( تابع . . . 1 ) : قال ولا يرفع يديه في شيء من تكبيرات الصلاة سوى تكبيرة الافتتاح وقال " .
وروى " أبو يوسف " عن " أبي حنيفة " C تعالى أنه يتخير بين قراءة الفاتحة والتسبيح والسكوت ولا يلزمه سجود السهو بترك القراءة فيهما ساهيا وهو الأصح فسجود السهو يجب بترك الواجبات أو السنن المضافة إلى جميع الصلاة .
ووجه رواية " الحسن " أنه إذا سكت قائما كان سامدا متحيرا وتفسير السامد المعرض عن القراءة فقد " كره ذلك رسول الله A لأصحابه فقال : مالي أراكم سامدين " . قال : ثم قراءة الفاتحة لا تتعين ركنا في الصلاة عندنا وقال " الشافعي " C تعالى تتعين حتى لو ترك حرفا منها في ركعة لا تجوز صلاته واستدل " بقول النبي A لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " وبمواظبة النبي A على قراءتها في كل ركعة .
ولنا قوله تعالى : " فاقرؤا ما تيسر من القرآن " المزمل : 20 فتعيين الفاتحة يكون زيادة على هذا النص وهو يعدل النسخ عندنا فلا يثبت بخبر الواحد ثم المقصود التعظيم باللسان وذلك لا يختلف بقراءة الفاتحة وغيرها .
والحاصل أن الركنية لا تثبت إلا بدليل مقطوع به وخبر الواحد موجب للعمل دون العلم فتعين الفاتحة بخبر الواحد واجبا حتى يكره له ترك قراءتها وتثبت الركنية بالنص وهو الآية . ولا يفترض عليه قراءة السورة مع الفاتحة في الأوليين إلا على قول " مالك " C تعالى يستدل " بقوله E : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وسورة معها أو قال وشيء معها " ونحن نوجب العمل بهذا الخبر حتى لا نأذن بالاكتفاء بالفاتحة في الأوليين ولكن لا نثبت الركنية به للأصل الذي قلنا .
قال : وإذا أراد أن يركع كبر لما " روي أن النبي A كان يكبر حين يهوي إلى الركوع " . ومن الناس من يقول لا يكبر عند الركوع ولا عند السجود وهو قول " ابن عمر " وأصحابه ويروون عن " عثمان " رضي الله تعالى عنه أنه كان لا يتم التكبير فأما " عمر " و " علي " و " ابن مسعود " رضوان الله عليهم فكانوا يكبرون عند الركوع والسجود حتى روي أن " عليا " Bه صلى بأصحابه يوما فقام " " أبو سعيد الخدري " Bه وقال : ذكرني هذا الفتى صلاة رسول الله A كان يكبر في كل خفض ورفع . أو قال عند كل خفض ورفع " . وتأويل حديث " عثمان " Bه كان لا يتم التكبير أي جهرا أي يخافت بآخر التكبير كما هو عادة بعض الأئمة .
قال : ووضع يديه على ركبتيه وهو قول عامة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .
وكان " ابن مسعود " رضي الله .
صفحة [ 20 ] تعالى عنه وأصحابه يقولون بالتطبيق . وصورته أن يضم إحدى الكفين إلى الأخرى ويرسلهما بين فخذيه .
ورأى " سعد بن أبي وقاص " رضي الله تعالى عنه ابنا له يطبق فنهاه فقال رأيت " عبدالله بن مسعود " يفعل هكذا فقال رحم الله ابن أم عبد كنا أمرنا بهذا ثم نهينا عنه . وفي " حديث الأعرابي حين علمه النبي A الصلاة قال : ثم اركع وضع يديك على ركبتيك " . وهكذا في حديث " أنس " Bه .
قال : وفرج بين أصابعه ولا يندب إلى التفريق بين الأصابع في شيء من أحوال الصلاة إلا هذا ليكون أمكن من الأخذ بالركبة فإن " عمر " رضي الله تعالى عنه قال يا معشر الناس أمرنا بالركب فخذوا بالركب .
