يريد الرسالة . ولسان العرب : لغتهم وكلامهم . استجاب الله دعوته " واجعل لي لسان صدق في الاخرين " الشعراء : 84 ، فصيره قدوة حتى ادعاه أهل الأديان كلهم . وقال D : " ملة أبيكم إبراهيم " الحج : 78 ، و " ملة إبراهيم حنيفا " البقرة : 135 ، " ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا " النحل : 123 وأعطى ذلك ذريته فأعلى ذكرهم وأثنى عليهم كما أعلى ذكره وأثنى عليه .
" واذكر في الكتب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا " .
المخلص - بالكسر - : الذي أخلص العبادة عن الشرك والرياء . أو أخلص نفسه وأسلم وجهه لله . وبالفتح : الذي أخلصه الله . الرسول : الذي معه كتاب من الأنبياء : والنبي الذي ينبىء عن الله D وإن لم يكن معه كتاب كيوشع .
" وندينه من جانب الطور الأيمن وقربنه نجيا " .
الأيمن من اليمين : أي من ناحيته اليمنى . أو من اليمن صفة للطور أو للجانب . شبهه بمن قربه بعض العظماء للمناجاة حيث كلمه بغير واسطة ملك . وعن أبي العالية قربه حتى سمع صريف القلم الذي كتبت به التوراة .
" ووهبنا له من رحمتنا أخاه هرون نبيا " .
" من رحمتنا " من أجل رحمتنا له وترأفنا عليه : وهبنا له هرون . أو بعض رحمتنا كما في قوله : " ووهبنا لهم من رحمتنا " . و " أخاه " على هذا الوجه بدل . و " هرون " عطف بيان كقولك : رأيت رجلا أخاك زيدا . وكان هرون أكبر من موسى فوقعت الهبة على معاضدته وموازرته كذا عن ابن عباس Bه .
" واذكر فى الكتب إسمعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلوة والزكوة وكان عند ربه مرضيا " .
ذكر إسماعيل عليه السلام بصحق الوعد وإن كان ذلك موجودا في غيره من الأنبياء تشريفا له وإكراما كالتلقيب بنحو : الحليم والأواه والصديق . ولأنه المشهور المتواصف من خصاله . عن ابن عباس Bه : أنه وعد صاحبا له أن ينتظره في مكان فانتظره سنة . وناهيك أنه وعد من نفسه الصبر على الذبح فوفى حيث قال : " ستجدني إن شاء الله من الصابرين " الصافات : 102 كان يبدأ بأهله في الأمر بالصلاح والعبادة ليجعلهم قدوة لمن وراءهم ولأنهم أولى من سائر الناس " وأنذر عشيرتك الأقربين " الشعراء : 214 ، " وأمر أهلك بالصلاة " طه : 132 ، " قوا أنفسكم وأهليكم نارا " التحريم : 6 ، ألا ترى أنهم أحق بالتصدق عليهم فالإحسان الديني أولى . وقيل : " أهله " أمته كلهم من القرابة وغيرهم لأن أمم النبيين في عداد أهاليهم . وفيه أن من حق الصالح أن لا يألو نصحا للأجانب فضلا عن الأقارب والمتصلين به وأن يحظيهم بالفوائد الدينية ولا يفرط في شيء من ذلك .
" واذكر فى الكتب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعنه مكانا عليا " .
قيل : سمي إدريس لكثرة دراسته كتاب الله D وكان اسمه أخنوخ وهو غير صحيح لأنه لو كان أفعيلا من المرس لم يكن فيه إلا سبب واحد وهو العلمية فكان منصرفا فامتناعه من الصرف دليل العجمة . وكذلك إبليس أعجمي . وليس من الإبلاس كما يزعمون ولا يعقوب من العقب ولا إسرائيل بإسرال كما زعم ابن السكيت ومن لم يحقق ولم يتدرب بالصناعة كثرت منه أمثال هذه الهنات . ويجوز أن يكون معنى " إدريس " في تلك اللغة قريبا من ذلك فحسبه الراوي مشتقا من الدرس " ورفعنه مكانا عليا " . المكان العلي : شرف النبوة والزلفى عند الله وقد أنزل الله عليه ثلاثين صحيفة وهو أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب وأول من خاط الثياب ولبسها وكانوا يلبسون الجلود . وعن أنس بن مالك Bه يرفعه : " إنه رفع إلى السماء الرابعة " وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إلى السماء السادسة . وعن الحسن Bه : إلى الجنة لا شيء أعلى من الجنة . وعن النابغة الجعدي : أنه لما أنشد عند رسول الله A الشعر الذي آخره : .
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا .
قال رسول الله A " إلى أين يا أبا ليلى " قال : إلى الجنة .
" أولئك الذين أنعم الله عليهم من ذرية ءادم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبرهيم وإسرءيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم ءايت الرحمن خروا سجدا وبكيا " .
" أولئك " إشارة إلى المذكورين في السورة من لدن زكريا إلى إدريس عليه السلام