والصيف : اسم لفصل من السنة الشمسية وهو زمن الحر ومدته ثلاثة وتسعون يوما وبضع ساعات مبدأها حلول الشمس في برج السرطان ونهايته خروج الشمس من برج السنبلة وبروجه ثلاثة السرطان والأسد والسنبلة .
قال ابن العربي : قال مالك : الشتاء نصف السنة والصيف نصفها ولم أزل أرى ربيعة ابن أبي عبد الرحمان ومن معه لا يخلعون عمائمهم حتى تطلع الثريا " يعني طلوع الثريا عند الفجر وذلك أول فصل الصيف " وهو يوم التاسع عشر من " بشنس " وهو يوم خمسة وعشرين من عدد الروم أو الفرس اه . وشهر بشنس هو التاسع من أشهر السنة القبطية المجزأة إلى اثني عشر شهرا .
وشهر بشنس يبتدأ في اليوم السادس والعشرين من شهر نيسان ( أبريل ) وهو ثلاثون يوما ينتهي يوم 25 من شهر ( إيار - ماية ) .
وطلوع الثريا عند الفجر وهو يوم تسعة عشر من شهر بشنس من أشهر القبط . قال أيمة اللغة : فالصيف عند العامة نصف السنة وهو ستة أشهر والشتاء نصف السنة وهو ستة أشهر .
A E والسنة بالتحقيق أربعة فصول : الصيف : ثلاثة أشهر وهو الذي يسميه أهل العراق وخراسان الربيع ويليه القيظ ثلاثة أشهر وهو شدة الحر ويليه الخريف ثلاثة أشهر ويليه الشتاء ثلاثة أشهر . وهذه الآية صالحة للاصطلاحين . واصطلاح علماء الميقات تقسيم السنة إلى ربيع وصيف وخريف وشتاء ومبدأ السنة الربيع هو دخول الشمس في برج الحمل . وهاتان الرحلتان هما رحلة تجارة وميرة كانت قريش تجهزهما في هذين الفصلين من السنة إحداهما في الشتاء إلى بلاد الحبشة ثم اليمن يبلغون بها بلاد حمير والأخرى في الصيف إلى الشام يبلغون بها مدينة بصرى من بلاد الشام .
وكان الذين سن لهم هاتين الرحلتين هاشم بن عبد مناف وسبب ذلك أنهم كانوا يعتريهم خصاصة فإذا لم يجد أهل بيت طعاما لقوتهم حمل رب البيت عياله إلى موضع معروف فضرب عليهم خباء وبقوا فيه حتى يموتوا جوعا ويسمى ذلك الاعتفار " بالعين المهملة وبالراء وقيل بالدال عوض الراء وبفاء " فحدث أن أهل بيت من بني مخزوم أصابتهم فاقة شديدة فهموا بالاعتفار فبلغ خبرهم هاشما لأن أحد أبنائهم كان تربا لأسد بن هاشم فقام هاشم خطيبا في قريش وقال إنكم أحدثتم حدثا تقلون فيه وتكثر العرب وتذلون وتعز العرب وأنتم أهل حرم الله والناس لكم تبع ويكاد هذا الاعتفار يأتي عليكم ثم جمع كل بني أب على رحلتين للتجارات فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير من عشيرته حتى صار فقيرهم كغنيهم وفيه يقول مطرود الخزاعي : .
يأيها الرجل المحول رحله ... هلا نزلت بآل عبد مناف .
الآخذون العهد من آفاقها ... والراحلون لرحلة الإيلاف .
وأخالطون غنيهم بفقيرهم ... حتى يصير فقيرهم كالكافي ولم تزل الرحلتان من إيلاف قريش حتى جاء الإسلام وهم على ذلك .
والمعروف المشهور أن الذي سن الإيلاف هو هاشم وهو المروي عن ابن عباس وذكر ابن العربي عن الهروي : أن أصحاب الإيلاف هاشم وإخوته الثلاثة الآخرون عبد شمس والمطلب ونوفل وأن واحد منهم أخذ حبلا أي عهدا من أحد الملوك الذين يمرون في تجارتهم على بلادهم وهم ملك الشام وملك الحبشة وملك اليمن وملك فارس . فأخذ هاشم هذا من ملك الشام وهو ملك الروم وأخذ عبد شمس من نجاشي الحبشة وأخذ المطلب من ملك اليمن وأخذ نوفل من كسرى ملك فارس فكانوا يجعلون جعلا لرؤساء القبائل وسادات العشائر يسمى الإيلاف أيضا يعطونهم شيئا من الربح ويحملون إليهم متاعا ويسوقون إليهم إبلا مع إبلهم ليكفوهم مؤونة الأسفار وهم يكفون قريش دفع الأعداء فاجتمع لهم بذلك أمن الطريق كله إلى اليمن وإلى الشام وكانوا يسممون المجيرين .
وقد توهم النقاش من هذا أن لكل واحد من هؤلاء الأربعة رحلة فزعم أن الرحل كانت أربعا قال ابن عطية : وهذا قول مردود وصدق ابن عطية فإن كون أصحاب العهد الذي كان به الإيلاف أربعة لا يقتضي أن تكون الرحلات أربعا فإن ذلك لم يقله أحد . ولعل هؤلاء الاخوة كانوا يتداولون السفر مع الرحلات على التناوب لأنهم المعروفون عند القبائل التي تمر عليهم العير أو لأنهم توارثوا ذلك بعد موت هاشم فكانت تضاف العير إلى أحدهم كما أضافوا العير التي تعرض المسلمون لها يوم بدر عير أبي سفيان إذ هو يومئذ سيد أهل الوادي بمكة