قال وبسط ظهره " لحديث " أبي هريرة " Bه و " عائشة " رضي الله تعالى عنها أن النبي A كان إذا ركع بسط ظهره حتى لو وضع على ظهره قدح من ماء لاستقر " . قال : ولا ينكس رأسه ولا يرفعه ومعناه يسوى رأسه بعجزه .
لما " روي أن النبي A نهى أن يذبح المصلى تذبيح الحمار " يعني إذا شم البول أو أراد أن يتمرغ . قال : وإذا اطمأن راكعا رفع رأسه والطمأنينة مذكورة في حديث الأعرابي قال ثم اركع حتى يطمئن كل عضو منك . وكذلك قال في السجود وعند رفع الرأس وهكذا في " حديث " أنس " رضي الله تعالى عنه حين علمه الصلاة قال ثم اركع حتى يستقر كل عضو منك ثم قال في آخر الحديث فإنها من سنتي ومن تبع سنتي فقد تبعني ومن تبعني كان معي في الجنة " .
ثم يقول سمع الله لمن حمده ويقول من خلفه ربنا لك الحمد ولم يقلها الإمام في قول " أبي حنيفة " C تعالى ويقولها في قول " أبي يوسف " و " محمد " رحمهما الله .
لحديث .
عائشة " رضي الله تعالى عنها أن النبي A كان إذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد " .
وعن " علي " Bه قال : ثلاث يخفيهن الإمام .
وقال " ابن مسعود " Bه : أربع يخفيهن الإمام وفي جملته ربنا لك الحمد ولأنا لا نجد شيئا من أذكار الصلاة يأتي به المقتدي دون الإمام فقد يختص الإمام ببعض الأذكار كالقراءة .
و " لأبي حنيفة " C " قول النبي A وإذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد " . فقسم هذين الذكرين بين الإمام والمقتدي ومطلق القسمة يقتضي أن لا يشارك كل واحد منهما صاحبه في قسمه ولأن المقتدي يقول ربنا لك الحمد عند قول الإمام سمع الله لمن حمده فلو قال الإمام ذلك لكانت مقالته بعد مقالة المقتدي وهذا خلاف موضوع الإمامة .
وتأويل الحديث المرفوع .
صفحة [ 21 ] في التهجد حالة الانفراد وبه نقول فأما المنفرد على قولهما فيجمع بين الذكرين .
وعن " أبي حنيفة " فيه روايتان : .
في رواية " الحسن " هكذا .
وفي رواية " أبي يوسف " قال يقول ربنا لك الحمد ولا يقول سمع الله لمن حمده وهو الأصح لأنه حث لمن خلفه على التحميد وليس خلفه أحد .
وعلى قول " الشافعي " رضي الله تعالى عنه كل مصل يجمع بين الذكرين .
وهذا بعيد فإن الإمام يحث من خلفه على التحميد فلا معنى لمقابلة القوم إياه بالحث بل ينبغي أن يشتغلوا بالتحميد .
و " الشافعي " رضي الله تعالى عنه يزيد على هذا ما نقل في " حديث " علي " رضي الله تعالى عنه ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد إلخ " . وتأويله عندنا في التهجد .
قال : ثم يكبر ويسجد فإذا اطمأن ساجدا رفع رأسه وكبر فإذا اطمأن قاعدا سجد أخرى وكبر وقد بينا أو تكلموا أن السجود لماذا كان في كل ركعة مثنى والركوع واحد ؟ فمذهب الفقهاء أن هذا تعبدي لا يطلب فيه المعنى كأعداد الركعات .
وقيل : إنما كان السجود مثنى ترغيما للشيطان فإنه أمر بسجدة فلم يفعل فنحن نسجد مرتين ترغيما له وإليه " أشار A في سجود السهو فقال : هما ترغيمتان للشيطان " .
