والزينة : تحسين الذات أو المكان بما يجعل وقعه عند ناظره مسرا له وفي طباع الناس الرغبة في أن تكون مناظرهم حسنة في عين ناظريهم وذلك في طباع النساء أشد وربما كان من أسباب شدته غرورا بأنفسهم بل ذلك لتكون حسنة في الناس من الرجال والنساء .
ويغلب التزين على أحوال الحياة فإن معظم المساكن والملابس يراد منه الزينة وهي ذاتية ومعنوية ومن المعنوية ما يسمى في أصول الفقه بالتحسيني .
والتفاخر : الكلام الذي يفخر به والفخر : حديث المرء عن محامده والصفات المحمودة منها فيه بالحق أو الباطل . وصيغ منه زنة الفاعل لأن شأن الفخر أن يقع بين جانبين كما أنبأ به تقييده بظرف ( بينكم ) .
والناس يتفاخرون بالصفات المحمودة في عصورهم وأجيالهم وعاداتهم فمن الصفات ما الفخر به غير باطل . وهي الصفات التي حقائقها محمودة في العقل أو الشرع . ومنها ما الفخر به باطل من الصفات والأعمال التي اصطلح قوم على التمدح بها وليست حقيقة بالمدح مثل التفاخر بالإغلاء في ثمن الخمور وفي الميسر والزنى والفخر بقتل النفوس والغارة على الأموال في غير حق .
وأغلب التفاخر في طور الكهولة واكتمال الأشد لأنه زمن الإقبال على الأفعال التي يقصد منها الفخر .
والتفاخر كثيرا في أحوال الناس في الدنيا ومنه التباهي والعجب وعنه ينشأ الحسد .
والتكاثر : تفاعل من الكثرة وصيغة التفاعل هنا للمبالغة في الفعل بحيث ينزل منزلة من يغالب غيره في كثرة شيء فإنه يكون أحرص على أن يكون الأكثر منه عنده فكان المرء ينظر في الكثرة من الأمر المحبوب إلى أمر آخر له الكثرة منه ألا ترى إلى قول طرفة : .
فلو شاء ربي كنت قيس بن عاصم ... ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد .
فأصبحت ذا مال كثير وطاف بي ... بنون كرام سادت لمسود ثم شاع إطلاق صيغة التكاثر فصارت تستعمل في الحرص على تحصيل الكثير من غير مراعاة مغالبة الغير ممن حصل عليه قال تعالى ( ألهاكم التكاثر ) .
و ( في ) من قوله ( في الأموال والأولاد ) : أما مستعملة في التعليل وأما هي الظرفية المجازية فإن جعلت الأموال كالظرف يحصل تكاثر الناس عنده كمن ينزع في بئر .
والمعنى : أن الله أقام نظام أحوال الناس في الحياة الدنيا على حكمة أن تكون الحياة وسيلة لبلوغ النفوس إلى ما هيئها الله له من العروج إلى سمو الملكية كما دل عليه قوله ( إني جاعل في الأرض خليفة ) فكان نظام هذه الحياة على أن تجري أمور الناس فيها على حسب تعاليم الهدى للفوز بالحياة الأبدية من نعيم الحق بعد الممات والبعث فإذا الناس قد حرفوها على مهيعها وقد تضمن ذلك قوله تعالى ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) .
( كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما ) يجوز أن يكون في موضع خبر من مبتدأ محذوف أي هي كمثل غيث فتكون الجملة استئنافا وحذف المسند إليه من النوع الذي سماه السكاكي " متابعة الاستعمال " .
A E ويجوز أن يكون الكاف في موضع الحال و ( كمثل ) معناه كحال أي حال الحياة الدنيا كحال غيث الخ فشبهت هيئة أهل الدنيا أحوالهم الغالبة عليهم والمشار إلى تنويعها بقوله ( لعب ولهو ) إلى آخره بهيئة غيث أنبت زرعا فأينع ثم اصفر ثم اضمحل وتحطم أي تشبيه هيئة هذه الأحوال الغالبة على الناس في الحياة في كونها محبوبة للناس مزهية لهم وفي سرعة تقضيها بهيئة نبات جديد أنبته غيث فاستوى واكتمل وأعجب به من رآه فمضت عليه مدة فيبس وتحطم .
والمقصود بالتمثيل هو النبات وإنما ابتدأ بغيث تصويغا للهيئة من مبادئها لإظهار مواقع الحسن فيها لأن ذلك يكتسب منه المشبه حسنا كما فعل كعب بن زهير في تحسين أوصاف الماء الذي مزجت به الراح في قوله : .
شجت بذي شيم من ماء محنية ... صاف بأبطح أضحى وهو مشمول .
تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه ... من صوب سارية بيض يعاليل