والصب : إلقاء صبرة متجمعة من أجزاء مائعة أو كالمائعة في وعاء غير الذي كانت فيه يقال : صب الماء في الجرة وصب القمح في الهري وصب الدراهم في الكيس . وأصله : صب الماء مثل نزول المطر وإفراغ الدلو .
والشق : الإبعاد بين ما كان متصلا والمراد هنا شق سطح الأرض بخرق الماء فيه أو بآلة كالمحراث والمسحاة أو بقوة حر الشمس في زمن الصيف لتتهيأ لقبول الأمطار في فصل الخريف والشتاء .
وإسناد الصب والشق والإنبات إلى ضمير الجلالة لأن الله مقدر نظام الأسباب المؤثرة في ذلك ومحكم نواميسها وملهم الناس استعمالها .
فالإسناد مجاز عقلي في الأفعال الثلاثة . وقد شاع في ( صببنا ) و ( أنبتنا ) حتى ساوى الحقيقة العقلية .
وانتصب ( صبا ) و ( شقا ) على المفعول المطلق ل ( صببنا ) و ( شققنا ) مؤكدا لعامله ليتأتى تنوينه لما في التنكير من الدلالة على التعظيم وتعظيم كل شيء بما يناسبه وهو تعظيم تعجب .
والفاء في قوله ( فأنبتنا ) للتفريع والتعقيب وهو في كل شيء بحسبه .
والحب أريد منه المقتات منه للإنسان وقد تقدم في قوله تعالى ( كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ) في سورة البقرة .
والعنب : ثمر الكرم ويتخذ منه الخمر والخل ويؤكل رطبا ويتخذ منه الزبيب .
والقضب : الفصفصة الرطبة سميت قضبا لأنها تعلف للدواب رطبة فتقضب أي تقطع مرة بعد أخرى ولا تزال تخلف ما دام الماء ينزل عليها وتسمى القت .
والزيتون : الثمر الذي يعصر منه الزيت المعروف .
والنخل : الشجر الذي ثمرته التمر وأطواره .
والحدائق : جمع حديقة وهي الجنة من نخل وكرم وشجر وفواكه وعطفها على النخل من عطف الأعم على الأخص ولأن في ذكر الحدائق إدماجا للامتنان بها لأنها مواضع تنزههم واخترافهم .
وإنما ذكر النخل دون ثمرته وهو التمر خلافا لما قرن به من الثمار والفواكه والكلأ لأن منافع شجر النخيل كثيرة لا تقتصر على ثمره فهم يقتاتون ثمرته من تمر ورطب وبسر ويأكلون جماره ويشربون ماء عود النخلة إذا شق عنه ويتخذون من نوى التمر علفا لإبلهم وكل ذلك من الطعام فضلا عن اتخاذهم البيوت والأواني من خشبه والحصر من سعفه والحبال من ليفه فذكر اسم الشجرة الجامعة لهذه المنافع أجمع في الاستدلال بمختلف الأحوال وإدماج الامتنان بوفرة النعم وقد تقدم قريبا في سورة النبأ .
والغلب : جمع غلباء وهي مؤنث الأغلب وهو غليظ الرقبة يقال غلب كفرح يوصف به الإنسان والبعير وهو هنا مستعار لغلظ أصول الشجر فوصف الحدائق به إما على تشبيه الحديقة في تكاثف أوراق شجرها والتفافها بشخص غليظ الأوداج والأعصاب فتكون استعارة وإما على تقدير محذوف أي غلب شجرها فيكون نعتا سببيا وتكون الاستعارة في تشبيه كل شجرة بامرأة غليظة الرقبة وذلك من محاسن الحدائق لأنها تكون قد استكملت قوة الأشجار كما في قوله ( وجنات ألفافا ) .
وخصت الحدائق بالذكر لأنها مواضع التنزه والاختراف ولأنها تجمع أصنافا من الأشجار .
والفاكهة : الثمار التي تؤكل للتفكه لا للاقتيات مثل الرطب والعنب الرطب والرمان واللوز .
والأب : بفتح الهمزة وتشديد الباء : الكلأ الذي ترعاه الأنعام روي أن أبا بكر الصديق سئل عن الأب : ما هو ؟ فقال " أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به " وروي أن عمر بن الخطاب قرأ يوما على المنبر ( فأنبتنا فيها حبا ) إلى ( وأبا ) فقال " كل هذا قد عرفناه فما الأب ؟ ثم رفع عصا كانت في يده وقال : هذا لعمر الله هو التكلف فما عليك ياابن أم عمر أن لا تدري ما الأب ابتغوا ما بين لكم من هذا الكتاب فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه " . وفي صحيح البخاري عن عمر بعض هذا مختصرا .
والذي يظهر لي في انتفاء علم الصديق والفاروق بمدلول الأب وهما من خلص العرب لأحد سببين : A E إما لأن هذا اللفظ كان قد تنوسي من استعمالهم فأحياه القرآن لرعاية الفاصلة فإن الكلمة قد تشتهر في بعض القبائل أو في بعض الأزمان وتنسى في بعضها مثل اسم السكين عند الأوس والخزرج فقد قال أنس بن مالك " ما كنا نقول إلا المدية حتى سمعت قول رسول الله A يذكر أن سليمان عليه السلام قال " ائيتوني بالسكين اقسم الطفل بينهما نصفين "