وقيل : إنه في السجدة الأولى يشير إلى أنه خلق من الأرض وفي الثانية يشير إلى أنه يعاد إليها .
قال الله تعالى : " منها خلقناكم وفيها نعيدكم " طه : 55 . الآية ويقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدناه " لحديث " عقبة بن عامر الجهني " رضي الله تعالى عنه قال لما نزل قوله تعالى : " فسبح باسم ربك العظيم " الواقعة : 74 . قال النبي A اجعلوها في ركوعكم ولما نزل قوله تعالى : " سبح اسم ربك الأعلى " الأعلى : 1 . قال النبي A اجعلوها في سجودكم .
قال " عقبة " وكان رسول الله A يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثا " . و " روى " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه عن رسول الله A أنه قال : من قال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا فقد تم ركوعه وذلك أدناه ومن قال في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثا فقد تم سجوده وذلك أدناه " . ولم يرد بهذا اللفظ أدنى الجواز وإنما أراد به أدنى الكمال فإن الركوع والسجود يجوزان بدون هذا الذكر إلا على قول " ابن أبي مطيع البلخي " فإنه كان يقول كل فعل هو ركن يستدعي ذكرا فيه يكون ركنا كالقيام .
ولكنا نقول لو شرع في الركوع ذكر هو ركن لكان من القرآن فإن الركوع مشبه بالقيام وحين علم رسول الله .
صفحة [ 22 ] A الأعرابي الصلاة لم يذكر له في الركوع والسجود شيئا من الأذكار وقد بين له الأركان .
ولو زاد على الثلاث كان أفضل إلا أنه إذا كان إماما لا ينبغي له أن يطول على وجه يمل القوم لأنه يصير سببا للتنفير وذلك مكروه فإن " معاذا " لما طول القراءة " قال له رسول الله A أفتان أنت يا " معاذ " " .
وكان " الثوري " C يقول ينبغي أن يقولها الإمام خمسا ليتمكن المقتدي من أن يقولها ثلاثا .
و " الشافعي " C تعالى يقول بهذا ويزيد في الركوع ما " روي عن " علي " رضي الله تعالى عنه اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وفي السجود سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين " .
وهذا محمول عندنا على التهجد بالليل .
ويضع يديه في السجود حذاء أذنيه " لحديث " وائل بن حجر " رضي الله تعالى عنه قال : كان النبي A إذا سجد وضع يديه حذاء أذنيه " . ولأن اخر الركعة معتبر بأولها فكما يجعل رأسه بين يديه في أول الركعة عند التكبير فكذلك في آخرها والذي " روي عن " أبي حميد الساعدي " رضي الله تعالى عنه أن النبي A كان إذا سجد وضع يديه حذو منكبيه " . محمول على حالة العذر للكبر أو المرض .
ويوجه أصابعه نحو القبلة " لحديث " عائشة " رضي الله تعالى عنها أن النبي A كان إذا سجد وضع أصابعه تجاه القبلة " .
وفي " حديث " ابن عباس " رضي الله تعالى عنه قال النبي A إذا سجد العبد سجد كل عضو معه فليوجه من أعضائه القبلة ما استطاع " .
ويعتمد على راحتيه . " لحديث " وائل بن حجر " فإنه قال لأصحابه ألا أصف لكم سجود رسول الله A ؟ فقالوا نعم فسجد وادعم على راحتيه ورفع عجيزته ثم قال هكذا كان يسجد رسول الله A " .
ويبدي ضبعيه للحديث المشهور أنه A كان إذا سجد أبدى ضبعيه أو أبد ضبعيه والإبداء والتبديد كل واحد منهما لغة و " قالت " عائشة " رضي الله تعالى عنها كان رسول الله A إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه حتى يرى بياض إبطيه وفي رواية حتى يرثى له أي يرحم من جهده " وفي " حديث " جابر " رضي الله تعالى عنه حتى لو أن بهيمة أرادت أن تمر لمرت " ولا يفترش ذراعيه " لحديث " أبي هريرة " رضي الله تعالى عنه أن النبي A نهى أن يفترش المصلي ذراعيه افتراش الكلب أو الثعلب " فذكره هذا المثل دليل على شدة الكراهة .
