الأفضل أن يضع يديه على الصدر لقوله تعالى : " فصل لربك وانحر " الكوثر : 2 . قيل : المراد منه وضع اليمين على الشمال على النحر وهو الصدر ولأنه موضع نور الإيمان فحفظه بيده في الصلاة أولى من الإشارة إلى العورة بالوضع تحت السرة وهو أقرب إلى الخشوع والخشوع زينة الصلاة .
ولنا حديث " علي " رضي الله تعالى عنه كما روينا والسنة إذا أطلقت تنصرف إلى سنة رسول الله A ثم الوضع تحت السرة أبعد عن التشبه بأهل الكتاب وأقرب إلى ستر العورة فكان أولى والمراد من قوله وانحر نحر الأضحية بعد صلاة العيد ولئن كان المراد بالنحر الصدر فمعناه لتضع بالقرب من النحر وذلك تحت السرة .
ثم قال في ظاهر المذهب الاعتماد سنة القيام . وروى عن " محمد " C أنه سنة القراءة وإنما يتبين هذا في المصلي بعد التكبير عند " محمد " C يرسل يديه في حالة الثناء فإذا أخذ في القراءة اعتمد وفي ظاهر الرواية كما فرغ من التكبير يعتمد . قال وإذا قعد في الثانية أو الرابعة افترش رجله اليسرى فيجعلها بين أليتيه ويقعد عليها وينصب اليمنى نصبا ويوجه أصابع رجله اليمنى نحو القبلة . وقال " مالك " في القعدتين جميعا المسنون أن يقعد متوركا وذلك بأن يخرج رجليه من جانب ويفضي بأليتيه إلى الأرض " لحديث " أبي حميد الساعدي " رضي الله تعالى عنه أن النبي A كان إذا قعد في صلاته قعد متوركا " .
و " الشافعي " يقول في القعدة الأولى مثل قولنا لأنها لا تطول وهو يحتاج إلى القيام والقعود بهذه الصفة أقرب إلى الاستعداد للقيام وفي القعدة الثانية بقول " مالك " رحمه لله لأنها تطول ولا يحتاج إلى القيام بعدها فينبغي أن يكون مستقرا على الأرض .
ولنا " حديث " عائشة " رضي الله تعالى عنها أنها وصفت قعود رسول الله A في الصلاة فذكرت أنه كان إذا قعد افترش رجله اليسرى .
صفحة [ 25 ] ويقعد عليها وينصب اليمنى نصبا " وما روي بخلافه فهو محمول على حالة العذر للكبر ولأن القعود على الوجه الذي بينا أشق على البدن و " سئل رسول الله A عن أفضل الأعمال فقال أحمزها " أي أشقها على البدن .
ويقول " الشافعي " Bه ما كان متكررا من أفعال الصلاة فالثاني لا يخالف الأول في الصفة كسائر الأفعال فأما المرأة فينبغي لها أن تقعد متوركة لما " روي أن النبي A رأى إمرأتين تصليان فلما فرغتا دعاهما وقال اسمعان إذا قعدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض ولأن هذا أقرب إلى الستر في حقهن " قال ويكون منتهى بصره في صلاته حال القيام موضع سجوده " لحديث " أبي قتادة " أن النبي A كان إذا صلى سما ببصره نحو السماء " فلما نزل قوله تعالى " وقوموا لله قانتين " رما ببصره إلى موضع سجوده ولما نزل قوله تعالى قد " أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " قال " أبو طلحة " Bه ما الخشوع يار سول الله قال أن يكون منتهى بصر المصلي حال القيام موضع سجوده ثم فسر " الطحاوي " في كتابه فقال في حالة القيام ينبغي أن يكون منتهى بصره موضع سجوده وفي الركوع على ظهر قدميه وفي السجود على أرنبة أنفه وفي القعود على حجره زاد بعضهم وعند التسليمة الأولى على منكبه الأيمن وعند التسليمة الثانية على منكبه الأيسر فالحاصل أن يترك التكلف في النظر فيكون منتهى بصره ما بيناه قال ولا يلتفت في الصلاة " لقوله A لو علم المصلي من يناجي ما التفت " ولما " سئل رسول الله A عن الالتفات في الصلاة قال تلك خلسة يختلسها الشيطان من صلاة أحدكم وحد الالتفات المكروه أن يلوي عنقه ووجهه على وجه يخرج وجهه من أن يكون إلى جهة الكعبة فأما إذا نظر لمؤخر عينيه يمنة أو يسرة من غير أن يلوي عنقه فلا يكون مكروها " لما " روي أن النبي A كان يلاحظ أصحابه في صلاته بمؤخر عينيه ولايعبث في الصلاة بشئ من جسده وثيابه " لحديث " أبي هريرة " رضي الله تعالى عنه قال إن الله تعالى كره لكم ثلاثا الرفث في الصوم والعبث في الصلاة والضحك في المقابر ولما رأى رسول الله A رجلا يصلي وهو يعبث بلحيته قال لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه فجعل فعله دليل نفاقه قال " الطحاوي " تأويله أن النبي A عرف بطريق الوحي أن الرجل منافق مستهزيء فأما أن يكون هذا الفعل من علامات النفاق فلا لأن المصلي قلما ينجو منه .
