" من تحتها " هو جبريل عليه السلام . قيل : كان يقبل الولد كالقابلة . وقيل : هو عيسى وهي قراءة عاصم وأبي عمرو . وقيل : " تحتها " أسفل من مكانها كقوله : " تجري من تحتها الأنهار " البقرة : 25 ، وقيل : كان أسفل منها تحت الأكمة فصاح بها لا تحزني وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص " من تحتها " وفي ناداها ضمير الملك أو عيسى . وعن قتادة : الضمير في تحتها للنخلة . وقرأ زر وعلقمة : فخاطبها من تحتها .
سئل النبي A عن السري فقال : " هو الجدول " قال لبيد : .
فتوسطا عرض السري فصدعا ... مسجورة متجاورا قلامها .
وقيل : هو من السرو . والمراد : عيسى وعن الحسن : كان والله عبدا سريا . فإن قلت : ما كان حزنها لفقد الطعام والشراب حتى تسلى بالسري والرطب ؟ قلت : لم تقع التسلية بهما من حيث أنهما طعام وشراب ولكن من حيث أنهما معجزتان تريان الناس أنها من أهل العصمة والبعد من الريبة وأن مثلها مما قرفوها به بمعزل وأن لها أمورا إلهية خارجة عن العادات خارقة لما ألفوا واعتادوا حتى يتبين لهم أن ولادها من غير فحل ليس ببدع من شأنها .
" وهزى إليك بجذع النخلة تسقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقرى عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذزت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا " .
" تسقط " فيه تسع قراءات : " تساقط " بإدغام التاء . و " تتساقط " بإظهار التاءين . و " تساقط " بطرح التاء الثانية . و " يساقط " بالياء وإدغام التاء . و " تساقط " و " تسقط " و " يسقط " و " تسقط " و " يسقط " التاء للنخلة والياء للجذع . ورطبا تمييز أو مفعول على حسب القراءة . وعن المبرد : جواز انتصابه ب " هزي " وليس بذاك . والباء في " بجذع النخلة " صلة للتأكيد كقوله تعالى : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " البقرة : 195 ، أو على معنى : افعلي الهز به كقوله : .
يخرح في عراقيبها نصلي .
قالوا : التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت وكذلك التحنيك وقالوا : كان من العجوة . وقيل : ما للنفساء خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل وقيل : إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب . عن طلحة بن سليمان " جنيا " بكسر الجيم للإتباع أي جمعنا لك في السري والرطب فائدتين إحداهما : الأكل والشرب والثانية سلوة الصدر لكونهما معجزتين . وهو معنى قوله : " فكلي واشربي وقرى عينا " أي وطيبي نفسا ولا تغتمي وارفضي عنك ما أحزنك وأهمك . وقرىء و " قري " : بالكسر لغة نجد " فإما ترين " بالهمز : ابن الرومي . عن أبي عمرو : وهذا من لغة من يقول : لبأت بالحج وحلأت السويق وذلك لتآخ بين الهمزة وحرف اللين في الإبدال " صوما " صمتا . وفي مصحف عبد الله : صمتا . وعن أنس بن مالك مثله . وقيل : صياما إلا أنهم كانوا لا يتكلمون في صيامهم وقد " نهى رسول الله A عن صوم الصمت " لأنه نسخ في أمته أمرها الله بأن تنذر الصوم لئلا تشرع مع البشر المتهمين لها في الكلام لمعنيين أحدهما : أن عيسى صلوات الله عليه يكفيها الكلام بما يبريء به ساحتها . والثاني : كراهة مجادلة السفهاء ومناقلتهم . وفيه أن السكوت عن السفيه واجب . ومن أذل الناس : سفيه لم يجد مسافها . قيل : أخبرتهم بأنها نذرت الصوم بالإشارة . وقيل : سوغ لها ذلك بالنطق " إنسيا " أي أكلم الملائكة دون الإنس .
" فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يأخت هرون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا "