و من في " من النبين " للبيان مثلها في قوله تعالى في آخر سورة الفتح " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة " الفتح : 29 ، لأن جميع الأنبياء منعم عليهم . و " من " الثانية للتبعيض وكان إدريس من ذرية آدم لقربه منه لأنه جد أبي نوح . وإبراهيم عليه السلام من ذرية من حمل مع نوح لأنه من ذرية سام بن نوح وإسماعيل من ذرية إبراهيم . وموسى وهرون وزكريا ويحيى من ذرية إسرائيل . وكذلك عيسى لأن مريم من ذريته " وممن هدينا " يحتمل العطف على من الأولى والثانية . إن جعلت الذين خبرا لأولئك كان " إذا تتلى " كلاما مستأنفا . وإن جعلته صفة له كان خبرا . قرأ شبل بن عباد المكي " يتلى " بالتذكير ؛ لأن التأنيث غير حقيقي مع وجود الفاصل البكي : جمع باك كالسجود والقعود في جمع ساجد وقاعد . عن رسول الله A : " اثلوا القرآن وابكوا . فإن لم تبكوا فتباكوا " وعن صالح المري Bه : قرأت القرآن على رسول الله A في المنام فقال لي : " هذه القراءة يا صالح فأين البكاء " . وعن ابن عباس Bهما : إذا قرأتم سجدة سبحان فلا تعجلوا بالسجود حتى تبكوا فإن لم تبك عين أحدكم فليبك قلبه . وعن رسول الله A : " إن القران أتزل بحزن فإذا قرأتموه فتحازنوا " وقالوا : يدعو في سجدة التلاوة بما يليق بآيتها فإن قرأ آية تنزيل السجدة قال : اللهم اجعلني من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك أن أكون من المستكبرين عن أمرك . وإن قرأ سجدة سبحان قال : اللهم اجعلني من الباكين إليك الخاشعين لك . وإن قرأ هذه قال : اللهم اجعلني من عبادك المنعم عليهم المهتدين الساجدين لك الباكين عند تلاوة آياتك .
" فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوة واتبعوا الشهوت فسوف يلقون غيا " .
خلفه : إذا عقبه ثم قيل في عقب الخير " خلف " بالفتح وفي عقب السوء : خلف بالسكون كما قالوا " وعد " في ضمان الخير و " وعيد " في ضمان الشر . عن ابن عباس رضي الله عنه : هم اليهود تركوا الصلاة المفروضة وشربوا الخمر واستحلوا نكاح الأخت من الأب . وعن إبراهيم ومجاهد Bهما : أضاعوها بالتأخير . وينصر الأول قوله : " إلا من تاب وءامن " يعني الكفار . وعن علي Bه في قوله : " واتبعوا الشهوت " من بني الشديد وركب المنظور ولبس المشهور . وعن قتادة Bه : هو في هذه الأمة . وقرأ ابن مسعود والحسن والضحاك Bهم : " الصلوات " بالجمع .
كل شر عند العرب : غيئ وكل خير : رشاد . قال المرقش : .
فمن يلق خيرا تحمد الناس أمره ... ومن يغو لا يعدم على الغي لائما .
وعن الزجاج : جزاء غي كقوله تعالى : " يلق أثاما " الفرقان : 168 أي مجازاة أثام . أو غيا عن طريق الجنة . وقيل : " غي " واد في جهنم تستعيذ منه أوديتها . وقرأ الأخفش " يلقون " .
" إلا من تاب وءامن وعمل صلحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا " .
قرىء : " يدخلون " " ويدخلون " أي لا ينقصون شيئا من جزاء أعمالهم ولا يمنعونه بل يضاعف لهم بيانا لأن تقدم الكفر لا يضرهم إذا تابوا من ذلك من قولك : ما ظلمك أن تفعل كذا بمعنى : ما منعك أو لا يظلمون البتة أي شيئا من الظلم .
" جنت عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا "