والقرن : الأمة والجيل . ويطلق على الزمان الذي تعيش فيه الأمة . وشاع تقديريه بمائة سنة . و " من " بيانية وما بعدها تمييز " كم " .
والاستفهام في ( هل تحس منهم من أحد ) إنكاري . والخطاب للنبي A تبعا لقوله ( فإنما يسرناه بلسانك ) أي ما تحس أي ما تشعر بأحد منهم . والإحساس : الإدراك بالحس أي لا ترى منهم أحدا .
والركز : الصوت الخفي ويقال : الرز وقد روى بهما قول لبيد : .
وتوجست ركز الأنيس فراعها ... عن ظهر غيب والأنيس سقامها وهو كناية عن اضمحلالهم ؛ كني باضمحلال لوازم الوجود عن اضمحلال وجودهم .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة طه .
سميت سورة ( طاها ) باسم الحرفين المنطوق بهما في أولها .
ورسم الحرفان بصورتهما لا بما ينطق به الناطق من اسميهما تبعا لرسم المصحف كما تقدم في سورة الأعراف . وكذلك وردت تسميتها في كتب السنة في حديث إسلام عمر بن الخطاب كما سيأتي قريبا .
A E وفي تفسير القرطبي عن مسند الدرامي عن هريرة قال : قال رسول الله A : " أن الله تبارك وتعالى قرأ ( طاها ) ( باسمين ) قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا : طوبى لأمة ينزل هذا عليها " الحديث . قال ابن فورك : معناه أن الله أظهر كلامه وأسمعه من أراد أن يسمعه من الملائكة فتكون هذه التسمية مروية عن النبي A .
وذكر في الإتقان عن السخاوي أنها تسمى أيضا ( سورة الكليم ) وفيه عن الهذلي في كامله أنها تسمى ( سورة موسى ) .
وهي مكية كلها على قول الجمهور . واقتصر عليه ابن عطية وكثير من المفسرين . وفي الإتقان أنه استثني منها آية ( فاصبر على ما يقولون وسبح ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) الآية . واستظهر في الإتقان أن يستثنى منها قوله تعالى ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) الآية . لما أخرج أبو يعلى والزار عن أبي رافع قال : أضاف النبي A ضيفا فأرسلني إلى رجل من اليهود أن أسلفني دقيقا إلى هلال رجب فقال : لا إلا برهن فأتيت النبي فأخبرته فقال : أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض . فلم أخرج من عنده حتى نزلت ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) الآية اه .
وعندي أنه إن صح حديث أبي رافع فهو من اشتباه التلاوة بالنزول . فالعل النبي A قرأها متذكرا فظنها أبو رافع نازلة ساعتئذ ولم يكن سمعها قبل أو أطلق النزول على التلاوة . ولهذا نظائر كثيرة في المرويات في أسباب النزول كما علمته غير مرة .
وهذه السورة هي الخامسة والأربعون في ترتيب النزول نزلت بعد سورة مريم وقبل سورة الواقعة . ونزلت قبل إسلام عمر بن الخطاب لما روى الدارقطني عن أنس بن مالك وابن إسحاق في سيرته عنه قال : خرج عمر متقلدا بسيف . فقيل له : إن ختنك وأختك قد صبوا فأتاهما عمر وعندهما خباب بن الأرت يقرئهما سورة ( طاها ) فقال : أعطوني الكتاب الذي عندكم فأقرأه ؟ فقالت له أخته : إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ . فقام عمر وتوضأ وأخذ الكتاب فقرأ طه . فلما قرأ صدرا منها قال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه " إلى آخر القصة . وذكر الفخر عن بعض المفسرين أن هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة .
وكان إسلام عمر في سنة خمس من البعثة قبيل الهجرة الأولى إلى الحبشة فتكون هذه السورة قد نزلت في سنة خمس أو أواخر سنة أربع من البعثة .
وعدت آيها في عدد أهل المدينة ومكة مائة وأربعا وثلاثين وفي عدد أهل الشام مائة وأربعين وفي عدد أهل البصرة مائة واثنتين وثلاثين . وفي عدد أهل الكوفة مائة وخمسا وثلاثين .
أغراضها .
احتوت من الأغراض على : التحدي بالقرآن بذكر الحروف المقطعة في مفتتحها والتنويه بأنه تنزيل من الله لهدي القابلين للهداية ؛ فأكثرها في هذا الشأن .
والتنويه بعظمة الله تعالى . وإثبات رسالة محمد A بأنها تماثل رسالة أعظم رسول قبله شاع ذكره في الناس . فضرب المثل لنزول القران على محمد A بكلام الله موسى " عليه السلام "