وبسط نشأة موسى وتأييد الله إياه ونصره على فرعون بالحجة والمعجزات وبصرف كيد فرعون عنه وعن أتباعه .
وإنجاء الله موسى وقومه وغرق فرعون وما أكرم الله به بني إسرائيل في خروجهم من بلد القبط .
وقصة السامري وصنعه العجل الذي عبده بنو إسرائيل في مغيب موسى " عليه السلام " وكل ذلك تعويض بأن مآل بعثة محمد A صائر إلى ما صارت إليه بعثة موسى " عليه السلام " من النصر على معانديه . فلذلك انتقل من ذلك إلى وعيد من أعرضوا عن القرآن ولم تنفعهم أمثاله ومواعظه .
ورتب على ذلك سوء الجزاء في الآخرة لمن جعلوا مقادتهم بيد الشيطان وإنذارهم بسوء العقاب في الدنيا .
وتسلية النبي A على ما يقولونه وتثبيته على الدين .
وتخلل ذلك إثبات البعث . وتهويل يوم القيامة وما يتقدمه من الحوادث والأهوال .
( طه [ 1 ] ) A E هذان الحرفان من حروف فواتح بعض السور مثل الم ويس . ورسما في خط المصحف بصورة حروف التهجي التي هي مسمى ( طا ) و ( ها ) كما رسم جميع الفواتح التي بالحروف المقطعة . وقرئا لجميع القراء كما قرأت بقية فواتح السور . فالقول فيهما كالقول المختار في فواتح تلك السور وقد تقدم في أول سورة البقرة وسورة الأعراف .
وقيل هما حرفان مقتضبان من كلمتي ( طاهر ) ( وهاد ) وأنهما على معنى النداء بحذف حرف النداء .
وتقدم وجه المد في ( طا ) ( ها ) في أول سورة يونس . وقيل مقتضبان من فعل ( طأ ) أمرا من الوطء . ومن ( ها ) ضمير المؤنثة الغائبة عائد إلى رجل واحدة فأمره الله بهذه الآية أن يطأ الأرض برجله الأخرى . ولم يصح .
وقيل ( طاها ) كلمة واحدة وأن أصلها من الحبشية . ومعناها إنسان وتكلمت بها قبيلة " عك " أو " عكل " وأنشدوا ليزيد بن مهلهل : .
إن السفاهة طاها من شمائلكم ... لا بارك الله في القوم الملاعين وذهب بعض المفسرين إلى اعتبارهما كلمة لغة " عك " أو " عكل " أو كلمة من الحبشية أو النبطية وأن معناها في لغة : " عك " يا إنسان أو يا رجل . وفي ما عداها : يا حبيبي . وقيل : هي اسم سمى الله به نبيه A وأنه على معنى النداء . أو هو قسم به . وقيل : هي اسم من أسماء الله تعالى على معنى القسم ؟ ورويت في ذلك آثار وأخبار ذكر بعضها عياض في الشفاء . ويجري فيها قول من جعل جميع هذه الحروف متحدة في المقصود منها . كقول من قال : هي أسماء للسور الواقعة فيها . ونحو ذلك مما تقدم في سورة البقرة . وإنما غرهم بذلك تشابه في النطق فلا نطيل بردها . وكذلك لا التفات إلى قول من زعموا أنه من أسماء النبي A .
( ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى [ 2 ] إلا تذكرة لمن يخشى [ 3 ] تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى [ 4 ] الرحمن على العرش استوى [ 5 ] له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى [ 6 ] ) افتتحت السورة بملاطفة النبي A بأن الله لم يرد من إرساله وإنزال القرآن عليه أن يشقى بذلك . أي تصيبه المشقة ويشده التعب ولكن أراد أن يذكر بالقرآن من يخاف وعيده . وفي هذا تنويه أيضا بشأن المؤمنين الذين آمنوا بأنهم كانوا من أهل الخشية ولولا ذلك لما ادكروا بالقرآن .
وفي هذه الفاتحة تمهيد لما يرد من أمر الرسول A بالاضطلاع بأمر التبليغ . وبكونه من أولي العزم مثل موسى " عليه السلام " وأن لا يكون مفرطا في العزم كما كان آدم " عليه السلام " قبل نزوله إلى الأرض . وأدمج في ذلك التنويه بالقرآن لأن في ضمن ذلك تنويها بمن أنزل عليه وجاء به .
والشقاء : فرط التعب بعمل أو غم في النفس قال النابغة : .
إلا مقالة أقوم شقيت بهم ... كانت مقالتهم قرعا على كبدي وهمزة الشقاء منقلبة عن الواو . يقال : شقاء وشقاوة بفتح الشين وشقوة بكسرها