ولا خلاف أن هاته الفواتح حين ينطق بها القارئ أسماء الحروف التهجي التي ينطق في الكلام بمسمياتها وأن مسمياتها الأصوات المكيفة بكيفيات خاصة تحصل في مخارج الحروف ولذلك إنما يقول القارئ ( ألف لام ميم ) مثلا ولا يقول ( ألم ) . وإنما كتبوها في المصاحف بصور الحروف التي يتهجى بها في الكلام التي يقوم رسم شكلها مقام المنطوق به في الكلام ولم يكتبوها بدوال ما يقرأونها به في القرآن لأن المقصود التهجي بها وحروف التهجي تكتب بصورها لا بأسمائها . وقيل لأن رسم المصحف سنة لا يقاس عليه وهذا أولى إنه لأشمل للأقوال المندرجة تحتها وإلى هنا خلص أن الأرجح من تلك الأقوال ثلاثة وهي كونها تلك الحروف لتبكت المعاندين وتسجيلا لعجزهم عن المعارضة أو كونها أسماء للسور الواقعة هي فيها أو كونها أقساما أقسم بها لتشريف قدر الكتابة وتنبيه العرب الأميين إلى فوائد الكتابة لإخراجهم من حالة الأمية وأرجح هذه الأقوال الثلاثة هو أولها فإن الأقوال الثاني والسابع والثامن والثاني عشر والخامس عشر والسادس عشر يبطلها أن هذه الحروف لو كانت مقتضبة من أسماء أو كلمات لكان حق أن ينطق بمسمياتها لا بأسمائها ؛ لأن رسم المصحف سنة لا يقاس عليها وهذا أولى لأنه أشمل للأقوال .
وعرفت اسميتها من دليلين : أحدهما اعتوار أحوال الأسماء عليها مثل التعريف حين تقول : الألف والباء ومثل الجمع حين تقول الجيمات وحين الوصف حين تقول ألف ممدودة والثاني ما حكاه سيوية في كتابه : قال الخليل يوما وسأل أصحابه كيف تلفظون بالكاف التي في لك والباء التي في ضرب فقيل نقول : كاف . باء . فقال : إنما جئتم بالاسم ولم تلفظوا بالحرف وقال أقول كه وبه " يعني بهاء وقعت في آخر النطق به ليعتمد عليها اللسان عند النطق إذا بقيت على حرف واحد لا يظهر في النطق به مفردا " .
A E