وكان " مالك " يقول في النفل لا بأس .
صفحة [ 23 ] بأن يفترش ذراعيه ليكون أيسر عليه ولكن النهي عام يتناول النفل والفرض جميعا وهذا في حق الرجال فأما المرأة فتحتفز وتنضم وتلصق بطنها بفخذيها وعضديها بجنبيها هكذا عن " علي " رضي الله تعالى عنه في بيان السنة في سجود النساء ولأن مبني حالها على الستر فما يكون أستر لها فهو أولى " لقوله A المرأة عورة مستورة " . وينهض على صدور قدميه حتى يستتم قائما في الركعة الثانية عندنا وقال " الشافعي " Bه الأولى أن يجلس جلسة خفيفة ثم ينهض . " لحديث " مالك بن الحويرث " Bه أن النبي A كان إذا رفع رأسه من السجود في السجدة الثانية جلس جلسة خفيفة ثم ينهض " . ولأن كل ركعة تشتمل على جميع أركان الصلاة ومن أركانها القعدة فينبغي أن يكون ختم كل ركعة بقعدة قصيرة أو طويلة .
ولنا " حديث " وائل بن حجر " رضي الله تعالى عنه أن النبي A كان إذا رفع رأسه من السجود إلى الركعة الثانية نهض على صدور قدميه " ولأنه لو كان ها هنا قعدة لكان الانتقال إليها ومنها بالتكبير ولكان لها ذكر مسنون كما في الثانية والرابعة .
وتأويل حديثهم أنه فعل لأجل العذر بسبب الكبر كما " روي عنه E أنه قال إني امرؤ قد بدنت فلا تبادروني بركوع ولا سجود " . ومنهم من يروي بدنت وهو تصحيف فإن البدانة هي الضخامة ولم ينقل في صفات رسول الله A .
وفي قوله نهض على صدور قدميه إشارة إلى أنه لا يعتمد بيديه على الأرض عند قيامه كما لا يعتمد على جالس بين يديه والمعنى أنه اعتماد من غير حاجة فكان مكروها والذي " روي عن " ابن عباس " رضي الله تعالى عنه أن النبي A كان يقوم في صلاته شبه العاجز " . تأويله أنه كان عند العذر بسبب الكبر ويحذف التكبير حذفا ولا يطوله لحديث " إبراهيم النخعي " موقوفا ومرفوعا الأذان جزم والإقامة جزم والتكبير جزم ولأن المد في أوله لحن من حيث الدين لأنه ينقلب استفهاما وفي آخره لحن من حيث اللغة فإن أفعل لا يحتمل المبالغة ويوجه أصابع رجليه في سجوده نحو القبلة لما " روي عن النبي A أنه كان إذا سجد فتح أصابعه أي أمالها إلى القبلة " و " لقوله E فليوجه من أعضائه القبلة ما استطاع " . قال ويعتمد بيمينه على يساره في قيامه في الصلاة وأصل الاعتماد سنة إلا على قول " الأوزاعي " فإنه كان يقول يتخير المصلي بين الاعتماد والإرسال وكان يقول إنما أمروا بالاعتماد اشفاقا عليهم لأنهم كانوا يطولون القيام .
صفحة [ 24 ] فكان ينزل الدم إلى رؤوس أصابعهم إذا أرسلوا فقيل لهم لو اعتمدتم لا حرج عليكم .
والمذهب عند عامة العلماء أنه سنة واظب عليه رسول الله A و " قال E : إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نأخذ شمائلنا بأيماننا في الصلاة " و " قال " علي " رضي الله تعالى عنه . إن من السنة أن يضع المصلي يمينه على شماله تحت السرة في الصلاة " .
( يتبع . . . )