والتعريف في ( البلاد ) للجنس والمعنى : التي لم يخلق مثل تلك الأمة في الأرض . وأريد بالخلق خلق أجسادهم فقد روي أنهم كانوا طوالا شدادا أقوياء وكانوا أهل عقل وتدبير والعرب تضرب المثل بأحلام عاد ثم فسدت طباعهم بالترف فبطروا النعمة .
والظاهر أن لام التعريف هنا للاستغراق العرفي أي في بلدان العرب وقبائلهم .
وقد وضع القصاصون حول قوله تعالى ( إرم ذات العماد ) قصة مكذوبة فزعموا أن ( إرم ذات العماد ) مركب جعل اسما لمدينة باليمن أو بالشام أو بمصر ووصفوا قصورها وبساتينها بأوصاف غير معتادة وتقولوا أن أعرابيا يقال له : عبد الله بن قلابة كان في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان تاه في ابتغاء إبل له فاطلع على هذه المدينة وأنه لما رجع أخبر الناس فذهبوا إلى المكان الذي زعم أنه وجدوا فيه المدينة فلم يجدوا شيئا . وهذه أكاذيب مخلوطة بجهالة إذ كيف يصح أن يكون اسمها أرم ويتبع بذات العماد بفتح ( إرم ) وكسر ( ذات ) فلو كان الاسم مركبا مزجيا لكان بناء جزئيه على الفتح وإن كان الاسم مفردا و ( ذات ) صفة له فلا وجه لكسر ( ذات ) على أن موقع هذا الإسلام عقب قوله تعالى ( بعاد ) يناكد ذلك كله .
ومنع ( ثمود ) من الصرف لأن المراد به الأمة المعروفة ووصف باسم الموصول لجمع المذكر في قوله ( الذين جابوا ) دون أن يقول التي جابت الصخرة بتأويل القوم فلما وصف عدل عن تأنيثه تفننا في الأسلوب .
ومعنى ( جابوا ) : قطعوا أي نحتوا الصخر واتخذوا فيه بيوتا كما قال تعالى ( وتنحتون من الجبال بيوتا ) وقد قيل : إن ثمود أول أمم البشر نحتوا الصخر والرخام والصخر : الحجارة العظيمة .
والواد : اسم لأرض كائنة بين جبلين منخفضة ومنه سمي مجرى الماء الكثير وادا وفيه لغتان : أن يكون آخره دالا وأن يكون آخره ياء ساكنة بعد الدال .
وقرأ الجمهور بدون ياء . وقرأه ابن كثير ويعقوب بياء في آخره وصلا ووقفا وقرأه ورش عن نافع بياء في الوصل وبدونها في الوقف وهي قراءة مبنية على مراعاة الفواصل ثم ما تقدم في قوله تعالى ( والليل إذا يسر ) وهو مرسوم في المصحف يدون ياء والقراءات تعتمد الرواية بالسمع لا رسم المصحف إذ المقصود من كتابة المصاحف أن يتذكر بها الحفاظ ما عسى أن ينسوه .
والواد : علم بالغلبة على منازل ثمود ويقال له : وادي القرى بإضافته إلى " القرى " التي بنتها ثمود فيه ويسمى أيضا " الحجر " بكسر الحاء وسكون الجيم ويقال لها " حجر ثمود " وهو واد بين خيبر وتيماء في طريق الماشي من المدينة إلى الشام ونزله اليهود بعد ثمود لما نزلوا بلاد العرب ونزله من بلاد العرب قضاعة وجهينة وغذرة وبلي .
وكان غزاه النبي A وفتحه سنة سبع فأسلم من فيه من العرب وصولحت اليهود على جزية .
والباء في قوله ( بالواد ) للظرفية .
والمراد ب ( فرعون ) هو وقومه .
ووصف ( ذي الأوتاد ) لأن مملكته كانت تحتوي على الأهرام التي بناها أسلافه لأن صورة الهرم على الأرض تشبه الوتد المدقوق ويجوز أن يكون الأوتاد مستعارا للتمكن والثبات أي ذي قوة على نحو قوله ( ذات العماد ) وقد تقدم عند قوله تعالى ( كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد ) في ص .
وقوله ( الذين طغوا في البلاد ) يجوز أن يكون شاملا لجميع المذكورين عاد وثمود وفرعون . ويجوز أن يكون نعتا لفرعون الأول المراد هو وقومه .
A E