الفري : البديع وهو من فري الجلد " يأخت هرون " كان أخاها من أبيها من أمثل بني إسرائيل . وقيل : هو أخو موسى صلوات الله عليهما . وعن النبي A : " إنما عنوا هرون النبي " وكانت من أعقابه في طبقة الإخوة بينها وبينه ألف سنة وأكثر . وعن السدي : كانت من أولاده . وإنما قيل : يا أخت هرون كما يقال : يا أخا همدان أي : يا واحدا منهم . وقيل : رجل صالح أو طالح في زمانها شبهوها به أي : كنت عندنا مثله في الصلاح أو شتموها به ولم ترد إخوة النسب ذكر أن هرون الصالح تبع جنازته أربعون ألفا كلهم يسمي هرون تبركا به وباسمه فقالوا : كنا نشبهك بهرون هذا وقرأ عمر بن لجاء التيمي " ما كان أباك أمرؤ سوء " وقيل : احتمل يوسف النجار مريم وابنها إلى غار فلبثوا فيه أربعين يوما حتى تعلت من نفاسها ثم جاءت تحمله فكلمها عيسى في الطريق فقال : يا أماه أبشري فإني عبد الله ومسيحه فلما دخلت به على قومها وهم أهل بيت صالحون تباكوا وقالوا ذلك . وقيل : هموا برجمها حتى تكلم عيسى عليه السلام . فتركوها .
" فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا " .
" فأشارت إليه " أي هو الذي يجيبكم إذا ناطقتموه . وقيل : كان المستنطق لعيسى زكريا عليه السلام . وعن السدي : لما أشارت إليه غضبوا وقالوا : لسخريتها بنا أشد علينا من زناها . وروي أنه كان يرضع فلما سمع ذلك ترك الرضاع وأقبل عليهم بوجهه واتكأ على يساره وأشار بسبابته . وقيل : كلمهم بذلك ثم لم يتكلم حتى بلغ مبلغا يتكلم فيه الصبيان " كان " لإيقاع مضمون الجملة في زمان ماض مبهم يصلح لقريبه وبعيده وهو ههنا لقريبه خاصة والمال عليه مبنى الكلام وأنه مسوق للتعجب . ووجه آخر : أن يكون " نكلم " حكاية حال ماضية أي : كيف عهد قبل عيسى أن يكلم الناس صبيا في المهد فيما سلف من الزمان حتى نكلم هذا ؟ " قال إني عبد الله ءاتنى الكتب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أين ما كنت وأوصنى بالصلوة والزكوة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلنى جبارا شقيا والسلم علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " .
أنطقه الله أولا بأنه عبد الله ردا لقول النصارى و " الكتب " هو الإنجيل . واختلفوا في نبوته فقيل : أعطيها في طفوليته : أكمل الله عقله واستنبأه طفلا نظرا في ظاهر الآية . وقيل : معناه إن ذلك سبق في قضائه . أو جعل الآتي لا محالة كأنه قد وجد " وجعلنى مباركا أين ما كنت " عن رسول الله A : " نفاعا حيث كنت " وقيل : معلما للخير . وقرىء " وبرا " عن أبي نهيك جعل ذاته برا لفرط بره . أو نصبه بفعل في معنى أوصاني وهو كلفني لأن أوصاني بالصلاة وكلفنيها واحد " والسلم علي " قيل : أدخل لام التعريف لتعرفه بالذكر قبله كقولك : جاءنا رجل فكان من فعل الرجل كذا والمعنى : ذلك السلام الموجه إلى يحيى في المواطن الثلاثة موجه إلي . والصحيح أن يكون هذا التعريف تعريضا باللعنة على متهمي مريم عليها السلام وأعدائها من اليهود . وتحقيقه أن اللام للجنس فإذا قال : وجنس السلام علي خاصة فقد عرض بأن ضده عليكم . ونظيره قوله تعالى : " والسلام على من اتبع الهدى " طه : 47 ، يعني أن العذاب على من كذب وتولى وكان المقام مقام مناكرة وعناد فهو مئنة لنحو هذا من التعريض .
" ذلك عيسى ابن مريم قول الذي فيه يمترون "