صفحة [ 26 ] ألا ترى أنه قيل لرسول الله A ومن يطيق ذلك قال ليكن في الفريضة إذا فالحاصل أن كل عمل هو مفيد للمصلي فلا بأس أن يأت به أصله ما " روي عن النبي A أنه عرق ليلة في صلاته فسلت العرق عن جبينه لأنه يؤذيه " فكان مفيدا وكان ر سول الله A زمن الصيف إذا قام من السجود نفض ثوبه يمنة أو يسرة لأنه كان مفيدا حتى لا يبقى صورة فأما ما ليس بمفيد فيكره للمصلي أن يشتغل به لقوله A إن في الصلاة لشغلا والعبث غير مفيد له شيئا فلا يشتغل به ولايقلب الحصى لأنه نوع عبث غير مفيد والنهي عن تقليب الحصى يرويه عن رسول الله A " جابر " و " أبو ذر " و " معيقيب ابن أبي فاطمة " و " أبو هريرة " حتى قال في بعضها وإن تتركها فهو خير لك من مائة ناقة سود الحدقة تكون لك فإن كان الحصى لا يمكنه من السجود فلا بأس بأن يسويه مرة واحدة وتركه أحب إلي بقوله A " لأبي ذر " يا " أبا ذر " مرة أو ذر ولأن هذا عمل مفيد له ليتمكن من وضع الجبهة والأنف على الأرض فلا بأس به بعد أن يكون قليلا لا يزيد على مرة وتركه أقرب إلى الخشوع فهو أولى قال ولا يفرقع أصابعه لما " روي أن النبي A نهى عن الفرقعة في الصلاة ومر بمولى له وهو يصلي ويفرقع أصابعه فقال أتفرقع أصابعك وأنت تصلي لا أم لك " و " كان E ينهى المنتظر للصلاة أن يفرقع أصابعه في تلك الحالة " ففي الصلاة أولى وهو نوع عبث غير مفيد قال ولايضع يديه على خاصرته لما " روي عن النبي A أنه نهى عن التخصر في الصلاة " وقيل إنه استراحة أهل النار ولا راحة لهم وإن الشيطان أهبط متخصرا ولأنه فعل المصاب وحال الصلاة حال يناجي فيه العبد ربه تعالى فهو حال الافتخار لا حال إظهار المصيبة ولأنه فعل أهل الكتاب وقد نهينا عن التشبه بهم قال ولايقعي إقعاء وري أن النبي A نهى أن يقعي المصلي إقعاء الكلب " وفي تفسير الإقعاء وجهان أحدهما أن ينصب قدميه كما يفعله في السجود ويضع إليتيه على عقبيه وهو معنى " نهي النبي A عن عقب الشيطان الثاني أن يضع إليتيه على الأرض وينصب ركبتيه نصبا وهذا أصح لأن إقعاء الكلب يكون بهذه الصفة إلا أن إقعاء الكلب يكون في نصب اليدين وإقعاء الآدمي يكون في نصب الركبتين إلى صدره قال ولا يتربع من غيرعذر لما روي أن " عمر " رضي الله تعالى عنه رأى ابنه .
