الشرب : النصيب من الماء نحو السقي والقيت للحظ من السقي والقوت وقرئ : بالضم . روي أنهم قالوا : نريد ناقة عشراء تخرج من هذه الصخرة فتلد شقبا . فقعد صالح يتفكر فقال له جبريل عليه السلام : صل ركعتين وسل ربك الناقة ففعل فخرجت الناقة وبركت بين أيديهم ونتجت سقبا مثلها في العظم . وعن أبي موسى : رأيت مصدرها فإذا هو ستون ذراعا . وعن قتادة : إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله ولهم شرب يوم لا تشرب فيه الماء " بسوء " بضرب أو عقر أو غير ذلك . فيأخذكم عذاب يوم ظيم عظم اليوم لحلول العذاب فيه ووصف اليوم به أبلغ من وصف العذاب لأن الوقت إذا عظم بسببه كام موقعه من العظم أشد .
" فعقروها فأصبحوا نادمين فأخذهم العذاب إن في ذلك لأية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم " وروي أن مسطعا ألجأها إلى مضيق في شعب فرماها بسهم فأصاب رجلها فسقطت : ثم شربها قدار . قدار . وروي أن عاقرها قال : لا أعقرها حتى ترضوا أجمعين فكانوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولن : أترضين ؟ فتقول : نعم وكذلك صبيانهم . فإن قلت : لم أخذهم العذاب وقد ندموا ؟ قلت : لم يكن ندمهم ندم تائبين ولكن في غير وقت التوبة وذلك عند معاينة العذاب . وقال الله تعالى : " وليست التوبة للذين يعملون السيئات " الآية التوبة : 18 . وقيل : كانت ندامتهم على ترك الولد وهو بعيد . واللام في العذاب : إشارة إلى عذاب يوم عظيم " كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعوا وما أسئلكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتأتون الذاكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون " أراد بالعالمين : الناس : أي : أتأتون من بين أولاد آدم عليه السلام - على فرط كثرتهم وتفاوت أجناسهم وغلبة إناثهم على ذكورهم في الكثرة - ذكرانهم ؛ كأن الإناث قد أعوزتكم . أو أتأتون أنتم - من بين من عداكم من العالمين - الذاكران يعني أنكم يا قوم لوط وحدكم مختصون بهذه الفاحشة . والعالمون على هذا القول : كل ما ينكح من الحيوان " من أزواجكم " يصلح أن يكون تبيينا لما خلق وأن يكون للتبعيض ويراد بما خلق : العضو المباح منهن . وفي قارءة ابن مسعود : ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم وكأنهم كانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم . بل أنتم قوم عادون العادي : المتعدي في ظلمة المتجاوز فيه الحد ومعناه : أتركبون هذه المعصية على عظمها بل أنتم قوم عادون في جميع المعاصي فهذا من جملة ذاك أو بل أنتم قوم أحقاء بأن توصفوا بالعدوان حيث ارتكبتم مثل هذه العظيمة .
" قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين " " لئن لم تنته " عن نهينا وتقبيح أمرنا " لتكونن " من جملة من أخرجناه من بين أظهرنا وطردنا ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوأ حال : من تعنيف به واحتباس لأملاكه . وكما يكون حال الظلمة إذا أجلوا بعصض من يغضبون عليه وكما كان يفعل أهل مكة بمن يريد المهاجرة .
" قال إني لعملكم من القالين رب نجني وأهلي مما يعلمون فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين إن في ذلك وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم "