" واذكر فى الكتب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يأبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صرطا سويا يأبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا " .
الصديق : من أبنية المبالغة . ونظيره الضحيك والنطيق . والمراد فرط صدقه وكثرة ما صدق به من غيوب الله وآياته وكتبه ورسله وكان الرجحان والغلبة في هذا التصديق للكتب والرسل أي : كان مصدقا بجميع الأنبياء وكتبهم وكان نبيا في نفسه كقوله تعالى : " بل جاء بالحق وصدق المرسلين " الصافات : 37 ، أو كان بليغا في الصدق لأن ملاك أمر النبوة الصدق ومصدق الله بآياته ومعجزاته حري أن يكون كذلك وهذه الجملة وقعت اعتراضا بين المبدل منه وبدله أعني إبراهيم . و " إذ قال " نحو قولك : رأيت زيدا ونعم الرجل أخاك . ويجوز أن يتعلق إذ ب " كان " أو ب " صديقا نبيا " أي : كان جامعا لخصائص الصديقين والأنبياء حين خاطب أباه تلك المخاطبات . والمراد بذكر الرسول إياه وقصته في الكتاب أن يتلو ذلك على الناس ويبلغه إياهم كقوله : " واتل عليهم نبأ إبراهيم " الشعراء : 69 ، وإلا فالله D هو ذاكره ومورده في تنزيله . التاء في " يأبت " عوض من ياء الإضافة ولا يقال : يا أبتي لئلا يجمع بين العوض والمعوض منه . وقيل : يا أبتا لكون الألف بدلا من الياء وشبه ذلك سيبويه بأينق وتعويض الياء فيه عن الواو الساقطة . انظر حين أراد أن ينصح أباه ويعظه فيما كان متورطا فيه من الخطأ العظيم والارتكاب الشنيع الذي عصى فيه أمر العقل وانسلخ عن قضية التمييز ومن الغباوة التي ليس بعدها غبارة : كيف رتب الكلام معه في أحسن اتساق وساقه أرشق مساق مع استعمال المجاملة واللطف والرفق واللين والأدب الجميل والخلق الحسن منتصحا في ذلك بنصيحة ربه عز وعلا حدث أبو هريرة قال :