وقرىء : " زبرا " جمع زبور أي : كتبا مختلفة يعني : جعلوا دينهم أديانا وزبرا قطعا : استعيرت من زبر الفضة والحديد وزبرا : مخففة الباء كرسل في رسل أي : كل فرقة من فرق هؤلاء المختلفين المتقطعين دينهم فرح بباطله مطمئن النفس معتقد أنه على الحق .
" فذرهم فى غنرتهم حتى حين " .
الغمرة . الماء الذي يغمر القامة فضربت مثلا لما هم مغمورون فيه من جهلهم وعمايتهم . أو شبهوا باللاعبين في غمرة الماء لما هم عليه من الباطل . قال : .
كأنني ضارب في غضرة لعب .
وعن علي Bه : في غمراتهم " حتى حين " إلى أن يقتلوا أو يموتوا .
" أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرت بل لا يشعرون " .
سلى رسول الله A وسلم بذلك ونهى عن الاستعجال بعذابهم والجزع من تأخيره . وقرىء : " يمدهم " ويسارع ويسرع بالياء والفاعل الله سبحانه وتعالى . ويجوز في : يسارع ويسرع : أن يتضمن ضمير الممد به . ويسارع مبنيا للمفعول . والمعنى : أن بنا الإمداد ليس إلا استدراجا لهم إلى المعاصي واستجرارا إلى زيادة الإثم وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات وفيما لهم فيه نفع وإكرام ومعاجلة بالثواب قبل وقته . ويجوز أن يراد في جزاء الخيرات كما يفعل بأهل الخير من المسلمين . و " بل " استدراك لقوله : " أتحسبون " يعني : بل هم أشباه البهائم لا فطنة بهم ولا شعور حتى يتأملوا ويتفكروا في ذلك : أهو استدراج أم مسارعة في الخير . فإن قلت : أين الراجح من خبر أن إلى اسمها إذا لم يستكن فيه ضميره . قلت : هو محذوف تقديره : نسارع به ويسارع به ويسارع الله به كقوله : " إن ذلك لمن عزم الأمور " الشورى : 43 ، أي إن ذلك منه وذلك لاستطالة الكلام مع أمن الإلباس .
" إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بئايت ربهم يؤمنون " والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون مآ ءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم رجعون أولئك يسرعون فى الخيرت وهم لها سبقون " .
" يؤتون مآ ءاتوا " يعطون ما أعطوا وفي قراءة رسول الله A وعائشة : " يأتون ما أتوا " أي يفعلون ما فعلوا . وعنها أنها قالت : قلت : يا رسول الله هو الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر وهو على ذلك يخاف الله ؟ قال : قال : " لا يا ابنة الصديق ولكن هو الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو على ذلك يخاف الله أن لا يقبل منه " : " يسرعون فى الخيرت " يحتمل معنيين أحدهما : أن يراد يرغبون في الطاعات أشد الرغبة فيبادرونها . والثاني : أنهم يتعجلون في الدنيا المنافع ووجوه الإكرام كما قال : " فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة " آل عمران : 148 ، " وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين " العنكبوت : 27 ، لأنهم إذا سورع بها لهم فقد سارعوا في نيلها وتعجلوها وهذا الوجه أحسن طباقا للآية المتقدمة لأن فيه إثبات ما نفي عن الكفار للمؤمنين . وقرىء : " يسرعون في الخيرات " " لها سبقون " أي فاعلون السبق لأجلها أو سابقون الناس لأجلها أو إياها سابقون أي : ينالونها قبل الآخرة حيث عجلت لهم في الدنيا . ويجوز أن يكون " لها سبقون " خبرا بعد خبر . ومعنى " وهم لها " كمعنى قوله : .
أنت لها أحمد من بين البشر .
" ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتب ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أ عمل من دون ذلك هم لها عملون " .
يعني أن هذا الذي وصف به الصالحين غير خارج من حد الوسع والطاقة وكذلك كل ما كلفه عباده وما عملوه من الأعمال فغير ضائع عنده بل هو مثبت لديه في كتاب يريد اللوح أو صحيفة الأعمال ناطق بالحق لا يقرؤون منه يوم القيامة إلا ما هو صدق وعدل لا زيادة فيه ولا نقصان ولا يظلم منهم أحد . أو أراد أن الله لا يكلف إلا الوسع فإن لم يبلغ المكلف أن يكون على صفة هؤلاء السابقين بعد أن يستفرغ وسعه ويبذل طاقته فلا عليه ولدينا كتاب فيه عمل السابق والمقتصد ولا نظلم أحدا من حقه ولا نحطه دون درجته بل قلوب الكفرة في غفلة غامرة لها " من هذا " أي مما عليه هؤلاء الموصوفون من المؤمنين " ولهم أعمل " متجاوزة متخطية لذلك أي : لما وصف به المؤمنون " هم لها عملون " معتادون وبها ضارون لا يفطمون عنها حتى يأخذهم الله بالعذاب