صفحة [ 27 ] يتربع في الصلاة فنهاه عن ذلك فقال رأيتك تفعله يا أبت فقال إن رجلي لا تحملاني ومن مشايخنا من علل فيه فقال التربع جلوس الجبابرة فلهذا كره في الصلاة وهذا ليس بقوى " فإن النبي A كان يتربع في جلوسه في بعض أحواله حتى روى أنه كان يأكل يوما متربعا فنزل عليه الوحي كل كما تأكل العبيد " وهو ماكان منزها عن أخلاق الجبابرة وكذلك عامة جلوس " عمر " Bه في مسجد رسول الله A كان متربعا ولكن العبارة الصحيحة أن يقال الجلوس على الركبتين أقرب إلى التواضع من التربع فهو أولى في حال الصلاة إلا عند العذر قال لو مسح جبهته من التراب قبل أن يفرغ من صلاته لا بأس به لأنه عمل مفيد فإن التصاق التراب بجبهته نوع مثلة فربما كان الحشيش الملتصق بجهته يؤذيه فلا بأس به ولو مسح بعد ما رفع رأسه من السجدة الأخيرة لا خلاف في أنه لابأس به فأما قبل ذلك فلابأس به في ظاهر الراوية وعن " أبي يوسف " قال أحب إلي أن يدعوه لأنه يتترب ثانيا وثالثا فلا يكون مفديا ولو مسح لكل مرة كان عملا كثيرا ومن مشايخنا من كره ذلك قبل الفراغ من بعد الصلاة وجعلوا القول قول " محمد " C في الكتاب لا مفصولا عن قوله أكرهه فإنه قال في الكتاب قلت لو مسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته قال لا أكرهه يعني لا تفعل فإني أكرهه " لحديث " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه أربع من الجفاء أن تبول قائما وأن تسمع النداء فلا تجبه وأن تنفخ في صلاتك وأن تمسح جبهتك في صلاتك " وتأويله عند من لايكرهه من أصحابنا المسح باليدين كما يفعله الداعي إذا فرغ من الدعاء في غير الصلاة قال والتشهد أن يقول التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عبادي الله الصالحين أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن " محمدا " عبده ورسوله وهو تشهد " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه والمختار عند " الشافعي " رضي الله تعالى عنه " تشهد " ابن عباس " رضي الله تعالى عنه وصفته أن يقول التحيات المباركات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا أأن يقوعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن " محمدا " رسول الله " وهو يقول لأن " ابن عباس " رضي الله تعالى عنه كان من فتيان الصحابة رضوان الله عليهم فإن ما يختارون ما استقر عليه الأمر آخرا فأما " ابن مسعود " فهو من الشيوخ ينتقل ما كان في الابتداء كنا نقل التطبيق وغير ولأن تششهد " ابن عباس " رضي الله تعالى عنه أقرب إلى موافقة القرآن قال الله تعالى " تحية .
صفحة [ 28 ] من عند الله مباركة طيبة " والسلام بغير الألف واللام أكثر من القرآن قال الله تعالى " سلام عليكم طبتم سلام عليكم بما صبرتم " و " مالك " رحمة الله يأخذ بتشهد " عمر " رضي الله تعالى عنه وصورته التحيات الناميات الزاكيات المباركات الطيبات لله وقال أن " عمر " رضي الله تعالى عنه علم الناس التشهد بهذه الصفة على منبر رسول الله A ومن الناس من اختار تشهد " أبي موسى الأشعري " رضي الله تعالى عنه وهو أن يقول التحيات لله الطيبات والصلوات لله والباقي كتشهد " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه وفيه حكاية فإن أعرابيا دخل على " أبي حنيفة " C تعالى في المسجد فقال أبو أوأم بواوين فقال بواوين فقال بارك الله فيك كما بارك في لا ولا ثم ولى فتحير أصحابه وسألوه عن ذلك فقال ان هذا سألني عن التشهد أبواوين كتشهد " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه أم بواو كتشهد " أبي موسى " قلت بواوين قال بارك الله فيك كما بارك في شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية وإنما أخذنا بتشهد " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه لحسن ضبطه ونقله من رسول الله A فإن " أبا حنيفة " قال أخذ " حماد " بيدي وقال " حماد " أخذ " ابراهيم " أخذ " علقمة " بيدي وقال " علقمة " أخذ " عبد الله بن مسعود " بيدي و " قال " ابن مسعود " أخذ رسول الله A بيدي وعلمني التشهد كما كان يعلمني السورة من القرآن " وكان يأخذ علينا بالواو والألف وقال " علي بن المدنيى " لم يصح من التشهد إلا ما نقله أهل " الكوفة " عن " عبد الله بن مسعود " وأهل " البصرة " عن " أبي موسى " و " عن " خصيف " قال رأيت رسول الله A في المنام فقلت كثر الاختلاف في التشهد فبماذا تأمرني أن آخذ قال بتشهد " ابن مسعود " " رضي الله تعالى عنه ولأن تشهد " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه أبلغ في الثناء فإن تجعل كل لفظ ثناء بنفسه والسلام بالالف واللام ليكون أبلغ منه بغير الالف واللام وترجيح " الشافعي " C تعالى بعيد فإنه يؤدي إلى تقديم الأحداث على المهاجرين الأولين وأحد لايقول به ترجيح " مالك " ليس بقوي أيضا فإن " أبا بكر " رضي الله تعالى عنه علم الناس على منبر رسول الله A التشهد كما هو تشهد " ابن مسعود " فدل أن الأخذ به أولى ويكره أن يزيد في التشهد شيئا أو يبتدئ قبله بشئ ومراده ما نقل شاذا في أول التشهد باسم الله وبالله أو باسم الله خير الاسماء وفي آخره أرسله بالهدى ودين الحق ليظهر على الدين كله ولو كره المشركون فإنه لم يشتهر نقل هذه الكلمات و " ابن مسعود " يقول وكان يأخذ علينا بالواو .
( يتبع . . . )