كما لو قال : أمرتهم بأن ينتبهوها . ومنه قوله تعالى : " ووصى بها ابراهيم بنيه " البقرة : 132أي وصاهم بكلمة التوحيد وأكرهم بها وقولك : وصيت زيدا بعمرو معناه : وصيته بتعهد عمرو ومراعاة ونحو ذلك وكذلك معنى وقوله : " ووصينا الإنسان بوالديه حسنا " : وصيناه بإيتاء والديه حسنا أو بآلاء والديه حسنا ؛ أي : قعلا ذا حسن أو ما هو في ذاته حسن لفرط حسنه كقوله تعالى : " وقولا للناس حسناالبقرة : 83 وقرئ : حسنا وإحسانا ويجوز أن تجعل حسنا من باب قولك : زيدا بإضمار أضرب إذا رأيته متهيئا للضرب فتنصبه بإضمار أولهما معروفا و " فلا تطعهما " في الشرك إذا حملاك عليه . وعلى هذا التفسير إن وقف على " بوالديه " وابتدأ حسنا حسن الوقف وعلى التفسير الأول لا بد من إضمار القول معناه : وقلنا إن جاهداك أيها الإنسان " ما ليس لك به علم " أي لا علم لك بإلهيته . والمراد بنفي العلم : نفي المعلوم كأنه قال : لتشرك بي شيئا لا يصح أن يكون إلها ولا يستقم : وصاه بوالديه وأمره بالإحسان إليهما ثم نبه بنهيه عن طاعتهما إذا أراده على ما ذكره على أن كل حق وإن عظم شاقط إذا جاء حق الله وأنه لا طاقة لمخلوق في معصية الخالق ثم قال : إلي مرجع من آمن منكم ومن أشرك فأجازيكم حق جزائكم . وفيه شيئان أحدهما : أن الجزاء إلي فلا تحدث نفسك بجفوة والديك وعقوقهما لشركهما ولا تحرمهما برك ومعرفك في الدنيا كما أني لا أمنعهما رزقي . والثاني : التحذير من متابعتهما على الشرك والحث على الثبات والاستقامة في الدين بذكر المرجع والوعيد . روي : أن سعد بن أبي وقاص الزهري Bه حين أسلم قالت أمه - وهي حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس - يا سعد بلغني أنك قد صبأت فوالله لا يظلني سقف بيت من الضح والريح ؛ وإن الطعام والشراب علي حرام حتى تكفر بمحمد - وكان أحب ولدها إليهات فأبى سعد وبقيت ثلاث أيام كذلك فجاء سعد إلى رسول الله A وشكا إليه فنزلت هذه الآية والتي في لقمان والتي في الأحقاف فأمره رسول الله A أن يداريها ويترضاها بالإحسان . وروي أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي وذلك : أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضى الله عنهما مترافقين حتى نزلا المدينة فخرج أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام - أخواه لأمه أسماء بنت مخرمة : امرأة من بني تميم من بني حنظلة - فنزلا بعياش وقالا له : إن من دين محمد صلة الأرحام وبر الوالدين وقد تركت أمك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوى بيتا حتى تراك وهي أشد حبا لك منا فاخرج معنا وفتلا منه في الذروة والغارب فاستشار عمر Bه فقال : هما يخدعانك ولك علي أن أقسم مالي بيني وبينك فما في الدنيا بعير يلحقها فإن رابك منهما ريب فارجع فلما ليوطئ لنفسه وله فأخذاه وشداه وثاقا وجلده كل واحد منهما مائة جلدة وذهبا به إلى أمه فقالت : لا تزال في عذاب حتى ترجع عن كل واحد منهما مائة جلدة وذهبا به إلى أمه فقالت : لا تزال في عذاب حتى ترجع عن دين محمد فنزلت .
" والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين " " في الصالحين " في جملتهم . والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين وهو منمني أنبياء الله . قال الله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام " وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين : النمل : 19 وقال في إبراهيم عليه السلام : " وإنه في الآخرة لمن الصالحين : البقرة : 130 ، النحل : 122 ، العنكبون : 27 أو في مدخل الصالحين وهي الجنة وهذا نحو قوله تعالى : " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم " الآية النساء : 69 " ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذى في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين وليعلمن الله الذين ءامنوا وليعلمن المنافقين "