والأثيم : كثير الإثم وهو فعيل من أمثلة المبالغة قال تعالى ( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ) . والمراد بالإثم هنا ما يعد خطيئة وفسادا عند أهل العقول والمروءة وفي الأديان المعروفة .
قال أبو حيان : وجاءت هذه الصفات صفات مبالغة ونوسب فيها فجاء ( حلاف ) وبعده ( مهين ) لأن النون فيها تواخ مع الميم أي ميم ( أثيم ) ثم جاء ( هماز مشاء ) بصفتي المبالغة ثم جاء ( مناع للخير معتد أثيم ) صفات مبالغة اه . يرد أن الافتعال في ( معتد ) للمبالغة .
( عتل بعد ذلك زنيم [ 13 ] ) ثامنة وتاسعة .
A E والعتل : بضمتين وتشديد اللام اسم وليس بوصف لكنه يتضمن معنى صفة لأنه مشتق من العتل بفتح فسكون وهو الدفع بقوة قال تعالى ( خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم ) ولم يسمع " عاتل " . ومما يدل على أنه من قبيل الأسماء دون الأوصاف مركب من وصفين في أحوال مختلفة أو من مركب أوصاف في حالتين مختلفتين .
وفسر العتل بالشديد الخلقة الرحيب الجوف وبالأكول الشروب وبالغشوم الظلوم وبالكثير اللحم المختال . روى الماوردي عن شهر بن حوشب هذا التفسير عن ابن مسعود وعن شداد بن أوس وعن عبد الرحمان بن غنيم يزيد بعضهم على بعض عن النبي A بسند غير قوي وهو على هذا التفسير إتباع لصفة ( مناع للخير ) أي يمنع السائل ويدفعه ويغلظ له على نحو قوله تعالى ( فذلك الذي يدع اليتيم ) .
ومعنى ( بعد ذلك ) علاوة على ما عدد له من الأوصاف هو سيء الخلقة سيء المعاملة فالبعدية هنا بعدية في الارتقاء في درجات التوصيف المذكورة فمفادها مفاد التراخي الرتبي كقوله تعالى ( والأرض بعد ذلك دحاها ) على أحد الوجهين فيه .
وعلى تفسير العتل بالشديد الخلقة والرحيب الجوف يكون وجه ذكره أن قباحة ذاته مكملة لمعائبه لأن العيب المشاهد أجلب إلى الاشمئزاز وأوغل في النفرة من صاحبه .
وموقع ( بعد ذلك ) موقع الجملة المعترضة والظرف خبر لمحذوف تقديره : هو بعد ذلك .
ويجوز اتصال ( بعد ذلك ) بقوله ( زنيم ) على أنه حال من ( زنيم ) .
والزنيم : اللصيق وهو من يكون دعيا في قومه ليس من صريح نسبهم : إما بمغمز في نسبه وإما بكونه حليفا في قوم أو مولى مأخوذ من الزنمة بالتحريك وهي قطعة من أذن البعير لا تنزع بل تبقى معلقة بالأذن علامة على كرم البعير . والزنمتان بضعتان في رقاب المعز .
قيل أريد بالزنيم الوليد بن المغيرة لأنه ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة سنة من مولده . وقيل أريد الخنس بن شريق لأنه كان من ثقيف محالف قريشا وحل بينهم وأياما كان فإن المراد به خاص فدخوله في المعطوف على ما أضيف إليه ( كل ) إنما هو على فرض وجود أمثال هذا الخاص وهو ضرب من الرمز كما يقال : ما بال أقوام يعملون كذا ويراد واحد كعين . قال الخطيم التميمي جاهلي أو حسام بن ثابت : .
زنيم تداعاه الرجال زيادة ... كما زيد في عرض الأديم الأكارع ويطلق الزنيم على من في نسبة غضاضة من قبل الأمهات ومن ذلك قول حسان في هجاء أبي سفيان بن حرب قبل إسلام أبي سفيان وكانت أمه مولاة خلافا لسائر بني هاشم إذ كانت أمهاتهم من صريح نسب قومهن : .
وأنت زنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد .
وإن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد يريد جده أبا أمه وهو موهب غلام عبد مناف وكانت أم أبي سفيان سمية بنت موهب هذا .
والقول في هذا الإطلاق والمراد به مماثل للقول في الإطلاق الذي قبله .
( أن كان ذا مال وبنين [ 14 ] إذا تتلى عليه ءاياتنا قال أساطير الأولين [ 15 ] ) يتعلق قوله ( إن كان ذا مال وبنين ) بفعل ( قال ) بتقدير لام التعليل محذوفة قبل ( أن ) وهو حذف مطرد تعلق بذلك الفعل ظرف هو ( إذا تتلى ) ومجرور هو ( إن كان ذا مال ) ولا بدع في ذلك وليست ( إذا ) بشرطية هنا فلا يهولنك قولهم : إن ( ما ) بعد الشرط لا يعمل فيما قبله على أنها لو جعلت شرطية لما امتنع ذلك لأنهم يتوسعون في المجرورات ما لا يتوسعون في غيرها وهذا مجرور باللام المحذوفة