- يرجم بعد إقرار أربع مرات .
وذهب كثير من العلماء إلى اشتراط الأربع واختلفوا في اشتراط كونها في أربعة مجالس أو مجلس فقال به علماؤنا ونفاه ابن أبي ليلى وأحمد فيما ذكر عنه واكتفوا بالأربع في المجلس الواحد وما في الصحيحين ظاهر فيه وهو ما عن أبي هريرة قال : أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو في مسجد فقال : يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال : يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى بين ذلك أربع مرات فلما أشهد على نفسه أربع شهادات دعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : أبك جنون ؟ قال لا قال : هل أحصنت ؟ قال : نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : اذهبوا به فارجموه فرجمنا بالمصلى فما أزلقته الحجارة وهرب فأدركناه بالحرة فرجمناه .
قال ابن الهمام فهذا ظاهر في أنه كان في مجلس واحد قلت : نعم هو أظهر منه في إفادة أنها في مجالس ما في صحيح مسلم عن بريدة أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلّم فرده ثم أتاه الثانية من الغد فرده ثم أرسل إلى قوم هل تعلمون بعقله شيئا فقالوا : ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحنا فأتاه الثالثة فأرسل عليهم أيضا فسألهم فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله فلما كان الرابعة حفر له حفيرة فرجمه .
وأخرج أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما وابن أبي شيبة في مصنفه : حدثنا وكيع عن اسرائيل عن جابر عن عامر عن عبد الرحمن بن ابزى عن أبي بكر قال : أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلّم فاعترف وأنا عنده مرة فرده ثم جاء فاعترف عنده فرده ثم جاء فاعترف عنده فرده ثم جاء الثالثة فرده فقلت له لو اعترفت الرابعة رجمك قال : فاعترف الرابعة فحبسه ثم سأل عنه فقالوا : لا نعلم إلا خيرا فأمر به .
قال ابن الهمام : فصرح بتعدد المجيء وهو يستلزم غيبة ونحن إنما قلنا أنه إذا تغيب ثم عاد فهو مجلس آخر .
وروى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة قال : أنها جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : إن الأبعد قد زنى فقال له : ويلك وما يدريك وما الزنا فأمر به فطرد فأخرج فقال : ثم أتاه الثانية فقال مثل ذلك فقال : أدخلت وخرجت ؟ قال : نعم فأمر به أن يرجم فهذا وغيره مما يطول ذكره ظاهره في تعدد المجالس فوجب أن يحمل الحديث الأول عليها وأن قوله فتنحى تلقاء وجهه معدود مع قوله الأول إقرار واحد لأنه في مجلس واحد وقوله حتى بين ذلك أربع مرات أي في أربعة مجالس فإنه لا ينافي ذلك .
وقد دلت الأحاديث على تعدد المجالس فيحمل عليه وأما كون الكلام مع المكتفين بمرة واحدة فنقول : الغامدية لم تقر إلا مرة واحدة ممنوع بل أقرت أربعة . يدل عليه ما عند أبي داود والنسائي فإنه كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتحدثون أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما وإنما رجمهما بعد الرابعة فهذا تصريح في إقرارها أربعا غاية ما في الباب أنه لم ينقل تفاصيلهما والرواة كثيرا ما يحذفون بعض الصور الواقعة على أنه روى البزار في مسنده أنها أقرت أربع مرات وهو يردها ثم قال : اذهبي حتى تلدي الحديث .
غير أن فيه مجهولا تنجبر جهالته بما يشهد له من حديث أبي داود والنسائي وأما كون رد ماعز أربعا لاستربته في العقل فإن سلم لا يتوقف علم ذلك على الأربع ومما يدل على ذلك ترتيبه عليه السلام الحكم عليها وهو مشعر بعليتها وكذا الصحابة فمن ذلك قوله في الحديث : هذا لأنك قد قلتها أربعا فمبين وهو حديث أخرجه أبو داود والنسائي والإمام أحمد عن يزيد بن نعيم ابن هزال عن أبيه قال كان ماعز بن مالك في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال : أيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم .
وزاد فيه أحمد قال هشام : فحدثني يزيد بن نعيم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال له حين رآه : والله يا هزال لو كنت سترته بثوبك لكان خيرا لك مما صنعت به ومن ذلك في لفظ لأبي داود عن ابن عباس : إنك شهدت على نفسك أربع مرات وفي لفظ لابن أبي شيبة : أليس إنك قلتها أربع مرات ؟