- حديث الجهاد .
وبه ( عن علقمة عن ابن بريدة عن أبيه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا بعث جيشا ) أي عسكرا كثيرا كأنه يجوش ويفور من قوة حركته ( أو سرية ) أي عسكرا قليلا أقصاه أربعمائة كأنه يخفي في سيره من قلة ومدينة ( أوصى أميرهم في خاصة نفسه ) أي في ما يتعلق بأمر دينه ودنياه بتقوى الله أي اكتساب أوامره واجتناب زواجره ( وأوصى فيمن معه ) أي في حق من سار معه ( وتابعه من المسلمين خيرا ) أي بالخير والإحسان ( ثم قال لهم ) أي جميعهم ( اغزوا بسم الله ) أي مستعينا به ( في سبيل الله ) أي طالبين لرضائه ( قاتلوا من كفر ) أي بالله لا بغير حق سواه ( لا تغلوا ) بضم الغين المعجمة واللام المشددة أي لا تخونوا في الغنيمة ( ولا تغدروا ) بكسر الدال المهملة أي لا تنقضوا العهد بالخديعة ( ولا تمثلوا ) بضم المثلثة أي لا تقطعوا الأطراف من الأنف والأذن وغيرهما من هما من الأصناف فإنه لا منفعة فيها بل يوجب زيادة الغيظ بسببها والسلب بمثلها ( ولا تقتلوا وليدا ) أي مولودا صغيرا دون البلوغ إذ أسره أولى ونفعه للمسلمين أعلى لا سيما إذا كان أعلى إلا إذا كان سلطانا أو ولده فإن في وجوده خوف الفتنة والفساد في عروض شهوده . والحديث رواه مسلم والأربعة عن بريدة .
( وفي رواية ) أي لأبي حنيفة وكذا لأبي داود ( شيخا كبيرا ) أي ممن لا يقدر إلا أن يكون صاحب رأي أو مدعي ملك .
وزاد أبو داود ولا امرأة وهي مقيدة بما تقدم والله أعلم . ( فإذا لقيتم عدوكم ) أي أعداءكم من الكفار ولو من أهل الكتاب ( فادعوهم إلى الإسلام ) أولا ( فإن أبوا ) أي امتنعوا ( فادعوهم إلى إعطاء الجزية ) أي إن كانوا من أهلها ( فإن أبوا فقاتلوهم ) أي بأمره وكونه ( فإذا حاصرتم أهل حصن فأرادوكم ) أي طلبوا منكم ( أن تنزلوهم على حكم الله ) أي فيهم من القتل والسبي والمن ( فلا تفعلوا ) أي فلا تقبلوا فإنكم ( لا تدرون ما حكم الله ) أي بخصوصه في حقهم ( ولكن انزلوا على حكمكم ) أي كلكم أو بعضكم ( ثم أحكموا فيهم عابدا بالأنفس ) أي بما ظهر لكم من الرأي فيهم ( فإن أرادوكم ) أي حاولوكم ( أن تعطوهم ذمة الله ) أي عهده وأمانه خوفا أن يعجزوا عن القيام بحقه ( فأعطوهم ذممكم وذمم آبائكم ) الظاهر أن الواو بمعنى أو ( فإنكم إن تخفروا ) بضم التاء وكسر الفاء أي أن تهتكوا ( بذمتكم أهون ) أي أخف ( من أن تخفروا بذمة الله أن تخفروا في رقبتكم ) .
وفي رواية ( فإن أرادوكم أن تعطوهم ذمة الله وذمة رسوله فلا تعطوهم ذمة الله ولا ذمة رسوله . ولكن أعطوهم ذممكم وذمم آبائكم فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم أيسر فإن ذمة الله وذمة رسوله في مقام التعظيم أكبر )